لندن- تواجه الحكومة البريطانية بقيادة حزب العمال أكبر تحدٍّ دبلوماسي لها منذ استلامها مقاليد الحكم قبل أسابيع، وذلك بعد أن أظهرت استطلاعات رأي كثيرة أن المرشح للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب بات الأقرب للوصول إلى البيت الأبيض.

وزادت متاعب حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر في التعامل مع القدوم المحتمل لترامب بإعلانه عن اسم المرشح لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس الذي هاجم الحكومة البريطانية بقوله إنه بوصول حزب العمال إلى الحكم فقد أصبحت لندن "أول دولة إسلامية تمتلك أسلحة نووية".

ويعكس تصريح السياسي الأميركي حالة من عدم التوافق السياسي بين العمال ومعسكر ترامب، والتي كانت واضحة خلال الولاية الأولى له. وعززتها تصريحات ومواقف عدة لمسؤولين في الحزب طبعتها نبرة نقد حاد لترامب حينها.

وبات هؤلاء المسؤولون -الآن- في مناصب وزارية مهمة ستفرض عليهم التعامل مع الإدارة الأميركية في حال فوز ترامب في الانتخابات.

فكيف ستؤثر هذه الخلافات على العلاقات بين أقوى حليفين في العالم؟

تاريخ من العداء

كان واضحا أن قيادة الصف الأول لحزب العمال تتحفظ على سلوك ترامب السياسي، وذلك خلال ولايته الأولى التي دخل أثناءها في حرب تصريحات مع عمدة مدينة لندن، العمالي صادق خان، حيث اتهمه ترامب بأنه "حوّل العاصمة البريطانية إلى مدينة إسلامية".

في المقابل، رد خان على ترامب بإعلان رفضه فرش السجاد الأحمر للرئيس الأميركي السابق خلال زيارته إلى المملكة المتحدة، كما أنه سمح بإطلاق منطاد ضخم عبارة عن دمية ساخرة لترامب.

وفي سنة 2018، صرح ديفيد لامي وزير الخارجية البريطاني -حاليا- بأن ترامب "ينتمي للنازيين الجدد وكاره للنساء وشخص سايكوباثي، ويشكل تهديدا حقيقيا للنظام العالمي".

وبعدها بسنة، شن لامي هجوما جديدا على ترامب واصفا إياه بـ"الكاذب المتسلسل والغشاش والمعادي للأجانب وبأنه شخص لا يمكن أن يكون صديقا للمملكة المتحدة"، وبعد تولي جو بايدن الرئاسة الأميركية، عبّر لامي عن "سعادته الغامرة لأنه سيعوض ترامب".

ولم يكن لامي الوحيد من بين قادة حزب العمال الذين وجهوا انتقادات لاذعة لترامب، حيث هاجمت أنجيلا راينر -التي تشغل حاليا منصب نائبة رئيس الوزراء البريطاني- ترامب عقب الهجوم على مبنى الكابيتول سنة 2021.

واتهمته راينر بأنه "أطلق موجة مرعبة من العنف، وكل الجمهوريين الذين ما زالوا يدعمونه يحملون الدماء على أيديهم".

إصلاح

يتحسب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وحكومته أن تحتفظ الذاكرة السياسية لترامب وفريقه بهذه "الإساءات" وعدم نسيانها بسهولة، لذلك يعمل ستارمر على إصلاح ما يمكن إصلاحه بشتى السبل، ومنها:

أولا: عبر ما يمكن وصفه بالمغازلة السياسية، حيث أكد ديفيد لامي عقب لقائه جي دي فانس مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس قبل أسابيع، أنه "يتشابه معه في المسار السياسي وسيكون سعيدا بالعمل معه على تقوية العلاقات الأميركية البريطانية".

وذهبت صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أنه في حال فشل لامي في إرساء علاقات جيدة مع فريق ترامب، فسيكون ستارمر مضطرا لإقالته.

ثانيا: قام ستارمر بخطوة يراهن أنها ستقوي العلاقات مع فريق ترامب باختياره فيونا هيل مستشارة الأمن القومي السابقة لترامب، ضمن فريق سيتولى مراجعة شاملة للإستراتيجية العسكرية البريطانية.

وتحمل هيل الجنسيتين البريطانية والأميركية، وكانت لها علاقات قوية مع ترامب، وحسب صحيفة "بوليتيكو" فلدى هيل أيضا علاقات قوية حتى داخل الحزب الجمهوري.

تهديد حقيقي

لا يتردد المستشار السابق للعلاقات الخارجية في حزب العمال إيدي أوين في توقع أن الولاية الثانية لترامب في حال فوزه بالانتخابات، ستكون "صعبة ومؤلمة".

وأكد، في ورقة بحثية حول سياسات حزب العمال نشرت بالمركز البحثي البريطاني "لابورليست"، أن ترامب سيأتي هذه المرة "مسلحا بالخبرة وببرنامج واضح مقارنة بسنة 2016، مصحوبا بفريق من اليمين ومن أعضاء مراكز التفكير الأميركية".

ويرى المستشار السياسي البريطاني، وفق المصدر نفسه، أن جزءا كبيرا من خطة ترامب في حال استلامه مفاتيح البيت الأبيض، "تشكل تهديدا حقيقيا لبرنامج حزب العمال"، وأول هذه الخلافات ستكون حول حلف شمال الأطلسي (الناتو). 

ومن المتوقع أن يخفّض ترامب من دعم واشنطن لأوكرانيا وكذلك التهديد بالانسحاب من الناتو، في حين أن حزب العمال تعهد بمواصلة دعمه العسكري لكييف، وفق أوين.

ولفت إلى أن السياسة الحمائية التي قد ينتهجها ترامب في الملفات التجارية والاقتصادية، سوف "تدمر خطط حزب العمال التجارية حيث كانوا يمنون النفس بزيادة العلاقات التجارية مع واشنطن والبحث عن اتفاق تبادل حر بين لندن وواشنطن".

كما تعهد ترامب بالعودة للاستثمار في الوقود الأحفوري والتنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، والانسحاب من التزامات اتفاقية المناخ، عكس بريطانيا التي وضعت سياسة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتقليص الاعتماد على النفط والغاز، حسب المصدر ذاته.

يتوقع البرفسور جرجس أن يركز ستارمر على ما يجمع البلدين وأن يبتعد عن ما يزعج ترامب وفريقه (غيتي) رعب في حزب العمال

يصف رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد "إل إس إي" (LSE) البروفيسور فواز جرجس حالة حزب العمال في التعامل مع ترامب وإدارته بكونها "وضعية صعبة ومعقدة جدا ولا شك عندي أن نخبة حزب العمال وفي مقدمتهم كير ستارمر يعيشون رعبا ويترقبون وصول ترامب إلى البيت الأبيض".

ويتوقع جرجس في حديثه للجزيرة نت أن يركز ستارمر على "ما يجمع البلدين تاريخيا، وأن يحاول الابتعاد عن أي ملف قد يكون مزعجا لترامب". مضيفا أن ستارمر يعلم أنه سيواجه الكثير من المتاعب في التعامل مع ترامب "لأن الأخير لا يميز بين المحافظين والعمال، ففي ولايته السابقة انتقد علانية رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ولهذا فما يهم ترامب هو أن تكون في صفه وتنفذ ما يطلبه منك، وإلا لن تسلم من لسانه".

ويرى الخبير في العلاقات الدولية أن العمال "يمنّون النفس بفوز الديمقراطيين، لأن الحزب الديمقراطي يُعتبر الشقيق الأكبر لحزب العمال البريطاني. لكن يظهر أن هذه الأمنية بعيدة المنال وعلى ستارمر وفريقه في الخارجية الاستعداد لوصول ترامب".

ومن أوجه استعداد ستارمر وفريقه لوصول ترامب "الابتعاد عن أي انتقادات علنية له ولفريقه وكذلك إيصال رسالة مفادها أن بريطانيا مع أميركا في أي شيء سواء كان صحيحا أو خاطئا، وهو ما أسميه حالة الانبطاح الدبلوماسي أمام واشنطن".

ويشير جرجس إلى أن أهم ملف سيركز عليه ستارمر لتقوية علاقته بفريق ترامب "سيكون الملف الأمني والمخابراتي والعسكري لأنه أهم بألف مرة من الملفات السياسية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التعامل مع حزب العمال ترامب فی فی حال

إقرأ أيضاً:

سي إن إن: ترامب يعتزم تعيين ليندا ماكماهون وزيرة للتعليم

يعتزم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تعيين ليندا ماكماهون وزيرة للتعليم في إدارته الثانية والتي تبدأ عملها في يناير المقبل.

وقال أربعة مصادر مطلعة على الأمر لشبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية إنه من المتوقع أن يتم تعيين ليندا ماكماهون، الرئيسة المشاركة في انتقال ترامب، وزيرة للتعليم.

وعين الرئيس المنتخب ترامب الرئيس المشارك الآخر في انتقاله هوارد لوتنيك لقيادة وزارة التجارة في وقت سابق من يوم الثلاثاء بعد أن ألقى الرئيس التنفيذي لشركة كانتور فيتزجيرالد اسمه في المزيج لمنصب وزير الخزانة، مما أثار معركة مع مدير صندوق التحوط سكوت بيسنت.

شغلت ماكماهون منصب مدير إدارة الأعمال الصغيرة خلال فترة ولاية ترامب الأولى وتم تعيينها في عام 2017 واستقالت في عام 2019 لتصبح رئيسة America First Action، وهي لجنة عمل سياسي مؤيدة لترامب.

وهي رئيسة مجلس إدارة معهد America First Policy، وهو مركز أبحاث مؤيد لترامب تم تشكيله في عام 2021 من قبل ماكماهون ولاري كودلو ومستشارين آخرين من إدارة ترامب الأولى.

جمعت AFPI ملايين الدولارات منذ تأسيسها، وقد وُصفت بأنها "بيت أبيض في انتظار"، حيث تخطط لمقترحات سياسية محتملة لولاية ترامب الثانية.

ماكماهون هي أيضًا الرئيسة التنفيذية السابقة لاتحاد WWE، والتي شاركت في تأسيسها مع زوجها، فينس ماكماهون. بصفتها رئيسة لاتحاد WWE، أشرفت ماكماهون على تحوله من شركة ترفيهية صغيرة للمصارعة إلى إمبراطورية إعلامية يتم تداول أسهمها علنًا وقد استقالت من منصب الرئيس التنفيذي في عام 2009.

ترشحت ماكماهون مرتين دون جدوى لمجلس الشيوخ الأمريكي في ولاية كونيتيكت، وخسرت في عامي 2010 و2012. 

قامت بتمويل تلك الحملات بنفسها، حيث أنفقت 50.1 مليون دولار في عام 2010 و48.7 مليون دولار في عام 2012، وفقًا لمنظمة Open Secrets، وهي منظمة غير ربحية تتعقب تمويل الحملات الانتخابية.

تبرع ترامب بمبلغ 5000 دولار لحملتها في عام 2012.

ماكماهون نفسها هي مانحة جمهورية رئيسية. 

خلال الحملة الرئاسية الأولى لترامب، تبرع ماكماهون بأكثر من 7 ملايين دولار إلى لجنتين سياسيتين مؤيدتين لترامب، وفقًا لـ Open Secrets.

مقالات مشابهة

  • أبرز الشخصيات اليهودية الداعمة لترامب في ولايته الثانية (إنفوغراف)
  • ميركل تكتب في مذكراتها عن مأزق التعامل مع ترامب وصفات بوتين
  • كيم جونغ أون يدعو إلى الاستعداد لحرب نووية
  • على حافة حرب نووية
  • أميركيون: أولويتنا التضخم في أول 100 يوم لترامب
  • توماس فريدمان: هكذا يمكن لترامب أن يدخل التاريخ
  • ستارمر: خطاب روسيا لن يوقف دعم أوكرانيا
  • ترامب يرشح رجل الأعمال الملياردير هوارد لوتنيك لتولي منصب وزير التجارة
  • سي إن إن: ترامب يعتزم تعيين ليندا ماكماهون وزيرة للتعليم
  • خبير: بايدن يحاول وضع ترامب في مأزق بسبب الحرب «الروسية - الأوكرانية»