المونة اللبنانية.. رمز التحدي والصمود في زمن الحرب
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
جنوب لبنان – تخيل نفسك في إحدى القرى الحدودية اللبنانية، حيث تهدد الغارات والقصف الإسرائيلي حياتك بشكل دائم. ولكن، في وسط هذا الخراب، يحتفظ منزلك بكنز ثمين: المونة اللبنانية. بهذه الكلمات بدأ أيمن القادري حديثه مع الجزيرة نت، موضحا كيف تحولت التهديدات اليومية إلى رمز للصمود.
بإصرار وتحد، يواصل ابن بلدة كفرشوبا في الجنوب اللبناني تحضير المونة البلدية التي ورثها عن أجداده.
في الماضي، كانت البلدة تنبض بروائح اللبنة الطازجة والكشك والمربيات المحضرة بعناية خلال هذه الفترة من العام. ولكن الحرب جاءت كضيف ثقيل، قلبت الأمور رأسا على عقب. تحولت أجواء البلدة من الاستعداد والانتظار إلى مشهد من الدمار: البيوت مهجورة، السكان نازحون، وطرق البلدة فارغة ومحفوفة بالمخاطر، بينما أغلق العديد من الدكاكين أبوابها.
رغم هذه الأحوال المتغيرة، يصر القادري على جمع حبوب القمح وتحويلها إلى طحين، الذي أصبح عصب الحياة في كفرشوبا. يبدأ يومه بتفقد المحصول والاهتمام به، بينما أصوات القصف تملأ الأجواء وتقطع الصمت، ومع كل لبنة يصنعها، وكل قطرة زيت يعصرها، وكل حفنة زعتر يجمعها، يردد دائما: "هذه قصة أرض وشعب لا ينكسر".
وباستخدام ما هو متاح، يحول الطماطم إلى دبس، والخضروات إلى مخللات، والتين إلى مربى، لتوفير الغذاء لعائلته لموسم الشتاء وبيع جزء منه كمصدر رزق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بأيدي الأمهات العصريات.. الابتكار في المونة اللبنانية التقليديةlist 2 of 2مفيدة للموظفات وربات البيوت.. “مونة رمضان” لتوفير وقتكِ وعناء وقوفكِ في المطبخend of listويعتبر القادري عملية تحضير المونة في لبنان انتصارا صغيرا ضد الحرب والظروف القاسية. وحتى في أصعب الأوقات، يواصل العمل بيده، زارعا بالأخرى، ومتمسكا بأرضه.
بينما يواصل القادري مقاومة الظروف الصعبة، يظهر أيضا ارتباط الناس بتقاليدهم من خلال قصص أخرى. ففي قلب القرى اللبنانية، حيث تلتقي العادات بالحياة اليومية، نجد أم عادل تجسيدا آخر لهذه الروح. فتمسكها بالمونة البلدية ليس مجرد ممارسة تقليدية، بل هو تعبير عن ارتباط بالتراث واحتفاظ بهوية تعزز من التحدي والصمود.
تقول أم عادل للجزيرة نت، وهي من منطقة الغازية في محافظة الجنوب، بفخر كبير: "المونة جزء مني وأنا منها، ولا يمكنني التخلي عنها".
وبحب وشغف كبيرين، تكرس أم عادل وقتها الكامل لتحضير المونة بمختلف أنواعها، من المونة البلدية التقليدية إلى الغريبة الشهية. ودائما على استعداد لاستكشاف وتجربة كل ما هو جديد في عالم المونة.
من بين منتجاتها المميزة والتي تثير الفضول، مكدوس الوبيا الفريد، ومخلل اللوز المميز، ومخلل الترمس مع الجزر، بالإضافة إلى الحر بالزيت مع إكليل الجبل. كل واحدة من هذه الوصفات تعكس مهارتها.
وتشير أم عادل إلى أن لكل موسم مونة خاصة به، وتعتبر الكشك من أبرز الأطعمة الشتوية، سواء كان معدا كطبق طعام أو على شكل فطائر. وعلى الرغم من أن تحضير الكشك يستلزم جهدا ووقتا، إلا أنه يعتبر من أساسيات المونة.
تقول أم عادل للجزيرة نت، إن لا شيء مستحيل، فتقوم بتجفيف وتخزين كل ما يمكن تخيله، من الفواكه إلى الورقيات. تشمل قائمة المونة لديها الفريك، والملوخية، والكمونة الجنوبية (بهارات الكبة اللبنانية)، والمقطرات مثل ماء الزهر والقصعين، إلى جانب العصائر ودبس الرمان.
ولا تقتصر منتجاتها على الفواكه فقط، فهي أيضا تصنع مربيات متعددة مثل مربى المشمش والتين والفراولة واليقطين، وتبقى مستعدة لتحويل أي نوع من الفواكه إلى مربى حسب توفره.
تعد اللبنة، التي تعرف أيضا بالـ"مكعزلة"، مكونا رئيسيا عند أم عادل، حيث يمكن الاحتفاظ بها لفترة طويلة. يتم التفنن في تحضيرها من خلال إدخال نكهات مميزة مثل السماق، والحرّ، والزعتر، والسمسم، والورد.
كل عمل تقوم به أم عادل يتم يدويا، وقد تعلمت فنون المونة من خلال دورة تدريبية حصلت فيها على المركز الأول. ومع مرور الوقت، تعمقت معرفتها عبر متابعة المواقع الإلكترونية والفيديوهات، وهذا زاد من خبرتها وحبها للمهنة. يعتبرها من حولها موهوبة، ويُعجب الجميع بجودة ما تصنعه.
ومنذ 9 سنوات، تحولت المونة إلى مصدر رزق رئيسي لها، بعدما كانت مقتصرة على العائلة والأصدقاء. أصبحت أم عادل الآن وجهة للزبائن والمغتربين، رغم أن الظروف الحالية والحرب على الحدود اللبنانية أثرت على الموسم.
إلا أنها تظل صامدة وتواجه التحديات، تسعى للتأقلم مع الوضع الجديد رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة والقلق المتزايد بين الناس، وهذا يحد من قدرتهم على شراء المونة بكميات كبيرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اجتماعي من خلال أم عادل
إقرأ أيضاً:
الجزيرة يعلن اتفاقية شراكة مع «ألفا ظبي»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأعلن نادي الجزيرة عن توقيع اتفاقية شراكة مع شركة «ألفا ظبي القابضة ش.م.ع»، لتصبح بموجبها شريكاً رسمياً للنادي إلى نهاية موسم 2027- 2028.
ووفقاً لاتفاقية الشراكة، يظهر شعار شركة «ألفا ظبي» على الجانب الخلفي الأعلى من قمصان فريق كرة القدم الأول بالنادي، كما تظهر العلامة التجارية للشركة في الأصول التسويقية الخاصة بنادي الجزيرة في ملعب محمد بن زايد.
وقال جمال سعيد النعيمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة نادي الجزيرة،: «سعادتنا كبيرة بالإعلان عن انضمام «ألفا ظبي القابضة» لشركاء نادي الجزيرة، لأن الإتفاقية مع هذه الشركة العملاقة تؤكد أن النادي يسير في الطريق الصحيح، وتعزز من مكانته خياراً جاذباً لأكبر المؤسسات والشركات الوطنية والعالمية، ونتقاسم الكثير من الصفات المشتركة مع «ألفا ظبي القابضة»، مثل السعي الدائم لتحقيق تأثير إيجابي في المجتمعات التي نعمل فيها، والعمل المستمر لتقديم أفضل الخدمات للعملاء والمشجعين، والإلتزام المطلق بمواصلة تطوير وتحديث أساليب العمل والأداء وصولاً إلى أعلى النتائج على كافة المستويات، وهذا ما يجعلنا نتفائل بشراكة ناجحة ومزدهرة بين نادي الجزيرة وألفا ظبي القابضة».
ومن جانبه، قال المهندس حمد العامري، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة ألفا ظبي القابضة: «تمثل اتفاقية الشراكة مع الجزيرة خطوة استراتيجية تعكس رؤيتنا الرامية إلى ترسيخ قيم العمل الجماعي والتميّز والطموح، وتندرج ضمن التزامنا المستمر بدعم المبادرات الرياضية والثقافية المؤثرة في المجتمع، والإسهام في تطوير الكفاءات والمواهب المحلية، ونثق بأن هذه الشراكة مع نادٍ عريق يتمتع بتاريخ مشرف وتطلعات واعدة، تفتح مجالات تعاون مثمرة، وتُعزز من فرص تحقيق إنجازات نوعية داخل الملعب وخارجه، ونتطلع إلى موسم يتسم بالنجاح والتقدم المشترك».