تغير المناخ يتسبب في إبطاء دوران الأرض
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
أظهرت دراسة جديدة أن ذوبان الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية العالمية نتيجة التغير غير المسبوق في المناخ بالعقود الأخيرة يمكن أن يؤدي إلى إبطاء حركة كوكب الأرض وزيادة طول اليوم.
وخلصت الدراسة -التي نشرت يوم الاثنين 15 يوليو/تموز الجاري في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (بي إن إيه إس)- إلى أن معدل الزيادة الحالي في طول اليوم على الأرض أعلى من أي وقت مضى خلال القرن الـ20، وفي ظل سناريوهات الانبعاثات العالمية واستمرار تأثيرها على المناخ فإن معدل طول اليوم الناتج عن تغير المناخ سيستمر في الزيادة وقد يصل إلى معدل أكبر بمرتين من المعدل الحالي بنهاية القرن.
ووفقا للمؤلف المشارك في الدراسة مصطفى كياني شهواندي الباحث في الجيوديسيا والمسح التصويري في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، فإنه ومع ذوبان الصفائح الجليدية القطبية والأنهار الجليدية العالمية فإن المياه الناتجة عن الذوبان تتدفق نحو المحيط، وبسبب حركة دوران الأرض فإن هذه الكتل المائية تتوزع عبر المناطق الاستوائية، وتؤدي هذه العملية إلى زيادة تفلطح الأرض.
ويضيف شهواندي في تصريحات للجزيرة نت "بالنظر إلى قانون حفظ الزخم الزاوي في الفيزياء فإننا نعلم أنه كلما كان الشكل أكثر تفلطحا زادت صعوبة حركته الدورانية، لذلك فإن معدل دوران الأرض يتباطأ، وبالتالي يزداد طول اليوم".
حفظ الزخمويعتبر مبدأ حفظ الزخم الزاوي مبدأ أساسيا في الفيزياء، وينص على أنه إذا لم تؤثر قوى عزم خارجي على النظام الدوراني -وهو ما يحدث في حالة الأرض- فإن الزخم الزاوي الكلي يبقى ثابتا، وبعبارة أخرى فإن سرعة الدوران تظل ثابتة طالما أن عزم الدوران الخارجي يساوي صفرا، ولهذا المبدأ تأثيرات كبيرة على حركة دوران الأرض.
وبالنسبة للأرض فإن هناك خاصية أخرى هي عزم القصور الذاتي، وتعتمد على توزيع كتلتها ومعدل دورانها، لذا فإن التغيرات في توزيع كتلة الأرض مثل ذوبان الأغطية الجليدية والتيارات البحرية واسعة النطاق والنشاطات التكتونية يمكن أن تؤثر على عزم القصور الذاتي، وبحسب مبدأ الحفظ إذا زاد عزم القصور الذاتي يجب أن يقل معدل الدوران، وهو ما يؤدي إلى زيادة طول اليوم الأرضي.
واستنتجت الدراسة أن اتجاه تغير طول اليوم الناجم عن تغير المناخ تراوح بين 0.3 و1.0 مللي ثانية في القرن الـ20، لكنه تسارع حاليا إلى 1.33 مللي ثانية منذ عام 2000، وتشير توقعات الاحترار المناخي في المستقبل في ظل سيناريوهات الانبعاثات العالية إلى أن معدل طول اليوم قد يصل إلى 2.62 مللي ثانية عام 2100.
واستخدمت الدراسة -بحسب تصريحات شهواندي للجزيرة نت- أحدث البيانات والتوقعات المناخية على مدى قرنين من عام 1900 إلى نهاية عام 2100، باستخدام نموذج جيوفيزيائي لمعادلة مستوى سطح البحر على أرض تدور لاستنتاج التغيرات في معدل دوران الأرض.
يحدث التباطؤ في دوران الأرض لسبب أكثر أهمية حاليا هو قوة جاذبية القمر التي تسحب المحيطات في عملية تسمى "احتكاك المد والجزر" وتسببت في تباطؤ تدريجي قدره 2.40 مللي ثانية لكل قرن على مدى ملايين السنين.
لكن الدراسة الجديدة توصلت إلى نتيجة مفاجئة، وهي أنه إذا استمر البشر في إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمعدلات مرتفعة فإن تأثير تغير المناخ سيكون أكبر من تأثير جاذبية القمر بحلول نهاية القرن الـ21.
وعلى الرغم من عدم قدرة البشر على إدراك هذا الفارق الضئيل عبر مئات السنين فإن هناك كثيرا من التأثيرات على أنظمة الملاحة الفضائية والتواصل مع المركبات والبعثات الفضائية.
ويوضح شهواندي في حديثه للجزيرة نت أن "زيادة طول اليوم الأرضي بهذا المقدار الضئيل تؤثر على دقة ضبط الوقت عند التواصل مع المهمات الفضائية، لذلك قد يكون من الضروري إدخال الثواني الكبيسة، والتي لها تأثير كبير على أنظمة الحاسوب، كما أن ملاحة المركبات الفضائية تتطلب معلومات دقيقة للغاية فيما يتعلق بدوران الأرض، وإذا لم نأخذ في الاعتبار تأثير تغير المناخ فإن ذلك قد يؤدي إلى تعطيل نجاح البعثات الفضائية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تغیر المناخ دوران الأرض طول الیوم
إقرأ أيضاً:
الاتحاد من أجل المتوسط يحذر من الاختفاء السريع للأنهار الجليدية قبل اليوم العالمي للمياه
قبيل اليوم العالمي للمياه الذي يصادف السبت القادم، يدق الاتحاد من أجل المتوسط ناقوس الخطر بشأن الأنهار الجليدية سريعة الذوبان في المنطقة، والتي من المتوقع أن يختفي الكثير منها تمامًا خلال العقود القادمة، علمًا بأن الأنهار الجليدية في جبال الألب والبرانس، هي الأكثر تضررًا في أوروبا، بنسبة 40٪ خلال ربع القرن الماضي وحده.
وكعضو في شراكة الجبال التابعة للأمم المتحدة ، يؤكد الاتحاد أنه في منطقة المتوسط وأماكن أخرى، يرتبط الاختفاء السريع للأنهار الجليدية بالفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية وارتفاع مستوى سطح البحر.
وقال الاتحاد من أجل المتوسط في بيان صادر عنه اليوم، إن ذوبان الأنهار الجليدية مثير للقلق بشكل خاص كما هو الحال في منطقة المتوسط، وهي بؤرة ساخنة لتغير المناخ ترتفع درجة حرارتها بنسبة 20٪ أسرع من المتوسط العالمي، وقد تم بالفعل تجاوز ارتفاع درجة الحرارة المتفق عليه في اتفاقية باريس بمقدار 1.5 درجة مئوية.
وسلطت شبكة خبراء حوض المتوسط المعنية بتغير المناخ والبيئة (ميديك) والمدعومة من الاتحاد من أجل المتوسط الضوء على أن الكميات الضئيلة من ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن تعرض أعدادًا كبيرة من الناس للفيضانات والنزوح بمرور الوقت. ومع متوسط الزيادة السنوية حاليًا 2.8 مم، أي ضعف ما كان عليه في القرن العشرين، من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر إلى متر بحلول عام 2100، مما سيؤدي إلى تشريد ما يصل إلى 20 مليون شخص بشكل دائم. ونظرًا أن ثلث السكان يعيشون على مقربة من البحر، يتعرض المزيد والمزيد من الناس للمخاطر الساحلية الناجمة عن تغير المناخ والتدهور البيئي.
وتابع الاتحاد "على الرغم من أن جهود التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في بلدان حوض المتوسط لا تزال غير كافية لمستقبل قابل للعيش، الأمر الذي حذرت منه شبكة ميديك، إلا أن الاتحاد من أجل المتوسط يؤمن إيمانًا راسخًا بالحاجة إلى توسيع نطاق التمويل والسياسات لمواجهة هذه الأزمة. ومن المقرر خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات المزمع عقده بنيس في يونيو، أن يدعو الاتحاد من أجل المتوسط إلى حماية بحرنا من خلال حدث جانبي مخصص حصريًا للبحر الأبيض المتوسط".
والجدير بالذكر أن الاتحاد من أجل المتوسط، بصفته عضوًا مؤسسًا في الشراكة المتوسطية الزرقاء، سيكشف النقاب عن أولى مشاريع المبادرة في المغرب ومصر والأردن. وهو صندوق متعدد المانحين لاستثمارات الاقتصاد الأزرق المستدامة، ويهدف إلى جمع مليار يورو لتدبير التمويل اللازم لها.
تحديات إقليمية
ومن جانبه صرح ناصر كامل، الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط: "مع احتفالنا باليوم العالمي للمياه، من الضروري الاعتراف بأن تغير المناخ والتدهور البيئي هما تحديان إقليميان يهددان الأمن المائي والمرونة الساحلية وسبل عيش مواطنينا".
وأضاف:"يجب علينا جميعًا تقليل الانبعاثات وتشجيع الاستدامة يلتزم الاتحاد من أجل المتوسط بتعزيز الحلول المناخية التعاونية التي من شأنها حماية بحرنا المشترك".