جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-06@19:28:42 GMT

عصا سُليمان

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

عصا سُليمان

 

أنيسة الهوتية

خاتم سُليمان، هُدهُد سُليمان، وعِفريتُ سُليمان الذي أحضرَ إليهِ عَرش بَلقيس، هذه  العناصر الأكثر إثارة في قِصة النبي سُليمان بن داود عليه السلام عند أغلب البشر قديماً وحديثاً.

وخاتم سُليمان لَم يُذكر في القرآن الكريم، ولكن تمَّ ذكره في بعض الأحاديث التي صُنِفت أغلبها على أنَّها موضوعة، وغير متفقٍ عليها.

أمَّا الذي أحضر العرش، والهدهد الذي أبلغهُ عن مملكة سَبأ فلا اعتراض عليهما؛ لأنهما ذُكِرا في القرآن الكريم بجانب العديد من المُعجزات التي حباها الله لنبيه سُليمان عليه السلام دون غيره من الأنبياء.

وأغلب البشرِ يميلون حُبًّا لخاتم سُليمان، ويتمنون امتلاكه لما فيهِ من قوة عُظمى لم يمتلكها أحد قبل سُليمان ولن يمتلكها أحدٌ بعده.. إلا أنَّ الحُب كعادتهِ يجعل العاشق فناناً وشاعراً والمعشوق فناً موصوفاً في قصائده وأدبهِ وشعرهِ.

وَالقرآن الكريم لا يقصُ القصص إلا لنيل المعرفة وأخذ العِبرة، والعبرة العُظمى في قصة سيدنا سُليمان ليست في الخاتم، ولا في الهدهد، ولا في من أحضر لهُ عرش بلقيس في لمحة بصر، ولا في النملة التي سمعها، ولا في الرياح التي كان يركب صهوتها ويتنقل بها... ولا حتى في الأحصنة المُجنحة "البيغاسوس" حسب الإسرائيليات التي ذكرت أنهُ قتلها جميعاً لأنها أشغلتهُ عن العِبادة والحُكم بن النَّاس! ومن تلك القصص خرجت أسطورة "اليونيكورن" وهي الحصان المجنح الذي لديه قرنٌ في منتصف أعلى جبهته من عاجٍ أشبه باللؤلؤ.

ولَكِن العِبرة العُظمى في قصة نبي الله سُليمان عليه السلام هي في عصاه! والتي اتكأَ عَليها سنة كاملة وقيل سنتين! دون أنْ تعلم الجِنُ بأنهُ مَيتٌ وظَلوا في إكمال بِناءِ بيت المقدس الذي كان وصيةَ والدهِ داود أن يُتَمم بناءه.

فظَلَت ممالِكُ الجِن في عبوديتها تُكمِل البناءَ ليل نهار دون هوادة، ولم يكن عدم رؤيتهمِ لهُ أمراً مُريباً لأنَّ من عادته التعبد في محرابه ببيت المقدس لسنةٍ كاملةٍ دون أن يُسمَعَ أو يُرى! وكان في خلالِ اختفائهِ يُراقبِ الجميعَ عن بُعد! كمثلِ زمننا الحالي مع أنظمة التكنولوجيا الحديثة وكاميرات المراقبة والشاشات...إلخ. يطمئن على أهلِ بيته، ومملكتهِ من محرابه الذي يتعبَّد فيه دون أن يخرج منه لِسَنَة وأحياناً سنتين!

واستمرَّت الحال على هذا التوقع، وظَل إكمالُ البِناءُ مُستمراً إلى أن تم الاستفادة من موت سيدنا سليمان عليه السلام من أحد عفاريت الجِن الدُهاة، والذيِ شعرَ بموتهِ كما ذُكِر في بعض الإسرائيليات فبدأ يستفيدُ من ذلك لنفسه ويدخل ويخرج من بين بيوتهِ ويأمر الجِن والعفاريت بأوامِر ما كان سُليمانُ فاعلاً لها، وكان أحياناً يتشبهُ بهِ وأحياناً يقولُ بأنه مأمورٌ مِن قِبلِ سُليمان.

حتى أراد الله تعالى أن يقضي على كذبه؛ فأمر الأرِضة وَهيَ الرُمة فأكلت خشبَ عصاه وقيل إنِّه صنعها بنفسهِ من خشب الخروب وهي النبتة التي أنبتت بين يديه وأخبرته بنبأِ وفاته.

فدعى سليمان الله تعالى ألا يُعلم أحدٌ عن وفاته حتى يكتمل بناء بيت المقدس إن كان وقت وفاته قُيد قبل إنهاءِ بناء وتشييد بيت المقدس. وفعلاً، تمَّ ما دعا بهِ إلى أن أمر الله بالكشف عن المستور حتى لا يُستفاد من الواقعة.

إذن، العِبرة في الرُمة التي تأكل الشيء من الداخل فتتلفه وتنهيه، مِثل الفتنة بالضبط والتي هي أشد من القتل! والفتنة هي السلاح الذي استخدمه أغلب السياسيين في العالم، للتفرقة بين القِوى المتحدة للأفراد أو الدول، وأعظم فتنة هي فتنة الدين!

وبالأخصِ الفتنة السياسية الدينية والتي سببت الكثير من الدمار والقتل حول العالم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كتشنر التي كانت تعاكسنا أغرقه الله في بحر الشمال يا خينا: كيف اساء كتشنر إعداد معركة سومي (1916) (1-2)

عبد الله علي ابراهيم

قضيت يوم أمس بحاله أرد على أصدقاء لصفحتي على الفيسبوك عن تعليقات لهم على معركة كرري في مناسبة مرور ذكراها. ووجدت كثيراً منهم يؤاخذ الخليفة لأنه لم يأخذ برأي الأمير إبراهيم الخليل في مجلس الحرب الذي انعقد للغرض. وكان رأي الخليل بوجوب الهجوم على الجيش الغازي بليل كرري لا انتظار صباحها. ولا يتوقف أحد من الأصدقاء مع ذلك عند أن ذلك الرأي ورد عن صاحبه في مجلس حرب. ولم يأخذ به المجلس. ولا نعرف حيثيات المناقشة التي جرت في المجلس. ولكن من المهم أن نعرف أن الخليفة، المتهوم بالاستبداد بالرأي، لم يكن صاحب القرار كفاحاً وإن كان صاحب الرأي المُرَجِح.
أما ما اعترضت عليه من قول الأصدقاء فهو وثوقيتهم الشديدة من أنه لو سمع الخليفة من الخليل لهزموا الإنجليز ولربما رددناهم على أعقابهم فلا استعمار ولا دوشة. وهذه قراءة لا تأخذ في الاعتبار أن كرري مجرد موقعة في فتوح أوربية استعمارية لم ترتد على أعقابها على طول القارة الأفريقية وعرضها إلا في معركة عدوة في الحبشة عام 1896 خسرها الإيطاليون ممن هم دون فرنسا وانجلترا عدة وعتاداً. ولم تنس إيطاليا عار عدوة وعادت في الحرب العالمية الثانية لتسترد الحبشة إلى حين.
. وحدث بالفعل أن انهزمت جيوش أوربية منهم في معركة واحدة، ولكنها لم تخسر الحرب مطلقاً. فكانت تكر على خصمها وقد جددت فيالقها لسعتها في المناورة ناهيك من تفاوت السلاح بينها وبين الأفارقة. كان النصر في حرب اقتسام أفريقيا الاستعمارية مستحيلاً. ولذا قال شاعرهم في معنى تلك الاستحالة:

‘Whatever happens, we have got, the Maxim, and they have not’
"فمهما حدث فأيديهم (الأفارقة) خلو من المكسيم الذي نتسلح به"
أما ما لم أفهمه من الأصدقاء فهو عقديتهم بأن القائد، مثل بطل الأفلام، لا ينهزم قط. القادة ينهزمون. فالحرب بين اثنين خاسر وكاسب. وقال بليغ إن الذي صنع السفينة لتمخر عباب الماء يعرف أنها ربما غرقت في نفس الماء. ومن خلق الحرب يعرف أن هناك من يخسرها ويخوضها مع ذلك.

وشاء حظ المنتصر في كرري، كتشنر، أن يكون القائد الخاسر في معركة سومي في أوربا خلال الحرب العالمية الثانية. نواصل

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • «المجمع المقدس» ينظم مؤتمرا للمكرسات بالعبور
  • من هو رسول الله ﷺ الذي جهله الناس؟!
  • الهواري: المجتمعات التي تمتلئ بالأمل قادرة على تحقيق حاجاتها بالسعي والعمل
  • كتشنر التي كانت تعاكسنا أغرقه الله في بحر الشمال يا خينا: كيف اساء كتشنر إعداد معركة سومي (1916) (1-2)
  • حسناء جديدة تهدد عرش أليشا ليمان على الساحة الكروية .. صور
  • أول ثمرة على الصعيد الدولي لمبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ) التي أطلقتها وزارة الأوقاف
  • يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ميلاد النور الذي أضاء العالم
  • يا ايها البرهان، ما هي الرسالة التي تنتظر وصولها من الله ابلغ مما وصلتك من رسائل؟
  • نقابة الصَّحفيين السُّودانيين تنعي المصور التلفزيوني حاتم مأمون الذي مات متأثراً بإصابته في حادث المسيرة التي استهدفت منطقة “جبيت” العسكرية
  • عرض عسكري ومناورة لخريجي دورات طوفان الأقصى في مديرية ماهلية بمأرب