بغداد اليوم - بغداد 

قالت وزارة التجارة، اليوم الاثنين (22 تموز 2024)، أن العراق ومنذ الأزمة الاقتصادية العالمية عمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحنطة والشعير.

وأوضح المتحدث باسم الوزارة محمد حنون في حديث لـ "بغداد اليوم" إنه "بعد الأزمة العالمية بمادة الحبوب، عملت وزارة التجارة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصولي الحنطة والشعير، من خلال دعم الفلاحين والمزارعين، ودفع مستحقاتهم".

وأضاف أن "العراق حقق الاكتفاء الذاتي من خلال وصول كميات الحنطة المسوقة إلى 6 ملايين و300 ألف طن، وهذا مؤشر كبير على أن العراق تجاوز خطورة أي أزمة عالمية بشأن مادة الحبوب، سواءً من خلال الخزين الاستراتيجي لمادة الحنطة، أو من خلال سد متطلبات البطاقة التموينية لمادة الطحين".

واعلن وزير التجارة أثير داود الغريري في آذار الماضي إن "مخازن وزارة التجارة مليئة بأكثر من مليوني طن حنطة، فيما لفت إلى ان العراق حقق اكتفاء ذاتيا ولا يحتاج للاستيراد لأغراض البطاقة التموينية وتأمين الخزين الاستراتيجي".

وتحتاج السوق المحلية سنويا حوالي 4.2 مليون طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ويضاف نحو مليون طن مستورد يخلط لأغراض الجودة مع القمح المحلي الذي لا تتوفر فيه مادة الجلوتين بالنسبة المطلوبة، وفق وزارة التجارة.

وكان البلد مكتفيا ذاتيا من القمح في السنوات الثلاث الذي سبقت الحرب في أوكرانيا، مع إنتاج 4.7 مليون طن في 2019 و6.2 مليون طن في 2020 وحوالي 4.2 مليون طن في 2021.

ولكن عوامل عديدة، أبرزها أزمة شح المياه، أدت إلى انخفاض إنتاج القمح محليا، حيث بلغ الموسم الماضي حوالي ثلاثة ملايين طن، ما دفع الحكومة إلى الاستيراد لتغطية النقص.

وتشكل قلة تساقط الأمطار في موسم الشتاء التحدي الأبرز أمام إنتاج المحاصيل الزراعية في العراق، من بينها القمح والأرز والشعير.

وعانى القطاع الزراعي في الأشهر الأخيرة من أزمة مزدوجة تتمثل في الجفاف وضعف الخطط لتنميته، إذ أثرا على إنتاج المحاصيل في ظل نقص المواد الأولية وشح التمويلات وتراجع قيمة الدينار إلى مستويات غير مسبوقة ما زاد الضغوط الشرائية على الناس.

وبات جفاف الأنهر والأهوار واضحاً ويتسارع بشكل مطّرد في بلد شهد منذ أربعة عقود حروباً وأزمات متتالية أضرّت كثيرا بالبنى التحتية، فصار العراق يفتقر إلى مقومات التأقلم مع مناخ ما انفكّ يزداد قسوة.

وبحسب الأمم المتحدّة فإنّ نحو 3.5 في المئة من الأراضي الزراعية في العراق فقط مزوّدة بأنظمة ري، حيث طال التصحر نحو 69 من أراضي العراق الزراعية. ويثير هذا الوضع قلق الكثير من المزارعين وحتى مربي الماشية.

وتطرح الشركة العامة لتجارة الحبوب الحكومية مناقصات دولية بشكل دوري لاستيراد القمح والأرز من أجل برنامج دعم الغذاء الذي يغطي الطحين وزيت الطعام والأرز والسكر وحليب الأطفال.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الاکتفاء الذاتی من وزارة التجارة ملیون طن من خلال

إقرأ أيضاً:

إعادة إنتاج الانحدار: ما بين خطاب شوقي بدري والوليد مادبو

عندما تصل النخبة إلى مرحلة لا تجد فيها غير التهجم والسخرية المتبادلة وسيلةً للتعبير، فذلك مؤشر واضح على المأزق الذي وصلت إليه.
المقال الأخير للأستاذ شوقي بدري، والرد الذي قدمه الدكتور الوليد مادبو، ليسا سوى فصل جديد من فصول الانحدار في الخطاب العام، حيث لم يعد النقاش يدور حول الأفكار، بل تحول إلى تصفية حسابات شخصية، تفتقر إلى العمق النقدي، وتحول القضايا الكبرى إلى مجرد ساحة تراشق لفظي. في وقتٍ يُفترض أن يكون التركيز فيه على تفكيك النظام الذي صنع هذه الأزمة وأوصل السودان إلى حافة الهاوية، ينشغل بعض من يفترض أنهم نخبة بجدل عقيم يكشف عُريهم الفكري وهشاشتهم أمام الواقع.
إن ما نراه هنا ليس فقط سقوطًا في لغة الاستعلاء الشخصي، بل هو تعبيرٌ صارخ عن غياب المسؤولية وعدم الاكتراث بالمخاطر الحقيقية التي تهدد السودان.

يحمل مقال الأستاذ شوقي بدري غضبًا مشروعًا تجاه الأوضاع الراهنة، لكنه يسقط في فخ السردية الاختزالية التي تجعل الأزمة الحالية مجرد غزو بدوي للعاصمة، دون مساءلة البنية التي أنتجت هذا العنف. يبدو وكأن السودان، في تصوره، كان مجتمعًا متجانسًا ومستقرًا حتى جاءت قوى الهامش لتطيح به، وهو تبسيط يعيد إنتاج نفس الخطاب النخبوي الذي لطالما تجاهل جذور الأزمة.
اللغة التي يستخدمها بدري ليست فقط انفعالية، بل تكرس نمطًا من التفكير يعفي النخب الحاكمة من مسؤوليتها التاريخية، ويجعل كل كارثة جديدة مجرد نتيجة لقوى دخيلة لا تنتمي إلى “السودان الحقيقي”. هذه المقاربة ليست جديدة، لكنها تتكرر كلما تعرضت المركزية السياسية والاجتماعية في السودان لهزة، وكأن التاريخ يعيد نفسه بذات التبريرات، دون مساءلة حقيقية للمنظومة التي جعلت الخرطوم نفسها مدينة مغلقة على امتيازات طبقية وإثنية معينة، حتى انفجر الهامش في وجهها.
بدلاً من تفكيك المنظومة التي أفرزت هذا الواقع، يستسهل بدري إلقاء اللوم على طرف واحد، متجاهلاً أن العنف الحالي ليس مجرد نتاج لحظة انفلات، بل نتيجة تراكمات طويلة من سياسات الإقصاء والتهميش، وهو ما لا يمكن فهمه خارج سياق سيطرة الجبهة الإسلامية وأدواتها التي هيمنت على السودان لعقود.

أما رد الدكتور الوليد مادبو، فرغم محاولته تقديم طرح نقدي مضاد، إلا أنه لم يخرج عن ذات الحلقة المفرغة التي وقع فيها شوقي بدري. فبدلاً من تقديم تفكيك حقيقي للمنظومة التي أنتجت الصراع، ينزلق إلى خطاب شخصي، مليء بالتلميحات والاستعراضات اللغوية التي لا تفعل سوى إعادة إنتاج الاصطفافات التقليدية.
في حين أن مادبو يطرح نفسه كناقد للمركزية السودانية، إلا أن خطابه لا يتجاوز نقد الأفراد إلى مساءلة البنية. لا يكفي القول بأن السودان محكوم بمنطق إقصائي ما لم يتم تفكيك آليات هذا الإقصاء، ومعالجته خارج ثنائية “المركز والهامش” التي أصبحت، في كثير من الأحيان، أداة للتموضع السياسي أكثر من كونها إطارًا تحليليًا حقيقيًا.
إن الانشغال بالرد على شوقي بدري بهذه الطريقة لا يختلف كثيرًا عن فخ التبسيط الذي وقع فيه بدري نفسه.

المفارقة أن كلاً من بدري ومادبو، رغم اختلاف مواقعهما، استخدما لغة لا تعكس سوى حجم الأزمة الفكرية التي تعاني منها النخبة السودانية. التهكم والسخرية والاستعلاء الضمني لم تكن مجرد أدوات في النقاش، بل أصبحت جوهر الخطاب نفسه، ما يحول النقاش من كونه محاولة لفهم الواقع إلى مجرد استعراض لفظي، يعيد إنتاج ذات النزعات الإقصائية التي يدّعي الطرفان رفضها.
إن اللغة ليست مجرد وسيلة تعبير، بل هي انعكاس لطريقة التفكير. وعندما تتحول لغة النخبة إلى مجرد تراشق، فذلك يعني أن الأزمة لم تعد فقط أزمة سياسية أو اجتماعية، بل أزمة فكرية عميقة، تجعل من المستحيل إنتاج أي مشروع حقيقي للتغيير.
ربما نحتاج هنا لاستعادة مقولة أنطونيو غرامشي حين تحدث عن “الأزمة التي تحدث عندما يعجز القديم عن أن يموت، ويعجز الجديد عن أن يولد”، وهي حالة تنطبق تمامًا على السودان اليوم؛ حيث تعيش النخبة حالة إنكار لواقع جديد لا تستطيع استيعابه، لكنها في الوقت ذاته عاجزة عن تقديم بديل حقيقي له.

ما حدث بين بدري ومادبو ليس مجرد خلاف بين شخصين، بل هو نموذج لصراع النخب الذي يكرر نفسه منذ عقود. كل تيار يرى في الآخر سبب الانهيار، بينما يغفل أن الأزمة ليست في الأشخاص، بل في البنية الفكرية التي تجعل من الصراع الشخصي بديلاً للنقاش الحقيقي حول جذور المأساة.
في نهاية الأمر، سيظل السودان غارقًا في الفوضى إذا لم يتم توجيه النقد إلى حيث يجب أن يكون، أي إلى النظام الذي هندس هذا الواقع، وليس إلى أشخاص يبحثون عن انتصارات وهمية في معارك جانبية لا تسمن ولا تغني من جوع.
إن “العدو الحقيقي” هنا ليس هذا الطرف أو ذاك في سجالات النخبة، بل هو منظومة القهر والاستبداد التي ترسخت على مدى عقود، وما لم يُفهم ذلك، سيظل كل جدل جديد مجرد إعادة إنتاج للانحدار نفسه، وإن تغيرت الأسماء والأساليب.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • برلماني: إجراءات الحكومة الجمركية تضع مصر على خريطة التجارة العالمية
  • الزراعة: الأمطار الأخيرة وفرت رية كاملة للحنطة والشعير
  • شريف الصياد: الصادرات المصرية طوق النجاة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية
  • نصية يطالب المركزي بخطة عاجلة لمعالجة الأزمة الاقتصادية
  • ما مآلات السياسات الاقتصادية والتجارية لترامب على أميركا والعالم؟
  • التجارة: 307 مطحنة تعمل في العراق
  • إعادة إنتاج الانحدار: ما بين خطاب شوقي بدري والوليد مادبو
  • العلامة مفتاح: لا بد من التحول إلى الإنتاج المحلي للأدوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي
  • وزارة الزراعة تعلن عن زيادة نسبة إنتاج زيت الزيتون
  • الجديد: الحكومتان مطالبتان بضبط الإنفاق قبل تفاقم الأزمة الاقتصادية