تعد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية من أكثر المشكلات التي تؤرق الباحثين في مجالات الصحة والبيولوجيا، ومن أجل الكشف عن حل للمشكلة يبحث العلماء عن جذورها الجزيئية، التي تشمل ما يُعرف بـ"النقل الجيني"، وهي عملية تنتقل الجينات خلالها بين الكائنات الدقيقة على نحو يغير قدراتها، إما بجعل غير الممرض منها ممرضا، أو بإكساب الممرض منها مناعة ضد المضادات الحيوية.

ومؤخرا، كشف فريق دولي من الباحثين من سنغافورة والمملكة المتحدة عن آلية جديدة للنقل الجيني قد يسهم فهمها والتحكم فيها في تحسين آليات الرعاية الصحية والعلاج.

وحسب الدراسة الجديدة التي نُشرت في دورية "سِل" -إحدى أشهر المجلات العلمية في مجال الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية- اكتشف علماء من جامعة سنغافورة الوطنية وإمبريال كوليدج لندن طريقة جديدة تنقل بها البكتيريا جيناتها، مما يمكنها من التطور بشكل أسرع بكثير مما كان معروفا لنا في السابق.

العلماء كانوا يعرفون 3 آليات للنقل الجيني: عمليات النقل العامة والمتخصصة والجانبية (شترستوك) النقل المشترك الجانبي

تعد القدرة على مشاركة المواد الجينية المحرك الرئيسي للتطور الميكروبي، لأنها يمكن أن تحول بكتيريا حميدة إلى عامل ممرض مميت في لحظة، إذ يمكن للعاثيات (فيروسات البكتيريا) أن تعمل كقنوات تسمح للجينات بالانتقال من بكتيريا إلى أخرى.

قبل هذه الدراسة الجديدة، كان العلماء يعرفون 3 آليات لهذا النقل الجيني: عمليات النقل العامة والمتخصصة والجانبية. وفي دراستهم الجديدة، اكتشف الباحثون آلية رابعة أطلقوا عليها "النقل المشترك الجانبي".

في هذه العملية المكتشفة حديثا ينتقل جزء من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية يعرف باسم "جزر المكورات العنقودية الذهبية المرضية"، وهي عناصر أنانية من الحمض النووي عادة ما توجد مدمجة في كروموسومات تلك البكتيريا، والتي اكتُشف أنها تنتقل لتقوم باستغلال بكتيريا العاثيات والتطفل عليها.

المكورات العنقودية الذهبية هي نوع من البكتيريا التي يمكن أن تسبب عدوى العنقوديات في البشر والحيوانات، والتي تتجلى في المقام الأول على شكل التهابات جلدية، إلا أنها يمكن أن تهدد الحياة إذا انتشرت إلى مجرى الدم وأصابت الأعضاء أو العظام أو المفاصل.

من جهته، قال البروفيسور خوسيه آر بيناديس من قسم الأمراض المعدية، ومدير مركز بيولوجيا مقاومة البكتيريا في إمبريال كوليدج لندن "يلقي هذا الاختراق الضوء على مسار جديد تتطور من خلاله البكتيريا. وبالنظر إلى الارتفاع المثير للقلق من الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية، يصبح فهم الآليات التي تقود التطور البكتيري أمرا بالغ الأهمية".

العاثيات تضحي بجيناتها لنقل الحمض النووي إلى المضيف البكتيري (غيتي) طريقة أكثر فعالية وأسرع في النقل الجيني

على عكس العاثيات التي تضحي بجيناتها لنقل الحمض النووي إلى المضيف البكتيري، يمكن لجزر المكورات العنقودية الذهبية المرضية أن تنقل نفسها سليمة تماما مع الحمض النووي البكتيري من خلال النقل المشترك الجانبي. وتمكنهم هذه القدرة من تكرار العملية بشكل دائم، مما يجعلها أكثر فعالية وكفاءة في نقل الجينات البكتيرية.

وفي السياق، قال البروفيسور جون تشين قائد الدراسة من جامعة سنغافورة الوطنية "من خلال الدراسة، أثبتنا أن البكتيريا يمكن أن تتطور بشكل أسرع كثيرا مما كنا نعرفه. وفي حين أن النقل الجيني كان دائما المجال الحصري للعاثيات، أظهر بحثنا أن الطفيليات التي تتطفل على العاثيات ربما تكون أقوى عوامل التحويل المعروفة حاليا وأكثرها كفاءة".

من جانبه، قال البروفيسور تشنغ وي جو، نائب العميد للبحوث في كلية طب جامعة سنغافورة الوطنية، "سيؤثر هذا الاكتشاف الرائد على الطريقة التي نفهم بها كيفية تطور البكتيريا من خلال نقل الجينات، وآثارها المحتملة على الالتهابات والأمراض البكتيرية. ويعد هذا البحث أيضا أمرا بالغ الأهمية في إبلاغ قرارات العلاج الآمن في البيئات السريرية".

بعض العاثيات العلاجية قد تتحول إلى شركاء لجزر المكورات العنقودية الذهبية المرضية أو العناصر الأخرى (شترستوك) ظهور الجراثيم الخارقة

دعا ظهور الجراثيم الخارقة إلى طرق جديدة لعلاج السلالات المقاومة للمضادات الحيوية. إحدى هذه الطرق التي اكتسبت قوة دفع في السنوات الأخيرة هي العلاج بالعاثيات، الذي يتضمن استخدام العاثيات للقضاء على البكتيريا الضارة في العدوى والأمراض.

إلا أنه، وفقا للدراسة الحديثة، يمكن أن تتحول بعض العاثيات العلاجية إلى شركاء غير مقصودين لجزر المكورات العنقودية الذهبية المرضية أو العناصر الأخرى ذات الصلة القادرة على النقل المشترك الجانبي.

ووفقا للبروفيسور بيناديس "من المحتمل أن تحدث هذه العملية في عديد من الأنواع البكتيرية الأخرى أيضا. لذلك فإن هذا الاكتشاف الرائد يمثل تحولا نموذجيا في فهمنا للتطور البكتيري، وسوف يؤثر بشكل كبير على الطرق التي نكافح بها مقاومة المضادات الحيوية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للمضادات الحیویة الحمض النووی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

صلاح على طريق الكرة الذهبية.. ماذا فعل الفائزون السابقون؟

يعد النجم المصري محمد صلاح المرشح الأوفر حظا حاليا للفوز بجائزة الكرة الذهبية لهذا العام، حيث يواصل قيادة ليفربول في سعيه لتحقيق لقب الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.

وسجل صلاح هذا الموسم أكبر عدد من الأهداف وقدم أكثر تمريرات حاسمة من أي لاعب آخر في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا.

وفي سن الـ 32، يعيش أفضل فتراته الكروية على الإطلاق.

وفي حال فوزه بالكرة الذهبية، سيصبح صلاح أول لاعب أفريقي يحصل على الجائزة منذ جورج وياه في عام 1995، وقليلون قد يجادلون بأنه لا يستحقها إذا استمر في هذا المستوى الرائع خلال الأشهر المقبلة.

وهيمن ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو على الكرة الذهبية منذ عام 2008، حيث ذهبت الجائزة إلى لاعب غيرهما في ثلاث مناسبات فقط خلال الـ 17 عاما الماضية.

وقد رفه هذان اللاعبان المعايير إلى مستوى غير مسبوق، ولكن لم يكن جميع الفائزين بالكرة الذهبية من قبل يمتلكون أرقاما خارقة، حيث فاز بعض اللاعبين بالجائزة رغم تحقيق أرقام أقل مما يقدمه محمد صلاح هذا الموسم.

مقارنة مع فائزين سابقين

فاز لويس فيغو في 2000 بالجائزة بعد تسجيله 14 هدفا وصناعته 22 تمريرة حاسمة في 52 مباراة مع برشلونة.

وفي سنة 2001 فاز مايكل أوين 2001 فاز بالجائزة بعد تسجيله 24 هدفا وصناعته 7 تمريرات حاسمة، كما ساهم في فوز ليفربول بثلاثة ألقاب، حيث سجل هدفين في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي وصنع هدفين آخرين في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي.

أما في العام 2002 فقد حصل رونالدو نازاريو على الجائزة بسبب تألقه في كأس العالم، حيث سجل 8 أهداف وقاد البرازيل للفوز باللقب، رغم معاناته من إصابات ولم يسجل سوى 8 أهداف في 17 مباراة مع إنتر ميلان خلال الموسم.

وفاز بافيل نيدفيد عام 2003 بالكرة الذهبية، حيث سجل 14 هدفا وصنع 11 تمريرة حاسمة مع يوفنتوس.

وعلى عكس هؤلاء، كانت أرقام ميسي ورونالدو خرافية، حيث سجل ميسي 73 هدفا في موسم واحد مع برشلونة، لكنهما الآن خارج المعادلة.

هل يكفي مستوى صلاح لتحقيق الجائزة؟

إذا استمر محمد صلاح في تقديم هذه الأرقام المهمة، فقد يكون ذلك كافيا لحسم الجائزة لصالحه.

ومع ذلك، قد يعتمد الأمر بشكل كبير على نجاح ليفربول في دوري أبطال أوروبا، خاصة أن أقرب منافسيه، كيليان مبابي، يلعب مع ريال مدريد، النادي الأكثر تتويجا بالبطولة الأوروبية.

مقالات مشابهة

  • أنقذ حياة 2.4 مليون طفل.. وفاة الرجل ذو الذراع الذهبية
  • “النقل” تُعلن فرض عقوبات وغرامات مالية للشاحنات الأجنبية المخالفة التي تُمارس نقل البضائع داخل المملكة
  • رحلة بحرية تتحول إلى كابوس ينتهي بإصابة 16 شخصا .. فيديو
  • صلاح على طريق الكرة الذهبية.. ماذا فعل الفائزون السابقون؟
  • علماء يقترحون استخدام البكتيريا فى المحطة الفضائية لتعزيز مناعة رواد الفضاء
  • المركزي العراقي يحث الثقافة على استلام آثار نمرود الذهبية
  • برشلونة يصطدم بعقبات مالية ومنافسة شرسة في سباق التعاقد مع إيزاك
  • خطة الكهرباء في شهر رمضان.. مد ساعات العمل في مراكز خدمة المواطنين حتى العاشرة وفرق طوارئ ومولدات احتياطية للمنشآت الحيوية
  • روردي يتدرب.. نجم الكرة الذهبية يعود لإنقاذ السيتي (فيديو)
  • بورشه كايين بتعديلات رياضية شرسة وجنون في الأداء