يزور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة في ظل كارثة تخيم على الشرق الأوسط، ومن المقرر أن نتنياهو يخاطب الكونغرس بعد أشهر من الصدمات والدمار الذي تركه خلفه، وفي ظل مستقبل سياسي غامض أمامه.

وقال الكاتب إيشان ثارور في مقال نشره عبر صحيفة صحيفة "واشنطن بوست" وترجمته "عربي21": إن "آخر مرة جاء فيها نتنياهو إلى واشنطن كانت فيها  آمال السلام عالية، أو على الأقل رؤية واحدة، في أيلول/سبتمبر 2020، وظهر نتنياهو في البيت الأبيض مع دونالد ترامب، فمن خلال اتفاقيات توسطت بها الإدارة السابقة، طبعت إسرائيل علاقاتها مع الإمارات والبحرين".



وأضاف "تمت تسمية الإنجاز الدبلوماسي باسم عظيم اتفاقيات وأبراهام، وصوره المرجون له بأنه اختراق حضاري وبداية عهد جديد، مع أن أيا من الدولتين لم تكن في حالة حرب مع إسرائيل أو خاضت معها حربا بالفعل، بل وأقامتا علاقات سرية وجوهرية معها".


وقال نتنياهو الذي كان واقفا إلى جانب ترامب ومسؤولين كبار من البحرين والإمارات "هذا يوم محوري في التاريخ، ويعلم بداية فجر جديد للسلام، وصلى اليهود على مدى ألفي عام للسلام، ولهذا السبب نشعر اليوم بامتنان عظيم". 

وذكر أن أن هذه الاتفاقيات أدت إلى صفقات تجارية مربحة بين "إسرائيل" ودول الخليج، وتمت تغطيتها بصفقات أسلحة من شركات السلاح الأمريكية لدول الخليج، إلا أنه ومع تحمس دول عربية أخرى لمنظور التطبيع مع الاحتلال، فلم "تؤد التفاهمات الجديدة لبناء سلام في المكان الذي يجب أن يتحقق فيه: النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وقد حدث هذا عن قصد، فبضل ترامب، رأى نتنياهو المعارض لدولة فلسطينية ذات سيادة، طريقا لدمج إسرائيل مع جيرانها  ووضع المشكلة الفلسطينية على الرف".

وقال إن "المجموعة المزدهرة من الشركاء للعرب والتي تشترك مع إسرائيل خوفها من إيران وتشعر بالإحباط من الخلل الوظيفي داخل الحركة الوطنية الفلسطينية بمواكبة العملية التي أرادها نتنياهو، رضيت بذلك، وبعدما أجبر على الخروج من السلطة ليعود على رأس أكثر التحالفات المتطرفة في إسرائيل".

وظهر في أيلول/سبتمبر على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة وبخريطة "الشرق الأوسط الجديد" ومحي منها أي أثر للدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

 ثم جاءت أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر وتغير العالم، وهزت الحرب التي شنتها "إسرائيل" ضد قطاع غزة المنطقة، ودمرت القطاع المحاصر وأدت لاستشهاد عشرات الألاف من الأشخاص، وكارثة إنسانية واسعة.

وبسبب ذلك تزايد الدعاوى القانونية الدولية ضد "إسرائيل" وحكومتها المتطرفة، وقد تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع الحرب يواف غالانت في غضون أيام بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واستخدام التجويع كسلاح في الحرب، بحسب ما جاء في المقال.

 وتناقش محكمة العدل الدولية دعوى تتهم "إسرائيل" بالإبادة الجماعية وأصدرت يوم الجمعة حكما منفصلا دعت فيه الاحتلال لوقف احتلاله المناطق الفلسطينية وتفكيك المستوطنات. 


ويعتبر هذا الحكم مرفوضا من نتنياهو الذي تزايد بالتوسع الاستيطاني في عهده، ويأتي إلى واشنطن لإلقاء خطاب مثير للجدل، في وقت حاولت في دولة عربية جارة مع الرئيس جو بايدن وحلفائه التوسط بهدنة لوقف الحرب في غزة التي يريدها الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. 

وقال الكاتب إن مسؤولين أمريكيين وعرب يلومون نتنياهو على إفشال الاتفاق عمدا، خوفا من أن يتأثر موقعه السياسي حالة توقف القتال.

وقال مايكل كوبلو من منبر السياسة الإسرائيلي: "يتعرض نتنياهو لضغوط من كل الساحات، فلديه تحالف غير راض عنه  وشركاء [متطرفون] كبتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير الذين يهدودون بفك التحالف لو وافق على وقف إطلاق النار، ولديه عائلات أسرى يتظاهرون في الشوارع وبأعداد كبيرة وتريد وقف إطلاق النار ومؤسسة أمنية تفضل وبقوة صفقة وقف إطلاق النار وجلب الأسرى. ويدفع بايدن بقوة وبدون تحفظ لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ويريد شركاء إسرائيل في المنطقة أيضا وقف القتال ومنذ عدة أشهر". 

وقال المفاوض السابق أرون ديفيد ميلر والزميل حاليا في وقفية كارنيغي إن هدف نتنياهو الحقيقي هو "الحفاظ على نفسه وقد نجح، وجاء ليستخدم الكونغرس والبيت الأبيض كأدوات وإظهار أنه رجل لا يستغنى عنه"، واقترح ميلر أن نتنياهو "يحاول كسب الوقت". 

فالجمهوريون المستعدون لطعن بايدن المحاصر بالسكين، سيدعمون نتنياهو وموقفه المتحدي في الحرب، وبهذا  وكتبت مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" نيري زيبلر قائلة:"ما يريده نتنياهو، على الأرجح هو الوصول إلى نهاية الشهر وبداية العطلة للكنيست"، فالعطلة تمتد حتى تشرين الأول/أكتوبر ولا يمكن خلالها التخلص من حكومة.

 ولو استطاع نتنياهو البقاء فإن أقرب انتخابات ستكون في الربع الأول من عام 2025، وبحلول هذا الوقت سيكون في البيت الأبيض ساكن جديد، ويأمل نتنياهو بأن يكون ترامب الذي عزز حظوظه في الفترة الأولى، إلا أن المرشح الجمهوري لم يظهر أي اهتمام بنتنياهو، خلال الأشهر الأخيرة، فترامب لا يزال حانقا على رئيس الوزراء الإسرائيلي ويتهمه بالخيانة لأنه هنأ بايدن على الفوز في عام 2020. 

كما أن اتفاقيات إبراهيم التي اعتبرها ترامب في حينه علامة على سياسته الخارجية لم تعد مهمة في الوقت الحالي. 


ويواجه بايدن تمردا من اليسار في حزبه بسبب دعمه لـ "إسرائيل" وحربها في غزة ومساعدة واشنطن لها من خلال الأسلحة والدعم الدبلوماسي، وبحث الرئيس الأمريكي عن دعم من بعض الإسرائيليين والجيران العرب لتطبيق خطة "اليوم التالي" بغزة والذي يشمل على حكومة تكنوقراط تدير غزة والضفة الغربية وتمويل من دول الخليج لإعادة إعمار القطاع واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن حل الدولتين. 

وطالما ظلت الحرب دائرة، بقي نتنياهو في الحكم، كما أن رؤية السلام الأمريكية محكوم عليها بالفشل، فقد صوت أعضاء الكنيست يوم الجمعة  الماضية على قرار لمنع إنشاء دولة فلسطينية، وهو تحرك رمزي أكد على موقف نتنياهو قبل رحلته إلى أمريكا. 

وقال مسؤول عربي للكاتب: "طالما ظل نتنياهو هناك، فلا فرصة لأي تحرك بشأن خطة اليوم التالي". وبالمحصلة لا يوجد "تحول محوري للتاريخ"، وهذا ما يريده نتنياهو.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الإسرائيلي نتنياهو الولايات المتحدة البيت الأبيض إسرائيل الولايات المتحدة نتنياهو البيت الأبيض حرب غزة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

العميد طارق الهادي: لم أتوقع غدر “حميدتي” الذي تبدل بعد زيارة فولكر بالجنينة

(نجوم في الحرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمد جمال قندول
العميد الركن طبيب طارق الهادي لـ(الكرامة):
استهدفني القناصة ونجوت من الموت مرتين بفى هذا المكان (….)
أرسل المتمردون طبيبًا عميلًا يبحث عن موقع إقامتي ومنامي
أخرجت أُسرتي بعدما جاء من يسأل عنهم بالحي
المستعمر القديم اشعل الحرب ب( دمى) قوى الحرية والتغيير..
المآسي كثيرة لكن أمرّها علي أهلي في توتي
متوسط القصف على المهندسين والسلاح الطبي من 100 لـ150 دانة فى اليوم
لم أتوقع غدر “حميدتي” الذي تبدل بعد زيارة فولكر بالجنينة
ماهية الجيش “الشوينة” كانت عائل إخوتي وأصهاري..
يجب فضح العملاء والجواسيس والخونة وإعدامهم
العدو دمر كل شيءٍ وستنتهي الحرب بـ (….)
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو العميد الركن طبيب طارق الهادي، الذي قصّ لنا عن تجربته ومعاناة أُسرته مع الحرب ضد الميليشيا المتمردة:
كيف علمت بنبأ اندلاع الحرب؟
صادف اليوم عطلة السبت الأسبوعية، وتناولت شاي الصباح مع أُسرتي الصغيرة في “شمبات” عندما رنّ الهاتف حوالي الساعة التاسعة ليظهر على الشاشة الصديق الموسوعي “عم وداعة” الذي تناولت معه وجبة الغداء عصر الجمعة في ضيافة أُسرة الخليفة عبد المجيد جوار مستشفى الأطباء حيث يسكن جوارهم، وهو خزانة خبرات عملية وإدارية وسياسية ووطنية تتعلم منه في كل جلسة الكثير من الدروس اولها بُعد النظر وتناول هموم البلد والناس، وتلمس المخارج للوطن من المأزق السياسي الذي دخل فيه ويديره الغرب بالكامل، وافترقنا بعد صلاة العشاء فصبحت عليه بالخير وبادرني بالسؤال “الحاصل شنو”؟ “قلت ليه في شنو”؟ قال سامعين أصوات “ذخيرة كتيرة” على طول شارع المطار من المدينة الرياضية إلى المركز الطبي الحديث، وحركة عربات مسلحة كثيرة للدعم السريع.. قلت له: (نحنا ما على جهتنا شي، لكن بكون شي عارض خليني أسأل وأرجع ليك).
اتصلت ببعض الزملاء وأكدوا لي حدوث اشتباك بين قوات الدعم السريع وقوة من الجيش في القيادة العامة وحول المدينة الرياضية، ولكن كانت لدي قناعة داخلية أنّ الأمر لن يطول وسيحسم سلمًا، ولكنّ الحقيقة كانت أنّ الحرب قد بدأت فعلًا.
أين كنت حينها؟
نعم كانت هناك إشارة رفع الاستعداد تحوطًا لأحداث شغب قد تحدث منذ أكثر من شهر من الحرب وعلى ضوئها وزعت جداول الاستعداد والمناوبات ولم تكن عليّ مناوبة حينها وكنت في البيت.
ماذا كان شعورك في تلك اللحظة؟
لم أكن أتصور مطلقًا أنّ “حميدتي” قد يتمرد فعلًا وتوقعت أنّ ينتهي الامر سريعًا ربما في نفس اليوم بأمر “حميدتي” لقواته بالتوقف، بل ومحاسبة أفراده الذين أطلقوا النار، فهو أكثر من يعرف الجيش وإمكانياته وأنّه لا قبل له به، ولكن ظهر جليًا أنّ المستعمر الغربي غرّر به، وأنّ في إمكانه استلام العاصمة في ساعات، وبالتالي كل البلد في يومين، وهذا ما قاله في قناة “الحدث” حتى بدا لهم من الله ومن جند الله ما لم يكونوا يحتسبون.
الحرب طالت؟
نعم طالت بسبب أن “حميدتي” والمتمردين وداعميهم لم يتحركوا أصالةً عن أنفسهم ولا عن قناعة ووطنية حقيقية للإصلاح وإلّا لتوقفوا فورًا ولم ينقلوا الحرب ضد المواطن، ولكن هم كانوا ينفذون مشروع استعماري غربي وكان “حميدتي” قد صرّح قائلًا : (مدورانا السفارات وكراعنا في رقبتنا)، وجعفر حسن (سفارة سفارة)، ولذلك قرار إيقاف الحرب ليس في يدهم بل بيد المستعمر الغربي.
كيف مضى اليوم الأول من الحرب؟
كان بالأساس في التواصل مع قيادتي لتلقي التعليمات الأخيرة ومع الزملاء ومتابعة القنوات الفضائية والوسائط لمعرفة أيّ تفاصيل إضافية.
وبقية الأيام؟
في العمل الفني بالسلاح الطبي ومتابعة سير العمليات في بقية المواقع العسكرية داخل وخارج الخرطوم.. زال كل أثرٍ لصدمة الحرب بعد مرور الأسبوع الأول تقريبًا.
وبعد عام من الحرب؟
تطوير وابتكار، خطط ووسائل جديدة للتعامل مع العدو، ونتائج الحرب ناتجة عن اكتساب معرفة وخبرات جديدة غير مسبوقة.
يوميات الحرب في السلاح الطبي؟
كان القصف المدفعي بمختلف أشكاله (هاونات، مسيرات، هاوزرات وراجمات) بمتوسط 100 إلى 150 دانة قى اليوم على منطقة المهندسين والسلاح الطبي، بل لا يكاد مبنى في السلاح الطبي إلّا وأُصيب عدة مراتٍ ومثلها على أحياء أم درمان القديمة والفتيحاب، وكان مطلوبًا أن تستمر عمليات إسعاف الجرحى، وأصابات الطوارئ، وغرف العمليات، والعناية المكثفة، والغسيل الكلوي، والمكاتب و”الميزات”، وزادت المشقة بعد خروج محطة المقرن للمياه والكهرباء بعد مرور شهرين تقريبًا، وطوال الأشهر التالية حتى بعد شهرين من فتح الطريق للوادي.
لك أن تتخيل كيفية التعامل مع عشرات الجرحى والإخلاء من أم درمان والشجرة والمدرعات في غياب المياه والكهرباء والظلام الدامس وعدم التهوية في مكاتب وغرف و”برندات” تكتظُ بالجرحى والمرافقين وأطقم العمل وروائح الدماء والصديد والحمامات التي يصعب غسلها لقلة الماء وأعداد المستخدمين التي تضاعفت عشرات المرات، وشح الطعام بعد مضي ستة أشهر ونفاد المخزون الاحتياطي كان تحديًا آخرًا تطلّب تهريب الطعام خلال خطوط العدو والإسقاط وغيرها.. سأُفصل في تسجيل فالكتابة لن تستوعب التفاصيل.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
المآسي كثيرة لكن أمرّها علي كانت مأساة أهلي في توتي، حيث هي المنطقة الوحيدة التي كانت ومازالت محاصرة تمامًا بلا كهرباء ولا ماء ولا اتصال وهم على مرمى حجرٍ مني ويتصلون عليّ لإنقاذهم وأنا على علم بتفاصيل استحالة ذلك ميدانيًا ولا أستطيع أن أخبر منها بشيء، ولك أن تتخيل خيبة أملهم في ابنهم، ومثلهم أهلنا في شمبات وبري والجزيرة وغيرها، فالجيش مسؤول ويحارب في كل أصقاع السودان، ونحن نقاتل في الجيش في موقع حيث يُقدر الجيش المكان والزمان، هذا هو القسم، نحن في خدمة الشعب السوداني كله مع شح مهول في الأفراد والمعدات والأسلحة.
الموت.. هل اقترب منك في لحظة ما؟
نعم.. استهدفني القناص من ناحية المقرن وعمارة “زين” ومن ناحية أم درمان داخلية علي عبد الفتاح جوار الدايات عدة مراتٍ، بل وأرسل المتمردون طبيبًا عميلًا متعاونا بحثًا عن موقع إقامتي ومنامي حتى وصلني، ولذلك كنت لا أبقى في موقع واحد أكثر من ساعة متجولًا بين الأقسام، ولا أنامُ في مكانٍ واحدٍ لخمسة أيامٍ متتالية.
وصادفني القصف وأنا متحرك في حوش السلاح الطبي مرتين، مرةً جنوب مستشفى الطوارئ ومرةً شمالها، وسلمنا الله وأُصيب زملاء منهم من استُشهد.
ما هي التدابير الاحترازية التي أقدمت عليها؟ وأين كانت أُسرتك؟
بقيت أُسرتي في البيت الشهر الأول، ولما أتى من يسأل عنهم في الحي أخرجتهم لبيت ابن عمتي في “أبو حليمة” لحوالي شهر، ولما كثر القصف عليهم انتقلوا لبيت صديق كريم لأخي الأصغر في “الحاج يوسف” وبقوا هناك (الوالدين، وأولادي، وإخوتي بأولادهم) لستة أشهر حتى أُصيبت الوالدة بجلطةٍ دماغية وشللٍ نصفي، وذهبوا بها لمستشفيات شرق النيل و”أم ضوًابان” و”ود حسونة” ولم يجدوا أي نوع من الخدمة، فتحركوا لشندي فلم يجدوا عنايةً مكثفة، فتحركوا بها لعطبرة وبقوا هناك حتى لحقت بهم بعد فتح الطريق بين المهندسين ووادي سيدنا. وسبحان الله، كان كلّ إخوتي وأصهاري عاطلين عن العمل ولم يحملوا معهم عندما خرجوا من بيتنا في شمبات عصرًا إلّا ما خفّ، فكانت العائل الوحيد لكل هذه الأُسر في كفالة ماهية الجيش “الشوينة” ربنا طرح فيها البركة.
أسوأ اللحظات في أيام الحرب؟
ظلت الخدمات الطبية تعمل بكفاءة وتتعامل مع جميع حالات الإصابات حتى شهر يناير 2024، حيث شكّل شُح الأدوية ومعينات الجراحة والطعام في انخفاض مستوى الخدمة الطبية من الدرجة القياسية لدرجات معقولة تحافظ على الحياة قدر المستطاع.
فوائد الحرب؟
الحرب التي فرضت علينا علمتنا الكثير على المستوى المهني، والاجتماعي، والأخلاقي، والسياسي، والعسكري والثقافي، ما يحتاج وقتًا لتنقيحه وصياغة خطط منه، ولكن على سبيل المثال لا الحصر:
– توحد الشعب خلف قواته المسلحة والمعرفة الحقيقية بأنها الحارس الأمين المؤتمن على بقاء الدولة والأمة.
– عدم رهن خياراتنا السياسية لأي قوّى خارجية.
– القيمة الحقيقية لوجود وطن تنتسب إليه وقيمة بلدنا في نظر الجميع ككنوز يجب الاستحواذ عليها بالقوة أو التحايل، وعلينا أن ندافع عنها وعن بقائنا في الكون بالنفس وبكل غالي ونفيس.
– ظهور معدننا الأصيل والمليء بالقيم والأخلاق المستمدة من ديننا وتاريخنا.
– العودة الكاملة والصادقة لله تعالى بكلياتنا والتوبة من ذنوبنا وأحقادنا وحسدنا لبعضنا.
– فضح العملاء والخونة والجواسيس والذي يجب أن يعاقبوا بالإعدام.
– التعامل مع أي تحذير بجدية كاملة.
– عمل خطط لأسوأ الاحتمالات ووضع الاحتياطات لعام كامل على الأقل في الأطعمة، والوقود، والأدوية، والمستهلكات الضرورية، وعمل تمارين لكل السيناريوهات المحتملة لأي كارثة طبيعية أو مفتعلة.
– تحسين سبل ووسائل الربط بكل أنواعه “البري، والبحري والجوي” ووضع طرق بديلة.
– تطوير فكرة قوات “العمل الخاص” وإعادة تموضعها في مواقع استراتيجية.
– تطوير وإعادة انفتاح القوات بحيث يضمن استمرار التواصل فيما بينها بسهولة.
– خطة أمنية مركزية وولائية من الوزارات ذات الصلة جاهزة للتطبيق فورًا، وعمل تمارين عملية عليها.
– تطوير واستدامة قيمة النفير في الأمة.
– الاعتماد على الذات وعدم انتظار الآخرين، فما يجمعنا أكثر بكثير جدًا مما يفرقنا.
هل تتوقع الحسم العسكري أم التفاوض، بعد أن تجاوزت الحرب عامًا وأربعة أشهر؟
معلوم لأي عسكري محترف أنّ الجيش سحق الدعم السريع كقوة عسكرية متماسكة ولم يعد لها وجودًا ولا قيادةً حتى المستوى العاشر، وبالتالي ستنتهي الحرب بالحسم العسكري فلم يبق هناك ما يتفاوض عليه، كما أن العدو دمر كل شيءٍ حتى خانة العفو فينا.
من أشعل الحرب هل هي “قحت” أم قوى خارجية من شحن التمرد وأوهمه بإمكانية استلام السلطة؟
نفس المستعمر القديم 1899م هو من أشعل الحرب ولكن بدُمىً سودانية عميلة (قحت المركزي)، ومخالب قط خارجية من دول الجوار والإقليم، وغدا ذلك بينًا كالشمس في رابعة النهار بعد “جنيف”.
هل كنت تتوقع اندلاع الحرب؟
البتة.. ولم أتخيل أن يغدُر “حميدتي” أبدًا، ولكنه تبدل بعد زيارة فولكر له في الجنينة ولا أدري لماذا؟ فحتمًا لم يكن في حاجة لمال أو منصب، ولكنها فتنة الله يصيب بها من يشاء.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بعد سخريته من هاريس.. واشنطن تطالب بوتين بعدم التدخل في الانتخابات
  • واشنطن ترد على بوتين بعد حديثه عن المرشح المفضل بالانتخابات
  • سنكون ممتنين جدا.. واشنطن ترد على بوتين بعد حديثه عن المرشح المفضل بالانتخابات
  • «حماس» تطالب واشنطن بإلزام نتنياهو بما تم الاتفاق عليه استنادًا لمشروع بايدن
  • عاجل - حماس: على واشنطن إلزام نتنياهو بما تم الاتفاق عليه استنادا لمشروع" بايدن"
  • العميد طارق الهادي: لم أتوقع غدر “حميدتي” الذي تبدل بعد زيارة فولكر بالجنينة
  • فريدمان: نتنياهو خدع بايدن وسيصعد الوضع في غزة لمساعدة ترامب
  • النائب علي مهران: تصريحات نتنياهو تهدف إلى تقويض جهود مصر لوقف الحرب في غزة
  • جنرال إسرائيلي متقاعد: الذي ينهار ليس حماس وإنما إسرائيل
  • الضغوط تحاصر رئيس وزراء إسرائيل.. بايدن ينتقد نتنياهو والمظاهرات تشعل تل أبيب