الردُ الفلسطيني الفاعل على قرارِ الكنيست الإسرائيلي الباطل
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
في ظلال #طوفان_الأقصى “93”
الردُ الفلسطيني الفاعل على قرارِ #الكنيست الإسرائيلي الباطل
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
لم يكن قرارهم صادماً للفلسطينيين ولا مفاجئاً لهم، ولم يشكل تطوراً سلبياً أو إشارةً غير إيجابية، ولم يعرض المشروع الفلسطيني العتيد للخطر أو يجهض حلمهم بالمستقبل، ولا يرى عموم الفلسطينيين أن له قيمة أو أثراً، فهو قرار سلطة احتلالٍ لا يختلف عن غيره من القرارات العسكرية والقوانين غير الشرعية التي اعتاد إصدارها، وقد كانوا يتوقعونه من كنيستٍ تحكمه أغلبية متطرفة، وتقوده مجموعاتٌ يمينيةٌ متشددة، ويطغى عليه غلاةُ المستوطنين والضالون باسم الدين، ويسيره رئيسُ حكومةٍ يرتبط مصيره به، وينعقد أمله في استمرار دورته وتأييده له، لئلا يحجب الثقة عنه ويسقطه وحكومته.
وهو قرارٌ لا يعنيهم أصلاً ولا يلقون له بالاً، إذ لا يؤثر على حقهم، ولا يبدل قناعاتهم، ولا يفرض نفسه على تطلعاتهم، ولا يستطيع أن يغير سنن الكون ولا جدليات التاريخ، ولا يظن المتطرفون المستعلون، المتشددون المغرورون، الثائرون كالثيران، والمتخبطون كالسكارى، أنهم يستطيعون شطب التاريخ، والانقلاب على سننه، وفرض خرافاتهم عليه، وإجبار العالم على القبول بهم والاستسلام لهم.
فالفلسطينيون هم أصحاب الأرض وأهل البلاد الأصليين والتاريخ على حقهم يشهد، وهم اليوم يفرضون بالمقاومة والصمود واقعهم، ويثبتون أنفسهم، ويصرون على حقهم، ولن تقوى جهةٌ أياً كانت قوتها على تجريدهم من حلمهم، أو حرمانهم من حقهم، ومنعهم من استعادة وطنهم وتأسيس دولتهم الحرة المستقلة، على كامل ترابهم الوطني، وعودة أهلها إليها من شتاتهم ومخيمات لجوئهم.
لكن عدم الاكتراث بالقرار لا يكفي، والاستهزاء به لا ينفع، والاستخفاف به لا يفيد، والادعاء بأنه لا يغير الواقع ولا يبدل الحقائق قد يضر بنا، ويوقعنا في دائرة الغرور التي تسقط صاحبها وتودي به، وإنما الذي يفيد وينفع أن نواجه القرار الإسرائيلي غير الشرعي، بقراراتٍ وطنيةٍ فلسطينيةٍ، تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني كله، وتحفظ حقوقه، وتصون أمانته، ولا تفرط في حقوق أجياله ولا في إرث أجداده، وتؤسس لمستقبل الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، فهو يستحق بما قدم، ويستأهل بما ضحى أن يستعيد وطنه، ويسترجع حقوقه، ويعوض شعبه عما أصابه ولحق به.
لعل المطلوب اليوم أكثر من أي يومٍ مضى، من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي تدعي أنها الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني، وأنها تمثل الفلسطينيين جميعاً بكل فئاتهم وانتماءاتهم وطوائفهم، أن ترد على قرار الكنيست الإسرائيلي، الذي هو أعلى هيئة تشريعية في الكيان، بقرارٍ من أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني، من لجنتها التنفيذية ورئيسها، ومن مجلسها الوطني والمركزي، تسحب فيه اعترافها بالكيان الصهيوني، وتلغي اتفاقية أوسلو التي أسست لهذا القرار وسهلت إصداره، وتعيد تصنيف الكيان الصهيوني بأنه كيانٌ عنصري احتلالي استئصالي استيطاني، وأنه عدوٌ للشعب الفلسطيني، يقتلهم ويحتل أرضهم، ويصادر حقوقهم ويستولي على ممتلكاتهم، ويهدم بيوتهم ويطردهم من ديارهم، وأن مقاومته بكل أشكال المقاومة والنضال واجبٌ شرعي ووطني، وهو حقٌ تكفله القوانين والشرائع الدولية.
كما ينبغي على قادة الشعب الفلسطيني، قوىً وحركات ومنظمات وجبهاتٍ وفعالياتٍ وسلطة، أن تتقي الله سبحانه وتعالى في شعبها، وأن تكون صادقة معه ومخلصةً له، وألا تغدر به أو تخونه، أو تفرط في حقوقه وتتخلى عن أي جزءٍ من وطنه، وأن تتداعى إلى لقاءٍ وطنيٍ جامعٍ ومسؤول، على قاعدة الثوابت الوطنية، والبرامج المشتركة، والميثاق الأول، وأن تغلق على نفسها الأبواب، وتمنع أي طرفٍ من الخروج قبل الاتفاق، وأن تحول دون الخروج عن الإجماع الوطني، أو شق الصف الوطني برأيٍ يضر بالشعب الفلسطيني ويخالف ثوابته، وأن تتفق كلمتها وتتحد إرادتها في إطارٍ وطنيٍ واحدٍ، هو منظمة التحرير الأولى التي تضم الجميع، وتعبر عن الكل، وتنطق باسم الشعب وتمثله، ولكن بعد استعادة ميثاقها، وصيانة مؤسساتها، والتحاق الكل الوطني بها.
قرار الكنيست الإسرائيلي برفض الدولة الفلسطينية، هو إعلان نعيٍ واضحٍ وصريحٍ بموت مشروع حل الدولتين، وإن كان هذا النعي معروفاً سابقاً، لكن كنيست العدو يجدده اليوم ويلقي به في وجه المراهنين عليه والمتأملين فيه، الأمر الذي يفرض على كل المراهنين على حل الدولتين مواجهة الحقيقة، والاعتراف بالواقع، والكف عن خداع الشعب الفلسطيني وزرع الوهم في وعيه، والعودة إلى خيارات الشعب الفلسطيني الأصيلة، وإلا فإنهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الأوبة والتوبة والعودة إلى الشعب وثوابته التي قاتل في سبيلها، وضحى من أجلها، وهذا شرفٌ لهم يرفع قدرهم ويخلد ذكرهم، ويحققون به ما عجزوا عن تحقيقه سنين طويلة، وقد أثبت شعبهم أنه أصدق وأصبر، وأوعى وأفهم، وأدرى وأذرب.
أو التنحي والاستقالة، والنأي بالنفس عن كل منصبٍ ومركزٍ يخص الشعب، وتؤثر قراراته عليه وعلى مستقبله وأجياله في أرضه ووطنه، وليتركوا لهذا الشعب الذي اعتلوا ظهره عقوداً، وتحدثوا باسمه طويلاً، وشهدوا على مذابحه كثيراً، وأنتجوا الفشل تلو الفشل مراراً، واستمروا في مناصبهم بدعوى أنهم الأفضل والأقدر، وأنهم القيادة الملهمة الحكيمة الرشيدة.
ليتركوه يقرر مصيره بنفسه، ويختار قيادته بإرادته الحرة، ويغير الوجوه التي فقدت رصيدها وخسرت احترامها، ويستبدلها بآخرين صدقوا وضحوا، وأعطوا وأخلصوا، وليكفوا عن تضييع وقته، والاستخفاف بحقوقه والمقامرة بممتلكاته، ولينهوا مهزلة الحوارات واللقاءات التافهة التي أصبحت بلا معنى ولا قيمة، اللهم إلا السياحة والتجوال، والمكافئات والمشتريات، والتنقل بين العواصم والبلدان، بلا نتائج مرجوة، ولا قراراتٍ مسؤولة، أو خواتيم إيجابية مأمولة.
بيروت في 22/7/2024
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى الكنيست الکنیست الإسرائیلی الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
المؤتمر الوطني الفلسطيني يدعو لإصلاح منظمة التحرير وتشكيل قيادة وطنية لوقف إبادة غزة
دعا المؤتمر الوطني الفلسطيني إلى عقد المجلس الوطني الفلسطيني بشكل عاجل، ليضطلع بدوره ويتحمّل مسؤولياته في مواجهة التحديات الراهنة. كما يدعو إلى تشكيل قيادة وطنية موحّدة، تضم جميع المكونات السياسية الحقيقية والقوى الاجتماعية لشعبنا، وذلك في ظل حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وانتهاكات الاحتلال المستمرة في الضفة الغربية المحتلة.
كما دعا المؤتمر إلى ضرورة الشروع الفوري في إعادة بناء منظمة التحرير، بما في ذلك الإعداد لإجراء انتخابات ديمقراطية لأعضاء المجلس الوطني في الداخل والخارج، حمايةً لمكانة منظمة التحرير، وتعزيزًا لدورها.
وفي بيان له، وصل "عربي21" نسخة منها، دعا المؤتمر إلى عقد اجتماع واسع في مدينة رام الله، تشارك فيه الحراكات الشعبية، والشخصيات السياسية والنقابية، وهيئات المجتمع المدني، والفاعلون السياسيون، وممثلو الفصائل الوطنية الفلسطينية، تعبيرًا عن رفض الإملاءات الخارجية، ورفض أي تغيير في بنية النظام السياسي الفلسطيني، قد تترتب عليه نتائج لا تُحمد عقباها.
واستنكر المؤتمر مواصلة "حرب الإبادة التي يشنّها ضد شعبنا الفلسطيني، بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية، وفي ظل غياب أي موقف رسمي فاعل، دولي أو عربي، على الرغم من تعاظم العقوبات الجماعية، وجرائم التجويع، والتهجير القسري، والتطهير العرقي، في قطاع غزة".
وأكد البيان أن "الحكومة الإسرائيلية الفاشية من خلال هذا النهج، إلى فرض تطهير عرقي شامل، وإنهاء الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، وتكريس سياسة الضم والتهويد، من خلال تكثيف الاستيطان الاستعماري، في الضفة الغربية والقدس، وحرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وصولًا إلى تصفية قضيته الوطنية".
واستغرب البيان عدم دعوة منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هيئاتها - وفي مقدمها المجلس الوطني الفلسطيني - إلى الانعقاد، ولم تتخذ خطوات جدية لإعادة بناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية، بما يواكب حجم التحديات والمخاطر المحدقة بقضيتنا.
ولفت إلى أنه "عُطّلت قرارات لقاءات الوحدة الوطنية التي عُقدت في موسكو وبكين، ليُعلَن بدلًا من ذلك عن دعوة المجلس المركزي للانعقاد. هذه الدعوة التي جاءت استجابةً لضغوط خارجية، تهدف إلى إجراء تعديل على النظام الداخلي لمنظمة التحرير، باستحداث منصب نائب رئيس للجنة التنفيذية للمنظمة، وهو تعديل تُثار حوله تساؤلات كبيرة بشأن شرعيته، إذ كُلّف المجلس المركزي الفلسطيني بأداء مهمات المجلس الوطني كاملة، استنادًا إلى قرار مخالف للنظام الأساسي للمنظمة، الذي تنص المادة 29 منه على أن صلاحيات إجراء أي تعديل على النظام تنحصر في المجلس الوطني الفلسطيني، بثلثي أعضائه".
وتابع البيان أنه من اللافت أن المجلس المركزي يرفع، في هذه الدورة، شعارات "لا للتهجير"، "لا للضم"، "نعم للثبات في الوطن"، "إنقاذ أهلنا في غزة"، "وقف الحرب"، "حماية القدس والضفة الغربية"، "نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية الجامعة، وتجسيد دولة فلسطين على الأرض"، غير أن هذه الشعارات ليست سوى ذرٍ للرماد في العيون، بحسب تعبيره.
وتابع: "إن المؤتمر الوطني الفلسطيني، إذ يحذّر من إجراء تغييرات وإضافات في عضوية المجلس المركزي، دون مصادقة المجلس الوطني، يرفض انعقاد دورة المجلس المركزي بإملاءات خارجية، تقفل مرحلة صُممت لنزع الشرعية عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وتفتح مرحلة لتطويع نظامه السياسي وقبول التعايش الدائم مع نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، تحت غطاء الاتفاق المرحلي والمؤقت، ويأتي ذلك كله في سياق كسب الوقت لصالح ترسيخ الواقع الاستيطاني، وفرض وقائع ديمغرافية على الأرض، تجعل حلم الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاستعمار، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على ترابه الوطني، حلمًا مستحيلًا".
وأكد أن "التهرّب من الاستجابة للنداءات الوطنية والشعبية الداخلية بتشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية ووطنية جامعة، لن يُساهم في حلّ الأزمة الوجودية العميقة التي يواجهها الشعب الفلسطيني ونظامه السياسي وقضيته الوطنية، بل سيُعمّقها، ويُفاقم من حالة الضعف والوهن، ويُقوّض الدور الوطني التحرري والوحدوي لمنظمة التحرير، ويزيد من تهميشها وتآكل دورها التمثيلي بالنسبة إلى الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها".
ورفض المؤتمر بحسب البيان "محاولات دفع النظام السياسي الفلسطيني لفتح الطريق أمام فصلٍ جديد من فصول تبديد الكيانية الفلسطينية، وتصفية القضية الوطنية، ويشدد على أنها مرحلة خطرة من مراحل تقويض النظام السياسي، وتفتيت وحدة الشعب والوطن، تحت غطاء ترتيبات مؤقتة".
وفي شباط/ فبراير الماضي، انعقدت أعمال المؤتمر الوطني الفلسطيني، بمشاركة نحو 400 شخصية من الضفة الغربية وقطاع غزة والجاليات الفلسطينية في الدول العربية والغربية.
وناقش المؤتمر تقارير متعددة عبر لجان متخصصة تشمل اللجنة السياسية، ولجنة خطة المئة يوم، ولجنة إعادة بناء منظمة التحرير، ولجنة دعم الصمود، ولجنة اللاجئين وحق العودة، واللجنة القانونية والتنظيمية.
واستمع المؤتمر الوطني الفلسطيني، في جلسات نقاشية مفتوحة، إلى آراء أعضائه حول الأوضاع الفلسطينية الراهنة وتطورات القضية وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية.
أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي في كلمته الافتتاحية أن المؤتمر يمثل مبادرة شعبية غير مسبوقة وحراكًا وحدويًا شعبيًا مستمرًا ومنظمًا ومتواصلًا للضغط من أجل تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود النضال الوطني الفلسطيني، وتضمن وحدة القرار السياسي والكفاحي، وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة بنائها وتفعيلها على أسس كفاحية ديمقراطية لاستعادة دورها التحرري وحمايتها من محاولات التهميش والاحتواء والإضعاف.
وأوضح البرغوثي أن المؤتمر ليس حزبًا ولا مؤسسة، ولا يسعى ليكون بديلاً لمنظمة التحرير، ويتقبل الآراء والتوجهات المتنوعة، ويكرس بنيانه لتشكيل قيادة وطنية موحدة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية.
ومنعت السلطة الفلسطينية نحو 33 من أعضاء المؤتمر الوطني الفلسطيني من السفر للمشاركة في فعالياته في الدوحة، وأعادت قوات الأمن بعضهم من أريحا ومنعتهم من المغادرة، كما هددت السلطة بعض المشاركين في المؤتمر بالاعتقال والفصل من العمل وإيقاف الرواتب عند عودتهم.
وأفاد أحمد غنيم، القيادي في حركة فتح وعضو لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني الفلسطيني، أن جهات في السلطة الفلسطينية اتصلت بعشرة من الأعضاء المشاركين في المؤتمر الوطني الفلسطيني وهددتهم بالاعتقال وحجز جوازات سفرهم والفصل من العمل وإيقاف رواتبهم حال عودتهم إلى فلسطين.
وتعرض المؤتمر الوطني الفلسطيني لموجة من التحريض والتخوين من المجلس الوطني الفلسطيني وحركة فتح وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حيث اتهموا المؤتمر بالسعي لاستبدال المنظمة والتنكر لتضحيات الشهداء والأسرى.
ردًا على ذلك، استهجن المؤتمر حملة "التخوين" ضده، وأكدت لجنة المتابعة فيه أن الهدف الأساسي والوطني للمؤتمر وآلاف المجتمعين والمنضوين تحت رايته هو الدفاع عن منظمة التحرير وجوهرها ودورها وشرعية تمثيلها، وإعادة الاعتبار لمكانتها ودورها الكفاحي واستعادة المجلس الوطني الفلسطيني، وإنهاء التهميش الذي طال هذه المؤسسات الوطنية التي بذل الشعب الفلسطيني الغالي والنفيس لتأسيسها والدفاع عن شرعيتها.