#العنف_والدين
مقال الإثنين: 22 /7 /2024
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
شن الغرب على العالم الإسلامي أحدى عشرة حملة صليبية، ثمانية منها منذ القرن الحادي عشر وحتى سقوط عكا في الثالث عشر، لكنها استمرت بعد قيام الدولة العثمانية فشنت عليها ثلاث حملات، وكان توقفها بسبب فشلها، لكن الغرب ظل يتحين الفرصة، التي لاحت في أوائل القرن العشرين حينما قامت الحرب العالمية الأولى فانتهز المنتصرون انهزام المحور الذي كانت الدولة العثمانية أحد أضلاعه، فقاموا بالقضاء عليها نهائيا واحتلوا كافة أراضي الأمة الإسلامية الخاضعة لهم، وقاموا بتقسيمها وتنصيب أنظمة علمانية لمنع عودة وحدة الدولة الإسلامية.
استتب الأمر لهم طوال القرن المنصرم، فقد التزمت كافة الأنظمة العربية بممانعة العودة الى المنهج الإسلامي الذي هو الأمر الجامع الوحيد الذي يمكن أن يعيد فكرة الدولة الموحدة المنيعة، وعندما أحسوا بتنامي الروح الجهادية المنذر بتغيير هذه الأنظمة، قاموا بشن الحملة الصليبية الثانية عشرة وسموها للتضليل: الحرب على الإرهاب.
للتهيئة لهذه الحرب، نظموا حملة فكرية لتشويه الدين لتبرير البطش بالمنادين بتحرير ديار المسلمين من المحتلين الأوروبيين ووكلائهم المحليين، والهدف الأول كان تسمية الجهاد إرهابا، ولصعوبة تصديق المسلم لهذه الفرية، فقد استهدف جوهر الدين بالتشويه بالقول أن الإسلام دين العنف والقتل، مقابل أن النصرانية دين الرحمة والتسامح.
صحيح أن رسالة المسيح عليه السلام كانت دعوة للرحمة والتسامح، لكن ذلك لأنها كانت موجهة الى بني اسرائيل الذين كان أغلبهم يهودا قاسية قلوبهم لا يعرفون للرحمة معنى، بل شوهوا التوراة بإضافة سفر يوشع الذي سردوا فيه قصص أحد عشر مذبحة زعموا أن الله أمرهم بها، والتي هي أساطير الفها بعض أحبارهم المتعطشين للإنتقام، لكن لم يثبت صحتها تاريخيا ولا شواهد أثرية عليها.
لذا فكانت الدعوة إصلاحية محلية، ولم تكن موجهة الى الأقوام الأخرى، لذلك لم يدعُ المسيح عليه السلام أتباعه الى نشر الدعوة، وبالتالي لا مبرر للجهاد للدفاع عنها ضد من سيقفون في وجهها حتما ككل الدعوات والرسالات.
كما أن هذه الدعوة كانت آخر الدعوات الممهدة لنزول الرسالة الخاتمة التي تحمل الدين والتشريعات النهائية للبشر، ولذلك لم يأمر الله المسيح بتدوين الإنجيل وحفظه، فقد كان موعد نزول القرآن اقترب، وسيكون مغنيا عن كل ما سبقه من كتب سماوية.
بالطبع فلأن الرسالة الاسلامية هي الخاتمة، وكل من آمن قبلها أو بعدها مأمورون باتباعها، فيجب أن يكون هؤلاء دعاة لمن لم تصلهم مكانا وزمانا، لذلك ستواجه من قبل المترفين (القوى الرأسمالية والاحتكارية) بالصد والممانعة، ولن تكف الموعظة والحجج العقلية بإقناع المعادين لمنهج الله بأن الدين فيه خير وفلاح، وأصح من العقائد الزائغة، فالمصلحة عندهم أولى من المبادئ، لذلك لا بد من توفير القوة لحماية الدعاة، وهذا هو الجهاد.
إذا هو ليس عنفا بقصد فرض ارادة الغالب على المغلوب، بل هو لتعديل الموازين عندما تكون مائلة لصالح الباطل، مثلما عنف الأب مع ابنه ان انحرف، فهو ليس عنفا أصيلا بل طارئ ومحدد بزوال مبرره.
يقول الدكتور فاضل السامرائي، هنالك سبع سور تبدأ بالتسبيح، فأينما وردت (سبح لله) في بدايات سور الحشر والصف والحديد، فسنجد فيها ذكر للقتال، بينما السور التي افتتحت بـالمضارع (يسبح لله) مثل التغابن والجمعه، أو بالأمر (سبح اسم ربك) في سورة الأعلى، أو بالمصدر (سبحان) في سورة الاسراء، ليس فيها ذكر للقتال، وذلك – والله أعلم – ليفيد أن الماضي هو حدث انقضى وانتهى، بينما الحاضر أو المستقبل فهو المستمر والمتواصل.
نستفيد من ذلك أن التقاتل عند البشر يجب أن تكون حالة استثنائية غير دائمة، ولا تستدعى الا عند الضرورة، والأصل والدوام هو حالة السلم والتعاون والتعارف، والذي هو مبرر خلق الإنسان بتباينات في العرق واللون والامكانيات: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا” [الحجرات:13]، ولذلك كان التوجيه الإلهي في العلاقات الاجتماعية وبين الدول: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” [المائدة:2].
وبذلك فالدين لا يدعو الى العنف مطلقا بل الى التعاون المفضي الى تحقيق النفع المشترك والمصالح العامة، ونهى عن تشكيل الأحلاف العسكرية القائمة على تجميع القوة الغالبة لقهر الآخر.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
الكشف عن الدوافع الحقيقية لمنفذ عملية الدهس في أمريكا.. معلومات جديدة
مكان عملية الدهس في نيو أورلاينز (وكالات)
كشفت التحقيقات الأولية في هجوم نيو أورليانز المروع عن شخصية معقدة لمنفذ الهجوم، شمس الدين جبار. يقدم لنا هذا الملف الشخصي المتشابك صورة لرجل يحمل سجلاً عسكرياً حافلاً، لكنه كان يكافح مع تحديات شخصية ومالية كبيرة في السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضاً الإمارات ترد على السعودية بعرض عسكري في شبوة.. تفاصيل توتر جديد وخطير 1 يناير، 2025 شاهد: أول ظهور لـ "نتنياهو" بعد عملية استئصال ورم سرطاني (فيديو) 1 يناير، 2025
الحياة المهنية المتناقضة:
العسكرية: خدم جبار في الجيش الأمريكي لمدة 13 عاماً، حيث عمل في مجالات حساسة مثل الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات. خدمته في أفغانستان أكسبته ميدالية الحرب على الإرهاب، مما يشير إلى دوره النشط في العمليات العسكرية.
العقارات: بعد تركه الجيش، انطلق جبار في مجال العقارات، حيث ظهر كشخص طموح ومثابر. إلا أن مغامرته في عالم الأعمال لم تسير كما هو مخطط لها، حيث واجه خسائر مالية كبيرة.
التحديات الشخصية والمالية:
الحياة الشخصية: تزوج جبار مرتين، وانتهى زواجه الثاني بالطلاق. كشف في رسائل إلى محاميه عن صراعات مالية شديدة، حيث عجز عن تغطية نفقات منزله وشركته.
السجل الجنائي: على الرغم من سجله العسكري الحافل، إلا أن جبار كان لديه سجل جنائي بسيط يتضمن تهم سرقة وقيادة بدون رخصة.
التطرف والدوافع:
اعتناق الإسلام: اعتنق جبار الإسلام في سن مبكرة، إلا أن شقيقه أكد أن أفعاله لا تمثل الإسلام الحقيقي.
الدوافع: لا تزال الدوافع وراء تنفيذ الهجوم غير واضحة تماماً. تشير بعض التقارير إلى وجود صلة محتملة بين الهجوم وتنظيمات متطرفة، ولكن لم يتم تأكيد هذه المعلومات بشكل قاطع حتى الآن.
أسئلة مفتوحة:
التطرف: هل كان لجبار أي ارتباطات بتنظيمات متطرفة؟ وما هو الدور الذي لعبه الإيمان الإسلامي في دوافعه؟
الصحة العقلية: هل يعاني جبار من أي اضطرابات نفسية قد تكون ساهمت في تنفيذ الهجوم؟
الظروف الاجتماعية: هل كانت هناك عوامل اجتماعية أو اقتصادية أخرى ساهمت في تحول جبار إلى العنف؟
تحليل أعمق:
تثير قصة شمس الدين جبار العديد من الأسئلة حول العلاقة بين العنف والتطرف، والصعوبات التي يواجهها المحاربون القدامى عند عودتهم إلى الحياة المدنية. كما تسلط الضوء على أهمية فهم الدوافع المعقدة وراء أعمال العنف، وتطوير استراتيجيات فعالة لمنع مثل هذه الهجمات في المستقبل.