محمد بن سعيد المعشني
تعتبر المسابقات الأدبية من أهم الفعاليات التي تخدم المجتمع بشكل عام والمهتمين بالأدب بشكل خاص. فخدمتها للمجتمع؛ تكمن في تعزيز الجانب الثقافي وشغل الوقت الفارغ الذي تتخلله الكثير من السلبيات الدخيلة.
أما المهتمون بالجانب الأدبي فتعتبر فرصتهم لإبراز قدراتهم الأدبية سواء شعرا أو نثرا أو غيرها من أغراض الأدب.
استبشرنا خيرًا بمجرد الإعلان عن مسابقة شاعر الهبوت التي أقامها مركز ظفار للثقافة والإبداع، خبر جميل تزامن مع حاجة المجتمع لمثل هذه المسابقات التي تخدم الموروث.. بدأت المسابقة وتوالت الجولات بين متأهل وخاسر، إلى أن وصلت معمعة تصويت الجمهور!
لم أكن أودُّ الكتابة في هذا الموضوع غير أن ما صاحب المسابقة من تداعيات؛ دفعني لأدلي برأيي مع من أدلى برأيه وأسأل الله التوفيق في ذلك.
أولاً: أرى أن إشراك الجمهور في مثل هذه المسابقات قرار خاطئ!! لأن الجمهور كان سببًا في كل ما صاحب المسابقة ورأيناه على منصات التواصل الاجتماعي من تأييد وتشجيع ومسيرات ومعارضات وتشكيك؛ فكلما وُضِعت كرة التنافس في ملعب القبيلة، ستصل إلى مستويات عليا من هدر أموال طائلة في غير موضعها المستحق، دون العمل على الهدف الرئيس من المسابقة، وهو المساهمة في الحفاظ على الموروث الثقافي. وحينما تحول المسار إلى إشراك الجمهور؛ صار الهدف هو تفوق المنافس الذي ترغب فيه القبيلة سواء كان يمتلك القدرات والاستحقاق أم لا.
ثانيا: إن أكثر ما يميز مجتمعنا الظفاري هو روح التماسك والروابط الاجتماعية المتينة التي توارثها الأبناء عن الأجداد، وأصبح من العيب على القبيلة أن تتخلى عنها. ولا نزال إلى يومنا هذا نجني ثمارها لا سيما في التكافل الاجتماعي منقطع النظير. ومن الإجحاف تغييب هذا الإرث ونسفه بكل سهولة مع أي حدث بسيط ونعته بما لا يليق.
وأؤكد للجميع أنه لو حدث أثناء ذلك الهيجان والصخب المصاحب للمسابقة المذكورة أمر طارئ خارج عن محور الحدث؛ فستصطف جميع القبائل مع بعضها يدًا بيد، لأن التنافس الحاصل ليس نتاجَ شقاق وتفرقة، بل من أجل الفوز فقط وينتهي بانتهاء المسابقة. فلا وجود لفتنة ولا تعصب ولا حقد، فهذا مجتمع لم تفرقه الأحداث الجسام، فأنّى للمفردات الطائشة أن تفرقه!
وأجزم بأنَّ هذا التكاتف لا يخلو منه أي مجتمع قبلي سواء في السلطنة أو خارجها، وأن التكتلات المصاحبة لأي انتخاب أو تصويت هي لدى أي قبيلة، فقط هناك من يديرها وينجزها بوعي وهدوء وهناك من يدفعه الحماس خارج إطار الوعي والتفكير بالعواقب ويظهر بصورة همجية تلفت أنظار اللوم والانتقاد، كمن أراد أن يكحلها وعماها.
المسألة برأيي تحتاج لوعي أكبر، بمعنى تقليص نسبة الدور الجماهيري خاصة في الأمور الثقافية والأدبية. ولو وقفنا على الحياد ونظرنا إليها نظرة جدية وصادقة، لرأينا أنه لا قبيلة إلا قبيلة الوطن ولا فريق كروي إلا الفريق الذي بمقدرته رفع علم الوطن، ولا أديب إلا صاحب الكلمة والموهبة الحقيقية الذي يستحق الإشادة والتتويج. هذا هو الحس الوطني الذي من الضروري جدًّا بثه ودعمه في أوساط المجتمع وغرسه في نفوس النشء.
ثالثا: لا أرى الجانب الرياضي الذي يُفترض أن يُقابل بروح رياضية يخلو من مثل هذا الفكر والتعصب، فقد رأينا أيضا في هذا الجانب الكثير من المسابقات الرياضية واجهت تحديات قوية بين نادي ظفار ونادي النصر، وهذا يعني أن الرياضة أيضا في مجتمعنا تتأثر بمثل هذه الأفكار، إلا أن نقطة الاختلاف هي عدم إشراك الجمهور في حسم الفوز والخسارة، إنما هو دور اللاعبين وحدهم، والغريب أن لا نسمع أحد يدندن على وتر الفتنة والقبلية أو المناطقية، والسبب الرئيس أن الجمهور ليس بيده حسم النتيجة، إضافة إلى أن الجميع يعلم يقينا بأنها منافسة كروية تنتهي بانتهاء صافرة الحكم؛ فالروح الرياضية سائدة رغم وجود التعصب والحماس ورغم رغبة جمهور كل فريق بفوز النادي الذي يشجعه.
رابعاً: غالباً ما ننتقد تدني مستوى الأحوال المعيشية وتأثير فرض الضرائب وارتفاع أسعار البترول على المستوى المعيشي للفرد والمجتمع، ونعلم يقين المعرفة وجود فئة كبيرة من الأسر المتعففة واليتامى والباحثين عن عمل بيننا، والذين هم أحق بهذه الوقفة والفزعة والنظر إلى أحوالهم.
ومع ذلك، نتناسى فجأة ما نحن فيه من أحوال معيشية بحاجة للنظر إليها، ونتجاهل الفئات الذين هم بحاجة للوقوف بجانبهم، ونهدر الكثير من المال لشركات الاتصالات التي طالما شكونا من سوء الخدمات التي تقدمها، والتي كنا نطالبها بمواكبة التطور في تقديم الخدمات، رمينا بكل ذلك عرض الحائط كي يفوز ناخب أو شاعر!! فقط نحن نريده هو دون غيره بغض النظر عن العودة لمنطق أو لإستحقاق أو نفكر مجرد التفكير بمخافة هدم موهبة مستحقه أو تأخير تقدمها.
أتساءل: لماذا لا يُستغل الحماس القبلي في تعزيز حسابات الفرق الأهلية التي لها تأثيرها في خدمة المصلحة العامة والثواب بإذن الله في الآخرة، برأيي مثل هذا الحماس يجب أن يُستغل بشكل يعود على المجتمع والأفراد بالفائدة وتُقلّص مساحته في الأحوال التي تهدم دون أن تبني.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نيابة عن خادم الحرمين .. أمير الرياض يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ونيابةً عنه -حفظه الله-، حضر صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، مساء الاثنين، حفل تكريم الفائزين في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره “للبنين” في دورتها السادسة والعشرين، التي تشرف على تنفيذها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وذلك في فندق الريتز كارلتون بالرياض.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الحفل، معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، المشرف العام على المسابقة الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، ومعالي وزير التعليم الأستاذ يوسف بن عبدالله البنيان.
وأعرب سموه في كلمته عن مشاعر الفخر والاعتزاز بهذه الجائزة التي تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، لحفظ القرآن الكريم وتفسيره وتلاوته.
وقال: “هذه الجائزة عظيمة في مضمونها ومنهجها وفي عملها، -ولله الحمد- للمملكة دور كبير في دعم أبنائها من حفظة القرآن الكريم وتأسيسهم على المنهج الصحيح والسليم”.
وهنأ سموه الفائزين من المتسابقين، متمنيًا لهم التوفيق والنجاح في خدمة كتاب الله وخدمة الوطن وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
وبدأ الحفل، بتلاوة آيات من القرآن الكريم، بعد ذلك ألقى وزير الشؤون الإسلامية كلمة، أكد فيها أن هذه المسابقة العريقة تحظى برعاية كريمة ودعم متواصل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- منذ أن تأسست في عام 1419هـ لتكون منارةً تعكس اهتمام المملكة بكتاب الله -عز وجل- وأهله، ومواصلة لنهجها الراسخ في تعزيز العناية بالقرآن الكريم ونشر علومه وترسيخ قيمه ومبادئه التي تدعو لنشر الخير وإذكاء روح التنافس بين أبناء وبنات الوطن في حفظه وإتقانه.
وأشار معاليه إلى أن رعاية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للمسابقة تأكيدًا على الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، مستمدةً نهجها من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-, مؤكدًا أن استمرار هذه المسابقة منذ (26) عامًا، بدعم سخي من راعيها -أيده الله- الذي وجه بإكرام أهل القرآن حتى بلغ مجموع جوائز المسابقة سبعة ملايين ريال، لهو شاهدٌ على العناية العظيمة التي يوليها لحفظة كتاب الله، وتحفيز الأجيال الناشئة على الإقبال عليه.
كما رفع معاليه الشكر إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- لدعمه ومتابعته المسابقة القرآنية وغيرها من المسابقات التي تنفذها الوزارة محليًا ودوليًا، حققت منجزات دولية ومحلية في إدارة ودعم ورعاية المسابقات القرآنية حول العالم وحظيت هذه الجهود بإشادة واسعة لدور وإسهامات المملكة الريادية في مجالات خدمة القرآن الكريم ونشر منهج الوسطية والاعتدال المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
عقب ذلك استمع سمو أمير الرياض والحضور لقراءات متعددة من المتسابقين، وشاهدوا عرضًا مرئيًّا عن الجائزة تتضمن معلومات وإحصائيات عن الدورة الحالية.
وفي ختام الحفل، كرّم سمو الأمير فيصل بن بندر، أعضاء لجنة التحكيم والفائزين في فروع المسابقة الستة بجوائز نقدية تتجاوز سبعة ملايين ريال مع درع التميز، كما تسلّم سموه هدية تذكارية بهذه المناسبة، والتقطت الصور التذكارية مع الفائزين في فروع المسابقة.