"المحور" يترقب زيارة نتنياهو لأمريكا
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
ربيع الدندشلي
منذ بداية حرب الاستنزاف بين حزب الله وإسرائيل على الحدود، تتصاعد التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب لتشمل مناطق واسعة في لبنان. ورغم الإدراك العام بأن إسرائيل ليست في وارد فتح حرب ثانية في ظل القتال المستمر في غزة مع حماس، فإن المؤشرات العسكرية الحالية تفتح الباب أمام احتمال توتر متزايد.
وخلال الأشهر التسعة الماضية، كان الفيتو الأمريكي المعارض لتفجير المنطقة بمثابة السد المنيع أمام الرغبة الإسرائيلية في ذلك. وقد تكثفت الجهود الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية والعربية لتكريس تنفيذ القرار 1701، الذي ضمن الأمن في تلك المنطقة لثمانية عشر عاماً. هذه الجهود تعتبرها الأطراف الغربية أضمن لمصالحها من عملية عسكرية إسرائيلية قد تطيح بالبنية التحتية ومرتكزات الدولة في لبنان، ما قد يؤدي إلى سقوط البلد كلياً بيد حزب الله وحلفائه وخلق وقائع جديدة أكثر غموضاً.
ورغم ذلك، يرفض المسؤولون في حكومة نتنياهو استمرار عمليات حزب الله في شمال إسرائيل، ويتمثل الهاجس الأساسي اليوم في إعادة النازحين إلى المستوطنات قبل بدء العام الدراسي الجديد في سبتمبر، واستعادة الحياة الاقتصادية والسياحية والصناعية. لذلك، من المتوقع أن يسعى نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة إلى إقناع الإدارة الأمريكية ومجموعات الضغط في الحزبين الجمهوري والديمقراطي بضرورة توجيه ضربات عسكرية أوسع داخل لبنان، لإحداث ضغط إضافي على الدولة والحزب، ومن خلفهم المجتمع اللبناني عموماً، بهدف إخضاع الحزب للقبول بوقف القتال وإغلاق الجبهة، وهو ما يبدو أن الحزب ليس في وارده قبل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وبالمقابل، يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تزال متمسكة بالخيار الدبلوماسي، بانتظار وقف جبهة غزة. ومع ذلك، يعتزم نتنياهو استغلال التخبط الحاصل في إدارة بايدن وحزبه بعد حالة الارتباك التي ظهرت في المناظرة الأخيرة مع ترامب، والتي اتهم فيها ترامب بايدن بالانحياز للفلسطينيين والتهرب من دعم إسرائيل.
وفي تشابكات هذه اللحظة ضرب الحوثيون تل أبيب بطائرة مسيرة. ورغم الرد الإسرائيلي العنيف، تشير المعطيات إلى أن الجانب الإيراني أراد تثبيت معادلة ردعية جديدة عبر التوضيح عمليا بأن المحور قادر على التصعيد بأسلحة جديدة في حال واصلت إسرائيل تصعيدها، وسعت إلى فتح جبهة جديدة ضد حزب الله في لبنان.
حالة التأهب القصوى التي رُفِعت لدى إيران وحلفائها في المنطقة أدت لإعادة تقييم لكل مفاعيل الحرب وانعكاساتها على الأرض. في هذا السياق، تم تسريب خبر زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قآني لجبهات القتال في لبنان والعراق واليمن وسوريا، ولقائه بقيادات الفصائل المقاتلة في جبهات الإسناد، بهدف التحضير للسيناريوهات الأكثر تصعيدا.
إلى جانب الاجتماعات بين فصائل محور المقاومة، فإن التنسيق بين حزب الله وحركة حماس والجماعة الإسلامية في لبنان جرى توسيعه، ليشمل جوانب عدة عسكرية وسياسية وإغاثية، مع تثبيت قاعدة استمرار المواجهات في لبنان والمنطقة طالما أن الحرب على غزة مستمرة.
الأساس في هذه الجدية في الدخول بحرب أو تصعيد شامل، مرهون بما سيعود به نتنياهو من زيارته للولايات المتحدة، حيث سيلقي خطاباً في الكونجرس ويلتقي كبار المسؤولين في الإدارة والحزبين الديمقراطي والجمهوري. وقد تستغل إسرائيل هذه اللحظة للقيام بعمل عسكري في لبنان، والخوف من أن يتطور إلى اجتياحٍ بري، خصوصا في ظل قناعة إسرائيلية بأن أي ضربة من الجو لن تثبت معادلة تحميه من الصواريخ بمختلف أنواعها.
ومن هنا؛ تتوقع جهات متعددة في المنطقة أن الخطة الإسرائيلية قد تكون عملية جوية مركزة على أهداف معينة تشمل البنى التحتية والحيوية اللبنانية، بهدف خلق توازنات جديدة تفتح الباب لمفاوضات حول وقف النار وترتيبات الأمن في المنطقة. وقد تنجح إسرائيل في إقناع إدارة بايدن المتخبطة بفكرة الضربة استناداً إلى هذه الذريعة وسياقاتها، وقد لا تنجح. وفي حالة النجاح أو عدمه، يدرك الواقعيون في إسرائيل أن خيار الحرب على لبنان ليس مضمون النتائج إطلاقا، وهنا مفصل جديد سيأخذ المنطقة كلها نحو مشهد أكثر عنفا وعسكرةً، إذا اختار نتنياهو مغامرة كهذه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أثناء زيارة هوكستين.. هذا "مصدر قلق لبنان" بشأن الاتفاق
كشفت مصادر لبنانية لـ"سكاي نيوز عربية"، أن لبنان "قلق من الموقف الإسرائيلي" بخصوص مساعي وقف القتال مع حزب الله، التي تقودها الولايات المتحدة.
وتأتي المخاوف أثناء زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت، الثلاثاء، إذ قال إن ثمة "فرصة حقيقية" لإنهاء الصراع بين إسرائيل وحزب الله، مشيرا الى أن قرار التوصل الى وقف لإطلاق النار أصبح "في متناول أيدينا".
ولا يزال هوكستين في بيروت، وقد يبقى إلى الأربعاء قبل التوجه إلى إسرائيل.
والإثنين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية ضد حزب الله "حتى في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان".
وأفادت مصادر "سكاي نيوز عربية" أنه عقد اجتماعين تقنيين في لبنان بعد لقاءاته الرسمية، مؤكدة أن "هناك جدية واضحة للتوصل إلى اتفاق".
وفور إعلان هوكستين أن محادثاته مع رئيس البرلمان نبيه بري المكلف من الحزب التفاوض باسمه، كانت "بناءة"، أعلن حزب الله في بيان عن كلمة مرتقبة لأمينه العام الجديد نعيم قاسم الثلاثاء، لكن سرعان ما أن أكد تأجيلها.
وتأتي زيارة هوكستين إلى بيروت بعدما باشرت إسرائيل في 23 سبتمبر تكثيف ضرباتها في لبنان من خلال حملة جوية واسعة تستهدف خصوصا معاقل حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي جنوب البلاد وشرقها، وإعلانها منذ نهاية الشهر ذاته بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان.
وعقب اجتماع استمر قرابة ساعتين مع بري، قال هوكستين للصحفيين: "إنها لحظة اتخاذ القرار. أنا هنا في بيروت لتسهيل اتخاذ القرار لكن في نهاية المطاف، فإن القرار بالتوصل إلى حل للنزاع يعود إلى الأطراف" المعنية.
وأضاف: "لقد أصبح الأمر الآن في متناول أيدينا".
ج ووصف هوكستين محادثاته مع بري بأنها "بناءة للغاية"، موضحا "واصلنا تقليص الفجوات من خلال المناقشات على مدى الأسابيع القليلة الماضية".
وإثر لقائه بري، زار هوكستين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أكد وفق مكتبه الإعلامي أن، "الأولوية لدى الحكومة هي وقف إطلاق النار والعدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة".
كما أفادت مراسلة "سكاي نيوز عربية" أن قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون استقبل هوكستين في مكتبه، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان، وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد.
وأتى ذلك غداة تأكيد مصدر رسمي مطلع على الاتصالات لـ"فرانس برس"، الإثنين، أن لبنان يتعامل "بإيجابية كبيرة" إزاء مقترح أميركي لوقف إطلاق النار يتألف من 13 نقطة، ويعمل على صياغة "ملاحظات نهائية" قبل نقل الرد إلى الجانب الأميركي.
وقال المصدر الرسمي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، الإثنين: "يمكن القول إننا قطعنا شوطا كبيرا"، مضيفا أن "التوجه ايجابي ولبنان يتعاطى بإيجابية كبيرة مع المقترح" الذي يضع "ملاحظاته النهائية" عليه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الإثنين، إن الولايات المتحدة عرضت "مقترحات على كل من الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية. لقد رد الطرفان على المقترحات التي قدمناها".
وأوضح في تصريح للصحفيين: "جرى تبادل للأفكار حول آلية التطبيق الكامل للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي نعتبر أنه يصب في مصلحة الجميع"، مؤكدا أن واشنطن "ملتزمة بهذه العملية".
وينص القرار الدولي 1701 على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.
ومنذ بدء تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023، قتل أكثر من 3500 شخص على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية، ونزح نحو 900 ألف شخص داخل البلاد.