سرايا - كشف تقرير أصدرته منظمة “أطباء بلا حدود”، اليوم الاثنين، جانبا من المآسي الإنسانية التي جرّتها الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على المواطنين، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي، مع استمرار القتال بين الطرفين في مناطق عدة.

وفي تقرير يحمل عنوان “حرب على الإنسان – التكلفة الإنسانية للنزاع والعنف في السودان”، قالت “أطباء بلا حدود” إن كلًّا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وأنصارهما يمارسون عنفا مروّعا على الناس في جميع أنحاء البلاد.



ويذكر التقرير أن الحرب في السودان أدت إلى تداعي حماية المدنيين، حيث تواجه المجتمعات المحلية العنف العشوائي والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وسط هجمات مستمرة على العاملين في المجال الصحي والمرافق الطبية.

ونقل التقرير شهادات عاملين في مجال الرعاية الصحية وناجين روَوا فظائع ما عاينوه وهم يهربون من جحيم الحرب وفي طريق نزوحهم إلى مناطق أخرى.

وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” إنها عالجت في مستشفى واحد فقط من المستشفيات التي تدعمها، وهو مستشفى النو في أم درمان بولاية الخرطوم، ما مجموعه 6776 مريضا من الإصابات الناجمة عن العنف بين 15 أغسطس/آب 2023 و30 نيسان 2024، أي بمعدل 26 شخصا في اليوم.

 

إقرأ أيضاً : النيران لا تزال مشتعلة بميناء الحديدة بعد يومين من قصف "إسرائيلي"إقرأ أيضاً : ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 39006 والجرحى إلى 89818إقرأ أيضاً : ‏نجل ترامب يسخر من "زيلينسكي" بعد خروج بايدن من السباق الرئاسي - صورة

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: أطباء بلا حدود

إقرأ أيضاً:

صناعة سلام السودان هو التحالف من أجل الشعب، لا من أجل النخبة

زهير عثمان

عادة بناء تحالف وطني سياسي لوقف الحرب في السودان تتطلب نهجاً جديداً يختلف جذرياً عن النماذج السياسية السابقة التي غالباً ما تميزت بالصفوية والبعد عن تطلعات الشعب. فالحاجة الملحة اليوم هي إلى تحالف يقوم على أسس وطنية حقيقية، يكون فيه الهدف الأساسي هو إنقاذ السودان من شبح الحرب والتمزق الذي بات يهدد وجوده كدولة واحدة موحدة, وفي سياق الحديث عن إعادة بناء تحالف وطني سياسي لوقف الحرب في السودان، من المهم أن نؤكد على نقطة جوهرية وهي أننا، كسودانيين، فقدنا الثقة في الطبقة السياسية التقليدية. لقد كفرنا بالساسة الذين طالما كانوا يسعون وراء السلطة والمناصب دون أن يكون لديهم رؤية حقيقية لمستقبل البلاد أو اهتمام بمصالح الشعب. الأحزاب التقليدية ببرامجها القديمة أثبتت فشلها في تلبية تطلعات السودانيين، بل وزادت من تعميق الأزمات من خلال صراعاتها الداخلية والسعي الدائم للمناصب على حساب المصلحة الوطنية.
لقد انتهى هذا العهد، ولم يعد هناك مجال لمن يسعون للسلطة فقط دون تقديم حلول عملية للأزمات التي تعصف بالبلاد. السودانيون اليوم بحاجة إلى قيادة جديدة، قيادة تنبثق من رحم المعاناة التي أفرزتها الحرب، قيادة تعرف حق المعرفة حجم التحديات التي تواجه السودان وتملك الإرادة السياسية والأخلاقية للتصدي لها. الحرب، على قسوتها، تخلق قادتها. هذه القيادات ليست بالضرورة من النخب التي تعودنا عليها، بل من صفوف الشعب، من أولئك الذين يواجهون المعاناة يومياً ويعلمون جيداً معنى الوحدة والعدالة والتضحية.
نحن نحتاج إلى قادة يفهمون أن السلطة ليست هدفاً في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة. لقد حان الوقت لإنهاء هيمنة النخب السياسية التقليدية والانتقال إلى عهد جديد يقوده أبناء هذا الشعب، ممن يؤمنون بوحدة السودان وحقه في العيش بسلام. فقط من خلال هذا التحول الجذري يمكن للسودان أن يخرج من دوامة الحرب والتقسيم ليخطو نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
أول وأهم خطوة في بناء هذا التحالف الوطني هي تجاوز النماذج التقليدية التي غالباً ما كانت تُبنى على تحالفات نخبوية تخدم مصالح ضيقة ولا تعبر عن التطلعات الحقيقية للمواطنين. النخب السياسية في السودان غالباً ما انشغلت بالحفاظ على مواقعها في السلطة أكثر من انشغالها بتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. هذه التحالفات أظهرت محدودية قدرتها على التأثير في المشهد العام، حيث غابت الجماهير الفاعلة عنها، مما جعلها غير قادرة على مواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد.
. العودة إلى القاعدة الشعبية
يجب أن يكون التحالف الجديد ممثلاً حقيقياً لكل فئات الشعب السوداني، من مختلف الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية. يمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم مؤتمرات شعبية في مختلف أنحاء البلاد، تشارك فيها مختلف القوى السياسية والمدنية، إلى جانب ممثلين عن الشباب والنساء والفئات المهمشة. يجب أن تستند هذه المؤتمرات إلى حوار مفتوح وشفاف حول القضايا الرئيسية التي تهم السودانيين، مع التركيز على إيجاد حلول عملية وفعالة لوقف الحرب وتحقيق الاستقرار.
التركيز على التربية والتعليم
إعادة بناء السودان تبدأ من الإنسان السوداني نفسه. يجب أن يكون للتربية والتعليم دور أساسي في هذا التحالف. تطوير نظام تعليمي شامل يركز على بناء جيل جديد يحمل القيم الأخلاقية الأصيلة مع فهم عميق للعلوم الحديثة والتكنولوجيا، هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل مشرق للسودان. هذه الأجيال يجب أن تكون قادرة على حكم البلاد بفعالية وشفافية، مستندة إلى معايير أخلاقية قوية، ومتسلحة بالمعرفة العلمية.
مقاومة محاولات التفرقة
السودان اليوم يواجه تحديات خطيرة تهدد وحدته. يجب أن يكون التحالف الوطني الجديد قوياً في مقاومة أي محاولات لتقسيم البلاد، سواء كانت تلك المحاولات تأتي من الداخل أو الخارج. ينبغي توحيد الخطاب الوطني، وتعزيز فكرة الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لأي تحرك سياسي. على السودانيين أن يدركوا أن قوتهم تكمن في وحدتهم، وأن أي مشروع لتقسيم البلاد لن يخدم سوى أعداء السودان.
قيادة من القاعدة لا من القمة
التحالف الوطني الذي يحتاجه السودان اليوم يجب أن ينبثق من القاعدة، وليس من قمة هرم السلطة. القيادة يجب أن تكون نتاجاً لإرادة شعبية حقيقية، وليس نتيجة لتوافقات نخبوية. هذه القيادة يجب أن تكون قادرة على الاستماع لمطالب الجماهير والتفاعل معها بشكل مباشر ومستمر. كما يجب أن تتحلى بالشفافية والنزاهة، وأن تكون مسؤولة أمام الشعب عن أي قرارات تتخذها.
استثمار في الموارد البشرية
بدلاً من التركيز فقط على الموارد الطبيعية مثل النفط، يجب أن يكون الإنسان السوداني نفسه هو محور الاهتمام. الاستثمار في تطوير المهارات والكفاءات البشرية هو المفتاح لتحويل السودان إلى دولة حديثة وقوية. يجب دعم المشاريع التي تهدف إلى تنمية المهارات وتوفير فرص عمل للشباب، وتعزيز دور المرأة في المجتمع، وضمان تعليم جيد للجميع.
البعد عن الخطاب التصادمي
يجب أن يتجنب التحالف الوطني الجديد الخطاب التصادمي والاستقطابي الذي يزيد من تعميق الانقسامات. بدلاً من ذلك، يجب أن يسعى إلى بناء جسور من الثقة بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية في السودان. هذا يتطلب تواصلاً مستمراً مع جميع الأطراف، ومحاولة فهم مخاوفهم وهواجسهم، والعمل على تقديم حلول ترضي الجميع.
العمل على أرض الواقع
وأخيراً، يجب أن يتحول هذا التحالف الوطني إلى قوة فاعلة على أرض الواقع. يجب أن يعمل على تقديم حلول ملموسة للأزمات التي يواجهها السودان، مثل تقديم مبادرات لوقف إطلاق النار، وتنظيم حملات لإعادة الإعمار، وتوفير الدعم للمتضررين من الحرب. فقط من خلال العمل الجاد والمستمر يمكن لهذا التحالف أن يكسب ثقة الشعب ويحقق الأهداف المرجوة.
يتطلب بناء تحالف وطني سياسي لوقف الحرب في السودان رؤية واضحة وشجاعة، قائمة على تمكين الشعب السوداني بكل فئاته، واستعادة دوره الفاعل في تقرير مصيره. إذا تم تحقيق ذلك، فإن السودان سيكون قادراً على تجاوز هذه المرحلة الصعبة والانتقال إلى مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • أطباء بلا حدود أطلقت خطوط مساعدة للصحة النفسية مع تزايد النزاع في جنوب لبنان
  • أطباء بلا حدود تبدي قلقها حيال تفشي جدري القرود في أكبر مقاطعات الكونغو الديمقراطية
  • السودان: مقتل «3» أشخاص وإصابة «14» آخرين جراء قصف مدفعي على أمدرمان
  • البدوي: وقعنا أيضاً مذكرات تفاهم في مجال التعدين لاستخلاص المعادن النفيسة عبر شراكات استراتيجية مع مؤسسات صينية
  • صناعة سلام السودان هو التحالف من أجل الشعب، لا من أجل النخبة
  • وزير الصحة يناقش تعزيز التعاون مع منظمة أطباء بلا حدود
  • شاهد بالفيديو.. الجنرال كمال عبد المعروف يتحدث في مقطع نادر قبل 11 عام ويتنبأ فيه بمصير السودان: (الخطر الجاي أكبر.. بتقبلوا لأهلكم إنو يكون شايلين البقجة ومفزوعين في كل مكان؟)
  • مناقشة أوجه التعاون بين وزارة الصحة والبيئة و”أطباء بلا حدود” الفرنسية
  • غزة.. "أونروا" تشيد بنجاح حملة التطعيم وتدعو لوقف الحرب
  • كركوك تبعد دائرة الخطر عن تجهيز الطحين وتوضح سبب التلكؤ