هل تلبس علماء ودعاة بالإرجاف في مواقفهم من الحرب على غزة؟
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
كان لافتا في الأشهر الأخيرة مهاجمة علماء ودعاة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بضراوة، ونعتها أحد أولئك المشايخ بأنها "شر" وأعلن آخر براءته منها لأنها صنيعة (الرافضة) وأقسم أنها لن تنتصر، وفي الأسابيع الأخيرة هاجم دعاة آخرون قادة المقاومة بشراسة وحملوهم مسؤولية ما حدث ويحدث لغزة لسوء تقديرهم لعواقب ومآلات عملية طوفان الأقصى حسب قولهم.
تلك الحملة الشعواء على المقاومة وقيادتها في غزة وخارجها أثارت سخطا عارما وواسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد عدَّ كثيرون منهم التهجم على المقاومة، ومهاجمة قادتها العسكريين وتحميلهم مسؤولية ما يحدث مظهرا من مظاهر “الإرجاف" الذي ورد ذمه في القرآن الكريم في سورة الأحزاب ذما شديدا.
https://youtube.com/shorts/mTpjRCXQajs?si=63NMM7x-eV4T8DZ5
وفي غمرة ذلك الجدل يحضر بقوة سؤال الدوافع، فما الذي يدفع علماء ودعاة إلى مهاجمة المقاومة والتشنيع على قيادتها في غزة؟ وهل ما يقومون به يعد ضربا من ضروب الإرجاف بالفعل؟ وما هي الأفعال والمواقف التي دفعت مخالفوهم لإنزال وصف الإرجاف الذي ورد ذمه في القرآن الكريم عليهم؟
في هذا الإطار عرَّف الباحث في العلوم الشرعية، الدكتور نضال ثلجي الإرجاف بأنه "مصطلح ذكره الله تعالى في كتابه في سورة الأحزاب {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا*مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: 60- 61] عن قوم كانوا يشيعون وقت الجهاد أن عدد المسلمين وعتادهم قليل".
وأضاف في منشور على الفيسبوك، اطلعت "عربي21" عليه "فقد كانوا قريبا من السبعمائة، وأنهم سيهزمون أمام جموع كفار قريش وغطفان واليهود ممن تحزبوا وتجمعوا على قتاله عليه الصلاة والسلام فوصل عددهم نحو العشرة آلاف أحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، فجاؤوهم من فوقهم ومن أسفل منهم كما وصفهم الله تعالى".
وفي منشور آخر ذكر ثلجي أنه تأمل "أبرز شبه علماء الإرجاف اليوم، ممن يطعن في جهاد المجاهدين" فوجد أن أكثر أقوالهم قد قالها رؤوس المرجفين في المدينة من قبل، فقد قالوا: لو لم يقع قتال ما مات هذا العدد الكبير وما قتلوا، { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا}.
وتابع "وقالوا: لا تكافؤ في القوى {إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}، وإذا استمرت الحرب ستكون الهزيمة وسيباد أهل غزة والمجاهدون جميعا {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلىٰ أهليهم أبدا وزين ذٰلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا}، وأنهم يتعاملون مع الروافض وثبت عن بعض قادتهم أنهم يثنون عليهم.. وقد ناقش تلك الشبهات وأجاب عنها.
من جهته قال الأكاديمي المغربي، المتخصص في الفقه وأصوله، الدكتور محمد رفيع "تتوالى الأحداث في هذه الأيام من أيام طوفان الأقصى المبارك لتؤكد القاعدة الثابتة، وهي أن القضية الفلسطينية باتت قضية فاضحة للمرجفين فينا، وكاشفة للخائنين والمتصهينين بيننا في مختلف المجالات".
وأضاف: "ولعل آخر صنف طاله الفضح والكشف (مؤسسة العلماء) الذين اندفع عدد منهم على نحو ساذج للتشكيك في المقاومة الفلسطينية المقاومة، وتخذيل الفلسطينيين في هذه اللحظة الحساسة الاستراتيجية من لحظات الأمة، بدعوى أن العدو الصهيوني أقوى عسكريا وتكنولوجيا واقتصاديا ودعما غربيا، وأن المقاومة رمت نفسها وأهلها للتهلكة حين تحرشت بالعدو الشرس وهاجمته، وتسببت فيما جرى ويجري في غزة من صنوف التقتيل والتدمير".
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول "فلو كان القوم قالوا ما قالوا اجتهادا وصدقا، لكنا أبصرناهم بموقع مقاومة العدوان على الديار بين نصوص الشريعة وأصولها من جهة، وبحقيقة حجم المؤامرة المركبة على فلسطين وأهلها من جهة ثانية، لكنهم رضوا لأنفسهم أن يكونوا لعبة في يد السلطة الاستبدادية المطبعة المتمالئة مع العدو سرا وعلانية". ".
د. محمد رفيع أكاديمي مغربي متخصص في الفقه وأصوله
وأردف "فانطلقوا يتممون مسلسل الإرجاف الذي ابتدأ سياسيا وإعلاميا وتعزز أكاديميا، ليكتمل بالفتاوى والآراء "الشرعية" بتحريف الكلم عن مواضعه، ولي الألسنة بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب، وذلك بحثا عن السند (الشرعي) لصنيع الحكام المطبعين، وتزيين أهوائهم..".
وعن مظاهر الإرجاف الذي يشيعه هؤلاء العلماء في الناس هذه الأيام ذكر رفيع "التأويل المغالط لقضايا شرعية ظاهرها حق، والقصد منها وسياق إيرادها فاسد، كدعوى أولوية السلم في المجتمعات المسلمة، والسلم العالمي، والأخوة الإنسانية، علاقة السلم والتعايش مع اليهود، كما يحرصون بمناسبة وبدون مناسبة على تمجيد الحكام ووصفهم بالرشد والعبقرية والحكمة، وتحريض الناس على الطاعة العمياء للحكام وتجريم كل من خالف سياستهم، مع السكوت الأخرس عن فظائع الحكام وجرائمهم في حق شعوبهم وحق الأمة..".
وفي ذات السياق أكدَّ الدكتور أسامة أبو بكر، عضو رابطة علماء الأردن، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه "لا يجوز لمسلم عامي، فضلا عن طالب علم أو منتسب للعلم أن ينتقد المجاهدين بالهجوم على الصهاينة، فمن فعل ذلك فقد أساء لأهل الجهاد، وتعدى على حقهم في دفع الكفار وسعيهم لحماية الأقصى، وهو بذلك يتكلم بلسان المنافقين والمرجفين الذين كانوا يقولون بأن بيوتهم عورة، وأنه لا طاقة لهم بالكفار".
وتابع: "ولو تذرع أولئك بأن دماء المسلمين أريقت، وأن الحفاظ على أرواح المسلمين مقدم على استنقاذ الأسرى وحماية المقدسات، فإنهم بهذا يعطلون الجهاد بالكلية، فمتى كان المسلمون يوازون أعداءهم في العدد والعدة؟ ومتى قاتل النبي عليه الصلاة والسلام وهو ضامن للظفر على الأعداء ومتيقن من عدم إصابة المسلمين وتقتيلهم"؟
د. أسامة أبو بكر داعية وعضو رابطة علماء الأردن
وردا على سؤال "عربي21" بشأن ما يثيره مهاجمو المقاومة من أنها لم تعد الإعداد الكافي لمواجهة الصهاينة، لفت أبو بكر إلى أن "المجاهدين لو تركوا القتال حتى يكافئوا اليهود الصهاينة أو يقاربوهم في العدد والعدة، لما قاتلوا أبد الدهر" متسائلا "إذ متى سيصلون لعشر معشار قدراتهم في الطائرات الحديثة، وفي الاستخبارات، والدبابات والمدافع والمدرعات والتجهيز والتدريب؟ لكن الله تعالى قال ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
وأردف: "فمن حمل المجاهدين مسؤولية الدماء والقتل، فهو إما جاهل بمنهجية الإسلام والقرآن والسنة، وإما خبيث يسعى لإجهاض عمل المقاومة ومدافعة العدو، كما أن المعركة ما زالت قائمة، ومن قلة المروءة توجيه النقد لمن يقاتل في سبيل الله، ويقدم روحه وماله وأهله فداء للإسلام ومقدساته، ويذكرنا هذا بما قاله المنافقون في معركة الأحزاب التي أراد بها جموع الكفار بمختلف أصنافهم أن يستأصلوا الإسلام وأهله".
واستدل أبو بكر على ذلك بقوله تعالى: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِى يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا}، بل الملاحظ أن المنافقين تكلموا بعد انتهاء الخوف، بينما هؤلاء يتكلمون الآن أثناء المعركة والقتل والإبادة الجماعية للناس، فأي انحدار بلغوه؟!
وخلص في ختام حديثه إلى التأكيد أنه "يجب على المؤمن حماية دينه وشعائر دينه ومقدساته، وواجب عليه كذلك رفض الذل والاحتلال وتطاول الكفار على بلاده وأهله، ويجب على كل مسلم موحد أن ينصر من يقوم بذلك، ومن تأخر عن النصرة فهو آثم مرتكب للكبيرة، وإذا ظاهر الكفار فهو كافر مرتد والعياذ بالله".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير المقاومة غزة الفلسطينية احتلال فلسطين مقاومة غزة مواقف تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أبو بکر
إقرأ أيضاً:
العدوان يكتب .. صغّر عقلك أيها الإنسان . . !
صغّر عقلك أيها الإنسان . . !
#موسى_العدوان
من الأقوال المتداولة في مجتمعنا مقولة ” كبّر عقلك “. وهي نصيحة تُقدم لمن ضاق عقله وتمسك بأمور صغيرة، لكي يتسامى ويتسامح في تلك الأمور مع فاعلها. وخلال وجودي في إحدى المكتبات وقع نظري على كتاب بعنوان يخالف هذا العنوان تماما، وهو ” صغّر عقلك ” لكاتبه معتزّ مشعل. استغربت هذا العنوان فاشتريت الكتاب ورحت أبحر بين صفحاته بشغف، لأعرف قصة هذا العنوان المخالف لما عهدناه. وقد تبين لي بعد قراءته، أن الكاتب يدعو إلى تكبير العقل ولكن بأسلوب معاكس لما عهدناه.
فقد طلب الكاتب أن نعود إلى عقلية أطفالنا الصغار، التي لا تعرف الحقد وتعود إلى فطرة التسامح التي خلقها الله تعالى بداخلنا. وهي فطرة موجودة لدى كل إنسان، وإذا ما استخدمها وركّز عليها قليلا، فإنها ستفتح له أبوابا فكرية عديدة، تجعله يفكر ويحكم على الأمور بطريقة سليمة. ولكي يثبت الكاتب دعوته التي أطلقها، أورد لنا العديد من الأمثلة التي استنبطها من تجربته مع أبنائه الصغار، وتعلّم منها كيف ” يصغّر عقله “، سأختار فيما يلي بعضا منها.
يقول الكاتب : من الطبيعي أن ابني كبقية الأطفال، لديه أقرباء واصدقاء متقاربون في العمر. وفي أحد الأيام كان 6 أطفال من بينهم إبني، يلعبون كعادتهم في القسم المخصص للأطفال. وفجأة قام أحد الأطفال بضرب إبني على رأسة بلعبة كانت بيده. فما كان من ابني إلاّ أن قام بضربة مضادة لصديقه كرد فعل على ما حدث، ودخل الإثنان في معركة. جاء الطفلان إليّ يشكوان بعضهما، فأخذت بمواساتهما بكلمات رقيقة. فما كان منهما إلاّ أن عادا للعب معا وكأن شيئا لم يكن. فكرني هذا الموقف بقوله تعالى : “
ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم “.
وفي حادثة أخرى خرجت وزوجتي من المنزل، نركض باتجاه السيارة وأنا أحمل طفلي الصغير، بعد أن دفعه اخوه الآكبر ( 6 سنوات ) عندما كانا يلعبان سويا، فسقط عن الطاولة على رأسه. كان الفاعل بدوره يبكي بسبب بكاء أخيه وربما لشعوره بالذنب. وعندما وصلنا المستشفى طلب الطبيب الانتظار لمدة ساعتين أو ثلاث، ليتأكد إن كان هناك حاجة لصورة شعاعية أم لا. وأخيرا جاءت الأخبار السعيدة من الطبيب، بأن الصغير لا يحتاج إلى تصوير، وأن حالته الصحية جيدة.
خرجنا من المستشفى والصغير يمشي على قدميه ويضحك، ثم طلب أن أشتري له آيس كريم. طلبت من البائع قطعة آيس كريم واحدة، ولكن الصغير طلب قطعة ثانية بالشوكلاته، قائلا بأنها لأخيه، الذي يحب هذا النوع من الآيس كريم. دخلنا المنزل ونادى الصغير على أخيه بفرح ليخبره بالمفاجأة ( آيس كريم بالشوكلاته ). نسي الطفل الصغير الألم والبكاء والطبيب وساعات الانتظار في المستشفى، وتذكر أخيه وصديقه في تسامح بريء، دون حقد أو طلب لقصاص منه.
وفي هذا السياق نتذكر حالات من التسامح على مستوى الوطن جرت خلال تارخ الأردن الحديث. ففي أواخر الخمسينات من القرن الماضي، كان الملك حسين طيب الله ثراه، قد تعرض لعملية انقلابية عليه وعلى نظام حكمه. ولكنه بعد أن استتبت الأمور، سامح الملك حسين من تآمروا عليه وعلى نظام حكمه، وعفا عنهم، وسمح لهم بالعودة إلى الوطن، ثم قلدهم أرفع المناصب في الدولة، في اكبر عملية تسامح تجري في العالم.
وكذلك فعل رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل عليه ألف رحمة، عندما جاءه قروي يقدم إليه طلبا بالإفراج عن ابنه، المسجون بسبب شتمه وصفي التل. فأخذ الطلب من القروي وكتب عليه بخط يده ” يلعن أبو وصفي التل اللي الناس تنسجن من شانه “، وأرسله مع ذلك القروي إلى سجّانيه، ليتم الإفراج عنه فورا.
وفي تاريخنا الإسلامي وقع خلاف بين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وبنتيجته أخطأ أبا بكر بحق عمر، فانصرف عمر غاضبا. وما هي إلاّ لحظات حتى شعر أبو بكر، بخطئه وندمه على ما فعل مع عمر. فذهب إلى بيت عمر ليعتذر إليه، لكن عمر رفض الاعتذار وأغلق الباب بوجه أبي بكر. فذهب أبو بكر إلى حيث كان الرسول عليه الصلاة السلام جالسا مع بعض اصحابه، ودخل عليه خجلا ثم روى له ما حدث. أخبر الرسول مجالسيه وهو غاضب، بأن عمر قد بالغ في خصومته، وأن أبي بكر قد سبق إلى الخير، وقال لأبي بكر : ” يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا “.
ندم عمر على رده لأبي بكر بتلك الطريقة الغير لائقة، فقصد مجلس النبي وجلس بقربه وعلامات الندم تفصح عما بداخله. كان الرسول غاضبا من تصرف عمر، لأنه رفض الاعتذار من أبي بكر، ولم يكن متسامحا معه فقال له : ” يسألك أخوك أن تستغفر له فلا تفعل ؟ ” وانصرف عنه. فما كان من أبي بكر إلاّ أن لحق بالرسول وقدم له اعترافه بأنه هو البادئ بالخلاف، وهو من اغضب صديقه، وهو الذي يجب أن يُلام فيما حدث. فهل لنا أن نعتبر من ذلك ؟ ونتذكر هنا قوله تعالى : ” إن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ” صدق الله العظيم.
وهنا علينا أن نطرح السؤال التالي : كم شخص قام بمحاربة أخ أو أخت أو صديق أو قريب، بسبب موقف سخيف، ولم يتكلم معه لفترة طويلة ؟ ولكن بعد مرور سنوات عديدة تسأله عن السبب، فتجده قد نسيه وأخفي ندمه وراء كبريائه، الذي لا يعترف بالخطأ، ولا القيام بمبادرة نحو الأفضل.
كم منا من يحتاج ” ليصغّر عقله ” ويعود طفلا لكي يعرف التسامح والصفح، ذلك الشعور الذي خلقه الله تعالى فينا عندما كنا صغارا، فنسيناه عندما صرنا كبارا، وأصبحنا نشعر أن مسامحتنا لشخص أسأنا له، هو ضعف منا . . رغم أن العكس هو الصحيح . . !
في الختام أقول : هل يمكن لعقل الدولة، أن يوجه كبار المسؤولين في الدولة، لكي ” يصغّروا عقولهم” بالمفهوم الحديث، ويعودوا إلى طبيعتهم البريئة عندما كانوا أطفالا، ويجعلون من ” التسامح ” أسلوبا في التعامل مع المواطنين ؟ لا أن يتخذوا من قانون الجرائم الإلكترونية، منصة ينطلقون منها لمعاقبة من تحدث أو كتب كلمة على ( مقاماتهم الرفيعة ) وإيداعهم للسجن، أو ابتزازهم بمبالغ مالية تثقل كواهلهم، وتحرم عائلاتهم من أسباب المعيشة الضرورية؟ هل يمكن لعقل الدولة أن يأمر بوضع آرمه ( Arma ) على مكتب كل مسؤول في الدولة، مكتوب عليها : ” صغّر عقلك “. لعلها تعيده إلى الطبيعة التي غرسها الله تعالى في نفسه، من براءة وتسامح وحسن خُلق. . !
التاريخ : 1 / 11 / 2024