20% من إنتاج المملكة.. تربية النحل وإنتاج العسل مهنة تتوارثها الأجيال بالباحة
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
تُعد تربية النحل وإنتاج العسل من أقدم المهن التي مورست وتوارثتها الأجيال في منطقة الباحة ، نظير ما تتمتع بها من تنوع في الغطاء النباتي ما بين السراة وتهامة والبادية الأمر الذي أسهم في تنوع مناخها وانتشار نشاط تربية النحل وتمكين الكثير من ملاك النحل من إنتاج العسل.
وتوارث عدد من الشباب بالمنطقة ممارسة هذه المهنة، التي تشهد تطوراً ونمواً سريعاً، مما دفعهم للتنقل من منطقة إلى أخرى، بحثاً عن الأشجار والأزهار المناسبة لإنتاج العسل، وزادتهم الخبرة، شغفاً لتطوير مهاراتهم في هذا الصدد، والانتقال من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف، باتخاذها مهنة رسمية، والاستثمار كأرواد أعمال في هذا المجال، وهو ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى تشجيع الشباب على خوض تجارب جادة للعمل في مجال الاستثمار والاقتصاد.
وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية بالباحة محمد بن صالح الشدوي لـ " هيئة وكالة الأنباء السعودية " أن الباحة تنتج ما يقارب من 20% من الإنتاج الكلي في المملكة أي نحو 1000 طن، وتتنوع أنواع العسل حسب الغطاء النباتي حيث تٌنتج الباحة ما يقارب من 15 نوعاً من العسل ذي الجودة العالية، والحاصل على جوائز متقدمة في المسابقات الدولية المتخصصة، مشيراً إلى عدد النحالين في المنطقة يمثل 16% من نحالي المملكة أي ما يقارب من 3000 نحال سواء محترفين يملكون أكثر من 1000 خلية او هواه يملكون عدد أقل من الخلايا بمتوسط 100 خلية.
وأوضح أن الجمعية أسست أكثر من 16 مشروعاً نوعياً من أهمها معهد دولي لتدريب وتأهيل النحالين معتمد، تخرج منه حتى تاريخه أكثر من 4000 متدرب من الشباب والفتيات في دورات تراوحت فتراتها من 5 أيام إلى 8 أشهر ، إضافة إلى مختبر متقدم لتحليل العسل، ومعمل للصناعات الخشبية يٌنتج أكثر من 120 مٌنتجاً، ومركز للزوار والمبيعات به معرض يضم أهم منتجات النحل وأدوات ومستلزمات تربية النحل الحديثة الأوربية ، حيث تعتبر الجمعية الوكيل الحصري لأهم الشركات الأوربية المنتجة لأدوات ومستلزمات تربية النحل، أيضاً من مشاريع الجمعية وحدة لأبحاث النحل، ومشتل لإنتاج النباتات العاسلة، وسوق للعسل، وخط للتعبئة والتغليف، ومعمل لتصنيع غذاء النحل البروتيني، ومعمل للصناعات الشمعية.
وأشار إلى أن الجمعية نفذت مشروع الحفاظ على سلالة النحل المحلية الوطني الذي استمر ثلاث سنوات وشمل دراسات جينية وتعريف أنماط النحل السعودي وإنتاج 6000 ملكة محسنة، وزعت على النحالين والمراكز البحثية في المملكة، كما أسندت الوزارة من خلال منصة اعتماد للجمعية مشروع خدمات وتسويق منتجات 1000 نحال ومشروع توفير أدوات ومستلزمات تربية النحل الحديثة لـ 1600 نحال على مستوى المملكة.
وبين أن الجمعية حظيت بدعم من شركة أرامكو وعدد من الجهات بالقطاع الخاص في تأسيس بعض البنى التحتية للجمعية ودعم بعض البرامج التدريبية والتطويرية لأعضاء الجمعية، وقال " حديثاً أطلقت جمعية النحالين التعاونية بالباحة برنامج للسياحة النحلية يستهدف تعرف المجتمع بالنحل واهميته للإنسان والبيئة وأهمية منتجاته العلاجية والغذائية ".
وكشف " الشدوي " على الجمعية تعمل على إنشاء شركة للعسل بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة والمكتب الإستراتيجي بمنطقة الباحة وإمارة الباحة وعدد من الشركاء الآخرين.
وأوضح مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة المهندس فهد مفتاح الزهراني حرص الفرع على تطوير وتنمية قطاع النحل بالمنطقة من خلال العديد من البرامج والمبادرات كان من أهمها برنامج التنمية الريفية المستدامة (ريف) وبرنامج الزراعة العضوية وتطوير مهارات النحالين من خلال الدورات التدريبية بالإضافة إلى استضافة مناحل إيضاحية نموذجية لنشر الثقافات المحسنة والممارسات الجيدة لتربية النحل.
وتحدث عضو جمعية النحالين بالمنطقة النحال يحيى بن ضيف الله طيران الغامدي، والحاصل على المركز الأول في مسابقة العسل السائل في المؤتمر 14 لجمعية النحالين الآسيوية والمقامة في جاكرتا بجمهورية إندونيسيا قائلاً " إن تربية النحل تعتمد على كمية وموسمية الأمطار التي تشجع النحالين على التنقل للبحث عن مراعي جديدة لجني العسل وتسويقه وهو الأمر الذي ساعد في إنتاج أنواع من العسل مثل السدر والسمرة والضهيان والطلح والصيفي والعرفجة ".
وأكد أن الباحة تعد من أهم مناطق تربية النحل نظراً لتوفر المراعي الجبلية المناسبة خاصة في موسمي الربيع والصيف نتيجة لتساقط الأمطار في فصل الشتاء وأوائل الربيع وفي الصيف، مشيراً إلى أن مشروع تربية النحل يُعّد من المشاريع المربحة جداً، بناءً على كمية الطلب الذي تشهده منتجات النحل داخل المملكة وخارجها، مضيفاً أن العمل الذي يقوم به مربي النحل ليس بالهين حيث يتطلب منه اهتماماً ومتابعة تبدأ في اختيار خلايا النحل الجيدة وتحديد المكان الذي يضع فيه هذه الخلايا التي تتطلب البحث عن المناطق الطبيعية الجاذبة.
يذكر أن منطقة الباحة أصبحت من أهم مصادر إنتاج العسل في المملكة، ويعد العسل عاملًا مهمًا في نمو الحركة التجارية والاستثمارية والسياحية بالمنطقة، وعنصراً أساسياً وغذائياً، ومن المنتجات الريفية الزراعية الواعدة في ظل ما تتميز به من غطاء نباتي فريد ما جعل ذلك سبباً في تميز العديد من المنتوجات ومنها العسل، حيث تحتضن الباحة مهرجان العسل الدولي 16 ومهرجانات العسل بمحافظات المخواة وغامد الزناد بالقطاع التهامي.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: أخبار السعودية آخر أخبار السعودية تربیة النحل إنتاج العسل أکثر من
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان.. صدمات نفسية تطارد الناجين وتهدد الأجيال
سكاي نيوز عربية – أبوظبي/ حذر خبراء ومختصون من ارتفاع كبير في معدلات الإصابة بالصدمات النفسية الناجمة عن الحرب في السودان التي أكملت عامها الثاني مخلفة نحو 150 ألف قتيل يعتقد أن سبب وفاة نسبة كبيرة منهم مرتبطة بأمراض لها علاقة بالتوتر والإحباط واليأس، إضافة إلى "الهستيريا" الجماعية الناجمة عن تأثيرات الشائعات التي انتشرت أكثر من نيران الحرب نفسها.
ووفقا لدراسة أجراها المركز الأميركي لأبحاث الصحة العامة، فإن 62 في المئة ممن بقوا أكثر من 30 يوما في مناطق القتال في السودان يتعرضون لاضطرابات نفسية بدرجات وأنواع متفاوتة من بينها الاكتئاب والقلق والأرق والخوف والإدمان.
وعلى الرغم من التفاوت النسبي في القدرة على تحمل الصدمات إلا أن التأثير كان شاملا وبدرجات مختلفة، وتتفاقم الأزمة أكثر لدى الإناث والأطفال وطلاب الجامعات.
وكشفت دراسة حالة على 443 طالبا أجراها 6 باحثين في كلية الطب بجامعة الخرطوم ونشرتها منصة "أبحاث الطب النفسي العالمية" عن معاناة أعداد كبيرة من طلاب الجامعات في المناطق التي مزقتها الحرب في السودان من مستويات عالية من التوتر والقلق والاكتئاب.
هستيريا الشائعات
ووفق تقرير نشرته جمعية علماء النفس السودانيين على صفحتها في "فيسبوك" فإن نشر الشائعات المرتبطة بأخبار الحرب والقتال زاد من معدلات الصدمات النفسية.
وذكر التقرير أن الشائعات المرتبطة بالتهديد كانت الأكثر تأثيرا وخطرا حيث تجعل المتلقي في حالة من الشك والخوف المستمر، مما يؤدي إلى الإصابة بقلق دائم. ويوضح "عادة تكون الشائعة في حالة الحرب أكثر خطرا من الطلقة لأنها تتسبب في زرع الخوف وتفقد الشخص ثقته في نفسه".
وتصف استشارية الصحة النفسية مواهب عبدالمنعم كمال الدين ما يحدث من ترديد واسع المستوى لنفس السلوكيات أو الأقوال أو تبني نفس المشاعر وإعادة ترديدها دون وعي حقيقي بـ"الهستيريا الجماعية".
وتقول لموقع "سكاي نيوز عربية": "زادت الحرب من معدلات الاضطراب السلوكي الذي يجعل مجموعة أو مجموعات متماسكة من المجتمع تتأثر بسبب انتقال مجموعة من المخاوف والأوهام والتهديدات من شخص لآخر بسرعة كبيرة".
وتتهم عبدالمنعم تنظيم الإخوان باستغلال هذا الوتر، مشيرة إلى أنهم قصدوا إشعال هذه الحرب ثم تركوا المدنيين عرضة للانتهاكات وبدؤوا في تغذية الفضاء بسيل من الشائعات لتحقيق أهدافهم والتي في مقدمتها قطع الطريق أمام التحول المدني.
وتوضح: "بعد أن نجح الإخوان في إشعال الحرب وتمكين المجموعات المقاتلة من المدنيين العزل أطلقوا الشائعات بربط الحرب وفظائعها بالمدنيين، ونجحوا مرة أخرى في استهداف الوعي الجماعي لتصديق رواياتهم بدون وعي رغم أن الجميع يعلم أن المدنيين لم يحملوا سلاحا وليسوا هم من قصدوا عمدا تطبيق تجربة دارفور عام 2003 على بقية مدن السودان من خلال الحرب الحالية".
وأضافت: "كل من لم يدخل في دائرة الهستيريا الجماعية ضد المدنيين أصبح في دائرة الاتهام".
يروي ناجون قصصا مروعة عن الظروف التي مروا بها قبل الفرار من مناطق القتال، خصوصا العاصمة الخرطوم التي كانت نقطة اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023.
وتقول فاطمة علي وهي أم لثلاث بنات وولدين، إنها وعلى الرغم من نجاحها في إخراج أسرتها من منطقة بشرق الخرطوم بعد أقل من 5 أسابيع على اندلاع القتال، إلا أنها فشلت حتى الآن في مساعدة أطفالها الخمسة على تخطي حالة الخوف والرهاب الشديد التي انتابتهم قبل الفرار إلى مدينة عطبرة شمال الخرطوم.
ووفقا لفاطمة، فإن علامات الاضطراب ظهرت بشكل أكبر عند طفلها الأصغر البالغ من العمر 8 سنوات حيث بات كثير التبول على ملابسه وسريع الانفعال وكثيرا ما تنتابه موجات صراخ أثناء النوم، كما تشير إلى أن أكبر أطفالها وهي بنت في الخامسة عشر من عمرها باتت أكثر ميلا للانعزال والصمت.
وتوضح لموقع "سكاي نيوز عربية": "لم يكن الأمر سهلا عليهم فقد شهدوا أسابيع من القصف الجوي وأصوات الرصاص المرعبة، كما مروا خلال رحلة فرارهم بمشاهد بشعة حيث رأوا بأعينهم جثامين في الشوارع وهالتهم مشاهد الدمار والحرائق التي قضت على الكثير من المعالم التي ارتبطت بذكريات جميلة منذ طفولتهم".
غياب الدعم
تتزايد المخاوف من حدوث مضاعفات نفسية أكبر لمئات الآلاف من الذين يعانون من اضطرابات الحرب، خصوصا في ظل النقص الحاد في مؤسسات الصحة النفسية والأطباء والأخصائيين النفسيين. وكان لدى السودان قبل اندلاع الحرب 60 طبيبا نفسيا، لم يتبق حاليا منهم سوى 20 فقط، أي ما يعادل طبيبا نفسيا واحدا لكل 2.5 مليون شخص، وهو رقم مفزع مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 25 لكل 100 ألف شخص بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.
وتعرض القطاع الصحي لتدهور كبير، حيث أدت الحرب إلى خروج أكثر من 70 في المئة من مؤسسات القطاع عن الخدمة بما في ذلك جزء كبير من مؤسسات الرعاية النفسية.
وأشار 63 في المئة ممن شاركوا في استبيان أجراه المركز الكندي للأبحاث العلمية حول مستويات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد صدمة الصراع في السودان، إلى أنهم لم يحصلوا على أي دعم نفسي بعد فرارهم من مناطق القتال رغم حاجتهم إلى ذلك.
وشددت الدراسة على أهمية التدخلات وأنظمة الدعم المصممة لتلبية الاحتياجات الفريدة للأفراد المتضررين من صدمات الحرب خصوصا في ظل التأثير الكبير للصدمة المرتبطة بالحرب على الصحة العقلية.
دلائل ومؤشرات
وفقا لمفوضية شؤون اللاجئين، فإن 71% من اللاجئين السودانيين الفارين من القتال تحدثوا عن نجاتهم من انتهاكات عرضتهم لمستويات من الصدمة النفسية المدمرة.
إضافة إلى البعد الأمني والسياسي، تزايدت الكلفة النفسية للحرب السودانية بسبب تداخلاتها العرقية والدينية، والسياسية وضخامة الخسائر البشرية والانتهاكات التي صاحبتها.
يؤكد خبراء الصحة النفسية أن فقدان الأقارب والأعزاء بشكل بشع كان واحدا من أكثر الأسباب شيوعا للاضطرابات النفسية التي يشتكي منها مرضاهم، إضافة إلى الاضطرار لترك الديار والفرار من البيوت وترك الذكريات المرتبطة بها وفقدان العمل والدخل والخوف على المستقبل.