الحياة فرصة واحدة.. إستغلها للهناء والسعادة
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
فتحت نافذة الغرفة، رأيت نورا ينبعث من السماء، جورا مشرقا لطيفا يوحي بأنه آن الأوان لأمارس حياتي، لكن ثمة مشكلة، فستائر الحزن مسدلة على قلبي.
حينها توقفت وتساءلت: “لما أشتكي كل هذا الضيق في صدري؟” فقررت أن أدخل معها حلبة الصراع إما أن أنتصر أو ترديني قتيلة في حلبة الحياة، أخذت ورقة بيضاء، تأملتها طويلا، إنها أشبه بكابوس بالنسبة إلي، أحاول جهدي أن أنتصر عليها، لكنني وجدت مقاومة شديدة من مشاعري المتناحرة، وكأن قلبي ساحة حرب، ولكني أعجز حتى عن رص كلمتين تنعشان روحي المنهزمة.
إنه الحزن الذي تملكني، فمنذ فترة وأنا أراني أفقد أجمل الأشياء، شغفي، حروفي، سكينتي، ورغبتي في الحياة، يبدو كل شيء ثقيلا، والتنفس أصبح عملية صعبة، وكل يوم هو محاولة بائسة لأن أكون بخير، لكني أفشل في النهاية، ترى ما هو الحل، فهذه أبدا ليست أنا، تأكدت أخير أنني بحاجة لوقفة مع النفس، لصفعات ربما، لتقريع وتأنيب، ولمعرفة أي ثغر أوتيت منه لأصبح بهذه الحالة المزرية.
أخذت استراحة محارب، وعزمت أن أعرف أين الخلل؟ فسألت نفسي وكنت لطيفة معها: لما كل هذا الحزن واليأس؟ لم كل هذا الضعف والخمول؟.
فردت عليّ: بلاءات توالت فأثقلت، وغيرت، والنفس بعدها في انكسار..، ثم سألتها مؤنبة إياها: هل ابتليت كنبيك صلى الله عليه وسلم؟ نشأ يتيما ففقيرا، ثم رزق زوجا ما إن احتاج عونها فقدها، وفقد كل من كان يعينه ويسنده، ثم طرده أهله، وعادوه، وآذوه ومن تبعه، وفقد أبناءه..؟ فقاطعتني مصرة أن تتحداني: أعلم ذلك، لكنه نبي رزق الإيمان وتثبيت الله له..وما أضعفنا نحن اليوم.
فكرت مليا وقلت: لكن الصحابة لم يكونوا أنبياء لكنهم ثبتوا، وصبروا، بل ورضوا بالبلاء، ولم يصل به الحال إلى ما وصلت أنت إليه، رغم أن حالك هو أفضل من كثير منهم.. ازددت حماسة وقوة وذكرت قصة أسماء مع ابنها عبد الله وكيف كانت تدفعه للجهاد وتحثه على خلع درعه، وما جزعت بل كانت أشد الناس فرحا بشهادته، وما أكثر قصص السلف ومن بعدهم ممن ابتلوا وصبروا، بل وتراهم من أسعد الناس وأشدهم حبا للحياة، فما بالك أنت؟ وفضل الله عليك عظيم، رغم ما أصابك ففي المصابين من هو أشد بلاء منك لكنه أطيب نفسا.
قالت: أعلم كل هذا، ولست أفهم سبب ما أنا فيه، بدأ هرمون السعادة في تصاعد، يبدوا أن النفس بدأت تتفائل، والحزن يوشك أن ينجلي، فقلت: سأخبرك بواحد، وأرجئ باقيها إلى مرة قادمة، قلتِ أن النبي صلى الله عليه وسلم رزق الإيمان، وتثبيت الله له على ما كان عليه، ولكن ألا تعجبين من أنه مع عظيم إيمانه بربه وثقته به ورضاه عنه، واستكثاره الطاعات وابتعاده عن المحرمات كان يسأل الله كل يوم سؤالا نتغافل عنه ونحن أحوج الناس إليه؟ فقالت: ما هو؟ فقد شوقتني لمعرفته.
قلت: في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل”، إنه يتعوذ من الهم والحزن، هذا الذي يلتهم الفرح مهما عظم، ويجعل المرء غير معترف بنعم الله فيكفرها حتى يُحرمها.
أيها السادة، كان هذا آخر يوم لي مع الحزن، يوم حدثت نفسي وانتصرت عليها، يوم أدركت أنه من أرضى الله أغدق عليه بالعطاء، يوم فهمت أن الحياة تأتي فقط إن مضيت أنت في طريق الله، يوم تأكدت أن الهم والحزن طامس لكل سعادة، منهك للجسد والقلب، مطفئ للنشاط، وسالب للسكينة التي يحتاجها أي أحد ليعيش الحب ويمنح الحب ويمارس شغفه بكل حب.
فاستعيذوا بالله منه، واشكروا له، ولا تكونوا من القانطين..
قارئة وفية من شرق البلاد
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: کل هذا
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: إخراج الدين من منظومة الحياة يؤدي لانتشار الفوضى الأخلاقية
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية السابق، أن تكريم الإنسان جاء من خلال منحه وظيفة الخلافة في الأرض، مشيرًا إلى أن العقل والاختيار عنصران أساسيان في هذه المهمة.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية السابق، خلال تصريحاته، اليوم الثلاثاء، أن الإنسان يتكون من جسد وروح ونفس، ويتميز بعقل مدرك قادر على التفكير والتمييز، وهو ما منحه القدرة على الاختيار بين الخير والشر، استنادًا إلى قوله تعالى: "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ".
خالد الجندي يوضح المقصود بـ "حبل الله" في القرآن
«كان يردده الرسول 5 مرات يوميًا».. 3 أدعية لا تتركهم طوال شهر رمضان
انقلاب كوني مذهل.. لماذا شُبهت السماء بالوردة في القرآن؟
حكم من جامع زوجته ناسيا أثناء الصيام.. داعية: صومه صحيح ولا كفارة عليه
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن النفس تمر بمراحل متعددة تبدأ بالنفس الأمّارة بالسوء، ثم تتطور بالتربية والتقوى إلى النفس اللوامة، فالملهمة، فالراضية، فالمرضية، فالمطمئنة، حتى تصل إلى النفس الكاملة التي امتاز بها الأنبياء والصديقون والصالحون.
وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان لاختياره المطلق، بل أرسل الرسل وأنزل الكتب ليكون هناك توجيه إلهي واضح يحدد الحلال والحرام، مؤكدًا أن العقل وحده قد لا يصل إلى الحقيقة المطلقة، وهو ما يبرز أهمية الوحي في هداية الإنسان نحو الصواب.
واستدل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بقول الله تعالى: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ"، موضحًا أن ذكر الله سبحانه وتعالى ليس مجرد ترديد كلمات، بل هو وسيلة لترقية القلب وطمأنينته، كما قال تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
وشدد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف على أن التشريعات الإلهية ليست تقييدًا للحرية، بل هي تقنين للحياة بما يحقق السعادة والطمأنينة، لافتًا إلى أن إخراج الدين من منظومة الحياة يؤدي إلى اضطراب المفاهيم وانتشار الفوضى الأخلاقية، حيث يصبح كل شيء مباحًا وفق الأهواء الشخصية.