فتحت نافذة الغرفة، رأيت نورا ينبعث من السماء، جورا مشرقا لطيفا يوحي بأنه آن الأوان لأمارس حياتي، لكن ثمة مشكلة، فستائر الحزن مسدلة على قلبي.

حينها توقفت وتساءلت: “لما أشتكي كل هذا الضيق في صدري؟” فقررت أن أدخل معها حلبة الصراع إما أن أنتصر أو ترديني قتيلة في حلبة الحياة، أخذت ورقة بيضاء، تأملتها طويلا، إنها أشبه بكابوس بالنسبة إلي، أحاول جهدي أن أنتصر عليها، لكنني وجدت مقاومة شديدة من مشاعري المتناحرة، وكأن قلبي ساحة حرب، ولكني أعجز حتى عن رص كلمتين تنعشان روحي المنهزمة.

إنه الحزن الذي تملكني، فمنذ فترة وأنا أراني أفقد أجمل الأشياء، شغفي، حروفي، سكينتي، ورغبتي في الحياة، يبدو كل شيء ثقيلا، والتنفس أصبح عملية صعبة، وكل يوم هو محاولة بائسة لأن أكون بخير، لكني أفشل في النهاية، ترى ما هو الحل، فهذه أبدا ليست أنا، تأكدت أخير أنني بحاجة لوقفة مع النفس، لصفعات ربما، لتقريع وتأنيب، ولمعرفة أي ثغر أوتيت منه لأصبح بهذه الحالة المزرية.

أخذت استراحة محارب، وعزمت أن أعرف أين الخلل؟ فسألت نفسي وكنت لطيفة معها: لما كل هذا الحزن واليأس؟ لم كل هذا الضعف والخمول؟.

فردت عليّ: بلاءات توالت فأثقلت، وغيرت، والنفس بعدها في انكسار..، ثم سألتها مؤنبة إياها: هل ابتليت كنبيك صلى الله عليه وسلم؟ نشأ يتيما ففقيرا، ثم رزق زوجا ما إن احتاج عونها فقدها، وفقد كل من كان يعينه ويسنده، ثم طرده أهله، وعادوه، وآذوه ومن تبعه، وفقد أبناءه..؟ فقاطعتني مصرة أن تتحداني: أعلم ذلك، لكنه نبي رزق الإيمان وتثبيت الله له..وما أضعفنا نحن اليوم.

فكرت مليا وقلت: لكن الصحابة لم يكونوا أنبياء لكنهم ثبتوا، وصبروا، بل ورضوا بالبلاء، ولم يصل به الحال إلى ما وصلت أنت إليه، رغم أن حالك هو أفضل من كثير منهم.. ازددت حماسة وقوة وذكرت قصة أسماء مع ابنها عبد الله وكيف كانت تدفعه للجهاد وتحثه على خلع درعه، وما جزعت بل كانت أشد الناس فرحا بشهادته، وما أكثر قصص السلف ومن بعدهم ممن ابتلوا وصبروا، بل وتراهم من أسعد الناس وأشدهم حبا للحياة، فما بالك أنت؟ وفضل الله عليك عظيم، رغم ما أصابك ففي المصابين من هو أشد بلاء منك لكنه أطيب نفسا.

قالت: أعلم كل هذا، ولست أفهم سبب ما أنا فيه، بدأ هرمون السعادة في تصاعد، يبدوا أن النفس بدأت تتفائل، والحزن يوشك أن ينجلي، فقلت: سأخبرك بواحد، وأرجئ باقيها إلى مرة قادمة، قلتِ أن النبي صلى الله عليه وسلم رزق الإيمان، وتثبيت الله له على ما كان عليه، ولكن ألا تعجبين من أنه مع عظيم إيمانه بربه وثقته به ورضاه عنه، واستكثاره الطاعات وابتعاده عن المحرمات كان يسأل الله كل يوم سؤالا نتغافل عنه ونحن أحوج الناس إليه؟ فقالت: ما هو؟ فقد شوقتني لمعرفته.

قلت: في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل”، إنه يتعوذ من الهم والحزن، هذا الذي يلتهم الفرح مهما عظم، ويجعل المرء غير معترف بنعم الله فيكفرها حتى يُحرمها.

أيها السادة، كان هذا آخر يوم لي مع الحزن، يوم حدثت نفسي وانتصرت عليها، يوم أدركت أنه من أرضى الله أغدق عليه بالعطاء، يوم فهمت أن الحياة تأتي فقط إن مضيت أنت في طريق الله، يوم تأكدت أن الهم والحزن طامس لكل سعادة، منهك للجسد والقلب، مطفئ للنشاط، وسالب للسكينة التي يحتاجها أي أحد ليعيش الحب ويمنح الحب ويمارس شغفه بكل حب.

فاستعيذوا بالله منه، واشكروا له، ولا تكونوا من القانطين..

قارئة وفية من شرق البلاد

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: کل هذا

إقرأ أيضاً:

«الحزن تعدى صبري».. شمس البارودي تتذكر زوجها حسن يوسف

تذكرت الفنانة شمس البارودي زوجها الراحل الفنان حسن يوسف، وابنها عبد الله، بأن كتبت كلمات مؤثرة في منشور عبر حسابها على فيسبوك.

شمس البارودي تتذكر حسن يوسف

وقالت شمس البارودي: «أحاول بكل ما أوتيت بيقين وإيمان أن أصبر وأحمد الله وأرضى بقضائه، وأتصبر إلا أنني أذرف الدموع بدون توقف ذكريات حياتية في كل السكنات واللحظات أعتذر لمن حولي، لا أعلم ما هذا الضعف والوهن الروحي مرور الوقت يزلزلني حزنا على فراق فلذة كبدي عبد الله، وونس عمري وسندي بعد الله شريكي في أنفاسي، وخلجات نفسي وكل لحظات أيامي وعمري حبيبي زوجي».

شمس البارودي

وأضافت: «يحيط بي في معظم الأوقات أبنائي وشقيقاتي وشقيقة حبيبي وبناتها وصديقاتي محاولين إخراجي من فجيعه الفراق ولوعة الحزن، أجاريهم حتى أختلي بنفسي فأجهش ببكاء يرجرج أحشائي وثنايا صدري بكاء لم أعهده من قبل، فما هذا الحزن الذي تعدى صبري واحتسابي فيزلزلني ولا يتوقف إلا ويدمرني، يعلم أحبابي فينهروني، وينصحونني مناعتك ستنهار توقفي عن تدمير صحتك بهذا الحزن احلف لهم، والله ما لي سيطرة على نفسي وكأن جماح الحزن تفلت».

شمس البارودي وحسن يوسف

وتابعت شمس البارودي: «يا الله سامحني لضعفي وهوان يقيني في مصيبتي، وادعوه يا رب احفظ لي فلذات كبدي وقويني حتى أكمل مسيرة حبيبي، فأتم ما تركه لهم لإسعادهم، وتأمين ما أراده لهم بعون الله وتوفيقه، افتقدك يا حبيبي افتقد حنانك وعطاءك، افتقد واحة الأمان التي أحييتنا فيها، افتقد وجودك ونصحك ورأيك افتقد جلوسي بجوارك، تلف زراعك على كتفي، وأنا أسألك في أمور حياتنا وأبنائنا، أعلم هي سنة الحياة الدنيا، فراق يعقبه حزن، حتى نلتقي في حياتنا الأخرة، فاللهم الصبر والاحتساب والسلوان، اللهم صبر يرضيك».

وفاة حسن يوسف

وفي الـ29 من أكتوبر الماضي، توفي حسن يوسف عن عمر ناهز 90 عامًا، بعد رحلة حافلة في مجالي الفن والحياة الاجتماعية، إذ شهدت مسيرته العديد من المحطات والتحولات.

اقرأ أيضاًمهرجان القاهرة السينمائي يقدم التحية للراحلين حسن يوسف ومصطفى فهمي والسعدني

نبيلة عبيد تنعي حسن يوسف ومصطفى فهمي بهذه الكلمات (صورة)

عفاف شعيب: حسن يوسف كان خلوقا ومتدينا.. ويوصينا دائما بالصلاة (فيديو)

مقالات مشابهة

  • «الحزن تعدى صبري».. شمس البارودي تتذكر زوجها حسن يوسف
  • شمس البارودي تتصدر تريند "جوجل".. فما القصة؟
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • مجمع "بلقيس" للصم والبكم في تعز.. مشروع عملاق يخدم المستفيدين ويمنحهم فرصة الحياة (تقرير)
  • الأتوبيس الدعوي بأوقاف الفيوم يصل إدارة "الشواشنة" 
  • أقوى دعاء للتقرب إلى الله .. مُستجاب ومُجرّب اغتنمه
  • أستاذ بالأزهر يحسم الجدل حول الفوتوسيشن أمام الكعبة
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • صلاة هى الأفضل بعد الفرائض.. لا تتركها كل يوم
  • دعاء في الصلاة للنجاة من عذاب يوم القيامة