عواصم الشتات في لبنان.. تحت نار أطماع إيران
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
الاغتيالات والاشتباكات لن تتوقف بل سترتفع وتيرتها داخل مخيمات أخرى، في إطار موجات عنف ارتدادية لإحداث اختراقات أمنية، تتيح واقعاً جديداً تحت عنوان بسط نفوذ إيراني حقيقي داخل هذه البؤر السكانية.
تنفيذ المخطط الإيراني في لبنان واضح، لا يحتاج إلى الكثير من عبقرية التحليل
يتوجب على القيادة الفلسطينية وفصيلها الأكبر حركة فتح عدم التهاون بحفظ الأمن
كنتُ حذرت مما جرى في الأيام القليلة الماضية، وما زال يحدث، في المخيمات الفلسطينية في لبنان أو عواصم الشتات كما يطلق عليها فلسطينياً.
ففي مقال سابق لي بعنوان: مملكة حماس المنقسمة، بتاريخ 12 أبريل 2023 في صحيفة "العرب" اللندنية، أكدت أن الصراع الداخلي في حركة حماس، والخلافات التي طفت على السطح منذ سيطرة إبراهيم السنوار على مقاليد الحركة وحكمها الدكتاتوري في قطاع غزة، جعل قيادة حماس في الخارج (إسماعيل هنية وخالد مشعل) تبحث عن ساحات وجبهات جديدة تمارس فيها أجندات إقليمية، مقابل الدعم المادي التي تلهث وراءه قيادات الحركة، فالمخطط الإيراني الأشمل متعدد المحاور، يكمن بإعادة ترتيب منظومة التيارات والحركات المدعومة من الجمهورية الإسلامية وحرسها الثوري، من خلال تقويتها وبربطها عسكرياً، لإعطائها دفعة إضافية بعد أن تآكلت شعبيتها بسبب الضائقة الاقتصادية وأزمات السياسة التي عصفت في لبنان.
تنفيذ المخطط الإيراني في لبنان واضح، لا يحتاج إلى الكثير من عبقرية التحليل، فهو يبدأ بإنهاك القوة المسيطرة "حركة فتح" العمود الأساسي لقوات الأمن الوطني الفلسطيني داخل المخيمات، من خلال حركات دينية صغيرة تتبع منظومة حزب الله، لإحلال قوة جديدة ألا وهي حركة حماس، لخلق قوة متماهية مع رأس الحربة الإيرانية في لبنان، مع ضخ إعلامي قائم على الإشاعات والأكاذيب يتساوق مع عمليات العنف المسلح للوصول إلى السيطرة على هذه المربعات السكانية المزدحمة، فلا قيمة سياسية للمخيمات الفلسطينية في لبنان بنظر إيران وحرسها الثوري وحركاتها المسلحة إلا أنها مخزون بشري يمدها بعناصر قادرة على تنفيذ مخططاتها وأجنداتها الإرهابية في المنطقة عموماً، من خلال استغلال حالة البؤس والفقر والحرمان التي يقبع فيها سكان "عواصم الشتات"، بعد سنوات من التهميش وقلة الإمكانيات، التي سمحت للبعض بخلق نفوذ بقوة السلاح لتنفيذ أجندات إقليمية أعلنها صراحة مسؤول إيراني سابق، بأن إيران باتت تتحكم بقرار أربع عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.
الاغتيالات والاشتباكات وسياسة العنف المسلح الممنهج لن تتوقف، بل سترتفع وتيرتها في الأيام والشهور المقبلة، لتنتقل داخل مخيمات أخرى في إطار موجات عنف ارتدادية، لإحداث اختراقات أمنية تتيح واقعاً جديداً تحت عنوان بسط نفوذ إيراني حقيقي داخل هذه البؤر السكانية.
لذلك يتوجب على القيادة الفلسطينية وفصيلها الأكبر حركة فتح، عدم التهاون بحفظ الأمن دون الانجرار للمشهد اللبناني العبثي بفعل سياسات حزب الله وحلفائه، مع تعزيز إجراءات الأمن داخل المخيمات، واستمرار التنسيق المباشر مع أجهزة الجيش اللبناني ومخابراتها، كونها القوة العسكرية الوحيدة البعيدة عن التجاذبات الطائفية والسياسية، ومنح قوات الأمن الوطني الفلسطيني دعماً لبنانياً وعربياً، وتعزيز صفوفها بالمئات من العناصر البشرية الخاضعة لتدريب عسكري متقدم، لتقف حائط سد أمام ما تسعى إليه إيران وأدواتها في لبنان، بالإضافة إلى البحث عن أفكار غير تقليدية لمعالجة الواقع المزري لعواصم الشتات الفلسطيني.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الشيعة التي نعرفها
كتب الوزير السابق جوزف الهاشم في" الجمهورية": يحقُّ لي، أنْ أتوجّه بصرخةِ رفضٍ وشجبٍ لأيِّ انحراف عن المسلكيّات الشيعيّة الراقية، وليس لأحدٍ أن يتّهمني بالخصومة أو بالتجنّي.مثلما اعتبرَ أنّ المسيحي الذي يعيش الإسلام حضارة وروحاً وحركة يحقّ له أنْ يبحث القضايا الإسلامية التي يمتلك عناصرها المعرفية... .»
الشيعة التي رفعنا لواءَها على حدِّ اللسان والقلم، هي الشيعة التي تغنّى بها: جبران خليل جبران، وأمين نخله، ومخايل نعيمه، وأمين الريحاني، وجرجي زيدان، وبولس سلامه، وسعيد عقل، وفؤاد إفرام البستاني إلى سائر الأدباء والشعراء المحدثين من المسيحيّين اللبنانيّين؟
الشيعة التي نعرفها وتعرفنا ويعرفها العالم الحرّ، هي شيعة الفضائل والمفاخر والعفّة والورع والعدالة والصفح والتسامح. هي شيعة التسامي الروحاني والإنساني... هي شيعة المقاومة الصارمة في وجه الظلم. هي شيعة القي مالأخلاقية والوطنية والوحدة اللبنانية. هي شيعة المنائر الفكرية والعلمية وأصحاب المقامات الجلائل في جبل عامل...
تأكيداً لما أعلنته حركة أمل فإنّ تهديد السلم الأهلي وزعزعة الوحدة اللبنانية،وعرقلة نهوض الدولة - عدا عن كونها تعرّض مرحلة المعافاة للخطر - فهي العْجلُ الذهبي الذي يطمح إليه العدو الإسرائيلي للإنقضاض على لبنان.
الطائفة الشيعية الكريمة غنّية بتاريخ عريق وتراثٍ إنساني مجيد، وهي اليوم تمتلك من الطاقات والقدرات والحوافز ما يجعلها بارزة في نشاطها الوطني للمساهمة في إعلاء شأنها وشأن لبنان.
من هنا، وفي مناسبة تشييع السيدَين الشهيدَين، ومن خلال استلهامهما، يتعيّنُ على المرجعيات الشيعية وقيادة «حزب الله » تحديد المنطلقات المتوافقة مع التطوّرات الداخلية المرتبكة والتحوّلات الجذرية في المنطقة.
ولنكن كلّنا مقاومة، ولتكُنْ قراراتنا الوطنية من وحي سماء لبنان.