جاء  الشرع الشريف ليرقى بسلوك الفرد والمجتمع إلى الجمال والكمال، والنظافة، أحد أوجه الجمال المحمودة والواجب المحافظة عليها في ديننا الإسلامي الحنيف.

ومن هنا تُجيب دارالإفتاء المصرية على أحد السائلين حول حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد، حيث أنكر عليه هذا الفعل أحد الأشخاص من منطلق النظافة، ورجحه البعض من منطلق أنها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 النظافة في الشرع 

قالت دار الإفتاء المصرية في فتواها رقم 8413 لفضيلة الدكتور شوقي إبراهيم علام، أن الشرع الشريف جاء ليرقى بسلوك الفرد والمجتمع إلى الجمال والكمال، فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» أخرجه مسلم.

فإذا كانت النظافة التي هي إحدى أوجه الجمال مطلوبة شرعًا في المكان والأبدان والثياب، فإنها تكون في الطعام والشراب كذلك، فشأن المؤمنين أن يكون طعامهم طيبًا نظيفًا، يقول تعالى -في شأن أهل الكهف-: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ﴾ [الكهف: 19].

 

حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد

وأكدت دار الإفتاء أن التشارك في إناء الطعام أو الشراب أمر جائزٌ شرعًا، فقد مرَّ أبو هريرة رضي الله عنه على جمعٍ من أهل الصُّفَّة فسقاهم لبنًا من قدحٍ واحد بأمرٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل شرب نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم الفضلة آخرهم، كما في "صحيح البخاري"، وقد تشارك النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام في نفس الإناء، مما يدل على مشروعية ذلك.

ضوابط  التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد

وأشارت دار الإفتاء إلى  أن هذا الجواز مشروطٌ بوجوب مراعاة مشاعر المتشاركين في الإناء الواحد، فلا يجوز شرعًا أن يرتكب الشخص ما يتأذى منه الناس خلال الطعام والشراب، فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كُنْت غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فقال لِي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِك، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.

وأخرج أيضًا في "صحيحه" في كتاب: الأطعمة، بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَرَأَيْتُهُ «يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ»، قال: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.

وانتهت دار الإفتاء إلى أن التشارك في إناء الطعام أمر جائز شرعًا، بشرط ألَّا يؤدي ذلك إلى وقوع ضرر على صحة الإنسان، ويجوز لمن تعف نفسه عن أن يشاركه أحد في الإناء، أو لكونه يأخذ بالمعايير الصحية التي تحذر من انتقال العدوى بسبب ذلك في وقت انتشار الأمراض والأوبئة -أن يستقل بإناء خاص به، ويجلس مع باقي زملائه متى أمكنه ذلك، وبذلك يكون قد حصَّل ثواب الاجتماع على الطعام والشراب، وإن ترتب على التشارك ضرر صحي به أو بغيره ممن يشاركهم وجب الانفراد دفعًا ودرءًا للضرر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية رسول الله صلى الله عليه وسل شوقي إبراهيم لإفتاء المصرية النظافة الله صلى الله علیه وآله وسلم ه صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه فی الطعام والشراب دار الإفتاء رضی الله

إقرأ أيضاً:

حكم تربية القطط.. دار الإفتاء تحسم الجدل وتوضح الرأي الشرعي

حكم تربية القطط.. ما زالت الفتوى التي أطلقها الشيخ محمد أبوبكر، أحد علماء الأزهر الشريف، التي حرم فيها تربية القطط في المنازل وإنفاق الأموال على طعامها، معتبرًا أن ذلك من التصرفات المحرمة شرعًا، تثير جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.

حكم تربية القطط

من جانبها، حسمت دار الإفتاء المصرية، الجدل حول حكم تربية القطط في المنزل والإنفاق عليها، مؤكدة جواز تربية القطط والعناية بها شرعًا، مشيرة إلى أن تربية القطط والعناية بأمرها لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

الدليل على استئناس القطط

وأوضحت دار الإفتاء، أنه وردت أحاديث نبوية شريفة حول استئناس القطط، ولم يرد ذكر أي نص يتعلق بنجاستها أو تقييد التعامل معها.

واستدلت دار الإفتاء، بالأحاديث النبوية الشريفة التي توصي بالتعامل الحسن مع القطط والرأفة بها، ومن هذه الأحاديث النبوية ما رواه الصحابي الجليل أبو قتادة الحارث بن ربعي، أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالَ في الهرِّة إنَّها ليست بنجَسٍ إنَّها منَ الطَّوَّافينَ عليكم أوِ الطَّوَّافاتِ.

وأشارت الإفتاء، إلى أنّ الصحابي الجليل عبد الرحمن بن صخر الدوسي، المعروف بأبي هريرة، وهو من أكثر الصحابة الذين رووا الأحاديث عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان مرافقا له، سمى بأبي هريرة.

ووفقا لما ورد في صحيح البخاري، عن عبيدِ اللهِ بنِ أبي رافعٍ قال: «قلتُ لأبي هريرةَ لم كُنِّيتَ بأبي هريرةَ؟ قال: كنتُ أرعى غنمَ أهلي وكانت لي هِرَّةٌ صغيرةٌ فكنتُ أضعُها بالليلِ في شجرةٍ وإذا كان النهارُ ذهبتُ بها معي فلعبتُ بها فكنُّوني أبا هريرةَ»، ولم ينكر عليه سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، رعايته أو تربيته لقطته التي كني بهذا الاسم نسبة لها.

الشيخ محمد أبو بكر يتراجع عن فتوى تحريم تربية القطط

وفي وقت لاحق عدل الشيخ محمد أبو بكر، فتواه المثيرة للجدل، مؤكدًا أن الأصل هو وجود الحيوان في الشارع وليس في المنزل، مشيرًا إلى أن تربية الحيوانات في البيت أمرُ جائز، ولكن يجب أن يكون ضمن الضوابط الشرعية.

وأضاف الشيخ محمد أبو بكر، أنه لا يحرم إطعام الحيوان أو علاجه، لكنه يعارض الإسراف في الإنفاق على الحيوانات، مستشهدًا بحديث سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «القطط من الطوافين عليكم والطوافات»، لافتا إلى الحديث النبوي «دخلت امرأة النار في هرة» لتأكيد أهمية الرفق بالحيوان.

اقرأ أيضاًدار الإفتاء: غدا الأربعاء أول أيام شهر ربيع الأول لعام 1446 هـ

«تربية القطط تشعل الأزمة».. الإفتاء أجازتها والشيخ محمد أبو بكر حرمها وغضب بين منظمات «حقوق الحيوان»

لتحديد ضوابط العلاقة بين الزوجين.. «الإفتاء» تطلق أحدث إصداراتها «الفتوى وتنمية الأسرة»

مقالات مشابهة

  • ربيع الأنوار.. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي يومه؟
  • الهواري: النبي كان عظيم الأمل فلم ييأس وواسع الرجاء فلم يقنط
  • الإفتاء: الرسول لم يضرب زوجاته أبدًا
  • من المسافة صفر.. إيمان مُجاهدي غزة ونُهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  •  أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • علي جمعة يوضح أفضل الطرق للاحتفال بمولد النبي: علِّموا أبناءكم حبه
  • الإفتاء توضح حكم تغطية قَدَم المرأة في الصلاة
  • الإفتاء توضح حكم الغرامات التعويضية المالية
  • حكم تربية القطط.. دار الإفتاء تحسم الجدل وتوضح الرأي الشرعي
  • عميد كلية الدعوة الإسلامية: النبي كان يدعو لأمته في كل صلاة