سودانايل:
2025-02-04@00:36:27 GMT

حول كتاب “مصر في السودان 1820 -1881م”

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

حول كتاب "مصر في السودان 1820 -1881م"

هارولد ماكمايكل Harold MacMichael

ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

تقديم: هذه ترجمة عرض موجز بقلم هارولد ماكمايكل لكتاب " Egypt in the Sudan 1820 -1881مصر في السودان 1820 -1881م" للمؤرخ البريطاني ريتشارد هِلْ Richard Hill. نُشِرَ العرض في العدد الثاني من المجلد رقم 32 لمجلة International Affair الشؤون الدولية" الصادرة في أبريل من عام 1959م، ص 206.

وريتشارد هِلْ (1901 – 1996م) هو مؤرخ أكاديمي مختص بتاريخ مصر والسودان والشرق الأوسط، ومؤلف لعدد من أمهات الكتب عن تاريخ السودان منها "قاموس الشخصيات السودانية" (الذي ترجمه الأستاذ سيف الدين عبد الحميد)، و"مصر في السودان" (الذي ترجمه اللواء - م – يوسف محمد عبد الغني)، و"المواصلات في السودان"، وهو من أنشأ "أرشيف السودان بجامعة درم البريطانية". ونشر ريتشارد هيل – بالاشتراك مع بيتر هوق - كتابه الأخير المعنون "صفوة الفيلق الأسود: كتيبة المجندين المصريين -السودانيين مع الجيش الفرنسي في المكسيك، 1863 -1867" وقد تجاوز عمره 94 عاما.
أما هارولد ماكمايكل (1882 – 1969م) فقد عمل في القسم السياسي لحكومة السودان في مديريتي كردفان والنيل الأزرق حتى عام 1915م، حين عاد للخرطوم للعمل في وظيفة باشمفتش مديرية الخرطوم، ثم شغل منصب السكرتير الإداري لمديرية الخرطوم. ونقل في عام 1933م إلى تنجانيقا كحاكم لها. وفي عام 1938م نقل إلى فلسطين للعمل في وظيفة المندوب السامي البريطاني (حيث تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة)، ونقل بعدها للملايو. ألف الرجل عددا من الكتب والمقالات عن السودان وتاريخه، لعل من أهمها "تاريخ العرب في السودان" (الذي ترجمه للعربية الأستاذ سيد محمد علي ديدان).
من الواضح أن هذا الاستعراض لا يشابه الاستعراضات التي يكتبها المؤرخون الأكاديميون المعاصرون، فهو استعرض انطباعي ومتحامل وموجز بصورة مخلة. ومن شبه المؤكد أنه لم يكن ليُنشر في دورية أكاديمية محكمة لو كان قد كُتِبَ في العقود الأخيرة.
المترجم
************* ************ ***********
أتقدم في البدء بالتهنئة للمعهد الدولي للعلاقات الدولية (تشاتام هاوس Chatham House) لتبنيه هذا البحث التاريخي الرفيع، ولدار نشر جامعة أكسفورد على إخراج هذا البحث في طبعة أنيقة.
ويسد المؤلف في كتابه هذا فراغاً كبيراً في تاريخ الحكم التركي – المصري في السودان الذي امتد لستين عاماً، إذ أن طلاب التاريخ لم يكن يجدون في تاريخ ذلك العهد بالسودان قبل صدور هذا الكتاب سوى تلخيصات لبعض الملاحظات البالية والتعميمات التي لا معنى لها. غير أن هذا الكتاب يقدم لنا ملخصاً أكاديميا (علميا) حقيقياً لتاريخ الحكم التركي – المصري في السودان، ويخلوا من التحيز بصورة جديرة بالثناء، ومدعوماً بجميع الوثائق المتوفرة من العديد من المحفوظات وأوراق الدولة والمجلات والتقارير القنصلية والمسوحات العلمية والمذكرات والرسائل وما شابه ذلك، باللغات العربية والإنجليزية والتركية والفرنسية والإيطالية.
لقد اتخذ السيد هِلْ موقفاً وسطياً بين "المحافظين"، وقدم في كتابه هذا تقويماً للأحداث اتسم بالاعتدال والتوازن. وأنجز كل ذلك بعدالة حصيفة وحياد حكيم. وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن الحقيقة تبقى وهي أن قصة ذلك الحكم قصة صادمة بالفعل، مهما اِلْتَمَسَنا له الأعذار، مثل الصعوبات العديدة التي واجهها ذلك الحكم، ورغماً عن كل محاولاته المتفرقة والمتقطعة للإصلاح الإداري بالبلاد، والتي لم تتم إلا تحت الضغط. وليس بإمكان أي قدر من الحياد أن يخفي صحة كلمات وُصِفَ بها ذلك العهد وحكامه (إن كان في الخرطوم أو القاهرة أو المديريات)، مثل "القسوة" و"عدم الكفاءة" و"الفساد". ويصعب إدراك أن حكاية ذلك العهد لا يزيد عمرها عن نحو مائة عام، ولم تقع في العصور المظلمة.
ومن العدل أن نضيف أن شعب مصر نفسه، مهما كان مستعداً الآن للمطالبة بنصيب في النتائج، لم يكن له رأي يُذكر في الأمر بطريقة أو بأخرى، وأن "سادتهم overlords" الأتراك هم الذين يجب أن يتحملوا معظم مسؤولية المقت (الذي خلفه ذلك الحكم في نفوس السودانيين).

alibadreldin@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مصر فی السودان

إقرأ أيضاً:

تحليل كتاب د. عبد الله الفكي البشير عن محمود محمد طه وربطه بالسياق الفكري والسياسي الحالي

السياق الفكري لطرح محمود محمد طه
مثّل المفكر السوداني محمود محمد طه (1909-1985) أحد أهم الشخصيات الإصلاحية في الفكر الإسلامي الحديث، حيث قدّم رؤية تجديدية تعتمد على مفهوم "الرسالة الثانية من الإسلام"، التي دعا فيها إلى تجاوز الأحكام الفقهية التقليدية نحو فهم روحاني وأخلاقي أكثر تحرراً، متماشياً مع مبادئ الحرية والعدالة والمساواة. هذا الطرح جعله في مواجهة مباشرة مع القوى الدينية والسياسية التقليدية في السودان، مما أدى إلى إعدامه عام 1985 على يد نظام الرئيس جعفر نميري.

قراءة تحليلية لكتاب د. عبد الله الفكي البشير
يتناول د. عبد الله الفكي البشير في كتابه فكر محمود محمد طه من زاوية تاريخية وفكرية معمّقة، حيث يسلّط الضوء على الجوانب التالية:

السياق السياسي والاجتماعي الذي نشأ فيه طه، بما في ذلك تأثير الاستعمار البريطاني والاستقطاب بين التيارات الدينية والحداثية.
التحليل النقدي لتجربة الجمهوريين في السودان ودورهم في معارضة الأنظمة العسكرية والدينية.
إعادة قراءة مفهوم "الرسالة الثانية" في ضوء التحولات الفكرية الحديثة، خاصة ما يتعلق بمسائل الديمقراطية، حقوق الإنسان، والعلمانية.
الطرح في السياق السياسي الحالي
اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود على إعدام محمود محمد طه، نجد أن السودان لا يزال يعاني من الاستقطاب بين التيارات الإسلامية والعلمانية، مع فشل متكرر في تحقيق انتقال ديمقراطي مستدام. في هذا السياق، يمكن ربط أفكاره بعدة محاور مهمة:

الإصلاح الديني ومواجهة التطرف

في ظل صعود تيارات الإسلام السياسي، سواء في السودان أو في المنطقة عموماً، يبقى طرح طه حول تطوير الفقه الإسلامي باتجاه حقوق الإنسان والمساواة بالغ الأهمية.
نقده للجمود الفقهي والتقليد الأعمى لا يزال موضوعاً راهناً، خاصة في ظل استمرار الصراعات بين التيارات السلفية والإصلاحية.
العلمانية والسياسة

فكرة "التطور التدريجي" التي طرحها طه حول الشريعة الإسلامية يمكن أن تشكل جسراً بين دعاة الدولة المدنية والتيارات المحافظة، بدلاً من المواجهة الصفرية بين الإسلاميين والعلمانيين.
تجربة الحكم العسكري في السودان (سواء عبر نظام البشير أو غيره) أثبتت فشل استغلال الدين في السياسة، وهو ما كان طه يحذّر منه.
المرأة والحقوق المدنية

كان محمود محمد طه من بين أوائل المفكرين السودانيين الذين نادوا بمساواة المرأة بالرجل في الحقوق، وهو ما لا يزال نقطة خلاف رئيسية بين القوى المحافظة والتقدمية.
اليوم، مع بروز الحركات النسوية في السودان والمطالبة بحقوق أوسع، يمكن الاستفادة من قراءته لحقوق المرأة من منظور ديني غير تقليدي.
هل يمكن إحياء مشروع محمود محمد طه؟
إن استعادة مشروع محمود محمد طه اليوم تتطلب إعادة قراءة نقدية، بحيث لا يكون مجرد استدعاء تاريخي، بل إعادة بناء لمقولاته الفكرية ضمن سياقات حديثة، مثل:

استخدامه في تفكيك الخطابات المتطرفة التي تبرر العنف السياسي باسم الدين.
توظيف رؤيته عن "الإسلام الروحي" كبديل للصراعات الأيديولوجية بين التيارات الإسلامية والعلمانية.
تجديد الفكر الديني السوداني بحيث يتماشى مع التحديات المعاصرة، خاصة في ظل التحولات السياسية العميقة بعد ثورة ديسمبر.
يقدم كتاب د. عبد الله الفكي البشير إطاراً تحليلياً مهماً لفكر محمود محمد طه، لكنه يظل بحاجة إلى تفعيل داخل الحراك السياسي والثقافي السوداني. ففي ظل الأزمات الحالية، قد يكون استلهام طه – ليس كشخصية تاريخية، بل كمفكر نقدي – مفتاحاً لفهم العلاقة بين الدين والسياسة في السودان، وتجنيب البلاد ويلات الاستقطاب المتكرر.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • التطهير العرقي في فلسطين.. تاريخ طويل من العنف والإبادة يشهد عليه كتاب «إيلان بابه»
  • درع السودان، الذي انخرط تحت قيادة عسكرية بدا أكثر انضباطاً وحيوية
  • المستشار العام لسفارة السودان “فعاليات الخرج” رسمت الفرح على الجالية السودانية
  • حمدان بن محمد يطلق مبادرة “إرث دبي” لتوثيق تاريخ الإمارة بمشاركة مجتمعية
  • تحليل كتاب د. عبد الله الفكي البشير عن محمود محمد طه وربطه بالسياق الفكري والسياسي الحالي
  • لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم
  • القصف ونقص السيولة ومعضلة التأشيرات.. مثلث “أوجاع السودان”
  • قنصل السودان لـ “المناطق” فعاليات محافظة الخرج “عالية المستوى”
  • “أطباء السودان”: 61 قتيلا في قصف مدفعي للدعم السريع على سوق صابرين بمدينة أم درمان
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا