الجنوب ليس دائماً عنواناً للحروب .. عمالقة السلة يجلبون الفرح
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
ياسر عرمان
في ٢٠ يوليو ٢٠٢٤ وفي مبارة تاريخيّة كاد عمالقة كرة السلة من دولة جنوب السودان ان ينتزعوا نصراً غالياً من فريق الولايات المتحدة الأميركية كما فعلوا من قبل مع فريق الصين، وهم بحق يمثلون دولتي السودان ويمثلون افريقيا وبلدان جنوب الكرة الارضية التي هي رمز للمعاناة والصراع من أجل النهوض وبناء مجتمعات جديدة وتحقيق مصالحة انسانية في الرياضة والإبداع والثقافة، فيالها من مبارة ودية ممتعة جسدت نبل الرياضة في بذر الصلات بين المجتمعات.
من قال لك ان الجنوب ليس لديه ما يقدمه إلى العالم الفسيح! ومن قال لك ان الجنوب لا يمتلك إلا قصص الحروب وصراعات القبائل وإشكاليات البناء الوطني المعقدة! وهي التي لا تخصه وحده بل تخص افريقيا وبلدان الجنوب وتخص العالم الأول أيضاً مع الفارق والتوقيت. ومن قال لك ان نقص السعرات الحرارية والعناية الصحية وانقطاع الريف عن المدينة سيمنع الجنوبي من ان يطل فارعاً، يعانق الأبنوس والسماء، ويسجل حضوره في دفاتر القنوات الفضائية العالمية ويحرر كرة السلة من الانتماء للعالم الاول وحده، مثل ما فعل الافارقة من قبل مراراً في مختلف دروب الرياضة ومثل ما أطل منوت بول من ضيق حذاء القرية الأنيق وريفنا المهمل إلى فضاء العالم الملون، كان منوت بول ناطحة سحاب وفي دربه أطل لوال الدو اجو، ان النيلين كانوا قبل ناطحات السحاب والنيل هو من امد البشرية بالعلوم في البدايات. لا تزدري الجنوبي ففي حربه الطويلة من أجل الحقوق حكمة، ويومها كنا حضور، غالبية الجنوبيين يحترمون خصمهم بعد انقضاء الحروب لا يضمرون الحقد، لا يخونون، يأخذون من موارد الكرم والإقدام ولا يسيؤون لمن احسن اليهم، وبالطبع لكل قاعدة استثناء.
ولدت وترعرت في شمال السودان ولكن الجنوب والشمال بالنسبة لي مجرد جغرافيا لا تعطي عمق المعاني على الدوام وفي عقلي وقلبي احتل الجنوب والشمال نفس المساحة ومن حسن حظي انني التقيت الشهداء الذين عرفوني بصورة الجنوبي الحقة خارج الصور الذهنية التي رسمتها له وكالات الأنباء الحكومية وأضابير مؤسسات الدولة ذات الغرض.
اعلم ما يمر به الجنوب من مصاعب واتابع اخباره حلوها ومرها، ولم يأتي يوم تناقص فيه إيماني بان الجنوبي سيكون يوماً ما يريد بصموده المعهود وان للشمال والجنوب فرصة أخرى ليصححوا أخطاء الماضي ومواجع التاريخ وسيرسمان لوحة جديدة في اتحاد سوداني بين دولتين ذوي سيادة وللوحدة أشكال عديدة، انظر كيف توحدت اوربا بعد الحروب واحتفظت بالدول والملوك والجمهوريات جنباً إلى جنب في اتحاد أوربي.
شكرا للجنوبين وهم يستقبلون الآف الشماليين بالترحاب وشكراً للمهنيين الشماليين الذين اختاروا العمل في دولة الجنوب فهم رأس مال معنوي مدخر. الفقراء هم من ينتجون القيم الانسانية الحقة والنبيلة، فألزم جانب الفقراء تكسب.
فريق العمالقة لكرة السلة أدخلوا البهجة والفخر إلى نفوس الجنوبيين وكل السودانيين والأفارقة وان الرياضة فضاء للمحبة في هذا العالم المضطرب وشكراً للابرون جيمس اخانا الامريكي الذي اشاد بالشباب ومنتخب الجنوب وأعترف بصعوبة الفوز الذي تحصل عليه بشق الأنفس في اخر دقيقة.
في الرياضة أكد الجنوبيين ان المهمشين لهم القدرة في منافسة المحتكرين وان لجنوب العالم شيئاً يقدمه ليدخل البهجة والفرح في النفوس.
هذا الفريق يستحق اهتمام الدولة حتى لا يتوزع دمه في عولمة الرياضة المتوحشة التي اصبحت سلعة لا تهتم باعلام الدول، ان للجنوب مستقبلاً واعداً في الرياضة والثقافة والإبداع، والثقافة النفيسة أكثر تأثيراً من المعادن النفيسة.
في شهر يونيو الماضي وفي إستاد جوبا وفي المباراة بين فريقي السودان وجنوب السودان والتي انتصر فيها فريق السودان على فريق جنوب السودان، شدتني محبة الجنوبيين وسخريتهم وتضامنهم مع فريق السودان الذي تحيط به الحرب من كل جانب وتوقفت عند ما خطه دينق كوج بسخرية لاذعة وحديث الشابة سمحة النفس والمحيا مشاعر ستيفن التي قالت بانها تحتفي بالفرح الذي دخل قلوب السودانين من حزن الحرب واعطاهم امل جديد واضافت في الاخير نحن شعب واحد، وهذا صحيح اننا في الأصل رغم التنوع نأخذ من معين نفس القيم والتقاليد الراسخة وتربطنا الثقافة والدماء والمجتمعات والتاريخ والجغرافيا والمصالح في وحدة لا انفصام لعراها سنرسخها على اساس جديد مهما طال الزمن، ان الانتقاص من تاريخ السودان هو الذي ينتقص من جغرافيته.
ان رحلت عن هذا العالم يوماً فتأكدوا ان حبي لكم كان من غير حدود ولا ضفاف له، ومن غير أختام الجوازات والهجرة، ان الشمال والجنوب سيبتدران مولداً جديداً بينهم ومع جيرانهم الأقربين ومع الانسانية في البحث عن الإخاء والمحبة والمساواة وعن عالم عادل ومنصف للجميع دون تحيزات وظلم واطماع. ان فريق كرة السلة قد حقق حلم من احلام الجنوبيين وحتى تتوقف اجهزة البث العالمية عن الإسقاطات واسقاط جنوب السودان من ذاكرتها وان تذكره دون اخبار الحروب وليكن جنوب السودان مباركاً في الارض وفي السماء.
٢١ يوليو ٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: جنوب السودان ان الجنوب
إقرأ أيضاً:
???? مجلة أمريكية متخصصة: فريق بايدن يدفع باتجاه تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
تقول مجلة “ناشونال سيكيورتي ديلي” الأمريكية المتخصصة في أخبار البيت الأبيض و السياسة الأمنية و الخارجية الأمريكية، إن إدارة الريئس بايدن، في أيامها الأخيرة “تدفع بقوة صوب إطلاق حملة في اللحظات الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان والتي تحولت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم”.
وتضيف المجلة التي تعرف نفسها بأنها أداة لتمكين المتخصصين الأمريكيين في السياسات والمواد الاستخبارية اللازمة في تشكيل أولويات الحكومة، إن مسؤولي الإدارة الأمريكية يدرسون حالياً “خططاً لإعلان الفظائع التي ترتكب في السودان إبادة جماعية وإصدار حزمة من العقوبات الجديدة على ميليشيا سودانية تتنافس على السلطة في الحرب” ، وفقاً لما قاله أربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر لصحيفة “نات سيك ديلي”.
وتشير المجلة إلى أن هذه الإجراءات العقابية تتضمن فرض عقوبات على رأس “ميليشيا ما يُسمى بقوات الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي” دقلو ومؤسسات أخرى تابعة لقوات الدعم السريع”. كما تشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة سبق و اتهمت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، لكنها “اتهمت قوات الدعم السريع بالتطهير العرقي” في السودان.
ويشير الكاتبان السيد روبي جرامر و السيدة نهال توسي إلى أن مسؤولين وخبراء آخرين خارج الإدارة الأمريكية يضغطون على فريق الرئيس جو بايدن لتعيين مسؤول كبير في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “للإشراف على استمرار تدفق المساعدات الأمريكية والدولية إلى السودان المنكوب بالحرب في وقت تستعد واشنطن لتبادل كراسي الحكم بين إدارة جو بايدن وإدة دونالد ترامب”.
ويأتي هذا الضغط – وفق المجلة – في الوقت الذي يسافر فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نيويورك اليوم (الخميس) ليترأس اجتماعاً رفيع المستوى للأمم المتحدة بشأن السودان. وقبل اجتماع الأمم المتحدة، دفع المسؤولون الأمريكيون لإنشاء ممرات إنسانية جديدة إلى المناطق المتضررة بشدة في السودان، بما في ذلك الخرطوم، عاصمة البلاد.
و تقول المجلة إن هذه التدابير مجتمعة تعكس الدفعة الأخيرة التي يبذلها فريق بايدن لدفع التقدم نحو إنهاء الحرب الأهلية السودانية بعد جولات متعددة من محادثات السلام الفاشلة والضغوط المتزايدة من المشرعين الأميركيين والجماعات الإنسانية لبذل المزيد من الجهد خلال شهرهم الأخير في مناصبهم.
و تضيف المجلة أنه، وعلى الرغم من أنها لا تحظى إلا بجزء ضئيل من الاهتمام العام أو تتلقى إلا اليسير من تمويل الإغاثة الإنسانية مقارنة بما تحظى به الحروب في غزة أو أوكرانيا، إلا أن الصراع في السودان دفع الملايين من الناس إلى شفا هوة المجاعة.
” لقد أصبح السودان برميل بارود جيوسياسي”، حيث تتنافس القوى الأجنبية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران ومصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا على النفوذ بين الأطراف المتحاربة بينما تطيل الحرب وتزيد من تفاقمها.
وتقول المجلة إن إدارة بايدن تلقت انتقادات حادة من المشرعين الأمريكيين من أمثال السناتور جيم ريش (جمهوري من أيداهو)، الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لعدم بذلها ما يكفي من الجهد حتى الآن لمحاسبة من يحركون الحرب الأهلية السودانية.
ويقول الكاتبان إن “منظمات حقوق الإنسان انتقدت إدارة بايدن لعدم محاسبة الإمارات العربية المتحدة علنًا على دورها في الصراع أيضًا. وجرى اتهام الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على نطاق واسع بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع بينما تنفذ حملة من القتل الجماعي والاغتصاب في جميع أنحاء السودان.”
وقال السناتور بن كاردين (ديمقراطي من ماريلاند)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ المنتهية ولايته، لصحيفة نات سيك ديلي: “على الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهد. وعلى الإمارات العربية المتحدة التوقف عن تأجيج النار هناك”.
ونقلت المجلة عن كاميرون هدسون، الخبير في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أي إجراءات نهائية من جانب إدارة بايدن بشأن السودان يمكن أن “تحرر ترامب من الاضطرار إلى اتخاذ هذه القرارات” وتمكين المشرعين الذين يركزون على الصراع من “استخدام هذا كوقود لمواصلة دفع ترامب لمواصلة القيادة الأمريكية في السودان”. وقال: “أي زخم يمكن أن يأتي من هذا يصبح أمراً جيداً إذ سينتقل إلى الإدارة القادمة”.
وتشير المجلة إلى أن النظر في توصيف المليشيا بارتكاب الإبادة الجماعية أو الفظائع المتجددة على أنها أداة سياسية مهمة لحشد انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمة.
ووفقاً للمجلة فقد أكد مسؤولان إن وزارة الخارجية الأمريكية ما زالت تدرس إعلان الإبادة الجماعية، وهو ما يتطلب مراجعات قانونية وفنية داخلية مكثفة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بلينكين سيؤيد مثل هذا الإجراء. وقد حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من أن الصراع في السودان يشبه بشكل متزايد الإبادة الجماعية.
ورفضت وزارة الخارجية التعليق على الأمر على وجه التحديد، قائلة إنها لا تناقش العقوبات أو القرارات الجديدة علنًا ومسبقًا. وقالت إنها تدفع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية إلى السودان للوصول إلى المدنيين الأكثر ضعفًا في البلاد. ورفض مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض التعليق، وفقا للمجلة.
نيويورك – المحقق
إنضم لقناة النيلين على واتساب