رحيل من الباب الضيق.. نهاية بايدن المذلة
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
انسحب غير مأسوف عليه، ذلك العجوز الذي لم يردعه سنه ولا ضميره، عن المشاركة في الإبادة الجماعية التي ترتكب في فلسطين منذ 7 أكتوبر 2023، وتقترب من الشهر العاشر للعملية العسكرية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
بايدن الذي جاء إلى سدة الحكم واستبشر الناس به -وأنا واحد منهم- بأنه لن يسير على درب سلفه المتهور -دونالد ترامب- الذي اتضح بعدها أنه كان «نِسمة» مقارنة بما ارتكبه العجوز الحالي، من جرائم إنسانية يندى لها الجبين، شارك في قتل نحو 40 ألف فلسطيني، حتى هذه الساعة معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة نحو 100 ألف أو أكثر إذا ما أخذنا بالحسبان وجود آلاف الجثث أسفل أنقاض المنازل المدمرة في القطاع، التي تعجز عن الوصول إليها الأطقم الصحية في القطاع.
الرجل الذي يعيش «أرذل العمر» ببلوغه السنة الأولى بعد الثمانين، لم يترك فرصة في أن يصب العذاب صبَّا على المدنيين العزل في القطاع، إلا وأمسك بها، ولم يفلتها مرة واحدة مراعاة لإنسانية ولا لعمر ولا لضمير ولا إجماع عالمي مناهض للحرب، بل كان أسرع من الريح في التوقيع على صفقات أشد الأسلحة وأفتكها إلى الكيان المحتل، ليس ليقاتل بها جيشا نظاميا مدججا بأحدث الأسلحة والعتاد، ولكن ليقصف بها مربعات سكنية مكتظة بمئات العائلات التي تتوارى في شقق ضيقة خوفا من العمليات العسكرية.
لم يكن العجوز الذي انسحب من الانتخابات الرئاسية لأكبر دولة في العالم، غير مأسوف على انسحابه، كما كان وديعا في الدعاية الانتخابية قبل الفوز بمقعد الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، فقد اتضح القناع الدموي الذي أخفاه، واسبتداله بقناع القائد العالمي الذي يرفض العنف ويدعو إلى عالم متسامح.
رحيل الرجل الذي حرج من أضيق أبواب التاريخ، جاءت بسبب الصدع الذي بدأ يطفوا على السطح نتيجة الانقسام الجلي الواضح في الحزب الديمقراطي -ورمزه «الحمار»- على خلفية إخفاقه في المناظرة التي جمعته مع المرشح عن الحزب الجمهوري -ورمزه «الفيل»- دونالد ترامب منذ أيام، ما دعا شخصيات بارزة في الحزب ومنها نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، إلى مطالبة الرئيس الحالي بإعلان انسحابه، وترك الفرصة أمام نائبته كاميلا هاريس، لخوض السباق.
كما جاءت دعوات المطالبة بانسحابه، ليس لأنه «خَرَّف» أو لأن المنافس ترامب قوي أمامه، ولكن لما سببه من انقسام داخلي حاد في البلاد، فقد خرجت التظاهرات المناهضة لدوره المشين في أزمة غزة، ودعمه غير المسبوق للكيان في حربه على القطاع، وكان أبطال تلك التظاهرات الشباب الذين خرجوا بأرقام ضخمة في شوارع الولايات وميادينها الرئيسية، من مختلف الأيدلوجيات والعرقيات، فضلا عن افتراشهم ساحات الجامعات وتنظيمهم اعتصامات الأمر الذي لم يعجب السلطات فاستدعت الشرطة التي استخدمت العنف مع الطلاب.
بيد أن الرئيس الذي اشتهر بذلاته الغريبة وتصرفاته المريبة، التي شكلت حملات سخرية منه، تسبب في نفور داخلي من سياسته، فيرى الأمريكيون أن بلادهم تحت عباءة ذلك الرجل، وصلت لمرحلة سيئة السمعة أمام العالم، فإضافة لدورها في مد الكيان بالأسلحة الفتاكة لتدمير قطاع غزة، فقد عرقلت كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، لوقف الحرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وكان من الفجاجة والقبح أن أصدر الكونجرس الأمريكي تشريعا يسمح للولايات المتحدة باعتقال أفراد المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية توصية المدعي العام لها كريم خان، بإصدار قرارات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يواف جالانت، ما اعتبرته واشنطن اعتداء على حلفائها.
أضف إلى ذلك الانخراط الأمريكي في الحرب الروسية الأمريكية، ذلك التدخل الذى بدا واضحا بشكل لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، ودعم بايدن صراحة لأوكرانيا ومدها بجميع أنواع الأسلحة والمال، لإلحاق الهزيمة -بعيدة المنال- بروسيا، وسماحه علانية باستخدام الأسلحة الأمريكية لضرب أهداف روسية، ما رآه البعض جر العالم إلى حرب عالمية ثالثة، ستأكل الأخضر واليابس بسبب سياسة «جو» المتهورة.
ناهيك عن تصاعد الأزمات الاقتصادية الداخلية، وعلى رأسها زيادة نسبة البطالة، فضلا عن ملفات المهاجرين وارتفاع مؤشرات الجريمة وغيرها من الأمور التي رآها المجتمع الداخلي سوء إدارة من رجل فقد السيطرة على عقله.
على كل فقد وضع بايدن نهاية لمسيرته في البيت الأبيض، بإعلانه عدم ترشحه أمام ترامب -الذي بالكاد لن يكون الحمل الوديع-، ليخرج من الباب الضيق للتاريخ البشري، يجر أذيال الخيبة والخذلان، وتلاحقه دماء الآلاف من القتلى ودعوات المكلومين والأمهات الثكالى، ليفسح المجال أمام رئيس آخر يأتي ليسير على النهج نفسه، في زيادة جراح الفلسطينيين الذين لم يعرف التاريخ أسوأ فترة احتلال من التي يعيشوها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الإبادة الجماعية فلسطين الاحتلال الاسرائيلي الاحتلال غزة دونالد ترامب ترامب جرائم انسانية الأسلحة الكيان المحتل العمليات العسكرية الانتخابات الرئاسية الدعاية الانتخابية الحزب الديمقراطي الحزب الجمهوري نانسي بيلوسي مجلس النواب كاميلا هاريس الأمم المتحدة مجلس الأمن محكمة العدل الدولية المحكمة الجنائية الدولية الجنائية الدولية الكونجرس الامريكي المدعي العام كريم خان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو نتنياهو يواف جالانت جالانت الحرب الروسية الأمريكية الحرب العالمية الثانية الأسلحة الأمريكية حرب عالمية ثالثة البطالة المهاجرين
إقرأ أيضاً:
مبادرات إدارة ترامب للحل الدبلوماسي على المحك: ضرب العمق الروسي بصواريخ غربية.. توسيع للحرب أم نهاية للأزمة؟
في أجواء توتر غير مسبوقة تنتظر عواصم العالم بقلق تداعيات الضربات الصاروخية المتكررة التي يشنها الجيش الأوكراني على العمق الروسي باستخدام صواريخ أميركية وغربية بعيدة المدى، في أخطر تطور تشهده الحرب الأوكرانية منذ اندلاعها قبل 3 سنوت وأشاع مخاوف من أن يقود إلى مواجهة مباشرة بين روسيا ودول حلف “الناتو” في حرب عالمية صارت وشيكة أكثر من أي وقت مضى.
الثورة / أبو بكر عبدالله
لم يسبق للدول الغربية أن شرعت بإجراءات احترازية على سفاراتها ومصالحها في أوكرانيا وحتى على مستوى ترتيباتها الأمنية والعسكرية الداخلية، كتلك التي أعلنتها مؤخرا بعيد استهداف الجيش الأوكراني العمق الروسي بصواريخ أميركية وغربية بعيدة المدى، بعد ضوء اخضر أميركي أشعل أزمة عميقة مع روسيا التي اعتبرت الهجمات استخداما لأسلحة الدمار الشامل وحرب مباشرة على الاتحاد الروسي.
استخدمت أوكرانيا في ضربتين متتاليتين بالصواريخ الغربية على العمق الروسي، صواريخ من طراز (ATACMS) كانت واشنطن سملتها سرا إلى كييف في وقت سابق وأخرى غربية من طراز (GMLRS) و»STORM SHADOW» وأنظمة HIMARS الأمريكية لضرب مواقع استراتيجية داخل العمق الروسي في مناطق بريانسك وكورسك.
تلى الضربات الأوكرانية ترتيبات أمنية وعسكرية واسعة في العديد من العواصم الأوروبية التي سارعت على إغلاق سفاراتها في كييف بما فيها سفارة الولايات المتحدة بسبب مخاوفها من “هجوم واسع النطاق” فيما دعت بعض العواصم مواطنيها في أوكرانيا إلى مغادرة البلاد في تداعيات اثارت قلق الأمم المتحدة التي دعت أطراف النزاع إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمنع التصعيد، كما اثارت قلق الصين التي دعت إلى “الهدوء” ولا سيما بعد أن المحت روسيا إلى احتمال استخدم أسلحة فتاكة ونووية ضمن خياراتها للرد.
لكن موسكو اكتفت هذه المرة برسائل تحذير إلى حلفاء أوكرانيا الغربيين من خلال استخدامها لأول مرة أحدث صواريخها الباليستية العابرة للقارات والفرط صوتية التي يصعب اعتراضها من أنظمة الدفاع الجوي بالستية في قصف مجمع للصناعات العسكرية في دينيبرو الأوكرانية، وهي رسائل كانت واضحة بأن الاستمرار بتجاوز الخطوط الحمراء الروسية سيكون له عواقب وخيمة.
لم تكن رسالة التحذير هذه هي الوحيدة فالرئيس بوتين أصدر تحذيرا مماثل أكد فيه أن لبلاده الحق في استخدام الصواريخ الروسية الجديدة ضد المنشآت العسكرية للدول التي تستخدم أسلحتها ضد الاتحاد الروسي فضلا عن إعلانه أن موسكو ستخطر المدنيين الأوكرانيين ومواطني الدول الأوروبية الأخرى مسبقا مغادرة المناطق العسكرية التي يحتمل أن تتعرض للدمار بهذا النوع من الصواريخ، فيما أعلنت موسكو أن القاعدة الأميركية في بولندا ستكون هدفا ذو أولوية.
والصاروخ الروسي أوريشنيك” الذي استخدمته موسكو في الرد كان واحدا من أحدث أنظمة الصواريخ الباليستية الروسية ويصل مداه إلى أكثر من 5 آلاف كيلومترا، وبسرعة 10 ماخ في الثانية ما يعادل 2-3 كيلومترات في الثانية، ويحمل 6 رؤوس حربية ويصعب اعتراضه من انظمة الدفاع الصاروخي الغربية.
ورغم تكرار أوكرانيا استخدام الصواريخ الغربية في ضرب العمق الروسي مرتين، أن موسكو اختارت الرد الدبلوماسي ورسائل التحذير ربما بانتظار التغييرات المنتظرة في إدارة ترامب التي يتوقع أن تكبح طموحات كييف باستخدام الصواريخ البعيدة المدى، وربما بهدف التريث ما يمنح موسكو الوقت الكافي لتعبئة الشارع الداخلي ورفع حالة استعداده لخوض حرب واسعة مع دول “الناتو” وهي السياسة التي غالبا ما يتبعها الرئيس بوتين عند التعاطي مع التهديدات الغربية الكبيرة.
ومع ذلك يمكن القول إن البيان الذي أصدره الرئيس بوتين بهذا الشأن حمل رسالة بأنه حسم امره بقرار مهاجمة الأهداف الغربية، بعد تأكيده أن الصراع في أوكرانيا اكتسب عناصر ذات طابع عالمي وأن روسيا سترد بحزم على التصعيد، فضلا عن تلميحه بأن لدى روسيا خيارات أخرى بنشر المزيد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى اعتمادا على تصرفات العدو.
تصعيد مرتفع
هذه التفاعلات لم تكن الوحيدة التي طغت على مشهد الأزمة بين موسكو والغرب، فقد وافق الرئيس الروسي بالتزامن على أساسيات محدثة لسياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي، شملت السماح بتنفيذ الردع النووي ضد عدو محتمل سواء كان دولة أو تحالفات تعتبر روسيا عدوا، بما في ذلك الدول التي توفر الأراضي أو المجال الجوي أو البحري الخاضع لسيطرتها للتحضير للعدوان على روسيا الاتحادية، وتنفيذ سياسة الردع النووي بشكل مستمر في وقت السلم وخلال فترة التهديد المباشر بالعدوان وفي زمن الحرب.
ذهبت التحديثات في العقيدة النووية الروسية إلى اعتبار عدوان أي دولة من التحالف العسكري على روسيا الاتحادية وحلفائها عدواناً من هذا التحالف ككل، واعتبار العدوان على روسيا وحلفائها من قبل أي دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية هجوماً مشتركاً لهم، وأكثر من ذلك اعتبار إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي الروسية شرطا لاستخدام الأسلحة النووية.
ورغم مسارعة موسكو لإنجاز خطوة تعديلات عقيدة الردع النووي، إلا أن هناك معطيات عدة تشير إلى أن روسيا ليست بصدد استخدام أسلحتها النووية في هذه الجولة من التوتر، وهو امر أعلنه الرئيس بوتين بوضوح في بيانه الأخير إذ أكد أنه وفي حالة تصعيد الأعمال العدوانية، سنرد بنفس القدر من الحسم وبنفس الطريقة.
وطبيعة الرد الروسي العسكري غير النووي لا شك ستتوقف على مدى الأثر الذي يمكن أن تحدثه الضربات الأوكرانية بالصواريخ الغربية البعيدة المدى، ومدى قدرة روسيا على تحييد مثل هذا التهديد على المدى القصير، ومدى مبادرة الحلفاء الغربيين لفرض قيود على استخدام أسلحتها في شن هجمات على العمق الروسي.
مع ذلك يمكن القول إن لدى روسيا الكثير من الخيارات لتفعلها في المرحلة القادمة، كشن عمليات عسكرية على بعض الدول مشاركة في التحالف الغربي الداعم لأوكرانيا سواء برد تقليدي يشمل عمليات عسكرية مباشرة أو رد غير التقليدي على شاكلة شن هجمات الكترونية على البنى التحتية الحيوية في الدول الغربية لحشرها في فوضى اقتصادية وسياسية.
غير بعيد عن ذلك استهداف موسكو منشآت غربية تعمل في مناطق النزاعات في العالم عن طريق دعم أطراف دولية بالأسلحة الروسية لشن هجمات على المصالح الأميركية والغربية، أو توسيع روسيا النزاع لدول أخرى قريبة منها وأعضاء في حلف “الناتو” أو تفعيل مواجهات جديدة في مناطق توتر قائمة او دعم حركات تمرد في دول غربية أو دول حليفة لموسكو.
أهداف غربية
لنحو ثلاث سنوات من الحرب، لم تتوقف مراكز القرار الغربية ومراكز الأبحاث الدولية عن التحذير من مخاطر توسعها في حال سمحت واشنطن وحلفائها الغربيين لكييف باستخدام الأسلحة الغربية التي يمكنها الوصول إلى العمق الروسي غير أن هذه الخشية تحولت اليوم إلى واقع بعد استخدام الجيش الأوكراني صواريخ أميركية وغربية استهدفت مناطق العمق الروسي.
ومنح واشنطن الضوء الأخضر لأوكرانيا استخدام الصواريخ الغربية لضرب العمق الروسي بدا وكأنه إجراء اضطراري، فالرئيس بايدن اتخذ القرار في نهاية فترة ولايته الرئاسية، في ظل تراجع القدرات البشرية والعسكرية الأوكرانية، ولزيادة الضغط على روسيا من اجل مراجعة موقفها السياسي والعسكري وتقديم تنازلات في أي جولة مفاوضات قادمة.
اما أوكرانيا فالواضح أنها جازفت بهذه الخطوة قبل تسليم الإدارة الأميركية الجديدة زمام السلطة أملا في تحقيق أهداف سياسية وعسكرية، وفي المقدمة تعزيز الموقف التفاوضي لأوكرانيا وإرغام موسكو على إعادة توزيع مواردها العسكرية بما يخفف الضغط على الجبهات الأوكرانية ولمنح القوات الأوكرانية ميزة تكتيكية واستراتيجية عبر استهداف مناطق القوة الروسية أو مراكزها خلف خطوط القتال.
والمُرجح أن واشنطن تنبهت إلى ثغرات يمكن التسلل منها وتحقيق إنجازات ميدانية على شاكلة العملية الأوكرانية التي استطاعت التوغل في منطقة كروسك الروسية، من أجل إعادة تشكيل المشهد الميداني لصالح كييف، في ظل التقديرات التي تحدثت عن احتمال أن يقود ذلك إلى إحداث تأثير داخلي وضغوط على القيادة الروسية للجلوس على مائدة التفاوض دون شروط مسبقة.
من ذلك شن هجمات يمكنها أن تعطل الإنتاج العسكري الروسي باستهداف مصانع الأسلحة والذخائر أو المنشآت التي توفر الدعم اللوجستي للجيش الروسي، أو حتى استهداف بنى تحتية حيوية في روسيا كمحطات توليد الطاقة والتي ستؤدي بلا شك إلى أضعاف الروح المعنوية للجيش وللشعب الروسي، الذي بدأ يطالب حكومته بتوجيه الأسلحة النووية صوب المدن الغربية والأميركية.
سيناريوهات التسوية
كل التوقعات تشير إلى أن إدارة ترامب ستتبنى موقفًا أكثر حذرا تجاه استخدام أوكرانيا للصواريخ الأمريكية بعيدة المدى، مع الاستمرار في سياسة واشنطن بدعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها بالأسلحة التقليدية دون الانزلاق نحو تصعيد عسكري واسع مع روسيا مع السعي لإنتاج حلول سياسية للنزاع.
يعزز ذلك موقف ترامب المعلن سابقا من الحرب في أوكرانيا، ورغبته في تخفيف التوترات مع روسيا، ورؤيته العامة حول تدخل الولايات المتحدة في النزاعات الدولية، حيث أعلن ترامب سابقا عن تحفظه تجاه الإنفاق العسكري الأمريكي الكبير لدعم أوكرانيا، ما يعني أن إدارته لن تسمح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية في عمليات تصعيدية لضرب العمق الروسي.
وفقا لذلك فإن المحتمل كثيرا أن تفرض إدارة ترامب قيودا صارمة على استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية بعيدة المدى، أو على الأقل حظر استخدامها لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية، مع تحريك عجلة المفاوضات الدبلوماسية لإيجاد تسوية نهائية للحرب.
وهذا الخيار على أنه الأكثر ترجيحا من إدارة ترامب، إلا أنه يبقى مرهونا بطبيعة التطورات الميدانية والآثار التي يمكن أن تحدثها الهجمات الأوكرانية على الداخل الروسي، كما تبقى مرهونة بمستوى ضغوط الحلفاء على موسكو وأكثر من ذلك الأولويات التي ستركز عليها إدارة ترامب في سياستها الداخلية والخارجية.
وعلى أن الحلفاء الغربيين لن يستطيعوا التأثير على أي سياسات ودية تبديها إدارة ترامب تجاه روسيا إلا أن أكثر ما يخشونه هو أن تقود إدارة ترامب مبادرات للتسوية الدبلوماسية تلبي مطالب موسكو في الخطوط الحمراء لأمنها القومي والتعامل مع الأمر الواقع في المناطق التي ضمتها روسيا إلى أراضيها ووضع أوكرانيا المحايد في المستقبل، كون ذلك سيعني انتصارا لروسيا في الحرب وهزيمة للدول الأوروبية التي انخرطت في التحالف الأميركي لدعم أوكرانيا وأضعاف روسيا.