إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين مع التحية
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
تأمُلات
إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين مع التحية
كمال الهِدَي
. ككاتب سوداني ربما يبدو عنوان المقال غريباً بعض الشيء، حيث يفترض أن يخاطب أي كاتب حكومة بلده متى ما كانت هناك قضية تستوجب مخاطبة الحكومات مباشرة.
. لكنني لم أفعل المعتاد، ولجأت لما هو غير مألوف لأن عشمي وعشم من أريد طرح قضيتهم الهامة لا متناهي في حكومة المملكة العربية السعودية التي عودتنا على الوقفة المشرفة مع مواطني بلدنا متى ما احتاجوا لعونها وسندها.
. وهو، أي هذا العشم معدوم في حكومتنا ووزارة خارجيتنا التي دائماً ما كان المواطن آخر اهتماماتها، فهي تصب جُل تركيزها في معظم الأحايين على وضعية دبلوماسييها وتنقلاتهم للمحطات التي يجنون فيها الأموال دون أن يقدموا الخدمات اللازمة لرعاياها في هذه المحطات ( إلا من رحم ربي منهم)، وهؤلاء لم ولن يكونوا القاعدة، بل يمثلون الإستثناء.
. ولو أن حكومتنا ووزارة خارجيتها تعنى بشئون مواطنيها لما إستغاث بنا بعض بني جلدتنا ممن تستضيفهم المملكة العربية السعودية.
. فكما تعلمون جميعاً ومنذ بداية هذه الحرب العبثية فتحت المملكة المضيافة أبوابها للسودانيين ومنحت أعداداً كبيرة منهم زيارات سنوية تُجدد بين الفينة والأخرى على أمل أن تتوقف الحرب اللعينة التي قضت على الأخضر واليابس في وطننا لتعود هذه الجموع لبلدها حاملة معها أطيب المشاعر تجاه المملكة حكومة وشعباً.
. لكن ضيوف المملكة من السودانين الفارين من الموت والدمار والباحثين عن أمن وطمأنينة وجدوهما في أرض الحرمين الشريفين، هؤلاء الضيوف يتألمون كل يوم وهم يرون فلذات أكبادهم يجلسون إلى جوارهم بدلاً من أن تحتويهم حجرات الدراسة كسائر رصفائهم في البلدان التي تحترم مواطنيها وتهتم بمستقبل أجيالها.
. ومعلوم أن أنظمة المملكة تتطلب حصول الطالب علي الإقامة لكي يُقبل في مدارسها الحكومية والخاصة التي تدرس المنهج السعودي، لكن هذا الشرط أُسقط بكرم من خادم الحرمين الشريفين في حالة مواطني الشقيقتين سوريا واليمن حين إشتعلت فيهما الحروب وأُضطر أهلهما للنزوح.
. وبالطبع لكي يحصل مواطنو أي بلد على إستثناء من هذا النوع لابد أن تخاطب حكومة هذا البلد الجهات المعنية في البلد المُضيف.
. لكن لأن العديد من سفاراتنا لا تهتم برعاياها كما أسلفت لم تتكرم سفارتنا في الرياض ولا وزارة الخارجية السودانية بتقديم طلب لحكومة المملكة في هذا الخصوص.
. وكيف يفعلون ذلك وهم من يسعون دوماً لإكتناز الأموال من فرض الرسوم والجبايات والدخول في مجالات التجارة وعمل كل ما بوسعهم لتحقيق أكبر منفعة مادية غير آبهين بما يعانيه مواطنهم!
. وأمام مثل هذا الواقع المؤسف ليس أمامنا سوى مناشدة حكومة المملكة بأن تتكرم بمخاطبة مشكلة الكثير من الأسر السودانية التي لا تستطيع توفير المال اللازم لإلحاق أبنائها ببعض المدارس الخاصة (مدارس الجاليات) وهم في هذا الوضع الصعب.
. ولأن أقسى ما يمكن أن يواجهه أي أب أو أم هو مجرد التفكير في ضياع مستقبل فلذات الأكباد، أتمنى مخلصاً أن تلتفت حكومة خادم الحرمين الشريفين لقضية هؤلاء الآباء والأمهات وتخفف عنهم آلام هذه الحرب- التي لا تنتهي- بقبول أبنائهم في المدارس الحكومية بشكل مؤقت كإستثناء لا أشك في أنه سيدخل البهجة في نفوس أولياء الأمور وسيرفعون جميعاً أكفهم بالدعاء لخادم الحرمين ولإبنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على مثل هذه الوقفة النبيلة وتفهم ظروفهم القاسية.
.
ومثلما بادرت حكومة المملكة بإجلاء الكثيرين من السودان بعد اندلاع الحرب، وكما فتحت أبوابها للآلاف من أبناء وطننا، ودشنت منبر جدة في محاولة لإيقاف هذه الحرب المدمرة، لن يعز عليها تكرم خادم الحرمين وحكومته بتخفيف معاناة الكثير من العائلات السودانية النازحة وإدخال البهجة في نفوسهم ونفوس أبنائهم.
. والمرء لابد أن يتساءل عن تجاهل سفارتنا هناك لقضية بهذا الحجم، وهل يا تُرى تتضارب مصالح بعض مسئوليها مع توفير مقاعد للدراسة المجانية لأعداد من أبناء النازحين السودانيين في المملكة، أم أنهم سعداء بضياع مستقبل هؤلاء الصغار.!!
.
عموماً ما دامت القضية كبيرة وهي تتعلق بمستقبل عدد ليس بالهين من التلاميذ السودانيين رأينا أن نخاطب الكبار مقاماً في حكومة المملكة على أمل أن يُسارعوا بحل أزمة هذه العائلات السودانية التي فرضت عليها الحرب القذرة النزوح.
kamalalhidai@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: خادم الحرمین الشریفین حکومة المملکة
إقرأ أيضاً:
ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.
لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.
بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.
بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.
نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.
في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.
وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.
لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.
لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.
اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.
ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.
وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.
لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.
هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب