زهير عثمان حمد

مر عام على اندلاع الحرب في السودان، وهي حرب تميزت بتعقيداتها وتحولاتها المتعددة. وللنظر في الأسباب الجذرية للأزمة السودانية، يجب علينا أن نفحص العقل السوداني والعوائق التي تكبله، خاصة المفاهيم البالية وتعظيم القبلية، بالإضافة إلى ضعف الإصغاء للمتعلمين من العامة.

التصاعد العسكري وتحديات القيادة
اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.

كانت محاولات التوصل إلى حل قبل الانفجار المسلح قائمة، ولكن الأمور تفاقمت بسرعة. استخدم الجيش سلاح الطيران لتدمير مقرات هامة لقوات الدعم السريع، مما أدى إلى تصاعد العنف وتفاقم الأوضاع الإنسانية.

التحديات السياسية
تباينت رؤى الجيش وقوات الدعم السريع حول دمج الأخيرة في الجيش السوداني، وهو ما أدى إلى تعثر الوساطات الإقليمية والدولية في تحقيق تقارب بين الأطراف المتنازعة. هذه التحديات السياسية تعكس عمق الأزمة في الذهنية السودانية التي تعاني من التكبيل بالمفاهيم البالية وتعظيم القبلية.

التأثيرات الإنسانية
أدى تصاعد القتال في المدن إلى نزوح العديد من السودانيين إلى دول الجوار، وتضررت الحياة اليومية للمدنيين بشكل كبير. هذه التأثيرات تظهر الحاجة الملحة لإعادة النظر في الذهنية السودانية وتعزيز الحوار البناء والمصالحة الوطنية.

المثقفون السودانيون: الدور والأداء
يلعب المثقفون السودانيون دورًا حيويًا في تشكيل الفكر والمجتمع. ولكن، هناك تحديات كبيرة تواجههم في ظل الأزمة الحالية:

التوعية والتثقيف:يعمل المثقفون على نشر الوعي والمعرفة بقضايا السودان، من خلال كتابة المقالات وتنظيم الندوات لتوجيه النقاش.
ومع ذلك، يواجهون مقاومة من المجتمع المكبل بالمفاهيم البالية والقبلية.
الإبداع والفنون: يساهم المثقفون في الإبداع الأدبي والفني، من خلال الشعر والرواية والمسرح والفنون البصرية.
تعكس أعمالهم تجاربهم ومشاعرهم، ولكنها قد لا تصل إلى جمهور واسع بسبب ضعف الاهتمام من العامة.
النقد والتحليل:يقوم المثقفون بتحليل الأحداث والتطورات السياسية والاجتماعية، وتقديم وجهات نظر نقدية.
بالرغم من ذلك، غالبًا ما يتم تجاهل آرائهم من قبل النظام والجمهور على حد سواء.
المحافظة على الهوية الثقافية:
يعملون على الحفاظ على التراث الثقافي واللغة السودانية، ويروجون للقيم والتقاليد.
لكن التحديات التي يواجهونها في مجتمع لا يقدر تعليمهم تعيق جهودهم.
أزمة العقل السوداني: التحليل والانتقادات
أزمة العقل السوداني تتجلى في عدة مظاهر، من أبرزها:

التكبيل بالمفاهيم البالية: تعتمد العديد من العقول على مفاهيم قديمة لم تعد تتناسب مع تطورات العصر.
تعظيم القبلية يساهم في تقسيم المجتمع ويضعف من وحدته وتقدمه.
ضعف الإصغاء للمتعلمين:
يعاني المجتمع السوداني من ضعف الاهتمام بآراء المتعلمين والمثقفين.
هذا الضعف يؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها، حيث يتم تجاهل الحلول المقترحة من قبل الخبراء.
نحو حوار بناء ومستقبل أفضل
المثقفون السودانيون لهم تاريخ طويل من المساهمة في الفكر والثقافة السودانية. يجب علينا أن نتعامل مع جميع قطاعات وقبائل المثقفين بمختلف توجهاتهم الفكرية بنظر الاختلاف التحليلي لا التجريم، وجعل الأمر حوارًا لا واقعًا تقريرياً، خاصة في هذه الظروف التي نسعى فيها للوحدة الفكرية بيننا.

الحرب في السودان ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي أزمة عميقة في العقل والذهنية السودانية. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في مفاهيمنا وتقدير آراء المتعلمين من أجل بناء مستقبل أفضل. من خلال تعزيز الحوار البناء واحترام التنوع الفكري، يمكننا تجاوز هذه الأزمة وبناء سودان جديد ومزدهر.

 

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العقل السودانی

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتقدم بمواقع جديدة والبرهان يتفقد مدينة شندي

حقق الجيش السوداني تقدما في مواقع جديدة -أمس الاثنين- بمنطقة شرق الخرطوم والخرطوم بحري وشرق النيل التي يطوقها من الريف الشرقي، كما قصف مواقع الدعم السريع في ضاحية كافوري. في حين وصل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الجنرال عبد الفتاح البرهان إلى مدينة شندي وتفقد قواته هناك.

ويأتي هذا التطور بعد يومين من فك الحصار عن القيادة العامة وسط الخرطوم، وسلاح الإشارة، ومقر تابع لجهاز المخابرات يقع بالقرب منه في الخرطوم بحري، ليبدأ الجيش في تنفيذ المرحلة الثالثة من العملية العسكرية التي أطلقها في 26 سبتمبر/أيلول الماضي.

وقالت مصادر عسكرية إن الجيش انفتح في أجزاء من شرق الخرطوم قرب كلية الرباط في ضاحية بُري، كما انتشر في الجبهة الجنوبية قبالة القيادة العامة لجسر القوات المسلحة-كوبري كوبر.

وأفادت المصادر بتقدم قوة من الجيش في أجزاء واسعة من أحياء العزبة وكافوري بمحلية شرق النيل بالخرطوم بحري.

وحرك الجيش قوات من مصفاة الجيلي شمالي الخرطوم بعد استعادتها وتأمين محيطها إلى الشرق، نحو محلية شرق النيل في أحياء عد بابكر ورام الله، حيث يتوقع أن تلتحم مع المتحرك الذي ينفتح في أحياء كافوري.

أم درمان والخرطوم بحري (الجزيرة) قصف مواقع الدعم السريع

وأشارت المصادر إلى أن الجيش قصف بالمدافع الثقيلة، من أم درمان الواقعة على الضفة الأخرى لنهر النيل، مواقعَ الدعم السريع في كافوري حيث شُوهد تصاعد أعمدة الدخان في المنطقة.

إعلان

وتعد كافوري وشرق النيل معقلين رئيسيين للدعم السريع التي شدد قائدها في الخرطوم بحري الحراسةَ على موقع سكنه في كافوري بعد تقدم الجيش خلال الأيام الماضية.

وتنتشر قوات الاحتياطي المركزي في إدارية أبو صالح التابعة لريف شرق النيل، وذلك لمنع أي تسلل من الدعم السريع التي تحاصرها قوات أخرى شرق الجزيرة.

واستمر الجيش في التقدم البطيء في أحياء المؤسسة والشعبية والصافية بغرض الوصول إلى المحطة الوسطى، تمهيدا لعبور جسر المك نمر لملاقاة القوة المرجح تحركها من القيادة العامة إلى القصر الرئاسي ومؤسسات الدولة والسوق العربي.

وذكرت المصادر أن الجيش أجرى تمشيطا واسعا في أحياء المزاد والشعبية جنوبي الخرطوم، مع تنظيم عمليات إجلاء للسكان المتبقين في هذه الأحياء.

واستطاع الجيش استرداد مواقع واسعة في أم درمان والخرطوم بحري، لكن لا يزال أمامه خطوات مهمة لتطويق الدعم السريع بالخرطوم تتمثل في ربط قواته في المقرن وقاعدة المدرعات وأحياء جنوب العاصمة بالقيادة العامة.

البرهان في شندي

بدوره، وصل -اليوم الثلاثاء إلى مدينة شندي- رئيسُ مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وتفقد الفرقة "3 مشاة" ورافقه مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ميرغني إدريس سليمان.

وفور وصوله، تدافع المواطنون لاستقبال الجنرال رافعين شعارات "جيش واحد شعب واحد" معبرين عن فرحتهم بالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى في مختلف المحاور.

وحيا رئيس مجلس السيادة مواطني مدينة شندي مشيدا بوقفتهم الصلبة مع القوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة.

كما تلقى الجنرال تنويرا من قائد الفرقة الثالثة مشاة بشندي حول الوضع الأمني ومستوى استعداد ضباط وضباط صف وجنود الفرقة في معركة الكرامة الوطنية، مشيدا بالتضحيات التي قدمتها في سبيل بسط الأمن والاستقرار.

إعلان هجوم على الفاشر

ومن جانب آخر، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة الهجوم "المروع" على المستشفى الرئيسي بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، والذي أسفر عن مقتل 70 شخصا الجمعة الماضية، حسبما أفاد المتحدث باسمه أمس.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام الأممي إن هذا الهجوم المروع -الذي ضرب المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل في أكبر مدينة بدارفور بعد أكثر من 21 شهرا من الحرب- يترك النظام الصحي بالسودان في حالة يُرثى لها.

وأضاف أن الأمين العام يؤكد أنه بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب احترام الجرحى والمرضى، وكذلك العاملين في المجال الطبي والمرافق الطبية، وحمايتهم بشكل دائم، داعيا إلى محاسبة المسؤولين عن مثل هذه الانتهاكات.

وقد أسفر الهجوم الذي استهدف المستشفى السعودي بمدينة الفاشر -التي تحاصرها قوات الدعم السريع- إلى مقتل 70 شخصا وإصابة 19 آخرين بين المرضى ومرافقيهم، وفقا لمدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس.

ومن جانبه قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمس إن مكتبه يعتقد أن "جرائم دولية تُرتكب بلا شك في دارفور".

وأضاف كريم خان -لمجلس الأمن الدولي- أنه يتم اتخاذ خطوات لتقديم طلبات لإصدار أوامر اعتقال فيما يتعلق بالجرائم المزعومة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن اتساع سيطرته في الخرطوم بحري
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على وسط مدينة بحري شمال الخرطوم
  • الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع
  • مقار الجيش أكبر من أن يدخلها كل انتهازي ولاعب ليدو وتحديات وجولات تيك توك
  • الجيش السوداني يحقق تقدما قويا في الخرطوم ويسيطر على مواقع استراتيجية
  • الجيش السوداني يتقدم بمواقع جديدة والبرهان يتفقد مدينة شندي
  • رئيس أركان الجيش السوداني: وصلنا إلى نقاط فاصلة
  • قراءة تفكيكية في كتاب العقل السوداني.. تفكير مضطرب وذاكرة مثقوبة للصحافي فائز السليك
  • محمد حامد: ثبوت صحة أن الجيش السوداني يدير عمله على وضعية (باص وخانة)
  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بالمسؤولية عن حريق مصفاة الخرطوم للنفط