لمحات من تاريخ الخرطوم ونشأة الضرائب
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
لمحات من تاريخ الخرطوم ونشأة الضرائب
يرويها الاستاذ محمد سيد احمد الحسن
حررها عادل سيد احمد
(الجزء الخامس)
وكان السوق مقسم الى زنوكة (جملونات)، وكما ذكرنا من قبل كانت تلك الزنوكة متخصصة، فزنك اللحمة مخصص للحوم، وزنك الخضار مخصص للخضروات وكذا زنك الفواكه، ومن يريد ان يشتري فانه يعرف بسهولة اين يجد ما يريد.
وكان للأوروبيين جزارات خاصة بهم، ولا يعرضون اللحوم مكشوفة، فانت لا ترى اللحوم لانها موضوعة في ثلاجات، ومن يريد ان يشترى لحمة فانه يطلب ما يريد بالاسم؛ كستليتة، دوش، بيت كلاوي وهكذا اما في الجزارات المخصصة للسودانيين فان اللحوم تكون معروضة مكشوفة ومعلقة في المحل ويشير من يريد الشراء الى القطعة التي يرغب فيها قائلا:
- اديني من دي!
ومن لا يعرف اسماء اللحوم لا يستطيع ان يشتري من جزارات السوق الافرنجي على عكس السوق العربي حيث تكفي الاشارة.
ودخلت اللحوم المصنعة الى السوق الافرنجي: السجوك والمارتديلا والبسطرمة، وهي لحوم تضاف اليها بهارت معينة وتتحضر بطريقة خاصة. واغلب السودانيين يعرفون السجوك (النقانق)، ولكنهم لا يعرفون المارتديلا والبسطرمة، والبسطرمة عبارة عن لحمة تفرم وتتبهر وتضاف لها كمية كبيرة من الحلبة وتعلق وتترك لمدة اربعة او خمسة ايام لتجف، وتصير مثل الشرموط ثم تقطع لشرائح بمناشير كهربائية وتؤكل بحالتها الراهنة (نيئة)، او تقلى في الزيت، وكان من عيوبها ان الشخص الذي يأكلها يعرق عرق برائحة الحلبة.
جنوب الخرطوم، في الديوم والاماكن التي ليست بها اسواق، كان الذبيح يسمى (كيري)، وهي ليست خاضعة للفحص والاشراف البيطري، ولا التسعيرة، وتذبح البهيمة ويوزع لحمها الى اكوام مشكلة (عشرون كوم مثلا)، وتجد في الكوام الواحد قطع مختلفة من اللحوم: الراس، الكرشة، الفخذ...
وكان جزارو الكيري متهمين بأنهم يختارون البهائم الهزيلة والمريضة، وبعض الناس قالوا انهم يبيعون الميتات واخرين قالوا انهم يعرضون لحوم القطط والكلاب.
وكان المقتدرين يتفادون اللحمة الكيري لانها كانت، على العموم، ذات سمعة سيئة.
وكان هناك ما يميز الناس في تلك الفترة، فقد كان يحتفلون بشكل مستمر، فقد كان هناك احتفال بالمولد النبوي الشريف، احتفال بسفرة رمضان، احتفال براس السنة احتفال بعيد ميلاد الملكة، بمعنى ان الفرح كان دائما ومقيم. والاحتفالات كانت ترعاها الدولة، كانت هناك مارشات وموسيقى وجيش، يسيرون في مسيرات تجوب الخرطوم، يتبعهم الاطفال والنساء الذين يتجمهرون في الشوارع للمشاهدة، وكان الجيشان المصري والسوداني يشاركان في تلك الاحتفالات. ويمتطي قائد الطابور (ويكون ضابطا في الغالب) حصانا ابيض خلفه مجموعة خلفها مجموعة وورائهم رجالات الطرق الصوفية ويعملوا (هيصة) يعني. وهذا النوع من الفرح غير موجود الان.
ايضا كانت هناك ميزة اخرى غير موجودة الان، وهي احترام الوقت وتقديسه، فالخرطوم كان فيها اماكن كالكنيسة الانجليزية فيها جرس شبيه بساعة (بق بن)، يقرع كل ربع ساعة والساعة نفسها كانت كبيرة وكانت شوكاتها مرئية من على البعد؟ وكانت هناك صافرة السكة حديد وتدق في السادسة والثانية عشر صباحا ومساء. وتدق في رمضان للإفطار، وكان هناك شيء يشبه الجرس (قطعة كبيرة من الحديد) تضرب بيد تشبه المدق وتصدر دويا هائلا، وكانت تضرب على راس الساعة. وكان هناك ساعات في الكنيسة الانجليزية والانجلكانية، والمديرية كان بها ساعة كبيرة، وفي كل مكتب حكومي (صغر ام كبر) كانت توجد ساعة حائط، وفي اي موقع في الخرطوم، عندما تريد معرفة الوقت، تلتفت لترى ساعة الكنيسة وغيرها.
وعلق الاستاذ حمد النيل عبد القادر على هذه الجزئية فقال:
- الساعات كانت على جدران الفصول في مدرستنا الريفية الوسطي التابعة لبخت الرضا... واذكر انه كانت هناك ساعة معدنية معلقة على الجدار الخارجي لمكتب الناظر كانت تسمى الساعة الشمسية لأنها تحسب الوقت بالظل فالمدرسة قديمة بنيت عام 1908م.
amsidahmed@outlook.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: کانت هناک کان هناک
إقرأ أيضاً:
عمرو سعد:" دخلت معهد السينما وسقطت وكان عندي ثقة في نفسي"
انطلقت منذ قليل ندوة خاصة للفنان عمرو سعد ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث توافد محبو السينما والنقاد لحضور هذا اللقاء المميز. تركزت الندوة حول مشوار عمرو سعد الفني وتجربته السينمائية، حيث شارك الجمهور بقصص وكواليس من أعماله الفنية، بالإضافة إلى الحديث عن رؤيته حول السينما المصرية ومستقبلها.
تحدث عمرو سعد عن التحديات التي واجهها خلال مسيرته، وكيفية اختياره للأدوار التي قدمها، خاصة تلك التي تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة.
كما تناول تطور السينما في مصر، وأهمية المهرجانات السينمائية في دعم صناعة الأفلام المحلية وجذب انتباه الجمهور العربي والدولي.
وقال “سعد”: " كان عندي ثقة في نفسي وكان هو قرار يعني لازم تشتغل جامد جدا جدا علشان تعمل حاجة، ولا مره وأنا في الجامعه شكيت أني مش هوصل كان عندي يقين اني هوصل بالرغم أن أنت شاب فقير بتوفر ثمن المواصلات بصعوبه ومتأكد أنك بطل سينمائي كنت بعدي على سينما كايرو كل يوم عند السينما دي مترو بوسط البلد واشوف الافيشات وأنزل المترو ويشاء السميع أن أول أفيش يتحط على سينما كايرو أول ما شوفت الأفيش بكيت".
عمرو سعد يُعد واحدًا من أبرز نجوم السينما والتلفزيون في مصر والعالم العربي. وُلد في 26 نوفمبر 1977 في القاهرة، وبدأ مشواره الفني في أواخر التسعينيات، حيث عمل في البداية في أدوار صغيرة قبل أن يبرز كواحد من أهم الممثلين الشباب في جيله.
تميز عمرو سعد بموهبته الفريدة وقدرته على تقديم أدوار متنوعة تتراوح بين الأدوار الدرامية والاجتماعية، وحتى الأكشن والرومانسية. قدم مجموعة من الأعمال السينمائية التي لاقت نجاحًا واسعًا، مثل “حين ميسرة”، و”دكان شحاتة”، و”مولانا”، وهي أفلام ناقشت قضايا اجتماعية وسياسية جريئة، وأثبتت موهبته وقدرته على تجسيد شخصيات مركبة ومعقدة.
عمرو سعد معروف بأدائه الصادق والعميق، ويُشيد به النقاد لقدرته على نقل مشاعر الشخصيات التي يؤديها بواقعية وتأثير. حصل على العديد من الجوائز عن أدواره المتميزة في السينما، وأصبح أحد أبرز الأسماء في صناعة الأفلام المصرية.
إلى جانب السينما، شارك عمرو سعد في العديد من الأعمال التلفزيونية الناجحة، مما أكسبه جماهيرية واسعة لدى المشاهدين في مصر والعالم العربي. يتميز أسلوبه بالالتزام بتقديم محتوى يحمل رسائل اجتماعية وإنسانية، وهو ما جعله يحظى بتقدير النقاد والجمهور على حد سواء.
يواصل عمرو سعد تحدي نفسه من خلال اختيار أدوار جديدة ومختلفة، وهو معروف بقدرته على التنوع في اختيار الشخصيات التي يؤديها، مما يجعله دائمًا في طليعة نجوم السينما والتلفزيون في مصر.