"سديه تيمان".. مقصلة الاحتلال لأسرى غزة
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
غزة - مادلين خلة - صفا
جروحٌ غائرة حفرتها الأغلال والقيود بأرجلهم وأيديهم، وأمراض جلدية تركت نتوءات ملتهبة، وسيولٌ من الدموع انهمرت من جفونهم المتورمة والتي لم ترى النور منذ خمسة أشهر.
ما حدث معهم ويحدث مع من بقي في معتقل "سديه تيمان"، لا يمكن وصفه بالكلمات؛ فالضرب والتنكيل والشبح والإهانات الشفهية والجسدية كلها جزءُ من مسلسل التعذيب، فضلاً عن سرد أكاذيب عن عائلاتهم ضمن الحرب النفسية التي يخوضها الجيش الإسرائيلي بحق الأسرى الغزيين.
يُذكر أن "سديه تيمان" يُطلق عليه أيضًا المعسكر الميداني اليمني، حيث أنه قاعدة عسكرية متعددة الوحدات تتبع للقيادة الجنوبية لجيش الاحتلال، ويقع على بعد 5 كيلومترات غرب بئر السبع.
فالجيش الذي يتبنى عبارته المزعومة أنه "الأكثر أخلاقية"، عبارة أضافت شهادات الأسرى المفرج عنهم من المعتقل مزيدًا من كشف زيف تلك العبارة، خصوصًا لذلك السجن الموصوف بأنه مقصلة أسرى غزة.
"اعتُقلتُ فوجدت الأسرى معلقين لمدة تتجاوز 10 ساعات، وأحيانًا ليوم أو اثنين".. ذكرى يتمنى وليد الخليلي أن تُمحى من مخيّلته حين عُلّق جسده ثلاثة أيام، وهو يروي تفاصيل رحلة عذابه في معتقل "سديه تيمان" بعد الإفراج عنه.
ويًضيف: "ألبسونا كلنا حفاضات كالتي يستعملها الأطفال، وزجّوا بنا في زنازين صغيرة وعتمة، وحين أخرجوني إلى ساحة المعتقل كان يومًا ماطرًا ولم أكن أرتدي ما يقيني برد الشتاء، عدا عن ذلك؛ فقد سكبوا عليّ ماءً مثلجًا".
ويقول الخليلي: وضعوا حول رأسي طوقًا كهربائيًا يُحدث رعشاتٍ في جسدي، وقضبانًا معدنية موصلة للكهرباء حول أقدامي، فيما كان السجّانون يتضاحكون".
وإلى جانب حرب التجويع التي كان السجانون الإسرائيليون يتعمدون ممارستها بحق الأسرى في "سديه تيمان" لفتراتٍ قد تمتد لأسبوعٍ، -بحسب الخليلي- يؤكد أن أقرانه الآخرين تعرضوا لقطع اليد جراء تعليق أجسادهم لفتراتٍ طويلة، فيما قضوا آخرين جراء ذلك بعد نوبات صراخٍ هستيرية.
ويقول الأسير المفرج عنه: "كانوا يحققون معنا حول مكان قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، فيما كنتُ أؤكد للمحققين أنه لا علم لديّ بجواب ذلك، لتُعاد كرّة التعذيب مجددًا".
ويروي أسرى آخرون أُفرج عنهم مؤخرًا من ذلك المعتقل الذي يموتون فيه "جوعًا وبردًا وحرًا وتعذيبًا"؛ أنهم تعرضوا للصعق الكهربائي والاختناق في جو شديد الحرارة، كأن يُجبر أسرى على الصعود إلى حافلةٍ مغلقة ويتم تشغيل تكييف بدرجة حرارة لا تُطاق
وحتى في "إسرائيل" ذاتها، فقد عمدت مؤسسات حقوقية إلى المطالبة بإغلاق ذلك المعتقل بسبب ظروفه اللاإنسانية، في سجنٍ يقول من جرّب من اعتقل فيه أنه بلا ضباطٍ مسؤولين يُمكن الحديث معهم لنقل شكواهم جراء عدم الرقابة هناك.
كانت تلك حلقةً صغيرةً من التعذيب الجسدي، أما نفسيًا فقد كان طاقم ذلك المعتقل يتفنّن في ممارسة تدمير النفسية من خلال عرض صورٍ لأقارب المعتقلين ويزعمون أنهم قتلوا عائلته أو اعتقال شقيقة أسير أو تشريد أسرة آخر.
وكانت لعشرات الأسرى الذين أفرج عنهم من "سديه تيمان" ندوبٌ متشابهة إلى حدٍ كبير على أيديهم وأرجلهم، وهو ما يدلّل على تعرضهم لنفس النهج من التعذيب؛ عدا عن حالات اغتصاب تحدث عنها لتلفزيون "العربي" المحامي خالد محاجنة والذي زار المعتقل.
وتقول تقارير إن ذلك المعتقل سيء الصيت يضم جثامين لنحو 1500 شهيد منذ بدء العدوان في الخريف الماضي.
وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، قدّر أن أعداد أسرى غزة ليس معروفًا تمامًا وأنه قد يكون في حدود ثلاثة آلاف من غزة طوال شهور العدوان.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: سديه تيمان سدیه تیمان
إقرأ أيضاً:
تحقيق إسرائيلي: الإجراءات العسكرية كان لها تأثير بمقتل 6 أسرى في رفح
كشف تحقيق عسكري "إسرائيلي"، أن أنشطة لجيش الاحتلال الإسرائيلي كان لها تأثير على قرار حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس قتل ستة أسرى في غزة في آب/أغسطس الماضي.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاجاري حينها، أن الأسرى الرهائن الست قتلوا "قبل وقت قصير من وصولنا إليهم" وأنهم كانوا في نفق بمنطقة رفح.
وخلص التحقيق إلى أن الأسرى قُتلوا على يد خاطفيهم، وأن نشاط الجيش الإسرائيلي "في المنطقة، على الرغم من كونه تدريجيا وحذرا، كان له تأثير في حينه على قرار المسلحين بتنفيذ عمليات القتل.
وأوضح التحقيق أن الجيش لم يكن لديه معلومات مخابراتية مسبقة عن وجود الرهائن الستة في المنطقة.
من جانبه قال منتدى الأسرى والعائلات المفقودة في بيان الثلاثاء، إن "التحقيق الذي نُشر الليلة مرة أخرى يثبت أن عودة جميع الرهائن لن تكون ممكنة إلا من خلال صفقة".
وكان المنتدى قال عقب استعادة جثث الأسرى إن "إسرائيل ملزمة أخلاقيا وأدبيا باستعادة جميع المقتولين وإعادة جميع الرهائن الأحياء".
والأحد الماضي، كشفت القناة 12 العبرية، أن قوات الاحتلال وقعت في كمين وفشل استخباري، قبل نحو عام في قطاع غزة، أثناء عملية لإخراج أحد الأسرى من قطاع غزة.
وقالت القناة، إن الرقابة العسكرية سمحت بنشر تفاصيل ما جرى، في عملية نفذها جيش الاحتلال، لإخراج الأسيرة نوعا أرغماني، لكن المفاجأة كانت أن المعلومات الاستخبارية التي حصلوا عليها كانت خاطئة، ولم تكن الأسيرة في المكان، وكان الموجود هو ساعر باروخ.
ووفق القناة فإن "المقاتلين وصلوا إلى المبنى، وفتحوا باب المدخل، وفورا في اللحظة الأولى فتح المسلحون النار عليهم بوابل كثيف من الرصاص، وتحولت عملية الإنقاذ بشكل مفاجئ إلى عملية لإجلاء الجرحى، حيث أصيب عدد من أفراد الوحدة الخاصة بجروح خطيرة خلال المواجهة".
وبحسب ما كشفت القناة، فإن "المقاتلين عادوا بعد ساعات طويلة، وفي ذلك الوقت تلقى جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان) معلومات استخبارية صدمت الجميع حيث اتضح أن الشخص الذي كان في المبنى لم يكن نوعا أرغماني، بل الأسير باروخ، الذي أسر من منزله في بئيري".
وأشارت القناة 12 إلى أنه "خلال عملية الإنقاذ والمعركة الشرسة التي وقعت داخل المبنى، قتل ساهر بإطلاق نار على رأسه، وحتى اليوم، فلا يزال من غير الواضح ما إذا كان قد قتل على يد المسلحين أو أصيب عن طريق الخطأ بنيران القوات".
ورغم تكتم الاحتلال عن هذه التفاصيل طيلة الفترة الماضية، فإن كتائب القسام، كشفت عن ما جرى منذ اللحظات الأولى لوقوع الاحتلال في الكمين، وكشفت أنه استخدم سيارة نقل تابعة لمنظمة دولية لم يسمها، ويشتبه بأنها الصليب الأحمر، لحمل قواته إلى مكان وجود الأسير.
وكشفت كتائب القسام كذلك أن الأسير الذي قتل هو ساهر باروخ، وعرضت مشاهد لجثته وقالت إنه قتل بنيران جيش الاحتلال، خلال العملية، فضلا عن نشرها مشاهد لدماء كثيفة لجنود الاحتلال غطت المكان بعد تعرضها لنيران "القسام"، وفقدانهم معدات عسكرية وإحدى الأسلحة الخاصة بهم.
وصرحت عائلة سهر باروخ للقناة 12: "الضغط العسكري قد يؤدي إلى مقتل الأسرى، نأمل ألا تحدث وفيات أخرى من هذا النوع، وأن يعود جميع الأسرى في أسرع وقت من خلال صفقة".