غزة - مادلين خلة - صفا

جروحٌ غائرة حفرتها الأغلال والقيود بأرجلهم وأيديهم، وأمراض جلدية تركت نتوءات ملتهبة، وسيولٌ من الدموع انهمرت من جفونهم المتورمة والتي لم ترى النور منذ خمسة أشهر.

ما حدث معهم ويحدث مع من بقي في معتقل "سديه تيمان"، لا يمكن وصفه بالكلمات؛ فالضرب والتنكيل والشبح والإهانات الشفهية والجسدية كلها جزءُ من مسلسل التعذيب، فضلاً عن سرد أكاذيب عن عائلاتهم ضمن الحرب النفسية التي يخوضها الجيش الإسرائيلي بحق الأسرى الغزيين.

يُذكر أن "سديه تيمان" يُطلق عليه أيضًا المعسكر الميداني اليمني، حيث أنه قاعدة عسكرية متعددة الوحدات تتبع للقيادة الجنوبية لجيش الاحتلال، ويقع على بعد 5 كيلومترات غرب بئر السبع.

فالجيش الذي يتبنى عبارته المزعومة أنه "الأكثر أخلاقية"، عبارة أضافت شهادات الأسرى المفرج عنهم من المعتقل مزيدًا من كشف زيف تلك العبارة، خصوصًا لذلك السجن الموصوف بأنه مقصلة أسرى غزة.

"اعتُقلتُ فوجدت الأسرى معلقين لمدة تتجاوز 10 ساعات، وأحيانًا ليوم أو اثنين".. ذكرى يتمنى وليد الخليلي أن تُمحى من مخيّلته حين عُلّق جسده ثلاثة أيام، وهو يروي تفاصيل رحلة عذابه في معتقل "سديه تيمان" بعد الإفراج عنه.

ويًضيف: "ألبسونا كلنا حفاضات كالتي يستعملها الأطفال، وزجّوا بنا في زنازين صغيرة وعتمة، وحين أخرجوني إلى ساحة المعتقل كان يومًا ماطرًا ولم أكن أرتدي ما يقيني برد الشتاء، عدا عن ذلك؛ فقد سكبوا عليّ ماءً مثلجًا".

ويقول الخليلي: وضعوا حول رأسي طوقًا كهربائيًا يُحدث رعشاتٍ في جسدي، وقضبانًا معدنية موصلة للكهرباء حول أقدامي، فيما كان السجّانون يتضاحكون".

وإلى جانب حرب التجويع التي كان السجانون الإسرائيليون يتعمدون ممارستها بحق الأسرى في "سديه تيمان" لفتراتٍ قد تمتد لأسبوعٍ، -بحسب الخليلي- يؤكد أن أقرانه الآخرين تعرضوا لقطع اليد جراء تعليق أجسادهم لفتراتٍ طويلة، فيما قضوا آخرين جراء ذلك بعد نوبات صراخٍ هستيرية.

ويقول الأسير المفرج عنه: "كانوا يحققون معنا حول مكان قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، فيما كنتُ أؤكد للمحققين أنه لا علم لديّ بجواب ذلك، لتُعاد كرّة التعذيب مجددًا".

ويروي أسرى آخرون أُفرج عنهم مؤخرًا من ذلك المعتقل الذي يموتون فيه "جوعًا وبردًا وحرًا وتعذيبًا"؛ أنهم تعرضوا للصعق الكهربائي والاختناق في جو شديد الحرارة، كأن يُجبر أسرى على الصعود إلى حافلةٍ مغلقة ويتم تشغيل تكييف بدرجة حرارة لا تُطاق

وحتى في "إسرائيل" ذاتها، فقد عمدت مؤسسات حقوقية إلى المطالبة بإغلاق ذلك المعتقل بسبب ظروفه اللاإنسانية، في سجنٍ يقول من جرّب من اعتقل فيه أنه بلا ضباطٍ مسؤولين يُمكن الحديث معهم لنقل شكواهم جراء عدم الرقابة هناك.

كانت تلك حلقةً صغيرةً من التعذيب الجسدي، أما نفسيًا فقد كان طاقم ذلك المعتقل يتفنّن في ممارسة تدمير النفسية من خلال عرض صورٍ لأقارب المعتقلين ويزعمون أنهم قتلوا عائلته أو اعتقال شقيقة أسير أو تشريد أسرة آخر.

وكانت لعشرات الأسرى الذين أفرج عنهم من "سديه تيمان" ندوبٌ متشابهة إلى حدٍ كبير على أيديهم وأرجلهم، وهو ما يدلّل على تعرضهم لنفس النهج من التعذيب؛ عدا عن حالات اغتصاب تحدث عنها لتلفزيون "العربي" المحامي خالد محاجنة والذي زار المعتقل.

وتقول تقارير إن ذلك المعتقل سيء الصيت يضم جثامين لنحو 1500 شهيد منذ بدء العدوان في الخريف الماضي.

وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، قدّر أن أعداد أسرى غزة ليس معروفًا تمامًا وأنه قد يكون في حدود ثلاثة آلاف من غزة طوال شهور العدوان.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: سديه تيمان سدیه تیمان

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الاسرائيلي يمنع زيارات الأسرى في سجنيّ ريمون ونفحة

وكالات:

أبلغت إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي في سجني “ريمون” و”نفحة”، المحامين الذين ينظمون زيارات للأسرى، أنه جرى إلغاء الزيارات المقررة دون تحديد مدة زمنية، بادعاء فرض حجر صحي على كافة أقسام الأسرى نتيجة لانتشار مرض “سكايبوس” بشكل كبير.

وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، أنّ “مرض الجرب تفشى بشكل كبير بين صفوف المعتقلين في عدة سجون وتحديدا في سجون (النقب، ومجدو، ونفحة، وريمون) جرّاء الإجراءات الانتقامية التي فرضتها إدارة السّجون على الأسرى والمعتقلين بعد السابع من أكتوبر، والتي تندرج ضمن سياسات التّعذيب والتّنكيل الممنهجة والمتصاعدة بحقّ الأسرى، والتي تشكل أحد أوجه حرب الإبادة المستمرة بحقّ شعبنا في غزة”.

وبيّنا أنّه “استنادا للعشرات من الإفادات التي نقلها محامون من المعتقلين داخل السّجون، إضافة إلى شهادات الأسرى المفرج عنهم، فإن مرض الجرب تفشى منذ شهور بشكل كبير في عدة سجون مركزية، وفعليا حوّلت إدارة السّجون المرض إلى أداة تعذيب وتنكيل من خلال التعمد بتنفيذ جرائم طبية بحقهم، بحرمانهم من العلاج، وعدم اتخاذها كسلطة سجون أي من الإجراءات اللازمة لمنع تفشي المرض”.

وأكّدا أنّ “العديد من المعتقلين خرجوا للزيارة في بعض الأحيان بعد مرور فترة على إصابتهم، وبدت أجسادهم مشوهة من المرض والدماء والتقرحات على أجسادهم من آثار الحكة الشديدة”.

ولفتت الهيئة والنادي إلى أنّ “إجراءات إدارة السّجون التي فرضتها على الأسرى، إلى جانب عمليات التّعذيب، كانت السبب المركزي في انتشار المرض، ومن أبرزها: عدم توفر الكميات اللازمة من مواد التنظيف بما فيها التي تستخدم للحفاظ على النظافة الشخصية، إضافة إلى تقليص كميات المياه، والمدد المتاحة للأسير بالاستحمام، وسحب الملابس من الأسرى، فاليوم غالبية الأسرى يعتمدون على غيار واحد، وبعضهم منذ فترات طويلة يرتدي ذات الملابس ويضطر لغسلها وارتدائها وهي مبللة، عدا عن حالة الاكتظاظ الكبيرة داخل الأقسام مع تصاعد حملات الاعتقال اليومية، كما أنّ قلة التهوية، وعزل الأسرى في زنازين تنعدم فيها ضوء الشمس، أسهم بشكل كبير في انتشار الأمراض”.

وأضافا أنّ “الجريمة الأكبر التي تنفّذها إدارة السّجون بحقّ المعتقلين رغم انتشار المرض، هو التّعمد بنقل المصابين بأمراض معدية من قسم إلى قسم، الأمر الذي ساهم في تصاعد أعداد الإصابات، علما أنّه ومن بين المصابين أطفال أسرى وتحديدا في قسم الأطفال في سجن (مجدو)”.

وحمّلت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، إدارة السّجون المسؤولية الكاملة عن مصير المعتقلين، خاصّة أنّ السّجون التي تفشى فيها مرض الجرب، يقبع فيها العشرات من الأسرى المرضى، ومنهم من يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة.

وجددا مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدّولية بتجاوز حالة العجز الدّولية المستمرة أمام حرب الإبادة، واتخاذ قرارات واضحة لمحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيليّ، ووقف العدوان الشامل على شعبنا، بما فيها الجرائم التي ترتكب بحقّ الأسرى والمعتقلين في سجون ومعسكرات ال

وقالت حركة حماس في بيان لها، إن تفشي الأمراض المعدية بشكل كبير بين الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، وما رافق ذلك من قرار لإدارة سجون الاحتلال في سجني ريمون ونفحة بمنع زيارات المحامين للأسرى، هو دليل جديد على حجم الظروف الكارثية التي يعيشها الأسرى، مع استمرار مسلسل التنكيل بهم، وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفلتها كل الشرائع والقوانين.

واعتبرت أن ما يتعرض له الأسرى، من تعذيب ومنع للزيارات وحرمان من الطعام والشراب والنوم، وإهمال طبي متعمد وعزل وقمع؛ ما أدى لاستشهاد عدد منهم، يدلل على أن حكومة الاحتلال تنتهج سياسة القتل العمد بحقهم، وهي سياسة لا يمكن السكوت عليها، وعلى الاحتلال تحمل العواقب تجاه ما يرتكبه من جرائم.

وطالبت المنظمات الدولية والمعنية بحقوق الإنسان أن تقف عند مسؤولياتها إزاء ما يتعرض له أسرانا من عذابات داخل سجون الاحتلال، وخاصة ما نصت عليه اتفاقية جنيف بحق أسرى الحرب. داعية جماهير شعبنا الفلسطيني، لتصعيد الحراك الداعم والمساند للأسرى، فليس أمامنا إلا المواجهة حتى إرغام الاحتلال وردعه عن الاستمرار في ارتكاب جرائمه وانتهاكاته بحق أسرانا الأبطال.

مقالات مشابهة

  • تقرير للجزيرة .. تضامن بالأردن مع الصحفي المعتقل أحمد الزعبي بعد تدهور صحته
  • نوفيلا «إلا أنت» للفلسطينية وفاء العزة: الانتفاضة والنكبة
  • تضامن بالأردن مع الصحفي المعتقل أحمد الزعبي بعد تدهور صحته
  • شاهد.. كتائب القسام تنشر فيديو جديد لأسرى إسرائيليين قُتلوا في غزة.. عاجل
  • مكتب إعلام الأسرى: 195 معتقلًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على مدن الضفة
  • القسام تنشر رسالة لأسيرين إسرائيليين قبل مقتلهما
  • الاحتلال الاسرائيلي يمنع زيارات الأسرى في سجنيّ ريمون ونفحة
  • حماس: الاحتلال ينتهج سياسة القتل العمد بحق الأسرى الفلسطينيين
  • 334 يوماً على العدوان .. شهداء في غزة واشتباكات في الضفة
  • حمدان .. لا جديد بشأن الصفقة