اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر “الشمال – الجنوب” بين 3 دول
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
وقعت دول إيران وروسيا وكازاخستان وتركمانستان اتفاقاً لتطوير قدرات النقل عبر الطريق الشرقي لممر الشمال – الجنوب (INSTC) خلال العامين 2024 و2025. وقالت وزارة النقل الكازاخستانية وفقاً لوكالة تاس الروسية، إن الاتفاق الذي وُقِّع على هامش المنتدى الأول لتجارة النقل والتصدير سيسمح بزيادة النقل عبر الممر إلى 15 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 و20 مليون طن بحلول عام 2030.
وأكدت وزارة النقل الكازاخستانية، وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية” إرنا”، في تقرير لها، إن الممر يُعَدّ أكثر طرق النقل أماناً وأقصرها إلى المحيط الهندي، ولذلك، من الضروري البدء بخريطة الطريق الموقعة اليوم في سياق التطوير المتزامن لإمكانات المسار الشرقي لهذا الممر من أراضي كازاخستان وتركمانستان وإيران وروسيا .
و”ممر الشمال – الجنوب” مشروع نقل دولي عملاق، طُرح خلال قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992، كالممر التاسع من ضمن عشرة ممرات، ثم وقّعت الدول الثلاث، إيران وروسيا والهند عام 2000 الوثيقة الأولى لإنشائه في سانت بطرسبرغ الروسية. وعام 2016، التحقت دول أخرى بالمشروع، هي: سلطنة عُمان، وتركيا، كازاخستان، أرمينيا، قرغيزستان، طاجيكستان، بيلاروسيا، أوكرانيا، سورية، وبلغاريا، إلى جانب الدول المؤسسة الثلاث.
وبحسب تقديرات سابقة صادرة عن البنك الأوراسي لإعادة الإعمار والتنمية، فإن التكلفة الإجمالية للمشروع تقدر بـ38.2 مليارات دولار، 10 مليارات منها لإنشاء المواقع ذات الأولوية القصوى لتشغيل الممر. ويتكون هذا الممر من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية يبلغ طولها 7200 كيلومتر، ويبدأ من بومباي في الهند ليربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج مع بحر قزوين مروراً بإيران، ثم منها يتوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال أوروبا، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية.
ويعتبر هذا المشروع إحدى أرخص الطرق الرابطة بين قارتي آسيا وأوروبا، وبذلك ينافس قناة السويس، حيث تتقلص تكاليف النقل عبره بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طناً، فضلاً عن أن ذلك يستغرق 14 يوماً فقط، في مقابل 40 يوماً عبر طريق قناة السويس، حسب البيانات الإيرانية. ووفقاً لوكالة “إرنا”، فإن الطريق الحالي لإرسال البضائع من الهند إلى مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، والذي يمر عبر قناة السويس، يبلغ طوله حوالى 14500 كيلومتر، أما ممر إيران في هذا الطريق فلا يتجاوز 7200 كيلومتر، ومن شأنه خفض وقت النقل بنسبة 40% والتكاليف بنسبة 30%.
وأعلن وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، مهرداد بذرباش، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن بلاده تمكنت من تقليص مدة نقل السلع من روسيا في شمال إيران على بحر قزوين إلى ميناء بندر عباس المطل على الخليج جنوبيّ البلاد إلى 20 يوماً، من 49 يوماً في السابق. وقال بذرباش، لوكالة “إيسنا” الإيرانية للأنباء، إن الحكومة الإيرانية تسعى لتقليص المدة إلى أقل من 20 يوماً أيضاً.
أما المسار الغربي للممر لممر الشمال -الجنوب ، والذي يضم روسيا وإيران وأذربيجان، فهنالك خط سكك حديد قيد الانشاء بطول 162 كم بين مدينتي رشت وآستارا شمال ايران لاستكمال الربط السككي بين الخليج العربي وسانت بطرسبرغ وشمال أوروبا.علماً أن أربعة ممرات دولية تتقاطع في إيران، هي ممر “الشمال – الجنوب”، و”الشرق – الغرب”، وجنوب آسيا، وممر النقل تراسيكا (أوروبا – القوقاز وآسيا).
وتتجه إيران وروسيا تحت ضغط هائل من العقوبات الغربية، إحداهما نحو الأخرى، وكلتاهما تتجه نحو الشرق أيضاً، والهدف حماية الروابط التجارية من التدخل الغربي وبناء روابط جديدة مع الاقتصادات العملاقة وسريعة النمو في آسيا. وأعلن الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان في مقال بـ”العربي الجديد” في وقت سابق من الشهر الجاري، استعداد بلاده للمشاركة في مشاريع التنمية الاقتصادية وتنمية البنى العمرانية وممرّات النقل بين دول الجوار، كذلك فإنها مستعدّةٌ أيضاً لإشراك هذه الدول في ممري “الشمال ـ الجنوب” و”الشرق ـ الغرب” داخل أراضيها.
خط أنابيب الغاز بين إيران وروسيافي السياق، أكد وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، أن خط أنابيب الغاز المقرر إنشاؤه لاستيراد الغاز من روسيا سيضمن توصيل الغاز المحلي بشكل مستدام من ناحية، وسيزيد من قدرة تصدير الغاز واستمراريته من ناحية أخرى.
وأضاف أوجي في تصريحات نقلتها وكالة مهر الإيرانية للأنباء السبت، أن قيمة التعاقد مع روسيا على خط أنابيب الغاز، ستراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار سنوياً. ولفت إلى أن “هذا العقد الذي تبلغ مدته 30 عاماً، والذي سيؤدي إضافةً إلى إزالة الخلل في الغاز الطبيعي المحلي، سيحوّل إيران إلى مركز للغاز الطبيعي في المنطقة، مع تركه آثاراً كبيرة على العلاقات الاقتصادية والسياسية والتجارة”.
كان أوجي قد أكد الأربعاء الماضي أن بلاده ستتسلم 300 مليون متر مكعب من الغاز الروسي يومياً. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” عن الوزير قوله: “ننتج حالياً ما بين 840 إلى 850 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي في إيران، وبموجب الاتفاق سيُنقَل 300 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من روسيا عبر بحر قزوين، وستتحمل روسيا تكلفة إنشاء البنية التحتية اللازمة”.
وقالت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، إنها وقّعت مذكرة مع الشركة الوطنية الإيرانية للغاز لتوفير إمدادات غاز روسية لإيران. ولم يُكشَف عن تفاصيل المذكرة التي وُقِّع عليها خلال زيارة رئيس شركة غازبروم أليكسي ميلر لإيران. بينما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تعقيباً على الاتفاق، أن موسكو تعمل على ما وصفتها بأنها “معاهدة كبيرة” مع إيران. وتشير تعليقات المتحدثة، على ما يبدو، إلى اتفاق تعاون ثنائي شامل يجري التفاوض عليه بين طهران وموسكو. وفي يناير/ كانون الثاني، قالت وزارة الخارجية الروسية إن هناك اتفاقاً جديداً بين البلدين يعكس “التحسن غير المسبوق” في العلاقات بين روسيا وإيران، وهو في المراحل النهائية لإبرامه.
وتملك إيران ثاني أكبر احتياطيات للغاز في العالم بعد روسيا، وتسعى موسكو منذ فترة طويلة للاستفادة من أعمالها في مجال الغاز الطبيعي. وأعاقت العقوبات الأميركية وصول إيران إلى التكنولوجيا اللازمة، وأبطأت تعزيز صادراتها من الغاز. وتراجعت إمدادات الغاز التي تقدمها شركة غازبروم إلى أوروبا، والتي كانت ذات يوم مصدراً لثلثي إيرادات مبيعاتها من الغاز، لأدنى مستوياتها بعد الاتحاد السوفييتي بسبب الحرب في أوكرانيا. وفي العام الماضي، تكبّدت خسائر بلغت نحو سبعة مليارات دولار، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار إیران وروسیا النقل عبر من الغاز
إقرأ أيضاً:
أربعة عقود من العزلة.. كيف خسرت إيران المنافسة على ممرات النقل الجديدة؟- عاجل
بغداد اليوم - متابعة
يبدو أن الموقع الجيوسياسي الحساس لإيران عند مفترق الطرق بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا من شأنه أن يوفر لها فرصة فريدة لتكون بمثابة مركز للتجارة في صادرات الطاقة والسلع الأخرى.
ولكن إيران لم تتمكن من إيجاد مكان لها في منافسات النقل والممرات الإقليمية بسبب أربعة عقود من العزلة العالمية والعقوبات الغربية وضعف البنية الأساسية للنقل.
ويُظهِر موقف إيران الضعيف فيما يتصل بطريقين محتملين ــ طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين أو الممر الأوسط والممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب ــ أن طهران تخسر المنافسة أمام منافسيها.
وواجهت إيران عقوبات من نوع أو آخر منذ ثورة 1979. وقد أضاف انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي في عام 2018 والعقوبات الأوروبية المفروضة بسبب دعم إيران للعدوان الروسي في أوكرانيا إلى عبء العقوبات، بما في ذلك قرار الاتحاد الأوروبي الأخير بحظر ثلاث شركات طيران إيرانية كبرى من السفر إلى الدول الأوروبية. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار تذاكر الطيران في إيران بمقدار الثلث.
ضعف الترانزيت
وتؤدي زيادة الأسعار، إلى جانب أسطول إيران المتهالك والصغير، إلى إضعاف قدرتها على المنافسة مع الدول الأخرى في مجال النقل الجوي. وبسبب العقوبات، يبلغ متوسط عمر الطائرات المدنية الإيرانية 28 عامًا، مما جعل الأسطول الإيراني من بين الأكثر خطورة في العالم.
ووفقًا لشبكة سلامة الطيران، فقد توفي 1755 راكبًا إيرانيًا في حوادث جوية خلال السنوات الـ 44 الماضية، ومن بين 335 طائرة وطنية، تم إيقاف نصفها بسبب الأعطال ونقص قطع الغيار. قارن هذا بالخطوط الجوية القطرية التي لديها 209 طائرات (بمتوسط عمر يتراوح بين 5 إلى 8.5 سنوات)، وطيران الإمارات التي لديها 265 طائرة حديثة تخدم أكثر من 150 وجهة حول العالم، والخطوط الجوية التركية التي لديها 350 طائرة.
إن النقل البري في إيران أفضل ولكن بشكل طفيف فقط. فوفقاً لمركز الإحصاء الإيراني، بلغ حجم الترانزيت في العام الإيراني الماضي 17.8 مليون طن فقط، وهو أقل كثيراً من قدرته الاستيعابية البالغة 80 مليون طن. وتمثل إيران أربعة في المائة فقط من 300 مليون طن من البضائع التي تمر عبر الإقليم.
وقال مسعود بولمه، الأمين العام لجمعية الشحن والخدمات ذات الصلة في إيران، في مقابلة أجريت معه مؤخرا ، إن ضعف أداء القدرة على الترانزيت في البلاد يرجع إلى ضعف الإنتاجية وهيكل الإدارة. وأضاف أن البضائع تتحرك ببطء أكبر بخمس مرات من الدول المجاورة وتكلف ثلاثة أضعاف المعيار الإقليمي. على سبيل المثال، قال: “يستغرق تفريغ السفن التجارية في المتوسط حوالي أربعة أيام، مما يزيد من تكلفة الشحن، بينما يستغرق الأمر في الإمارات العربية المتحدة ثلاث ساعات”.
ونتيجة لذلك، ففي عام 2022، وبينما قُدِّرَت طاقة التفريغ والتحميل في الموانئ في شمال البلاد بنحو 35 مليون طن سنويا، فإن حجمها التشغيلي لم يتجاوز ستة ملايين طن. وإذا افترضنا أن الطاقة السنوية لعبور البضائع في إيران تبلغ 80 مليون طن وأن العائدات من كل طن تبلغ نحو 100 دولار، فإن إيران قد تكسب 8 مليارات دولار سنويا، أي ما يعادل 25% من الصادرات غير النفطية، إذا حققت إمكاناتها.
كما أن أداء إيران ضعيف عندما يتعلق الأمر بالنقل بالسكك الحديدية. تشير الإحصائيات إلى أن إيران احتلت المرتبة 23 بين 66 دولة في النقل بالسكك الحديدية. في عام 2022، قال باباك أحمدي، رئيس اتحاد شركات النقل بالسكك الحديدية والخدمات ذات الصلة، إنه من بين 900 قاطرة في البلاد، كان ما يقرب من نصفها خارج الخدمة بسبب نقص الموارد للحصول على الأجزاء وإجراء الإصلاحات.
حروب الممرات
وقد تم اقتراح وبناء العديد من الممرات للتجارة وعبور البضائع في المنطقة في السنوات الأخيرة. ومن المفترض أن تحتل إيران موقعًا رئيسيًا لكل من الطريقين الأوسط والطريق الدولي بين الشمال والجنوب، ولكنها تأخرت عن جيرانها، مما أجبر المنافسين وحتى الحلفاء مثل الصين وروسيا على البحث عن بدائل.
وفي تقرير حديث ، ذكر مركز الأبحاث التابع لغرفة التجارة الإيرانية أن إيران تم تجاهلها عمليًا في مشاريع كبرى مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية وبحر قزوين، وأن الطرق البديلة تتقدم بسرعة في المناطق المجاورة لشمال إيران. على سبيل المثال، أدى الفشل في إكمال بناء خط سكة حديد رشت-أستارا في ممر INSTC إلى حرمان إيران من الوصول إلى 7 ملايين طن من البضائع و600 ألف مسافر سنويًا.
وقد استثمر منافسو إيران في طرق بديلة مثل "طريق التنمية" الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار أميركي والذي يمتد من ميناء الفاو في العراق إلى تركيا والإمارات العربية المتحدة وقطر. ومن المقرر أن يربط ما يسمى بممر لابيس لازولي بين تركمانستان وأذربيجان وجورجيا وتركيا وأوروبا مع دور مركزي لأفغانستان. ويربط الطريق ميناء تركمانباشي في تركمانستان بميناء باكو في أذربيجان وخط سكة حديد باكو-تبليسي-كارس بين أذربيجان وجورجيا وتركيا.
وبسبب فشل إيران في استكمال خط السكة الحديدية بين رشت وأستارا، اختارت الصين البديل عبر بحر قزوين لتوصيل البضائع عبر كازاخستان وأذربيجان وجورجيا إلى البحر الأسود وتركيا ثم إلى أوروبا. ويقال إن روسيا غير راضية عن تمويل خط السكة الحديدية بين رشت وأستارا. ونظراً للعلاقات المتوترة بين إيران وأذربيجان بشأن الخطط الأذربيجانية لبناء ممر زنغزور على طول الحدود بين إيران وأرمينيا وتركيا، فإن باكو أقل استعداداً لتسهيل تشغيل ممر الشمال – الجنوب عبر إيران.
باختصار، تخسر إيران في هذا المجال المربح وتخسر وسيلة رئيسية لتكملة عائدات النفط. وهذا سبب آخر يدفع إيران إلى السعي إلى التفاوض مع إدارة ترامب القادمة في محاولة لتخفيف العقوبات.