في لبنان... حفلات الأطفال Show Off للكبار
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
هل تذكرون حين كان قالب الحلوى منزليّ الصنع فرحة منتظرة في كل أعياد الميلاد؟ ربما الجيل الأخير الذي تسنّت له فرصة عيش هذه البساطة السعيدة هو جيل التسعينيات، الذي يعدّ بالفعل، جيلاً فاصلاً. إذ يبدو أن واقع حفلات الأطفال على وجه التحديد، تطغى فيه ثقافة المنافسة بالإسراف والبهرجة المبالغ بها على المعنى الحقيقي للإحتفال.
ما هو الهدف؟
عيد ميلاد، العمادة، المناولة الأولى، التخرّج، ومناسبات أخرى ينتظرها جميع الأهل بفارغ الصبر لتوثيق أجمل اللحظات والذكريات السعيدة مع أطفالهم، تحوّلت في ظاهرة غريبة في بلدنا، إلى فرصة يقتنصها الكثيرون لإطلاق عجلة المنافسة الشرسة على تنظيم الحفل الأجمل والأغلى ثمناً.
حجّة الكثيرين في هذا الإطار، هي "على قد بساطك مدّ إجريك". إلا أن "بساط" العديد من اللبنانيين يبدو واسعاً وطويلاً بحيث يسمحون لأنفسهم بصرف مبالغ طائلة وخيالية بالنسبة للكثيرين. فيما عدد كبير لم يستفق بعد من هول الأزمة الإقتصادية التي ألمّت به، فيلجأ إمّا إلى التقاليد الإعتيادية للإحتفال، أو يجد نفسه أمام ضغوطات هائلة عليه تجاوزها للبقاء بالمستوى عينه مع الآخرين.
ويبقى السؤال هنا، هل فرحة الأطفال تعدّ ناقصة إذا لم تشبه حفلاتهم الأعراس المعروفة بضخامتها في أغلب الأحيان؟
بحسب ما تراه رولا وهي أم لولدين، فالمبالغة في تحضير حفلات الأطفال مهما كانت المناسبة تعدّ أمراً ثقيلاً اقتصادياً ولا فائدة منه.
وفي حديث لـ"لبنان 24"، اعتبرت رولا أن "أعياد الميلاد اليوم باتت مناسبة تخصّ الأهل والأصدقاء أكثر من الطفل صاحب العيد"، مشيرة إلى أن الطفل لا يحتاج سوى للحب والإحاطة من جانب أهله وأصدقائه، ولا يخلو الأمر من بعض الزينة والجمالية.
وأكدت أن ظاهرة تضخيم الإحتفالات باتت تشكّل عبئاً على الجزء غير الميسور من الأهالي، الذي وجد نفسه أمام "كابوسين"، الأوّل هو الأزمة الإقتصادية الخانقة، والآخر هو الضغط الهائل الذي يواجهه لتلبية مطالب المجتمع أولاّ ثم طفله.
كما لفتت إلى أنه حتى ولو كان الأهل يمتلكون مالاً وفيراً وأرادوا بالفعل إقامة احتفال لأولادهم، فليس هذا الأمر مبرراً للإسراف لأنهم بذلك سيعززون ثقافة النرجسية والفوقية لدى أبنائهم على سائر الأطفال.
وقالت: "من الناحية المادية، أستطيع تنظيم أكبر الحفلات لولديّ، ولكن هل هذا هو مفهوم السعادة الذي أريد أن أوصله لهما؟"، معتبرة أنه يجب تثقيف الأطفال على أهمية الترفع عن صغائر التفاصيل المادية التي تحجب النظر عن الأساس، وهو الإستمتاع مع الأقرب إلى قلوبنا بأجمل المناسبات.
كلفة خيالية
وبما أننا خارجون من موسم حافلٍ بالمناولة الأولى في لبنان، في ما يلي عينة تقريبية عن أسعار حفلة مرتفعة الثمن بهذه المناسبة تضمّ 80 شخصاً:
قالب الحلوى: 300$
زينة: 800$
كلفة المطعم: 5000$
هدايا تذكارية: 500$
تصوير: 300$
تنسيق موسيقى: 200$
زفّة أو Parade: 200- 400$
قرابة الـ8 آلاف دولار أميركي تبلغ كلفة حفلة باهظة الثمن في لبنان، بينما يمكن أن يتمّ الإحتفال بهذه المناسبة الدينية بشكل بسيط وبنفس عدد المدعوين بكلفة أقل مع حذف العديد من الأمور كالزفّة التي باتت ظاهرة غريبة تخطّت مكانها الطبيعي أي الأعراس، علاوة على التصوير الذي يمكن الإستعاضة عنه بكاميرا الهواتف الذكية عالية الدقة أو استعارة كاميرا احترافية من أحد الأصدقاء أو الأهل، فضلاً عن إمكانية الإستغناء عن التنسيق الموسيقي واستبداله بلائحة أغانٍ محضرة مسبقاً يمكن إعطاؤها للمطعم.، بالإضافة إلى تعديلات عدّة على التفاصيل بهدف خفض التكلفة.
عوامل عدّة
لحسن الحظ، يعدّ لبنان نقطة في بحر مما يحصل في العديد من الدول حين يتعلّق الأمر بالمبالغة في التحضير للإحتفالات، ويبدو أن عوامل محددة وصلت بالأهل إلى هذا الدرك من المغالاة في تجهيز مناسبات أطفالهم.
وعلى رأس هذه العوامل، التعرض الزائد لمواقع التواصل الإجتماعي التي باتت مساحة لا حدود لها للتباهي بما نفعله في يومياتنا، فكيف إذا تعلّق الأمر بمناسبة يمكن من خلالها أن نظهر أفضل ما لدينا؟ من هنا، زادت نزعة التقليد والمنافسة لدى الكثيرين لإثبات أنهم يمتلكون الأفضل في كل شيء.
إلا أنه على الأرض، يزيد هذا الأمر من توسع الفجوة الإجتماعية والممارسات الخاطئة على غرار الإستدانة لتنظيم حفل أكثر ضخامة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ة التی
إقرأ أيضاً:
“طوابير الجوعى” تكشف عمق الأزمة الإنسانية في عدن
يمانيون../
تفاقمت مظاهر الأزمة الإنسانية في مدينة عدن والمناطق الجنوبية المحتلة، حيث باتت طوابير من المواطنين الجوعى تقف أمام المطاعم بانتظار بقايا الطعام، في مشهد يعكس الوضع المأساوي الذي أوصلتهم إليه سياسات الاحتلال وأدواته المحلية.
وبحسب ناشطين، فإن هذه الظاهرة التي كانت مقتصرة سابقًا على بعض الفئات المهمشة واللاجئين، باتت تشمل اليوم المتعففين من الرجال والنساء والأطفال وحتى أرباب الأسر. الكثير منهم يلجأون إلى طلب بقايا الطعام من ملاك المطاعم، أو الانتظار على أبوابها لمشاركة الزبائن في موائدهم، بعد أن أعياهم الجوع وتأخر صرف المرتبات لأشهر طويلة.
ورغم محاولات البعض طلب الطعام بالدين من المطاعم، إلا أنهم غالبًا ما يواجهون بالرفض والتهكم، ما يضطرهم إلى البحث عن وسائل بديلة للبقاء على قيد الحياة، وسط صمت مطبق من الجهات المسؤولة عن إدارة تلك المناطق.