لكل هذه الأسباب التجديد لـ اليونيفيل أكثر من ضروري
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
إذا أراد المرء أن ينظر إلى الوضع الجنوبي المتفجّر بعين واقعية لا يرى أن أحدًا يريد الاستقرار في هذه البقعة الجغرافية المغلوب على أمرها سوى طرف واحد يمثّل المجتمع الدولي الساعي إلى إحلال السلام عبر قواته الدولية العاملة في الجنوب. وباستثناء هذه القوات لا نجد أحدًا يريد لهذه المنطقة استقرارًا وسلامًا. لا "حزب الله"، وبالطبع لا إسرائيل.
ولأن لا صوت يعلو على صوت المدفع والواقع الميداني فإن أسئلة كثيرة يطرحها أكثر من طرف عشية التجديد لهذه القوات الدولية المنكفئ دورها لعدم رغبتها في الدخول بمواجهة مباشرة مع أحد، وعن جدوى التجديد لها. إلاّ أن الجواب عن كل هذه الأسئلة هو سؤال بحدّ ذاته، ويختصر بالتالي المشهدية العامة للوضع القائم اليوم في الجنوب، والذي رُبط قسرًا بالوضع المأسوي في قطاع غزة: ماذا يمكن أن يكون عليه الوضع في هذه المنطقة المسلوخة عن أرض الوطن وكأنها غير مرتبطة به مركزيًا من خلال مركزية القرار الرسمي بعد أن يسكت المدفع لو أن قوات "اليونيفيل" لم تكن موجودة، وهي التي لا تزال تقوم بمهامها وأنشطتها العملانية تمامًا كما كانت تفعل قبل 8 تشرين الأول، إضافة إلى الدور المهم والأساسي في عملها الحالي، وإن لم يكن ذا تأثير كبير، ولكنه الوحيد المتوافر حاليًا، وهو أن هذه القوات من خلال قيادتها العامة لا تزال توفر إحدى قنوات الاتصال القليلة بين لبنان وإسرائيل، وتعمل قدر المستطاع على حلّ بعض النزاعات، والتخفيف من التوترات والحؤول دون تفاقم الأمور نتيجة سوء فهم، الذي قد يؤدي إلى صراع أوسع.
فالتمديد لقوات "اليونيفل" هذه المرّة له أهمية كبيرة غير المرّات السابقة، وذلك نظرًا إلى استمرار التوتر والصراع بين إسرائيل و"حزب الله" الآخذ في التوسع والتصعيد مما يؤشر إلى أن الأمور ذاهبة في اتجاه جرّ لبنان إلى حرب كان ولا يزال يتحاشاها لمعرفة اللبنانيين بما سيكون عليه الوضع إذا أُجبروا على دخول تلك الحرب، التي لن تكون في نهاية المطاف لمصلحة أحد، وقد يجد جميع المتصارعين أن لا بدّ من العودة إلى القرار 1701، وإلى قوات الطوارئ الدولية للسهر على تنفيذه، وهي القوة الأساسية إلى جانب الجيش، المولج بهما مهمة إعادة الاستقرار إلى تلك المنطقة، التي تعاني الأمرّين منذ أكثر من تسعة أشهر في معاناة متواصلة ويومية.
وللدلالة على أهمية وجود قوات "اليونيفيل" في أكثر من منطقة في الجنوب، الذي يفتقر إلى أدنى مقومات الصمود والاستمرارية، لا بدّ من ابراز هذه النقاط:
- الحفاظ على الاستقرار والأمن، حيث لوجود قوات "اليونيفل" مساهمة، وإن خجولة ومتواضعة، في الحفاظ على مستوى معين من الاستقرار والأمن في المنطقة، مما يمنع تفاقم الصراع ويحدّ من إمكانية اندلاع مواجهة واسعة النطاق.
- مراقبة وقف إطلاق النار، على رغم ضراوة التخاطب المدفعي بين إسرائيل و"حزب الله" لا تزال قوات "اليونيفل" قادرة على لعب دور محوري في مراقبة ما يمكن التوصّل إليه مستقبلًا، إن عاجلًا أو آجلًا، لناحية وقف إطلاق النار، خصوصًا أن وجود هذه القوات يعطي الأمل بإمكانية الالتزام بالاتفاقيات الموقعة ويقلل من احتمالية وقوع انتهاكات.
- الحد من التوترات، إذ أن وجود قوات "اليونيفل" يساهم كثيرًا في تهدئة التوترات بين إسرائيل و"حزب الله"، حيث يمكن لها أن تعمل كوسيط محايد يساعد في تقليل حدة الصراع ومنع التصعيد إلى حدود معينة وبما تسمح به التطورات الميدانية.
- المساعدات الإنسانية، إذ لا يخفى ما تقوم به هذه القوات من أدوار في تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين المتأثرين بالحرب، وتوفير الدعم اللوجستي والخدمات الأساسية التي قد تكون متعذرة بسبب القتال، فضلًا عمّا تقوم به خلال السلم، اجتماعيًا وانمائيًا وطبيًا وتحفيز المهارات وما تشمله من دورات تدريبية في مختلف المجالات الحرفية.
إلا أن الدور الأساسي لهذه القوات فهو في ما هو آتٍ بعد أن يسكت المدفع ويعود الجميع إلى منطق العقل ولغة التخاطب المصلحي، وبالأخص عندما يعود الجميع، مضطّرين، إلى القرار 1701 كإطار حل مستدام في المنطقتين الجنوبية من لبنان والشمالية من إسرائيل. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذه القوات حزب الله أکثر من
إقرأ أيضاً:
لأول مرة في التاريخ.. أكثر من نصف الديمقراطيين في أمريكا يؤيدون فلسطين ضد إسرائيل
أظهرت أحدث استطلاعات مؤسسة "غالوب - Gallup" المتخصصة في التحليل والاستشارات، أن نسبة الأمريكيين الذين يتعاطفون مع الاحتلال الإسرائيلي انخفضت إلى 46 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ 25 عامًا، بينما ارتفعت نسبة التعاطف مع الفلسطينيين إلى 33 بالمئة، بزيادة قدرها 6 نقاط مقارنة بالعام الماضي.
وتظهر النتائج انقساما حزبيا واضحا، إذ يميل الجمهوريون إلى دعم الإسرائيليين بنسبة تصل إلى 83 بالمئة مقارنةً بـ33 بالمئة فقط لدى الديمقراطيين، بينما يؤيد الديمقراطيون الفلسطينيين بنسبة تفوق الدعم للإسرائيليين بحوالي ثلاثة إلى واحد.
وكان دعم الديمقراطيين للفلسطينيين قد ازداد تدريجيًا منذ عام 2022، ليصل إلى نصيب الأغلبية لأول مرة بين هذه الفئة، فيما لا تزال آراء المستقلين قريبة من المتوسط الوطني.
رقم غير مسبوق
يتبع تعاطف الحزبيين الأمريكيين مع وضع الشرق الأوسط نمطًا مشابهًا لتقييماتهم الإيجابية لكل من الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين، أي أن الجمهوريين يتعاطفون بشكل عام مع الإسرائيليين بنسبة تصل إلى 75 بالمئة على الفلسطينيين بنسبة 10 بالمئة فقط، بينما يتعاطف الديمقراطيون مع الفلسطينيين على الإسرائيليين بنسبة تقارب 3 إلى 1 (59 بالمئة مقابل 21 بالمئة) وتتشابه تعاطفات الشخصيات المستقلة.
ودعم الجمهوريون والمستقلون "إسرائيل" باستمرار منذ عام 2001، رغم أن دعم المستقلين للإسرائيليين الآن عند أدنى مستوياته في استطلاعات الشؤون العالمية بانخفاض نقطة واحدة.
وكان الديمقراطيون يؤيدون الإسرائيليين حتى عام 2022، حيث كانت نسب التعاطف متساوية تقريبا، لكنهم أصبحوا منذ ذلك الحين يدعمون الفلسطينيين.
وفي البداية، بدا أن انخفاض تعاطف الديمقراطيين مع الإسرائيليين نتيجة لرفضهم للقيادة اليمينية تحت راية رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، إلا أنه انخفض أكثر خلال العامين الماضيين.
وفي شباط/ فبراير 2023 (حتى قبل حرب الإبادة)، انخفض تعاطف الديمقراطيين مع الإسرائيليين إلى 38 بالمئة، بينما ارتفع تعاطفهم مع الفلسطينيين بمقدار 11 نقطة ليصل إلى 49 بالمئة، مما يمثل المرة الأولى التي يتفوق فيها التعاطف مع الفلسطينيين بين هذه الفئة.
وبعد ثمانية أشهر، ومع بدء عملية طوفان الأقصى والإبادة الجماعية ضد قطاع غظة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، انخفض تعاطف الديمقراطيين مع الفلسطينيين بمقدار 6 نقاط في شباط/ فبراير 2024.
وبعد عام، ومع استمرار الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ارتفع تعاطف الديمقراطيين مع الفلسطينيين بمقدار 16 نقطة، مما يمثل المرة الأولى التي يصل فيها التعاطف إلى مستوى الأغلبية (50 بالمئة).
ومن الجهات الداعمة للقضية الفلسطينية في الحزب الديموقراطي كانت "الفرقة - The Squad"، وهي تحالف غير رسمي تقدمي ويساري في مجلس النواب، وتشكل جزءًا من الكتلة الديمقراطية، جميع أعضائها أعضاء في الكتلة التقدمية في الكونغرس.
تألفت الفرقة في البداية من أربعة أعضاء انتُخبوا في انتخابات مجلس النواب الأمريكي لعام 2018 وهن: ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وإلهان عمر، وأيانا بريسلي، ورشيدة طليب.
وتوسعت الفرقة إلى ستة أعضاء بعد انتخابات مجلس النواب الأمريكي لعام 2020، بانضمام جمال بومان، ووكوري بوش، ومن ثم نمت إلى تسعة أعضاء مع انضمام جريج كاسار، وسمر لي، وديليا راميريز.
بعد انتخابات عام 2024 وسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب والشيوخ وحتى الرئاسة، انخفض عدد المجموعة إلى سبعة أعضاء، حيث هُزم بومان وبوش في الانتخابات التمهيدية وغادرا في بداية الكونغرس 119.
وتوصف الفرقة بأنها تُمثل مناصرة السياسات التقدمية التي تدعمها شريحة واسعة من جيل الشباب السياسي، مثل الرعاية الصحية للجميع، والصفقة الخضراء الجديدة، والجامعات المجانية، والتي قد لا تدعمها قيادة الحزب.
وأطلقت ألكسندريا أوكاسيو كورتيز اسم "الفرقة" في منشور على إنستغرام بعد أسبوع من انتخابات 2018، وانتشرت الصورة، التي التُقطت في فعالية VoteRunLead حيث تحدث الأعضاء المؤسسون الأربعة، على نطاق واسع، ومنذ ذلك الحين، اعتمدت المجموعة هذا الاسم رسميًا من خلال إطلاق "صندوق انتصار الفرقة"، وهي لجنة عمل سياسي.
View this post on Instagram A post shared by Alexandria Ocasio-Cortez (@aoc)
أغلبية الديمقراطيين والمستقلين
أكد استطلاع "غالوب" أنه نظرا لتعاطفهم مع الفلسطينيين، يُستنتج أن الديمقراطيين يؤيدون أيضًا قيام دولة فلسطينية مستقلة بشكل عام، وحوالي ثلاثة أرباع الديمقراطيين، وتحديدا 76 بالمئة منه يؤيدون هذه الدولة، مقارنةً بـ 53 بالمئة من المستقلين، وهي حالة غالبية لدى كلا الجهتين.
ويؤيد 41 بالمئة فقط من الجمهوريين قيام دولة فلسطينية، بينما يعارضها 49 بالمئة.
ويشهد دعم الديمقراطيين للدولة الفلسطينية اتجاهًا تصاعديًا منذ عام 2021، بينما ظل دعم المستقلين ثابتًا نسبيًا خلال الفترة نفسها، وقد ارتفع دعم الجمهوريين بمقدار 15 نقطة مئوية بعد انخفاض حاد في العام الماضي.
ويعد بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ، من أبرز السياسيين المستقلين الذين يُعبِّرون عن دعمهم للقضية الفلسطينية في الولايات المتحدة، وهو الذي يُعرف بمواقفه التقدمية ودفاعه عن حقوق الفلسطينيين وحل الدولتين.
وفي أيلول/ سبتمبر 2024، دعا ساندرز إلى وقف ما وصفه بالتواطؤ بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية في الحرب على الشعب الفلسطيني.
وأكد أن "المذبحة في غزة تُنفذ بمعدات عسكرية أميركية"، مستنكرا أن تتواطأ بلاده في هذه الكارثة الإنسانية، وأشار إلى أن "إسرائيل تستخدم الأسلحة الأميركية بشكل ينتهك القانون الدولي في غزة".
ويُذكر أن أنغوس كينغ، عضو مجلس الشيوخ المستقل، يتبنى مواقف معتدلة تدعم الحريات وحقوق الإنسان، رغم أن صوته حول القضية الفلسطينية ليس بنفس حدة ساندرز.
ويشتهر كينغ بمواقفه المعتدلة والمستقلة التي تدعو إلى تبني حلول دبلوماسية وسطية للصراعات الدولية، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويدعم كينغ حل الدولتين ويؤكد على أهمية الحوار والتفاوض لتحقيق سلام دائم في المنطقة، مع التركيز على حماية حقوق الإنسان والعدالة لجميع الأطراف، داعيا إلى مراجعة السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط لتجنب التدخلات العسكرية المفرطة وتعزيز الجهود الدبلوماسية.
فجوة قياسية
وفي استطلاع آخر نشرته مؤسسة "غالوب" في أواخر شباط/ فبراير الماضي، حطّم الفارق البالغ 50 نقطة بين إيجابية الجمهوريين والديمقراطيين تجاه "إسرائيل" الرقم القياسي السابق البالغ 30 نقطة والذي سُجِّل العام الماضي.
ويعود ذلك أساسًا إلى انخفاض قدره 14 نقطة في تقييم الديمقراطيين الإيجابي تجاه "إسرائيل"، كما أن الفجوة الحالية أكبر بثلاث مرات تقريبًا من متوسط الفارق البالغ 18 نقطة الذي كان قائمًا بين عامي 2001 و2023.
وخلال هذه الفترة، لطالما نظر الجمهوريون إلى "إسرائيل" بإيجابية أكبر من نظرائهم الديمقراطيين.
ويُرجَّح أن تعكس هذه الفجوة الحزبية الآخذة في الاتساع معارضة الديمقراطيين لأفعال "إسرائيل" في الحرب ضد قطاع غزة، وقد يكون ذلك أيضًا رد فعل على دعم ترامب القوي للاحتلال.
وظهر هذا الدعم غير المسبوق بوضوح في لقائه برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في وقت سابق من الشهر الماضي، والذي تضم الكشف عن أول مرة لمخطط أمريكي للسيطرة على غزة وتهجير سكانها.
وتدهورت آراء المستقلين السياسيين تجاه "إسرائيل" أيضا بشكل ملحوظ منذ بدء حرب الإبادة في 2023، ويُمثل هذا العام المرة الأولى التي تحظى فيها أي مجموعة حزبية بتقييمات سلبية على مستوى الأغلبية تجاه "إسرائيل"، حيث أعرب 60 بالمئة من الديمقراطيين عن هذا الرأي.
وأعرب أيضا 44 بالمئة من السياسيين المستقلين عن رأي سلبي تجاه "إسرائيل".
وأدى تراجع آراء الديمقراطيين والمستقلين تجاه "إسرائيل" إلى انخفاض نسبة تأييدها بين جميع الأمريكيين إلى ٥٤ بالمئة، وهو أدنى معدل لها منذ كانون الثاني يناير من عام 2000، عندما كانت 54 بالمئة.
وكانت آخر مرة تراجعت فيها آراء الأمريكيين تجاه إسرائيل بنسبة ٤٨ مؤيدة في شباط/ فبراير 1992، وكان أدنى مستوى على الإطلاق 45 بالمئة مؤيدة مقابل مثلها معارضة، وذلك في عام 1989.