مباشرة عقب إعلان الرئيس جو بايدن الانسحاب من سباق الرئاسة، أكدت العديد من الأسماء البارزة في الحزب الديمقراطي بسرعة دعمها لترشيح نائبته، كامالا هاريس، باستثناء باراك أوباما الشخصية المؤثرة في الحزب والذي لم يعلن تأييده لها.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، لم يعلن الرئيس السابق، عن تأييد هاريس بعد، بل إنه لم يأت على ذكرها ولو مرة واحدة في بيان أصدره عقب قرار بايدن الانسحاب.
وكتب أوباما، الذي اختار بايدن كنائب له في عام 2008 لأنه قال في ذلك الوقت إنه أراد نائبًا أكبر سنا وأكثر خبرة مع "شيب في شعره": "كان جو بايدن واحدا من أكثر رؤساء أميركا تأثيرا، وكذلك صديقً عزيزا وشريكا لي".
وأضاف أوباما في المنشور: "سنبحر في مياه غير مستكشفة في الأيام القادمة. لكن لدي ثقة استثنائية في أن قادة حزبنا سيكونون قادرين على خلق عملية ينبثق منها مرشح متميز".
وفسّر جمهوريون عدم تأييد أوباما لهاريس أو أي مرشح آخر "على أنه تجاهل". لكن مقربين منه، قالوا إن صمته يتماشى مع نهجه في البقاء محايداً في الشؤون الداخلية للحزب الديمقراطي والحفاظ على صورته كرجل دولة يترفع عن الصراعات الحزبية الداخلية.
وأضافت المصادر ذاتها للصحيفة، أن قرار أوباما بعدم إعلان تأييده الفوري لهاريس لا يعني وجود مرشح بديل في ذهنه. بل يُنظر إليه على أنه محاولة لمنح الحزب مساحة لاتخاذ قراراته دون تدخل مباشر من شخصية مؤثرة مثله.
ويستند موقف أوباما الحالي إلى سابقة مهمة في تاريخه السياسي. ففي الانتخابات التمهيدية الديمقراطية قبل أربع سنوات، واجه أوباما ضغوطا مماثلة من فريق بايدن لإعلان تأييده المبكر، خاصة قبل انسحاب منافسه القوي، السيناتور بيرني ساندرز. وآنذاك، التزم أوباما الحياد، مستخدماً عبارته الشهيرة "لا أريد أن أميل الميزان".
وبحسب المصدر ذاته، فإن التأييد المبكر الآن سيكون خطأ سياسيا، إذ أنه قد يغذي الانتقادات بأن ترشيح هاريس، إذا حدث، كان تتويجا وليس نتيجة لعملية توافقية شاملة داخل الحزب.
وبدلا من ذلك، يرى أوباما، أن دوره في المساعدة على "توحيد الحزب بسرعة بمجرد أن يكون لدينا مرشح"، كما قال شخص مطلع.
لكن هناك اعتبارات شخصية أخرى تزيد من حذر أوباما الفطري، وفقا لنيويورك تايمز.
وذكرت الصحيفة، أن بايدن رجل شديد الفخر، ولم يغفر أبدا تماما لأوباما دعمه الهادئ لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في حملة عام 2016، ولا يزال بايدن يعتقد أنه كان بإمكانه هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب في ذلك العام لو أتيحت له الفرصة.
كما لم يكن بايدن مسرورا عندما أخبره أوباما أنه يجب عليه التفكير في عدم الترشح في عام 2020 أيضا، كما قال أشخاص في دائرته.
وكشف مسؤول سابق في البيت الأبيض، على اتصال منتظم بالرئيس السابق باراك أوباما، أن الأخير كان حريصا على تكريس إعلانه الأخير الأحد للاحتفاء بإنجازات بايدن وتقدير مسيرته السياسية، رافضا الانجرار إلى قرارات متسرعة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
كاش باتيل.. من المدافع عن ترامب إلى مرشح مثير للجدل لقيادة الـ "إف بي آي"
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لم يتبقَّ سوى أيام قليلة على توليه منصبه رسميًا، إلا أن اختياراته لأعضاء إدارته أثارت جدلًا واسعًا في الولايات المتحدة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالمناصب الحساسة مثل قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، ومن بين الأسماء التي أثارت الكثير من الجدل كان كاش باتيل، الذي رشحه ترامب لتولي رئاسة المكتب.
حيث أثار اختيار ترامب لكاش باتيل مرشحًا لتولي هذا المنصب خلافات كبيرة، حسب تقرير لمجلة "بوليتيكو"، يبدو أن المؤهلات الوحيدة التي استند إليها ترامب في ترشيحه هي الولاء الشخصي له، وهو ما جعل القرار أكثر إثارة للجدل.
ومن جانب آخر، جاءت استقالة كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الحالي، في وقت سابق من هذا العام، مما سهل على ترامب اختيار بديل له، خاصة بعد إعلان راي عن استقالته قبل أكثر من عامين من انتهاء ولايته، مما أفسح المجال أمام باتيل لتحقيق هذا المنصب.
منهج باتيل
تطرح مسألة تعيين كاش باتيل العديد من المخاوف، حيث يعتبر الكثير من المراقبين أنه يفتقر إلى الخبرة اللازمة لقيادة واحدة من أكبر وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.
ورغم أن باتيل عمل في عدد من المناصب الأمنية الوطنية في إدارة ترامب الأولى، إلا أنَّ أيًا من تلك المناصب لم يقترب من حجم المسؤوليات المعقدة التي يتطلبها إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يضم أكثر من 35،000 موظف ويملك مكاتب في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم.
ولكن ما يثير القلق أكثر هو سجل باتيل في تأييد نظريات المؤامرة التي يروج لها ترامب، فقد أصبح معروفًا بدفاعه المستمر عن فكر "الدولة العميقة" وانتقاده الحاد لمؤسسات الدولة الفيدرالية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وفي كتابه "عصابات الحكومة"، وصف باتيل مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه يشكل تهديدًا وجوديًا للديمقراطية الأمريكية، مما جعل البعض يتساءل عما إذا كان سيستخدم منصبه الجديد كأداة لملاحقة معارضي ترامب السياسيين.
اتهامات محتملة بالتحيز السياسي
تتزايد المخاوف بشأن احتمال أن يستخدم باتيل منصبه في "إف بي آي" لتحقيق أهداف سياسية انتقامية، مستندًا إلى تصريحاته العامة التي هاجم فيها خصوم ترامب، بما في ذلك المدعي العام ميريك جارلاند، والمدعي العام لمانهاتن ألفين براج، والأطباء مثل أنتوني فاوتشي.
علاوة على ذلك، كانت هناك تهديدات من باتيل بالبحث عن "المتآمرين" في الحكومة ووسائل الإعلام الذين كانوا "يساعدون في تزوير الانتخابات الرئاسية"، وهي تصريحات أثارت قلقًا عميقًا في الأوساط السياسية والقانونية، حيث اعتبرها البعض دعوة مباشرة إلى إساءة استخدام السلطة ضد المعارضين السياسيين.
التحديات التي يواجهها باتيل
إن رغبة باتيل في إجراء إصلاح شامل لمكتب التحقيقات الفيدرالي تواجه تحديات كبيرة، أبرزها ثقافة المكتب العميقة التي يصعب تغييرها بسرعة.
فالبيروقراطية داخل الوكالة من الصعب أن تدار بيد واحدة دون استشارة وتوافق داخلية واسعة.
ومن المرجح أن يواجه باتيل صعوبة في تنفيذ أجندته الإصلاحية في ظل وجود معارضة قوية من داخل المكتب نفسه ومن الأوساط القانونية والإعلامية.
ومع ذلك، يبقى المراقبون متخوفين من أن وصول باتيل إلى هذا المنصب قد يعيد إلى الأذهان صورًا من تاريخ مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي شهد فترات من الانتهاكات الصارخة للسلطة، مثل تلك التي حدثت في عهد جيه إدغار هوفر، المدير الأسطوري للمكتب، الذي استخدم سلطاته لملاحقة المعارضين السياسيين وتجاوز حدود القانون في سبيل تحقيق أهدافه السياسية.