حذر ماركو كارنيلوس، وهو دبلوماسي إيطالي سابق، من أن صفقة تطبيع العلاقات المحتملة بين السعودية وإسرائيل التي تعمل عليها الولايات المتحدة لن تتضمن قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، بل مجرد تعهد إسرائيلي بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، في عملية خداع جديدة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.

كارنيلوس تابع، في تحليل بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصفقة، وفقا لما يتردد، ستتضمن أن "تقدم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين تحافظ على إمكانية حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)".

ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك تل أبيب باستمرار الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصلها من معالجة الصراع وفقا لمبدأ حل الدولتين.

وأردف كارنيلوس أنه إذا قامت السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فقد تحصل على اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني في المملكة وصفقات أسلحة متطورة، بالإضافة إلى "تنازلات إسرائيلية غير محددة، ليس لإنجاز حل الدولتين أخيرا، ولكن ببساطة للحفاظ على مثل هذا الاحتمال الافتراضي. بعبارة أخرى: لا شيء، صفر".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات دبلوماسية معلنة مع إسرائيل، وتشترط علنا انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وترغب الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنامين نتنياهو، بشدة في تطبيع العلاقات مع السعودية لمكانتها البازرة في العالم الإسلامي وقدراتها الاقتصادية الضخمة، وعلى أمل أن تفتح أمام تل أبيب أبواب العالم الإسلامي.

اقرأ أيضاً

للتطبيع ثمن.. ما المطلوب من أمريكا والسعودية وإسرائيل وفلسطين؟

بايدن ليس أقل غدرا

وقد "ألقت إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (2017-2021) بالفلسطينيين تحت الحافلة من خلال اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية). وإدارة (الرئيس الحالي جو) بايدن، التي هي أكثر اعتدالا وتعاطا ولكنها ليست أقل غدرا، تخدعهم ببساطة مرة أخرى"، بحسب كارنيلوس.

وفي 2020 وقَّعت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما زاد عدد الدول العربية المرتبطة بعلاقات رسمية معلنة مع تل أبيب إلى 6 مع مصر والأردن من أصل 22 دولة عربية، بينما تواصل إسرائيل احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.

وأضاف أن "هذا النهج هو الخطأ المعتاد الذي تتبعه الإدارات الأمريكية منذ عقود: تصاعدية مقلقة تخدم إسرائيل في المقام الأول ولا تؤدي أبدا إلى نتائج، ولكن فقط أوهام قصيرة.. قصيرة جدا".

وتابع: "لطالما تحطمت مثل هذه الأوهام من قِبل السياسيين الإسرائيليين الأذكياء، الذين عملوا بشكل منهجي على تحريك أهداف المفاوضات، وقد برع نتنياهو في ذلك على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية".

كارنيلوس اعتبر أنه "إذا لعب الفلسطينيون هذه اللعبة الأمريكية مرة أخرى، فستظهر أن يأسهم الآن يتجاوز نقطة اللاعودة".

ويتردد أـن الولايات المتحدة ستطلب من السلطة الفلسطينية القبول بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل الحصول على تنازلات إسرائيلية، بينها تعهد بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، ومساعدات مالية سعودية.

وحذر من أنه "إذا سارت الأمور وفقا لخطة واشنطن، فستكون إسرائيل في وضعها المعتاد المربح للجانبين، إذ ستحصل على دفعة من خلال تطبيع علاقاتها مع السعودية وستواصل الضم الزاحف للضفة الغربية".

اقرأ أيضاً

لمنع انهيار اتفاقيات إبراهيم.. 3 استراتيجيات تطبيع إسرائيلية

وعد من نتنياهو!

كارنيلوس قال إن "اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن لا يزال مؤثرا بشكل كبير، ومن الواضح أنه أعمته المعايير المزدوجة، ولذلك ستكون إسرائيل قادرة بسهولة على خداع كل من واشنطن والرياض".

وأردف: "سيكون مثل هذا الخداع أسهل بكثير مما كان متوقعا إذا كنت تعتقد أنه لحث السعوديين على توقيع صفقة التطبيع، يدعي (الكاتب الأمريكي توماس) فريدمان (في مقال بصحيفة نيويورك تايمز) أن نتنياهو يجب أن يكون مستعدا لتقديم ما يلي (ليس من الواضح ما إذا كان هذا هو الاقتراح الذي تدرسه إدارة بايدن): "تعهد رسمي بعدم ضم الضفة الغربية أبدا.. لا مستوطنات جديدة في الضفة الغربية أو توسع خارج المستوطنات القائمة".. وعد؟ من نتنياهو؟ حقا!".

ولفت إلى أن "فريدمان لم يتطرق إلى وضع القدس. وستقوم إسرائيل بعد ذلك بتوسيع حدودها البلدية والاستمرار في البناء بشكل غير قانوني"، معتبرا أن عدم تقنين البؤر الاستيطانية (غبر القانونية) الجامحة هو مجرد صفعة صغيرة على معصم إسرائيل".

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على تهويد القدس الشرقية وطمس هويتها العربية والإسلامية، ويتمسكون بها عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.

وأشار كارنيلوس إلى مقترح بـ"نقل بعض الأراضي المأهولة بالفلسطينيين من المنطقة ج في الضفة الغربية (خاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية الكاملة) إلى المنطقتين أ و ب (تحت سيطرة السلطة الفلسطينية) على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو".

ومنتقدا هذا الطرح، قال إنه "بعد المحنة التي عاشها الفلسطينيون على مدى عقود، سيكون مثل هذا الاقتراح استفزازيا تماما، إذ يعرف الفلسطينيون جيدا أن أمنهم وحقوقهم لا تساوي شيئا سواء كانوا يعيشون في المناطق أ أو ب أو ج".

ورأى أن "فريدمان يخدع نفسه إذا كان يعتقد أن التوصل إلى صفقة مع السعودية قد يدفع اليمين المتطرف في إسرائيل إلى التخلي عن خطته لضم الضفة الغربية وسكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة".

و"يعلم وزير المالية (الإسرائيلي المتطرف) بتسلئيل سموتريتش ومعاونيه جيدا أن الولايات المتحدة لن تمارس أبدا أي ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الضم، وسيقومون بالتطبيع مع السعودية، وسيمضون قدما في الضم الفعلي المستمر للضفة الغربية"، وفقا كارنيلوس.

اقرأ أيضاً

وزيرة إسرائيلية: لا تنازلات للفلسطينيين مقابل التطبيع مع السعودية

  المصدر | ماركو كارنيلوس/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تطبيع السعودية إسرائيل فلسطين دولة الولايات المتحدة السعودیة وإسرائیل الولایات المتحدة تطبیع العلاقات الضفة الغربیة مع السعودیة

إقرأ أيضاً:

الاستيطان يلتهم الضفة الغربية بالتزامن مع تدمير المخيمات

يواصل الاحتلال الإسرائيلي توسيع سياسة الاستيطان الممنهجة في الضفة الغربية التي تشهد عمليات عسكرية واسعة يتخللها فرض للحصار وتدمير للمنازل وتهجير لآلاف السكان.

وبالتزامن مع الذكرى الـ49 ليوم الأرض، أكدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تنفيذ سلطات الاحتلال سياسات ممنهجة لتوسيع عمليات الاستيطان بالتوازي مع العمليات العسكرية في مختلف مناطق الضفة.

ووفقا لتقرير أعدته أسماء علي للجزيرة، فقد مارس الاحتلال الكثير من الانتهاكات خلال الـ18 شهرا الماضية، حيث صادر أكثر من 24 ألف دونم من أراضي الضفة تحت مسمى "أراضي الدولة"، في أكبر عمليات مصادرة منذ أكثر من 3 عقود.

كما سيطرت إسرائيل على نحو 2382 كيلومترا مربعا، تعادل 42% من مجمل أراضي الضفة الغربية و70% من مجمل المناطق المصنفة "ج"، وأخضعتها لإجراءات احتلالية.

عشرات البؤر والمخططات الاستيطانية

وقالت هيئة مقاومة الجدار، إن الموجة الاستيطانية استُكملت بإقامة الاحتلال 51 بؤرة استيطانية خلال العام الماضي بينها 8 بؤر أقيمت في مناطق "ب".

وأقامت قوات الاحتلال نحو 900 حاجز عسكري وبوابة تحاصر الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية، كما تم تقديم 268 مخططا هيكليا لمستوطنات.

وتسارعت وتيرة الاستيطان بإصدار الاحتلال 13 أمرا عسكريا لإنشاء مناطق عازلة حول المستعمرات بالضفة لمنع وصول الفلسطينيين لآلاف الدونمات وهذا يعني تمهيد علمية الاستيلاء عليها.

إعلان

وأشار التقرير إلى استيلاء الاحتلال على 46 ألف دونم خلال 2024 تحت مسميات مختلفة، فضلا عن إقامة 60 بؤرة استيطانية جديدة منذ عام 2023.

وفي الوقت الراهن، يقيم 770 ألف مستوطن في 180 مستوطنة و356 بؤرة استيطانية بالضفة، ويسيطر الاحتلال على 136 بؤرة زراعية رعوية استيطانية تمتد على أكثر من 480 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين، كما تم إصدار 939 إخطارا بالهدم ووقف البناء لمنازل ومنشآت فلسطينية.

تدمير المخيمات

ومنذ 70 يوما، يواصل الاحتلال عميلة عسكرية في مخيمات شمال الضفة شملت هدم أكثر من ألف منزل و60 محلا في جنين وطولكرم، وفق اللجنة الإعلامية للمخيمات.

وقالت مصادر للجزيرة إن الاحتلال أخلى المخيمات في جنين وطولكرم بشكل كامل تحت تهديد السلاح ليصل عدد المهجرين في شمالي الضفة إلى أكثر من 45 ألف فلسطيني، ودمرت الجرافات البنية التحتية وشقت طرقا جديدة على حساب منازل المواطنين.

وفي طولكرم أعلنت اللجنة الإعلامية أن أكثر من 20 ألفا نزحوا من منازلهم، كما أخلى الاحتلال ميخيمي طولكرم ونور شمس بشكل كامل قبل أن يبدأ بأعمال تدمير ما يزيد على 400 منزل داخل المخيمات.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تصعد عدوانها على الضفة الغربية
  • الضفة الغربية.. موجة «نزوح» هي الأكبر منذ عام 1967
  • الأونروا: حجم النزوح في الضفة الغربية يصل إلى مستويات غير مسبوقة
  • تصعيدٌ وتوتّرٌ حادٌّ بين تركيا وإسرائيل.
  • حتى إقامة دولة فلسطينية..حماس تتعهد بالمضي في الحرب
  • الكابينت يصادق على مشروع استيطاني ينهي إمكانية قيام دولة فلسطينية
  • الاستيطان يلتهم الضفة الغربية بالتزامن مع تدمير المخيمات
  • تقرير: توسع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية العام الماضي
  • الجيش الإسرائيلي يوسّع عملياته العسكرية في الضفة الغربية
  • الاحتلال الإسرائيلي يستولي على 52 ألف دونم في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر