سواليف:
2024-09-06@15:06:06 GMT

أي مفاجآت يخفيها الحوثيون لإسرائيل؟

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

#سواليف

لم تستطع إسرائيل استيعاب ضربة #الطائرة_المسيرة التي أطلقها أنصار الله ( #الحوثيين ) على تل أبيب بما أحدثته من حالة صدمة وجدل واتهامات متبادلة داخل الحكومة والجيش، وردت بشكل مباشر، محاوِلة تحقيق ما فشل فيه “تحالف حارس الازدهار” طوال أشهر في محاولة إسكات #الصواريخ والمسيّرات التي يطلقها الحوثيون لضرب #إسرائيل، دون أفق واضح لجبهة بلا قواعد اشتباك.

ونفذت المقاتلات الإسرائيلية سلسلة غارات على ميناء مدينة الحديدة غربي اليمن بعد يوم واحد من هجوم لجماعة أنصار الله (الحوثيين) على تل أبيب بطائرة مسيّرة ثقيلة من نوع “يافا”، قالوا إنه خفية على الرادارات، فيما ذكر الإسرائيليون أنه تم رصدها ومرت نتيجة خطأ بشري.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إسرائيل اليمن، بعد أن تركت الرد العسكري على هجمات الحوثيين السابقة عليها للولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده في البحر الأحمر (تحالف حارس الازدهار).

مقالات ذات صلة أوبزيرفر: إسرائيل تغير الواقع في محور فيلادلفيا ومعبر رفح وتحضر لبقاء دائم هناك 2024/07/22

فتحت إسرائيل جبهة اليمن بعمل عسكري مباشر استهدف محطة توليد للكهرباء ومنشآت لتخزين النفط ومستودعات أسلحة مزعومة بالقرب من ميناء الحديدة، ولكن بالنسبة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) فهذه الحرب كانت مفتوحة فعليا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة.

ومنذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأ الحوثيون عملياتهم التي تشمل قصف إسرائيل والسفن التي “لها ارتباط بالكيان الصهيوني” في البحر الأحمر، عندما أعلنوا انخراطهم في الحرب ضد إسرائيل “انتصارا للمظلومية التاريخية للشعب الفلسطيني”، حسب تصريح المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع آنذاك.


مخرز في الخاصرة

وتبدو الضربات التي ينفذها الحوثيون بشكل متواتر نحو إسرائيل أو مهاجمة السفن الإسرائيلية أو سفن الشركات والدول المتعاملة معها المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أكبر من جبهة مشاغلة، وهي “أكثر من معركة وأقل من حرب” وفق محللين وخبراء.

فالتقديرات والتصريحات الإسرائيلية تشير إلى أن الدفاعات الجوية اعترضت أكثر من 220 طائرة مسيّرة وصاروخا تم إطلاقها من قبل الحوثيين، بينما نفذوا أكثر من 190 هجوما على سفن في البحر الأحمر، فيما اعترضت الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده عشرات الصواريخ والمسيّرات الأخرى سواء الموجهة ضد السفن أو المتجهة لإسرائيل.

ورغم أن معظم الصواريخ والمسيّرات التي أطلقها الحوثيون تم إسقاطها فيما ضرب بعضها إيلات (جنوبي إسرائيل)، تبقى تأثيراتها العسكرية المهمة في إشغال جزء من الجيش الإسرائيلي الذي يعاني على عدة جبهات، وتشتيت عمل منظوماته الدفاعية بما يربك فعاليتها في مواجهة تهديدات أخرى.

ومع تزايد قدرات المسيّرات التي يطلقها الحوثيون- كما يتضح من عملية تل أبيب- وتوعدهم بمفاجآت أخرى كبرى، تتزايد مخاوف الجيش الإسرائيلي من هجمات مماثلة، خصوصا إذا نفذت بشكل مكثف ومتزامن وعلى مراكز حضرية أو منشآت صناعية واقتصادية، ويتزايد الاستنفار الذي يؤثر في بنية المجتمع الإسرائيلي وروحه المعنوية.

وتوعد المتحدث باسم جماعة الحوثيين محمد عبد السلام بعمليات “تقضّ مضاجع” تل أبيب، مؤكدا أن الهجوم الإسرائيلي على محافظة الحديدة (غرب اليمن) لن يزيد الجماعة إلا إصرارا وثباتا في مساندة قطاع غزة، وفق تعبيره.

على الصعيد المعنوي، أحدثت ضربات الحوثيين- خصوصا ضربة تل أبيب- حالة من الهلع والصدمة في المجتمع، وعمّقت الشكوك حول قدرات الجيش الإسرائيلي والخلافات بين قيادته خصوصا مع الارتباك في التعامل مع مجريات الحرب في غزة وجبهة الشمال (مع حزب الله).

ويؤكد موقع “والا” الإسرائيلي أن ما حدث، فجر الجمعة في تل أبيب، هو فشل لسلاح الجو في الدفاع عن الجبهة الداخلية، متسائلا: ما التهديد الذي تمّ بناء سلاح الجو من أجله في العقد الماضي؟”.

من جهته، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن “انفجار المسيّرة دليل آخر على أن الحكومة لا تعرف ولا تستطيع توفير الأمن لمواطنيها، في حين أكد زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان أن “من لا يمنع الصواريخ على كريات شمونة وإيلات يجب ألا يتفاجأ بتلقيها في تل أبيب”.

وتعني مشاركة الحوثيين في الحرب على إسرائيل -بقطع النظر عن حجمها وتأثيرها العسكري- مزيدا من الضغط على الجيش الإسرائيلي وتشتيت جهوده، وهو جيش غير معد أصلا لحروب طويلة ومعارك استنزاف، فضلا عن مواجهة جبهات متعددة مع تعبئة عامة متواصلة وخسائر يومية.

من ناحية أخرى فإن ضربات الحوثيين في البحر الأحمر، كلّفت إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة، حيث بات ميناء إيلات (على البحر الأحمر) مغلقا عمليا، وتم تسريح آلاف العمال، في قطاعات عدة وتراجعت إمدادات السلع أو تأخرت بفعل مقاطعة عدة شركات شحن الموانئ الإسرائيلية أو تغيير مساراتها.

ويمكن فهم تأثيرات الهجمات الحوثية المتصاعدة في سياق الحرب الشاملة التي تواجه إسرائيل من جبهات متعددة ومنسقة بشكل ما، ويعي الإسرائيليون أن هجمات الحوثيين، في علاقتها بـ”محور المقاومة” تشكل ضغطا كبيرا ومتواصلا، فيما يرى المُحلّل العسكري أمير بوخبوط في مقال بصحيفة هآرتس (21 يوليو/تموز) أن “هجوم المُسيّرة اليمنية غيرت قواعد اللعبة في الحرب التي تخوضها إسرائيل على عدّة جبهاتٍ”، واعتبر أنها “علامة فارقة فيما يسمى عسكريا بالمعارك بين الحروب”.

الخوف من المفاجآت

من خلال هجومها على ميناء الحديدة -الذي يعتمد عليه اليمنيون في توفير أكثر من 70% من حاجياتهم- وجّهت إسرائيل رسائل متعددة، وقد عبّر وزير الدفاع يوآف غالانت عن ذلك صراحة بقوله: “إن النيران المشتعلة حاليا في الحديدة يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط والمغزى واضح”. وتشمل هذه الرسائل اليمنيين وإيران وأطراف محور “المقاومة”.

ويرى محللون أن حجم الهجوم على الحديدة -بـ20 طائرة- رغم طابعه “الاستعراضي”- وفق زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي- يعوّض بشكل ما عن الرد “الضعيف” على الهجمات الإيرانية في 14 أبريل/نيسان 2024، لكن إسرائيل تتحسب أيضا لمفاجآت عسكرية واردة، وتصعيد من الحوثيين، قد يضاعف من حجم مشاكلها في هذه الجبهة المفتوحة، والتي تختلف عن الجبهات الأخرى.

فالمعركة مع حزب الله ما زالت ضمن قواعد الاشتباك المرسومة رغم التصعيد الحاصل أحيانا، كما تخضع لوسائل ردع متبادلة تبقيها نسبيا ضمن هذه القواعد، بينما لا يخضع الحوثيون لأي قواعد اشتباك، كما لا توجد عمليا وسائل ردع فعالة عسكرية أو اقتصادية أو حتى قانونية.

وإذا كانت إسرائيل تقصف باستمرار ما تقول إنها أهداف معادية في سوريا نظرا لقرب المسافة وسهولة الرصد والتحرك، تصعب الاستجابة المباشرة في حالة الحوثيين، ولا يمكن لمقاتلاتها أن تركز باستمرار على جبهة تبعد نحو ألفي كيلومتر، بما يعنيه ذلك من تعبئة لوجستية واستعداد دائم وخسائر اقتصادية وتعقيدات عبور المجال الجوي لدول أخرى وغيرها.

تدرك إسرائيل أيضا أن طيران “تحالف الازدهار” بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا فشل خلال 9 أشهر من القصف في ردع الحوثيين أو وقف هجماتهم، رغم توفر قدرات وظروف لوجستية أفضل، وهو ما يجعلها عمليا جبهة غير قابلة للحسم.

ويتساءل المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل في هذا السياق عن “القيمة المضافة لخطوات إسرائيلية كهذه (ضرب الحديدة) بعد الهجمات التي نفذها الحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة”.

ويتخوف الإسرائيليون من تصعيد حوثي يبدو غير قابل للردع، والذي قد يستهدف تل أبيب ومدنا أخرى، أو منشآت حيوية بعشرات الطائرات المسيّرة والصواريخ التي قد تمر من منظومات الدفاع الجوي التي أثبتت ضعفها في مواجهة هجوم تل أبيب الأخير.

وفي تعليقه على الفشل في رصد وتدمير المسيرة الحوثية، يتساءل موقع “إنتل تايمز” عن مدى “قدرة إسرائيل على ردع اختراقاتٍ مماثلة مستقبلا، وهو الشيء الذي فشلت فيه ائتلافات عربية وغربية”.

من جهته يرى محلل الشؤون العسكرية في موقع “والاه” أمير بوحبوط “أن التهديد الحقيقي، الذي يتراكم أمام أعين الجميع، هو الحرب الكبرى”، والتي سيكون الحوثيون طرفا فيها.

ويشير بوخبوط في تحليله أن تقديرات الخبراء تشير إلى نحو 5 آلاف طائرة مسيّرة وصاروخ من أنواع مختلفة ستسقط على منطقة “غوش دان -وهي مركز تل أبيب الحيوي- من مناطق متعددة في الشرق الأوسط”.

وفي غياب حل نهائي لهجمات الحوثيين، ودون وجود قواعد اشتباك يمضي الحوثيون في حربهم المفتوحة منذ أشهر على إسرائيل، فيما تبحث تل أبيب عن معادلة صعبة للردع أو الاستعداد لمفاجآت قد تكون أقسى من ضربة “يافا”.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الطائرة المسيرة الحوثيين الصواريخ إسرائيل الجیش الإسرائیلی فی البحر الأحمر أنصار الله تل أبیب أکثر من

إقرأ أيضاً:

ما الذي تفعله أوكرانيا في حرب السودان؟

نادرا ما انخرطت أوكرانيا في الصراعات العسكرية خارج حدودها. وعلى العكس، تحولت الأراضي الأوكرانية في أكثر من مناسبة إلى مسرح للصراع بين القوى المتنافسة، وآخرها الحرب الروسية المتواصلة ضد كييف منذ فبراير/شباط 2022.

ولكن للمفارقة، كانت هذه الحرب سببا للأوكرانيين لمد أذرعهم العسكرية خارجيا بقدر ما تسمح به الطاقة، مستهدفين في المقام الأول مسارح إستراتيجية تمتلك فيها روسيا حضورا قويا ومصالح مهمة، ويعد السودان في مقدمة هذه المسارح التي طالتها نيران الصراع الروسي الأوكراني من على بُعد آلاف الأميال.

اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1ليلة سقوط كورسك.. كيف انكسر الروس على هذا النحو المدهش؟end of list

كان اندلاع الصراع المسلح بين المجلس العسكري السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" في أبريل/نيسان 2023 هو الشرارة التي حفزت الحضور الأوكراني.

وقد جاءت أولى الإشارات لهذا الحضور صريحة عبر مقطع مصور بثته "سي إن إن" الإخبارية بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2023، تناول عرض هجوم بواسطة "مسيّرات انتحارية" استهدف عناصر من "قوات فاغنر" الروسية التي تقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع في السودان.

وفقا لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في مارس/آذار الماضي (2024)، فإن عبد الفتاح البرهان الذي وجد نفسه محاصرًا في عاصمة بلاده الخرطوم من قِبَل قوات الدعم السريع، سعى حينها إلى طلب المساعدة من حليف غير متوقع، وهو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وعلى الرغم من الحرب المشتعلة في كييف، لبّت أوكرانيا نداء البرهان وأرسلت كتيبة من القوات الخاصة الأوكرانية "الكوماندوز" تضم حوالي 100 جندي هبطوا على أرض السودان في أغسطس/آب 2023، وكانت مهمتهم الأولى المساعدة في إخراج البرهان من الخرطوم. وبالفعل كللت المهمة بالنجاح وتوجه البرهان إلى بورتسودان، وفقا للصحيفة الأميركية. لكن البرهان نفى أن تكون هناك أي مساعدة أجنبية في هذه العملية، وقال إنها تمت بتخطيط وتنفيذ كامل من الجيش السوداني.

كان الجنود الأوكرانيون يعملون تحت غطاء من السرية والكتمان، ويشير أحد ضباط الاستخبارات الأوكرانية في السودان، ويعرف رمزيا باسم "كينغ"، للصحيفة الأميركية أن وحدته كانت تبدأ عملياتها منذ الثامنة مساءً وحتى مطلع الفجر، وذلك تجنبًا لكشف هويتهم نهارًا.

وفي عتمة الليل كانوا يخرجون مزودين بنظارات للرؤية الليلية، مما أتاح لهم تنفيذ غارات مباغتة على قوات الدعم السريع التي اعتادت النوم في العراء على طول خط المواجهة، وفق "كينغ".

في الوقت ذاته، دعمت أوكرانيا الجيش السوداني بمجموعة من المسيّرات الانتحارية، وقدمت الدعم التكتيكي والتدريبات العسكرية اللازمة لعناصر القوات المسلحة السودانية وخاصة سلاح الطيران؛ وهو ما أضاف ميزة تكتيكية في الحرب لصالح البرهان والجيش السوداني.

المسيّرات.. تحول ميزان القوى في حرب السودان

مثَّل دخول المسيّرات الأوكرانية تحديدا إلى الصراع السوداني تحولا كبيرا صب في صالح الجيش، فرغم أن القوات المسلحة السودانية كانت تمتلك بالفعل بعض المسيّرات قبل بداية الصراع، فإنها كانت أقل تطورا ولم تُستخدم بفعالية إلا في الأشهر الأخيرة مع حضور الأوكرانيين إلى المشهد حسب الرواية الأوكرانية.

وبحلول 12 مارس/آذار الماضي، كان الجيش السوداني يحتفل بانتصاره في معركة استعادة مقر الإذاعة والتلفزيون في مدينة أم درمان، والذي وقع في يد قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب.

كانت المسيّرة الأوكرانية "إف بي في" (FPV) هي بطل هذه المعركة وغيرها من المواجهات المندلعة منذ ذلك الحين، وهي طائرات بدون طيار انتحارية صغيرة محلية الصنع شوهدت لأول مرة إبان الحرب الراهنة بين كييف وموسكو.

فمع عدم كفاية الإمدادات الغربية لملاحقة تطورات الحرب المتسارعة، سعت أوكرانيا للبحث عن بديل سهل يمكن تجميع مكوناته في البلاد بتكلفة زهيدة، وفي الوقت نفسه يمتاز بأداء عالٍ على الخطوط الأمامية للقتال، فكانت "إف بي في" هي ما مكّن الجيش الأوكراني من الصمود نسبيا على الرغم من التفوق الروسي.

في غضون أقل من عام على استخدامها الأول في أوكرانيا، قفزت "إف بي في" (FPV) آلاف الأميال لتسجل حضورها على ساحة الحرب السودانية وتنفذ هجمات استهدفت شاحنات صغيرة بعضها يحمل مقاتلين من الدعم السريع، وهي المعارك التي أدارتها وحدة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية وقامت خلالها بتدريب وحدات من الجيش السوداني على استخدام هذا النوع من المسيّرات.

من الناحية التقنية، تعد "إف بي في" طائرات كوادكوبتر عادية "مسيّرة بدائية ذات 4 مراوح" عمل متخصصون على تحويلها إلى "مسيّرات انتحارية" مزودة ببطارية إضافية ورأس حربي متفجر، تعرف باسم مسيّرات "منظور الشخص الأول" حيث يجري التحكم بها عن بُعد من خلال نظارات تشبه تلك الخاصة بالواقع الافتراضي.

وتجري قيادة تلك المسيرات عن طريق بث مباشر من كاميرا مثبتة على متنها، وتبلغ تكلفة الواحدة منها بين 400 إلى 500 دولار. وتمتاز بإمكانية توجيه ضربات محددة لأهداف سريعة الحركة بدقة عالية على بعد عدة أميال، فهي تحوم بالهواء فوق الهدف لفترة طويلة قبل الأمر الانقضاض عليه.

لم تكن المسيّرات الأوكرانية وحدها التي حلّقت في سماء السودان، حيث حصل الجيش السوداني أيضا على مسيّرات "بيرقدار تي بي 2" تركية الصنع، والتي دخلت الخدمة في يونيو/حزيران 2015، وتمتاز "بيرقدار" بقدرتها على القيام بمهام استطلاع ومراقبة وفي الوقت ذاته توجيه ضربات جوية دقيقة.

كما أن بإمكانها الطيران 25 ساعة متواصلة. كذلك تحضر المسيّرات الإيرانية هي الأخرى في المشهد السوداني، إذ أشار الخبراء بعد تحليل حطام مسيّرات أسقطها الدعم السريع أثناء معركة استعادة مقر الإذاعة والتلفزيون بأم درمان إلى أن الجيش السوداني يمتلك طائرات دون طيار إيرانية الصنع من طراز "مهاجر 6″، وفقًا لما جاء في تحقيق أعدته وكالة "بي بي سي" الإخبارية.

تعد "مهاجر 6" مسيّرة قتالية تكتيكية قادرة على التحليق لمدة 12 ساعة متواصلة، بسرعة تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة وبمدى يبلغ 6000 كيلومتر، وحمولة تصل إلى 40 كيلوغرامًا من القنابل الذكية. وبجوارها، يمتلك الجيش السوداني طائرات مسيرة من طراز "زاجل 3".

و"زاجل 3″ نسخة محلية الصنع من الطائرة الإيرانية "أبابيل 3″، قادرة على التقاط الصور وإرسالها إلى محطات التحكم الأرضية، والتحليق على ارتفاع 150 قدمًا لمسافة 250 كيلومترًا، كما تتميز بمحرك يعمل بالبنزين يُمكّنها من التحليق لمدة 8 ساعات متواصلة.

على الجانب المقابل، سارعت قوات الدعم السريع إلى استخدام مجموعة متنوعة من الطائرات دون طيار لمهام الاستطلاع والهجوم. ورغم قلة المعلومات المتوفرة عن قدراتها، أظهرت الأدلة المبكرة في الحرب أن قوات الدعم السريع استخدمت طائرات دون طيار تجارية معدلة، وهي مسيّرات رباعية المراوح جرى تطويرها لتستخدم في عمليات انتحارية.

رغم ذلك، لا تزال المسيرات التي يمتلكها الجيش السوداني أكثر تطورا بفوارق كبيرة. هذا الوضع جعل من الطائرات المسيّرة سلاحًا حاسما في الحرب السودانية، إذ تمكنت في وقت قصير من تغيير مسار العديد من المعارك على الأرض، بعد أن استعاد الجيش بفضلها العديد من المواقع وتمكن من كسر الحصار المفروض على جنوده من قبل قوات الدعم السريع.

حرب غربية فوق أرض أفريقية

تشير "وول ستريت جورنال" إلى أن السبب الرئيسي الكامن وراء مساندة الأوكرانيين للجيش السوداني بالحرب الأهلية الدائرة في الخرطوم، هو أن البرهان كان قد أمد كييف سرًّا بالأسلحة منذ بداية الحرب الأوكرانية- الروسية، وبالتالي كان على أوكرانيا أن تقدم الدعم في الحرب السودانية لحليف قديم.

غير أن هناك سببًا آخر مهمًّا جعل كييف تسارع للانخراط العسكري في الخرطوم وهو أنها وجدت في السودان ساحة مواجهة جديدة مع روسيا قد تجعل موسكو تدفع ثمنًا أكثر كلفةً لحربها على الأراضي الأوكرانية.

ففي شهر فبراير/شباط الماضي، نشرت صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية مقطعًا مصورًا، يظهر فيه مقاتل من قوات "فاغنر" الروسية وهو معصوب العينيين أثناء استجوابه من قِبَل القوات الخاصة الأوكرانية بعدما وقع في الأسر.

وللمفارقة فإن هذا المقطع تم تصويره في السودان الذي انتقل فريق من القوات الأوكرانية إليه لتقديم المساعدة للجيش. في المقابل، أشارت اعترافات "أسير فاغنر" إلى أن مقاتلي المجموعة سافروا إلى أفريقيا الوسطى ومنها إلى الخرطوم من أجل تقديم المساعدة والتدريب العسكري لقوات الدعم السريع.

يسبق وجود "فاغنر" في السودان الوجود الأوكراني بوقتٍ كبير، إذ حرصت موسكو على حضورها في هذا البلد منذ عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي أُطيح به عام 2019 إثر موجة واسعة من الاحتجاجات، حيث سعت روسيا منذ عام 2017 إلى إنشاء قاعدة عسكرية لها على ساحل البحر الأحمر بالسودان.

في الوقت ذاته، كان هناك هدف آخر لا يقل أهمية ترتب له موسكو وهو الحصول على الذهب السوداني لمواجهة العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا بعد غزو شبه جزيرة القرم، وبحسب تحقيق استقصائي أجرته شبكة "سي إن إن" في وقت سابق، سلبت موسكو أطنانًا من الذهب السوداني.

وتقدر قيمة الذهب السوداني الذي استولت عليه روسيا بمليارات الدولارات، وذلك عن طريق "قوات فاغنر" التي عملت في الخفاء -بحسب التحقيق- تحت غطاء شركة روسية سودانية تدعى "ميروي غولد" تأسست في عهد عمر البشير عام 2017.

لم ينته الدور الروسي في السودان بعد الإطاحة بالبشير، بل حافظت روسيا على إستراتيجيتها السابقة بالتعاون مع المجلس العسكري بقيادة البرهان. لكن اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع وضعت الروس في اختبار صعب للعب على طرفي الصراع للمحافظة على مصالحهم.

ولذلك نجد قوات فاغنر كمؤسسة عسكرية خاصة مدعومة من الكرملين تقف إلى جانب قوات الدعم السريع نظرًا لسيطرة "حميدتي" وقواته على الذهب، وفي الوقت ذاته تواصل موسكو سياستها الخارجية المتمثلة في تقديم الدعم للقوات المسلحة السودانية، أملا في إقامة قواعد عسكرية لها في السودان.

هذا الأمر الذي حوّل الحرب السودانية، وفقًا لوصف بعض المحللين، إلى نموذج للحرب بالوكالة، حيث تدخلت أطراف ثالثة في الصراع، يسعى كل منها لتحقيق أهدافه الخاصة.

وبحسب التقارير، تتعدد أهداف كييف داخل السودان، ما بين تعطيل أنشطة مجموعة فاغنر في أفريقيا، ومنع موسكو الاستفادة من الذهب السوداني وإحباط الجهود الحربية الروسية في أوكرانيا عبر تشتيتها في مسارح متعددة.

هذا بالطبع إلى جانب تحسين الصورة الدولية لكييف في أعين حلفائها الغربيين عبر إثبات قدرة أوكرانيا على مواجهة روسيا على بُعد آلاف الأميال من الصراع المحتدم في شرق أوروبا.

مقالات مشابهة

  • تقرير يتحدث عن اليد الخفية لإيران التي تساعد الحوثيين في استهداف السفن التجارية
  • ما هي الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة لإسرائيل؟
  • تعرف على قائمة الدول التي أوقفت تصدير الأسلحة لإسرائيل
  • قائمة الدول التي علقت أو قيّدت تصدير الأسلحة لإسرائيل
  • جنرال إسرائيلي متقاعد: الذي ينهار ليس حماس وإنما إسرائيل
  • الضغوط تحاصر رئيس وزراء إسرائيل.. بايدن ينتقد نتنياهو والمظاهرات تشعل تل أبيب
  • ما الذي تفعله أوكرانيا في حرب السودان؟
  • أخطر مشاريع افتتحها الرئيس العليمي في تعز ودلالاتها التي تثير جنون الحوثيين
  • مؤسسة بحثية: المشاريع التي تم إطلاقها مؤخراً في تعز تدعم جهود استكمال تحريرها من الحوثيين
  • الأمم المتحدة: مقاطع الفيديو التي نشرها الحوثيون "اعترافات فسرية"