كشف مصدر عالي المستوى في لجنة تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة عن تلقي الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان تهديدات من الأصوليين المتطرفين بأنهم لن يصوتوا على إعطاء الثقة لحكومته إذا عيّن وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف نائباً أول له أو توزير بعض الشخصيات الإصلاحية. وأوضح المصدر، أن التهديد والفيتو على ظريف، المشرف على اللجنة الانتقالية لتشكيل حكومة بزشكيان، جاء رغم دعوة المرشد الأعلى علي خامنئي للنواب الأصوليين للتعاون مع بزشكيان لتشكيل حكومة تكنوقراط لا تكون محسوبة على أي اتجاه سياسي ولا يشارك فيها متطرفون.

وحسب المصدر، فإنه رغم اتفاق بزشكيان على إعطاء رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف حصة مقابل تأمين نيل الثقة، أصّر الأصوليون على رفضهم لهذه الصفقة، ويريدون فرض شروطهم وفي مقدمتها تسمية نصف وزراء الحكومة منهم وبعض وزراء الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. وأشار المصدر الى أن بزشكيان يواجه مشكلة عويصة خصوصاً مع تعهده بتوزير امرأة على الأقل ومنح السنة إحدى الحقائب ووعد الحرس الثوري بحصة، إلى جانب طمع الإصلاحيين الشباب بأخذ نصيب الأسد في كعكة الحكومة، لأنهم يعتبرون أنفسهم أوصلوه للرئاسة. ولفت المصدر إلى أن بزشكيان قام مقابل تعيين ظريف رئيساً لجنة تشكيل الحكومة، بتعيين قيادات من الحرس الثوري لمحافظة أذربيجان الشرقية، التي كان هو نائباً عنها، مقررين في هذه اللجنة إضافة إلى بعض النواب الأصوليين المقربين منه في المجلس، ومن جهة ثانية فإن ظريف قام بتعيين نصف اللجنة من شخصيات إصلاحية بعضها متطرفة جداً مما حوّل هذه اللجنة المتشكلة من أكثر من 450 شخصاً إلى ساحة صراعات بين الاتجاهات السياسية لم تستطع أن تتفق، حتى كتابة الخبر، على تعيين وزير واحد. وقال المصدر، إن بزشكيان ترك اللجنة ولم يشارك باجتماع واحد وأمضى وقته بفعاليات اجتماعية ومراسم عاشوراء ولقاءات بروتوكولية، لكن كبار الأعضاء اجتمعوا معه صباح أمس وحذروه من أنه إذا ما استمر الوضع فإنه لن يستطيع الالتزام بالاستحقاق الدستوري اللازم لعرض حكومته على البرلمان بالوقت المقرر، وعليه أن يترك كل شيء جانباً ويركز على تعيين الشخصيات التي سوف تتسلم حكومته. ورغم محاولات بزشكيان لعكس صورة أنه يحظى بدعم المرشد، وأثبت الشارع الأصولي المتطرف مرة أخرى أنه لا يستمع لأي شخص حتى المرشد نفسه، يسير في خطه الأيديولوجي دون هوادة. ولأول مرة في تاريخ ما بعد الثورة، قام الأصوليون بمهاجمة ظريف وبعض أعضاء لجنة تشكيل الحكومة في صلاة الجمعة بطهران وعرقلوا مراسمها ورفعوا شعارات معارضة وطالبوا بطرده والشخصيات التي رافقته، ومعظمهم وزراء محتملون، من مصلى مدينة طهران ليرسموا خطاً جديداً بينهم وبين حكومة بزشكيان حتى قبل بدء عملها. وقام حراس ومرافقو ظريف بإخراجه من الصلاة بصعوبة بالغة، وكان هناك تخوف جدي من محاولة الأصوليين المتطرفين الاعتداء عليه وعلى مرافقيه بالضرب المبرح.

المصدر: جريدة الحقيقة

إقرأ أيضاً:

هل عزل همتي بداية المواجهة بين الحكومة والبرلمان في إيران؟

طهران- على وقع تدهور الاقتصاد الوطني المتمثل في تراجع قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، أقال البرلمان الإيراني أمس الأحد وزير الاقتصاد والمالية عبد الناصر همتي، وذلك بعد مرور نحو 6 أشهر فقط على منح النواب الثقة لجميع الوزراء في التشكيلة الحكومية للرئيس مسعود بزشكيان.

وفي سابقة هي الثانية من نوعها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، خسر همتي في التصويت على حجب الثقة عنه، ليسجل ثاني أسرع استجواب في تاريخ الجمهورية الإسلامية بعد وزير الداخلية الأسبق علي كردان الذي أقاله البرلمان عام 2008 على خلفية فضيحة تزويره شهادة الدكتوراه بعد 3 أشهر فقط من تولّي منصبه.

وهذه المرة، رغم محاولة الرئيس مسعود بزشكيان لثني النواب عن عزل وزيره، إذ قال تحت قبة البرلمان إن البلاد تواجه حربا اقتصادية هي الأسوأ والأصعب منذ الحرب العراقية الإيرانية (1988-1980)، وإن المشكلات الاقتصادية الراهنة غير مرتبطة بشخص واحد، صوّت 182 برلمانيا لمصلحة سحب الثقة من أصل 273 حضروا الجلسة المخصصة لإقالة همتي (من أصل 290 عضوا) في حين عارض 89 نائبا وامتنع نائب واحد عن التصويت.

الرئيس بزشكيان حاول ثني النواب عن عزل وزيره وقال إن البلاد تواجه حربا اقتصادية هي الأسوأ (الأناضول) شعار الوفاق

ويرى مراقبون سياسيون في طهران تأييد نحو 66% من نواب البرلمان المحافظ عزل همتي ضربة قاصمة لشعار "الوفاق الوطني" الذي رفعه بزشكيان منذ تنصيبه وطبقه بشكل عملي عبر تعيينه شخصيات من التيار السياسي المنافس في مناصب عليا بحكومته.

من ناحيته، كتب محمد علي أبطحي -وهو ناشط سياسي إصلاحي ورئيس مكتب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي- على منصة إكس "لا بد أن يعتبر المجلس الوزاري من استجواب همتي عقب 6 أشهر فقط من تولّيه منصبه، عليه ألا يقبل بالوفاق من جانب واحد، وأن يتعامل مع البرلمان بناء على الأسس القانونية فحسب".

وانتقد أبطحي توجه الحكومة لفتح المجال أمام عناصر التيار المنافس تحت شعار "مسايرة البرلمان"، مضيفا "عليكم أن تعلموا أن بزشكيان هو الفائز في الرئاسيات السابقة. لا تسمحوا للأطراف الأخرى أن تتدخل في شؤون الحكومة حتی تكون النتيجة مشابهة لما كان يراد لها في حال فوز المرشح المقابل".

إعلان

ورغم أن الريال الإيراني كان قد استعاد جزءا بسيطا من قيمته عقب الإعلان عن فوز بزشكيان في رئاسيات الصيف الماضي، إذ تراجع آنذاك سعر الدولار الأميركي من 610 آلاف إلى 590 ألف ريال، واصلت العملة الإيرانية خسارة قيمتها منذ يوليو/تموز المنصرم حتى بلغت 930 ألف ريال للدولار الواحد تزامنا مع عقد جلسة الاستجواب صباح يوم أمس.

تنافس سياسي

وعلى وقع الجدل المتواصل إثر تقديم الأغلبية المحافظة في 11 يناير/كانون الثاني الماضي مشروع الاستجواب، يرى الإصلاحيون في استجواب همتي محاولة لتشفّي خصومهم بعد أن أخفقوا في إقالة محمد جواد ظريف مساعد الشؤون الإستراتيجية للرئيس بزشكيان من منصبه، وكذلك فشلهم في إحباط برامج بزشكيان الرامية إلى رفع القيود عن الإنترنت وتعليق قانون الحجاب الإجباري.

لكن بعد مرور سويعات على عزل همتي، نقلت وكالتا أنباء "تسنيم" و"فارس" المقرّبتان من الحرس الثوري عن مصادر مقربة من الحكومة أن ظريف قد قدم استقالته للرئيس بزشكيان الذي لم يتخذ قرارا بعد بشأنه.

في غضون ذلك، هاجم السياسي المحافظ إحسان صالحي -الذي سبق أن تقلد منصب سكرتير المجلس الإعلامي لحكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي- كلمة بزشكيان تحت قبة البرلمان دفاعا عن همتي وحديثه عن دور الضغوط الخارجية في تشديد الأزمات الاقتصادية، مضيفا في تغريدة على منصة إكس أن "الرئيس بزشكيان قدم صورة ضعيفة عن البلاد في مواجهة نظيره الأميركي دونالد ترامب".

عبد الناصر همتي دافع عن سجله وقال إن التضخم هو المشكلة الأخطر في إيران منذ سنوات (الصحافة الإيرانية) موافقون ومعارضون

من ناحيته، دافع همتي عن سجله، معتبرا أن سعر الصرف في البلاد ليس حقيقيا وإنما نابع عن التوقعات التضخمية. وتوعد بخفضه حتما، مضيفا أن "المشكلة الأخطر في اقتصاد البلاد هي التضخم المزمن الذي يعاني منه اقتصادنا منذ سنوات".

إعلان

وفي كلمته تحت قبة البرلمان قبيل التصويت على سحب الثقة منه، قال همتي إنه "لا يريد الكشف عن معلومات تسعد الأعداء"، لكنه تعمّد أن يكون صريحا مع النواب عندما خاطبهم بأن الضغط على الموازنة والسيولة سيستمر وسعر الدولار سيزداد ما دامت القضايا الدولية قائمة وأن معالجة التضخم في البلاد ستستغرق وقتا.

وبينما ركزت كلمات المستجوِبين تحت قبة البرلمان على إخفاقات الوزير المعزول في احتواء التضخم، وإصلاح النظام المصرفي، وانهيار قيمة العملة الوطنية إثر إطلاقه خطة لتوحيد أسعار الصرف مما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي وسقوط شريحة كبيرة أخرى من المواطنين تحت عتبة الفقر، يرى الطيف المقابل أن همتي راح ضحية التنافس السياسي في البلاد.

في المقابل، يرد المؤيدون بأن همتي نجح بالفعل في ترميم عجز الموازنة وكبح جماح التضخم من 42% إلى 32% وأن فترة 6 أشهر لم تعد كافية لإصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة، فضلا عن الأزمات الاقتصادية المتراكمة جراء العقوبات الأميركية وارتفاع منسوب التوترات الإقليمية.

أول الغيث

يأتي الجدل بين مؤيدي حكومة بزشكيان ومعارضيها بعد مرور 192 يوما على تصويت 192 نائبا الصيف الماضي لمصلحة تولي همتي وزارة الاقتصاد والمالية، مما يطرح علامة استفهام عما إذا كانت الموافقة البرلمانية على جميع أعضاء التشكيلة الحكومية المقترحة متأثرة بالتطورات الأمنية التي أعقبت تنصيب بزشكيان، ولعل أبرزها اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.

وبذلك، يرى الكاتب مهرداد خدير -في مقاله نشره بموقع "عصر إيران" الناطق بالفارسيةـ أنه بناء على ديدن البرلمان المحافظ وموقفه من الرئيس بزشكيان وحكومته فإن المستغرب هو منح هذا البرلمان ثقته لجميع الوزراء المقترحين وليس سحب الثقة من همتي.

وفي مقاله بمناسبة أول مواجهة عملية بين البرلمان والحكومة، توقع خدير استمرار وتيرة المواجهة السياسية بينهما خلال الفترة المقبلة على أن تطيح بعدد آخر من وزراء حكومة بزشكيان، مضيفا أن تسمية البديل للوزير المعزول ستحدد إذا كان بزشكيان سيتراجع أمام ضغوط البرلمان أم يتخذ قرارا بعدم التغيير في فريقه الاقتصادي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • هل عزل همتي بداية المواجهة بين الحكومة والبرلمان في إيران؟
  • إيران.. «ظريف» يكشف سبب استقالته!
  • إيران.. جواد ظريف يستقيل من منصبه
  • لا تغيير او تعيين في مركز حساس
  • بعد ضغوط وإهانات غير مسبوقة… ظريف يستقيل من حكومة بزشكيان رسميًا
  • بزشكيان: إيران تواجه حرباً شاملةً مع العدو الأمريكي
  • بعد انقطاعه لساعات.. خط ميرساد الناقل للكهرباء المستوردة من إيران يعود للعمل بنصف طاقته
  • بزشكيان يريد الحوار مع ترامب لكنه ملتزم برفض خامنئي
  • تعيين أعضاء جدد للجنة دعم الإنتاج السينمائي لتعزيز صناعة السينما الوطنية
  • انطفاء خط ميرساد الناقل للكهرباء المستوردة من إيران إلى ديالى