عربي21:
2025-02-16@19:43:42 GMT

إسرائيل المستفزة للرأي العام

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

حرصت دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ إنشائها على المحافظة على صورتها الإيجابية في العالم، ولا يخفى حجم الاهتمام ونوعيته بالدعاية التي أولتها ماكينات الديبلوماسية والإعلام تحقيقا لهذا الهدف.

جاءت الحرب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة إثر طوفان الأقصى 2023 بوضع جديد في الديبلوماسية الإسرائيلية وتعاطيها مع الدعاية وتحسين صورتها، حيث وصلت صورة الكيان المحتل لأسوأ حالاتها على الإطلاق، مع ملاحظة عدم أولوية ذلك بالنسبة لصنّاع القرار فيه خلال هذه المرحلة، في ظل تصاعد الإجرام في صورة لم تُعهد في الزمن المعاصر، لا سيما من دولة كانت إحدى ركائز دعايتها أنها الديمقراطية الوحيدة وسط أنظمة ديكتاتورية عربية، الأمر الذي بات يؤلب القوى والحراكات في الغرب على غير الوجه الذي أرادته إسرائيل وحلفاؤها عبر عقود خلت.

فما نتائج السلوك الإسرائيلي الجديد وانعكاساته على توجهات الرأي العام نحوه؟

شكلت الحركات الطلابية في الجامعات الغربية سابقة في تاريخ الدول الداعمة لإسرائيل، والتي تحولت نخبها المستقبلية التي يفترض بها إكمال مشوار السياسيين المناصرين للاحتلال؛ إلى مناهضين لمشروعه الاحتلالي ورافضين لجرائم الإبادة التي يرتكبها على مرأى العالم أجمع.

شكلت قرارات محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية هي الأخرى ثورة في وجه الاصطفاف الأعمى مع دولة الاحتلال، فسابقة إدانة إسرائيل واتهامها بارتكاب الجرائم بات واقعا من البوابة القانونية الدولية، ما أضاف خرقا لجدار حاولت إسرائيل ومن ورائها القوى الداعمة لها الحيلولة دون المسّ بصورتها ومكانتها
كما شكلت قرارات محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية هي الأخرى ثورة في وجه الاصطفاف الأعمى مع دولة الاحتلال، فسابقة إدانة إسرائيل واتهامها بارتكاب الجرائم بات واقعا من البوابة القانونية الدولية، ما أضاف خرقا لجدار حاولت إسرائيل ومن ورائها القوى الداعمة لها الحيلولة دون المسّ بصورتها ومكانتها، وعدم السماح بوصول لما يسيء إليها في الأروقة الدولية، في جو سيطرت عليه القوى الكبرى على هذه المنظمات، وأثرت سياسيا في قراراتها.

على الرغم من تأخر قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بالحرب على غزة وعدم تنفيذه، إلا أن ذلك وجه آخر يدلل على نفض الغبار عن روتين دولي بات مسلّما في التعاطي مع إسرائيل؛ فالتحولات الدولية في التعاطي مع إسرائيل هزت الوعي الدولي وحركت الضمير الإنساني الذي تجرأ للوقوف في وجه تهديدات القوى الكبرى وعلى رأسها أمريكا، فضلا عن الحرج الذي بات يوضع فيه مسؤولو المنظمات الدولية أمام مشاهد الإبادة في غزة.

إن تصرفات الاحتلال بصورة غوغائية في حربه وعدم مبالاته في الأصوات الدولية سواء المؤسسات أو الأفراد، والداعية إلى العقلانية في التعامل مع المشهد، باتت تكلفه ثمنا باهظا، بل وتزيد من استفزاز الرأي العام العالمي تجاهه شيئا فشيئا، ما يدفع بالمزيد من مناهضة المشروع الصهيوني وبصورة أكثر قسوة من ذي قبل. ويدلل على ذلك ما خلصت إليه فتوى محكمة العدل الدولية الأخيرة فيما يخص طلب الأمم المتحدة بإنهاء احتلال مناطق 67، ووحدة هذه الأراضي ورفض الاستيطان ومصادرة الموارد الطبيعية منها، واعتبار ما جرى عليها من إجراءات غير قانونية، وغيرها من القرارات ذات الطابع الصارم في التعاطي مع الرواية الإسرائيلية.

بات مشهد المبالغة في العنف إسرائيليا وزيادة نفوذ المتطرفين في صناعة القرار، وجرائم قتل المدنيين في مدارس الإيواء وغيرها، يقابل بجدية ووقوف مع الحقوق الفلسطينية من أطراف دولية ورأي عام بات يقابل التحدي بتحد، ما بات يضع هذا التحدي أمام صنّاع القرار الداعمين للاحتلال، ويؤثر في إيجابيتهم المعهودة مع الاحتلال على مدى عشرات السنوات، والأهم من ذلك أنه بات يرسخ لدى شرائح واسعة في المجتمعات الغربية أن "الصنم الإسرائيلي" يمكن انتقاده والتجرؤ على ذلك، التجرؤ على الرد على إسرائيل من جبهات محيطة، من اليمن وإيران والعراق ولبنان، شكّل تحولا في الصورة العامة للكيان الذي لم يفكر أحد في مهاجمته، بل وكرست صورة الضعف العربي أمام "الغول" الإسرائيلي، وهذه الجرأة لها ما بعدهابعد أن كان من المحرمات التي تودي بصاحبها وتحاصره، وهو ما لاحظناه في أسلوب بعض الجامعات وخطابها الأيديولوجي الداعم المطلق للصهيونية، فحتى هذا الخطاب شكل تحديا للفئات المثقفة والحرة التي لا تقبل القولبة في أطر تراها تحطّ من حرية التعبير والديمقراطية، وبات ذا مفعول عكسي لشرائح الشباب الذين دخلوا في تحد معه.

على الصعيد العربي والإسلامي وبالرغم من الخذلان الكبير، إلا أن التجرؤ على الرد على إسرائيل من جبهات محيطة، من اليمن وإيران والعراق ولبنان، شكّل تحولا في الصورة العامة للكيان الذي لم يفكر أحد في مهاجمته، بل وكرست صورة الضعف العربي أمام "الغول" الإسرائيلي، وهذه الجرأة لها ما بعدها من إزالة صورة مثالية جعلت المحيط يعيش الخوف والرعب من مجرد التفكير من الاقتراب منه.

إن الديبلوماسية الإسرائيلية تعيش في أسوأ حالاتها بتعاطيها مع مُسلَّم حفظ لها وجودها وهيبتها على مدار عشرات السنوات، وباتت تخسر الكثير على الصعد الدولية، بل باتت تحارب ذاتها من خلال خلق فرص العداء مع شرائح واسعة في المجتمعات، جراء الاستفزازات التي تقوم بها في مجالات وبيئات شتى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة الرأي العام الإبادة إسرائيل غزة الرأي العام الإبادة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المخيمات الفلسطينية.. العقدة التي ظلت تؤرق الاحتلال وتحبط مخططاته

منذ توسع إسرائيل في احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، ظلت المخيمات الفلسطينية عقدة في طريق الجيش الإسرائيلي لفرض سيطرته الأمنية عليها، وهو ما يجري حاليا مع مخيمات الضفة وخاصة جنين شمالي الضفة.

وبحسب ما جاء في تقرير للجزيرة أعده "صهيب العصا" فإنه يوجد 30 مخيما للاجئين الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة، 22 منها في الضفة الغربية، و8 في قطاع غزة، وقد امتلأت هذه المخيمات بالفلسطينيين الفارين من جحيم العصابات الصهيونية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ظروف صعبة يعيشها العائدون إلى جباليا لكنهم يتمسكون ببيوتهمlist 2 of 2بالخريطة التفاعلية.. ما تفاصيل المعارك في الخرطوم؟end of list

وكانت المخيمات هي المكان الذي شهد بمرور الوقت تشكل الفصائل الفلسطينية، وكانت هذه بداية تحول هذه البؤر السكانية للاجئين الفلسطينيين إلى أزمة أمنية للاحتلال الإسرائيلي.

ومقارنة بالمدن والقرى الفلسطينية تتميز المخيمات بخصيصتين أساسيتين تشكلتا مع الوقت، أولاهما الكثافة السكانية العالية، حيث يتوزع مليونان و800 ألف فلسطيني على 30 بقعة جغرافية صغيرة ومحصورة.

ففي مخيم جنين مثلا يعيش 16 ألف فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 1.4 كيلومتر مربع، وقد تحول المخيم مع الزمن إلى عائلة كبيرة يعرف الناس بعضهم بشكل وثيق.

ومع تطور مشهد الصراع والمواجهات مع الاحتلال، أعطى هذا الأمر ميزة للمقاومين للتنقل بين المنازل بحرية والتخفي بفضل الحاضنة الاجتماعية، بالإضافة إلى سهولة تنظيم مقاتلين جدد للفصائل عبر اللقاءات المباشرة والعفوية التي لا تلفت انتباه مخابرات الاحتلال الاسرائيلي.

إعلان

والخصيصة الثانية في المخيمات هي البنية التحتية التي تردت مع مرور الزمن، وتتسمُ مخيمات اللجوء عموما وفي الضفة خصوصا بضيق شوارعها وصغر أزقتها، مما أعطى المقاومين سهولة كبيرة في التنقل بين أسطح المنازل عبورا إلى أحياء المخيم بشكل سريع وسلس، ولأنهم أهل المكان يصبح التخفي والتنقل ميزة بيد هؤلاء الشباب يتفوقون بها ميدانيا على جنود الاحتلال.

وبسبب عجزه في فرض سيطرته عليها، اتبع الاحتلال الإسرائيلي أساليب جديدة في التعامل الأمني مع المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، تقوم على تغيير جغرافيا وديمغرافيا المخيمات، وهو ما تفعله الآن قوات الاحتلال في مخيم جنين مثلا وتوثقه الكثير من مقاطع الفيديو التي يتم تسريبها.

أما التغيير الديمغرافي في شكل المخيم، فتسعى قوات الاحتلال لتحقيقه من خلال عمليات التهجير، فمن يغادر منزله في المخيم سيعود ليجده مهدما وليجد مكانه شارعا، وبالتالي تتقلص فرصة إعادة البناء في المكان نفسه.

ويعتقد الاحتلال أنه بتغييره لجغرافيا المخيمات وتفريغها من سكانها فإنه ينجح بحرمان المقاومة الفلسطينية من هذه الحاضنة الاجتماعية المهمة.

ولكن وبحسب ما ذهب إليه تقرير الجزيرة، فإنه رغم مرور قرابة 80 عاما على تشكيل المخيمات الفلسطينية، فإن إسرائيل لا تزال تبحث عن طريق لوأد المقاومة هناك، وقد اكتشفت أن مئات عمليات الاجتياح التي نفذتها في مخيمات الضفة الغربية لم تمكنها من تغيير تجذر المقاومة في المخيمات.

ويذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت في 21 يناير/كانون الثاني الماضي عدوانا عسكريا على شمال الضفة استهلته بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما. ثم وسّع الاحتلال عدوانه إلى مدينة طولكرم ومخيمها، قبل أن يقتحم بلدة طمون ومخيم الفارعة في محافظة طوباس.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تدفع قانونين يمنعان توثيق جرائم الحرب التي ترتكبها
  • إسرائيل تتسلم شحنة القنابل التي أرسلها ترامب بعد تعليقها من بايدن
  • غيَّر قوانين سجون الاحتلال.. من هو الأسير مازن القاضي الذي خدع إسرائيل؟
  • حركة حماس تؤكد أن تصريحات ترامب تتناقض مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه
  • الانتخابات تدخل على المواقف الخارجية والقوى المتصارعة توظف العلاقات الدولية لصالحها
  • صورة: ماذا يخفي القسام خلف عملية تسليم أسرى إسرائيل اليوم ؟
  • السوداني يشيد بعمل المحكمة الجنائية الدولية
  • ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
  • عقوبات أميركية على المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان
  • المخيمات الفلسطينية.. العقدة التي ظلت تؤرق الاحتلال وتحبط مخططاته