اليمن: «الحوثي» تقتات على الحرب وغير مستعدة للسلام
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
عدن (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأكد اليمن أن جماعة «الحوثي» تقتات على الحرب، وأن تصعيدها الحالي يثبت أنها غير مستعدة للسلام. جاء ذلك على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، الذي أشار إلى استمرار الحوثيين في انتهاكاتهم بحق الشعب اليمني، مستعرضاً جهودَ السلام الإقليمية والدولية التي اصطدمت مع ممارسات «الحوثي»، في كل جولات الحوار التي رحبت بها الحكومة اليمنية ودعمتها.
ولفت الإرياني إلى أعمال القرصنة والاعتداءات المستمرة التي تمارسها جماعة «الحوثي» ضد السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وما ينتج عنها من أضرار كبيرة ضحيتُها الأول الشعب اليمني، المتضرر من ارتفاع قيمة التأمين الذي أثّر على حياة الناس وسبل عيشهم.
جاء ذلك خلال لقاء الوزير الإرياني، أمس، في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، مع وفد مكتب المبعوث الأممي برئاسة كبيرة مستشاري المكتب «الزهراء لنقي»، وعضوية الممثل القطْري لهيئة الأمم المتحدة للمرأة «دينا زوربا».
وذكّر الإرياني بأن الحكومة اليمنية كانت قد شرعت في تسليم مرتبات الموظفين، ووصلت لنحو 60% من موظفي الدولة، إلا أن جماعة «الحوثي» اتخذت خطوات أحادية في منع تداول العملة الرسمية بمناطق سيطرتها، الأمر الذي حال دون استمرار صرف المرتبات، وقامت فوق ذلك باستهداف المنشآت النفطية، ومنع تصدير النفط حتى لا تتمكن الحكومة من دفع مرتبات الموظفين في المناطق المحررة التي يتواجد فيها أكثر من 4 مليون نازح.
ولفت الإرياني إلى أنه لولا جهود الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودعمهم للحكومة والشعب اليمنيين، لما تمكنت الحكومة من دفع المرتبات للموظفين في المناطق المحررة، علاوة على دعمهم الدائم والسخي في كافة الجوانب الإنسانية والإغاثية والتنموية.
وأعرب الإرياني عن أمله في أن يقوم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، بمراجعة طريقة تعاطيه مع جماعة الحوثي، متطرِّقاً إلى معاناة آلاف المختطفين قسرياً في معتقلات الحوثي، وآخرهم العاملون لدى المنظمات الدولية.
ومن جانبها، استعرضت كبيرة الاستشاريين في مكتب المبعوث الأممي في اليمن، استراتيجيةَ مكتب المبعوث ورؤيتَه القاعدية للسلام والشمولية الرامية إلى تعزيز السلام المستدام في اليمن، وأبرزت حرصَ مكتب المبعوث على إعطاء صورة إيجابية للعالم عن الوضع في اليمن، مؤكدةً تعويل مكتب المبعوث على حكمة الحكومة اليمنية، وحرصه على تطوير الشراكة القائمة معها، معتبرةً وجودَ الوفد في محافظة حضرموت ومشاركته في مهرجان البلدة تعزيزاً للسلام، مثمِّنةً جهودَ الحكومة اليمنية في هذا السياق.
وفي سياق آخر، أعلنت القيادة العسكريّة المركزية الأميركيّة في الشرق الأوسط (سنتكوم)، في بيان على منصّة «إكس»، أنّ قواتها دمّرت فوق البحر الأحمر طائرة من دون طيّار تابعة لجماعة «الحوثي»، وذلك بعد أن تبيّن أنّ المسيّرة «تمثّل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة».
ويشنّ الحوثيون منذ نوفمبر الماضي هجمات، بالصواريخ والمسيّرات والزوارق المفخخة، على سفن تجارية في البحر الأحمر. وهاجم الحوثيون ما لا يقل عن 88 سفينة تجارية منذ بدء حملتهم ضد سفن التجارة البحرية الدولية، وفقاً لإحصائية نشرها «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى».
ودفعت هجماتُ الحوثيين بعضَ شركات الشحن إلى الالتفاف حول جنوب أفريقيا لتجنب البحر الأحمر، وهو طريق حيوي للتجارة البحرية العالمية.
ولمحاولة ردع جماعة «الحوثي» والتصدي لهجماتها، تشنّ القوّات الأميركيّة والبريطانيّة منذ 12 يناير الماضي ضربات على مواقع للجماعة. كما تقود واشنطن تحالفاً بحرياً دولياً يهدف لحماية الملاحة البحريّة في هذه المنطقة الاستراتيجيّة التي تمرّ عبرها 12 في المئة من التجارة العالميّة. وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ ومسيّرات حوثية يقول إنّها معدّة للإطلاق. كما ينفذ الاتحاد الأوروبي مهمةً أمنية في البحر الأحمر لحماية التجارة البحرية الدولية وتأمين خطوطها الملاحية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اليمن الحوثيين البحر الأحمر معمر الإرياني الحکومة الیمنیة البحر الأحمر مکتب المبعوث فی الیمن ة التی
إقرأ أيضاً:
من غزة إلى اليمن .. السيد الحوثي يكشف خطوط المعركة الكبرى
كان الخطاب محمّلاً بنبرة من يعرف أن ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل محطة فاصلة في عمر المنطقة، بل وفي صلب معنى الوجود العربي ذاته.
كان السيد يقول – دون أن يحتاج إلى العبارة – إن ما نراه اليوم هو سقوط أخلاقي عالمي يتدحرج من فوق منصة الأمم المتحدة حتى أرصفة العواصم الأوروبية التي تقمع صوت طلابها. لم يكن الخطاب تصعيدًا بقدر ما كان تذكيرًا بأن المسألة ليست فلسطين وحدها، بل معيار الأخلاق الكونية في زمن السوق والعهر السياسي.
السيد الحوثي الذي لم يعتد أن يتحدث بلغة المهزومين، كان يُعرّي العدو الإسرائيلي ويضعه في صورة الكائن المتوحش الذي يتغذى على أشلاء الأطفال الفلسطينيين بتمويل أمريكي واضح، لا لبس فيه. لم تكن الإدانة أخلاقية فقط، بل وصف دقيق لماكينة إبادة تمارس القتل بنَفَس بارد، بينما يراقب العالم المشهد كأنه جزء من مسرحية تلفزيونية انتهت صلاحيتها الأخلاقية منذ سنوات.
لكن اللافت، كالعادة، أن خطاب السيد لا ينفصل عن الحقل العمل... هجمات بحرية، حظر للملاحة، إسقاط للطائرات، رد مباشر على العدوان الأمريكي، تحرك شعبي واسع، تأكيد على أن اليمن – بمقاومته – لم يعد على الهامش، بل في قلب معادلة الردع الإقليمي.
وكأنه يريد أن يقول نحن هنا لا لنستنكر، بل لنصنع أثراً، والدم اليمني لم يعد حزينًا وحيدًا، بل ممتزجًا بروح فلسطين وجراح غزة.
ومع ذلك، فإن ما يميز الخطاب أنه لا يكتفي بتوصيف الحدث، بل يغوص في بنيته، يشير إلى السياق المتكامل، يُفكك المصطلحات. فحين يتحدث عن "التهجير الطوعي" الذي يروّج له الاحتلال، فهو يدرك أن التهجير الطوعي، كعبارة، لا تقل جريمة عن القصف نفسه. هناك رغبة إسرائيلية قديمة لتفكيك الوجود الفلسطيني جغرافيًا، وتفريغه ديموغرافيًا، والغرب يصمت، بل ويشارك أحيانًا بإعادة إنتاج الخطاب الصهيوني نفسه بعبارات أكثر تحضّرًا ولكنها لا تقل قبحًا.
لم يكن السيد يوجه خطابه للداخل اليمني فقط، بل كانت نبرته عابرة للحدود، موجّهة إلى الأمة، بل وإلى الإنسانية كلها.
دعا إلى انتفاضة ضمير، لا مجرد غضب لحظي، دعا إلى مقاطعة اقتصادية وسياسية وثقافية، إلى عزلة كاملة لهذا الكيان الذي تم طرده من الضمير الإنساني لكنه لا يزال يحظى باعتراف الأمم المتحدة.
وربما أهم ما في الخطاب، أنه أعاد تعريف الاصطفاف. لم يعد الصراع بين إسرائيل وفلسطين، بل بين محور الهيمنة ومحور المقاومة. بين من يملك الطائرات الشبح، ومن يملك إرادة الصمود. بين قاذفات القنابل التي تنطلق من قواعد أمريكية، ومجاهدين حفاة يعيدون ترتيب المعنى من بين الركام.
والملاحظة الدقيقة، أن السيد لم يُغفل الإشارة إلى الداخل العربي. أشار – ولو بحذر – إلى الخذلان، إلى الصمت، إلى ازدواجية المعايير، إلى خيانة بعض الأنظمة التي تفتح أجواءها للطائرات الأمريكية وتغلقها أمام شحنات الدواء إلى غزة. وكان صريحًا في الإشارة إلى أن العدوان الأمريكي على اليمن هو امتداد لذات المعركة، وأن ما يواجهه اليمن اليوم هو نتيجة لموقفه الأخلاقي من القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، فإن السيد، دون أن يقولها بشكل مباشر، يرسم حدود المعركة القادمة لا فصل بين الساحات. من البحر الأحمر إلى غزة إلى الجنوب اللبناني إلى دمشق، كلها جبهات لمعركة واحدة...العدو واحد، والخندق واحد، والراية واحدة. ومن يقف في الحياد، فهو جزء من الجريمة، حتى وإن رفع الشعارات.
المعادلة الجديدة التي يكرّسها الخطاب، فشل العدوان الأمريكي في اليمن لم يعد تحليلاً، بل اعترافًا أمريكيًا. حاملة الطائرات في حالة هروب، MQ9 تسقط تباعًا، الملاحة لم تعد آمنة، والقدرات العسكرية اليمنية تتنامى، لا تتآكل. هنا، يلمح السيد إلى معادلة ردع لم يجرؤ أحد من قبل على قولها نحن لسنا في موقع الدفاع، بل في موقع المبادرة.
وإذا أردنا أن نقرأ الخطاب من زاوية استراتيجية بحتة، فهو خطاب تثبيت حضور أكثر من كونه خطاب رد فعل. الحوثي لا ينتظر موقفًا عربيًا داعمًا، بل يؤكد أن اليمن يقوم بدوره الأخلاقي والإنساني والديني، دون مساومة، ودون رهانات على نظام رسمي عربي أثبت عجزه أو تواطؤه. وكأن الخطاب يريد أن يقول: نحن هنا لأننا اخترنا هذا المكان، ولسنا بانتظار من يبارك تحركنا أو يخذله.
أما الإشارات إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فلم تكن تعويلا، بل إدانة مزدوجة. فحين يتساءل السيد: لماذا لا يتم طرد الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة؟ فهو لا ينتظر جوابًا، بل يكشف التواطؤ، ويقيم الحجة على المؤسسة الدولية كما على الأنظمة.
بالمجمل، كان خطابًا هادئًا في لغته، صادمًا في محتواه، عميقًا في دلالته، ثابتًا في موقعه من معادلة الصراع الكبرى. خطاب من لا يحتاج إلى أن يرفع صوته ليُسمع، لأن الفعل الميداني يسبقه دائمًا. السيد الحوثي كعادته، يقول ما يعنيه، ويفعل ما يقوله، ويعرف أن التاريخ لا يصنعه الحياد، بل من يقف في وجه الطغيان، ولو وحيدًا، كما قال المتنبي يومًا:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
المصدر : عرب جورنال / كامل المعمري