شيخة الجابري تكتب: الأزمة.. ومنتصف العمق
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
عندما تضيق وتستحكمُ حلقات اللغة تشعرُ بأنك تقف في المنتصف، لا التراجع يُجدي، ولا الاستمرار يمكن أن يحقق النتيجة التي تتمناها، أزمة الكتابة تُشبه أزمة الناس في الصيف، كانوا يتوقعونه أقل قليلاً في عنفهِ من السنوات الماضية، وإذا به يعصف بالأجواء ونعيش معه أزمة الهروب منهُ أم البقاء في ظله، وتحت رحمة سوطه اللاهب، هكذا حينما تتجلى الفكرة في توهجها، ثم ما تلبثُ أن تَغيم.
هذا الصيف لاهبٌ حقيقة، قبل أسبوع من اللحظة كنتُ أدافع عنه، وأقول كل عام نشعر بذات الحرارة، «نحن بطرانين لا يعجبنا الصيف ولا الشتا»، في كل الحالات نشكو ونتذمر، لكن للحقيقة إن حرَّ هذا العام لا يشبه أيٍ عامٍ مضى، «حروره، ووهيَه»، الأرض كأنها لا تتنفس إلاّ شراراً مع كلّ نسمةٍ منهُ نقول اللهم أجرنا من حر نار جهنم يا رب العالمين.
يصيرُ أيضاً أنك تشعرُ بأنك في عمقِ مسألة ما، قادرٌ على احتوائها، على التعامل معها، والتصرف بشكلٍ جدّي حيالها، ثم وأنت في أوج تألقكِ باتجاه معالجتها تسقطُ من يديك مفاتيح التفاصيل الدقيقة لتلك الحالة أو المسألة، فتقع في شركِ الذهول والحيرة وتصير غير قادرٍ عل استيعاب ما يدور حولك، حتى أنك تظلُّ تدور حول نفسك دوران الكرة الأرضية، فلا ثبات ينقذك من حالة التوهان تلك.
من الإيجاز في القول أن تقول كلمتك بشكل مختصرٍ، مختزلٍ جداً وتمضي، غير أنّ مًضيّكَ ذاك يجب أن يُستوعب بأنه ليس هروباً من مواجهة، أو عجزٌ عن مدّ حوار لسنوات ضوئية قادمة، وإنما إيجازكَ يفيدُ بأنك قد وضعتَ الملحَ على الجرحِ ومضيت، لا تود الدخول في معترك الحوارات العقيمة، أو الجدل المَقيت، فذاك كلّه لا يُجدي أمام اللحظة، المنتصف، أو العمق.
الناس الضوضائيون أو المندسّون في دائرة التحرك السريع والركض نحو الدخول في مناطق ومساحات لا ينبغي لهم الدخول فيها، أو التعاطي معها، أو المشاركة في تفاصيلها، أولئك من الحكمة التعامل معهم بكثير من الحذر، وقليل من الوعي، لمَ قليلٌ من الوعي، ذلك أن الوعي الذي تملكه قد يكون غامضاً في دائرتهم، الأمر الذي يُعرّضك إلى الوقوف عند منتصف الأزمة، وفي عمق المجهول ما أن تقترب منهُ حتى يأخذك نحو مدارات من الجدل والتشويش، هو لا يختصرُ المسافات بل يمددها حتى تضيع بين ردهاتها.
المعالجة التي تحتاج إليها هي الوقوف في أول المسار، ثم الاتصال بك، فالحوار معك، عندها بإمكانك التنفسَ بحرية أكثر، وأنت في عمق الأزمة، ومنتصفِ الحل. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أحوال شيخة الجابري
إقرأ أيضاً:
في ذكرى الـ52 لحرب العاشر من رمضان| من هي "فرحانة سلامة" شيخة المجاهدات وأيقونة المرأة المصرية في مقاومة الاحتلال؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدى 52 عامًا لم ينسى الوطن ابناءه المخلصين الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم فداءًا للأرض والعرض، وفي ذكرى حرب أكتوبر والذي يوافق العاشر من رمضان في الشهور الهجرية، نتذكر أيقونة المرأة المصرية المقاومة لـ الاحتلال الاسرائيلي خلال سنوات الاستنزاف وسنوات الحرب "فرحانة سلامة"، والتي قاومت الاحتلال الإسرائيلي ببساطتها ووطنيتها التي جعلتها تحمل روحها على كفها في كل مرة ساعدت فيها المقاومة المصرية وكانت جزءًا مهمًا منها، ومنحها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وسام الشجاعة من الدرجة الأولى نظير ما قدمته تجاه الوطن.
الانضمام إلى المقاومةعاشت فرحانة حسين سلامة في سيناء كتاجرة للقماش، تذهب إلى القاهرة محملة بالقماش الجديد لبيعها إلى نساء البدو السيناوي وأهالي سيناء، وبعد بطش الاحتلال اضطرت "فرحانة " إلى الهجرة إلى القاهرة بأولادها، لتسكن في حي إمبابة الشهير، حيث كان لها موعد مع الوطن ومساندة المقاومة.
انضمت "فرحانة" إلى منظمة "سيناء عربية" والتي أسسها جهاز المخابرات المصرية في سبيل الكفاح لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في سيناء، واستطاعت فرحانة استيعاب التدريبات العسكرية التي تؤهلها لحمل الرسائل والمتفجرات والمفرقعات من القاهرة إلى قلب سيناء وخداع جنود الاحتلال الذين كانوا يفتشون كل المارة.
وكانت أو عملية تقوم بها "فرحانة سلامة" هو زرع قنابل في قطار العريش المحمل بأسلحة وبضائع لخدمة جيش الاحتلال، وبالفعل استطاعت "سلامة" في مهمتها الأولى النجاح في تفجير القطار بالكامل، مما جعل منظمة "سيناء عربية" تثق فيها بشكل أكبر لتتوالى العمليات تباعًا.
واستطاعت "سلامة" أن تحول عربات جنود الاحتلال إلى أشلاء بزرع قنابل في طريقهم بعد مراقبة سبلهم في سيناء، وحفرت اسمها واسم مصر على عمليات مهمة في حرب الاستنزاف.
فرحانة سلامةكما نجحت في تلقي الرسائل من قيادات المخابرات العسكرية في القاهرة، ونقلها إلى الضباط في سيناء أو رجال المقاومة. واستطاعت "فرحانة" نقل معلومات حول العدو الإسرائيلي، مثل نيته بناء مطار في قرية الجورة بالشيخ زويد، ونقلت صورًا ووثائق معسكرات بمنطقة ياميت وخريطة مطار الجورة.
شيخة المجاهدين"فرحانة سلامة" هي شيخة المجاهدين المصرية، التي لم تنظر إلى احتياجات ابناءها في القاهرة على إنها كفاحها الوحيد في الحياة، وكانت ترى أن كفاح الوطن مهمًا جنبًا إلى جنب الأمومة، واستطاعت أن تخفي جهادها الذي حصل في سرية تامة بعيدًا عن عين وسمع أولادها، وكانت تتحجج بمهنتها في "تجارة القماش" التي ساعدتها في التنقل بين القاهرة وسيناء دون شك، حتى افتضح أمرها بعد انتصار أكتوبر العظيم.
تكريم رئاسيوقد كرمها الرئيس الراحل محمد أنور السادات مع تكريم المجاهدين من أبناء سيناء، وحصلت على وسام الشجاعة في أعلى درجاته في 27 فبراير 1980م.
كما كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي بإطلاق اسمها على حي سكني في سيناء ومحور مروري في القاهرة، كنوع من التقدير لدورها البطولي في دعم المقاومة الشعبية خلال احتلال سيناء.