خدعونا بقولهم #مراهق
#ماجد_دودين
كتبت إحدى الأخوات على وسائل التواصل الاجتماعي السؤال التالي: متى تنتهي فترة المراهقة عند الرجل؟؟!!
وكان جوابي عن سؤالها باختصار شديد:
مقالات ذات صلة سلام على روح أمي في يوم مولدي.. 2023/08/07“المراهقة مرحلة عند “الذكـــــــــــور” أما ((الرجــــــــــــــــــال)) الرجال فلا وقت لديهم للمراهقة لأنهم يتحلّون بصفات عظيمة ذكرها ربّ العزّة جلّ وعلا وتقدّس في تتويج وحي السماء إلى الأرض – في القرآن الحكيم- وهي:
١- رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ…
٢- رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ …
٣- رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ ….
٤- وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ….
٥- الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء …
الرجولة التي تكلّم عنها القرآن لها خصائصها ومقوماتها وأركانها التي تضمنها كتاب الله وسنّة نبيه – صلى الله عليه وسلم -، وحث عليها وأثنى على أهلها، وأشاد بذكرهم، ورفع مكانتهم؛ لأنها تحققت فيهم، فارتقوا بها، وارتقت بهم، وسموا بها بعد أن سمت بهم، فتعالوا لننظر ما هي صفات الرجولة في القران الكريم.
الصفة الأولى: التعلق بالمساجد وحب الطهارة: يقول الله – تعالى -: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}
الصفة الثانية: ذكر الله – تعالى -، وإقام الصلاة وترك ما يلهي عنها: يقول الله – عز وجل -: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}.
الصفة الثالثة: الثبات على المنهج الرباني: قال الله – عز وجل – مادحاً صنفاً من أصناف الرجالِ {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُوَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}، لم يبدلوا ولم يغيروا ولم ينحرفوا، بل هم مستقيمون على هذا المنهج، ينتظرون أمر الله – تعالى – أن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب، لا يلوُون على شيء إلا مرضاة ربهم – عز وجل -، إنه الثبات على المنهج الذي افتقده كثيرٌ من المسلمين اليوم حتى ممن شغلوا بالعمل للإسلام، فقامت عندهم انحرافات في التصور والسلوك، وانحرفوا عن منهج الله.
الصفة الرابعة: تأييد الرسل ومناصرتهم: قال – تعالى -: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ}.
الصفة الخامسة: تقديم النصيحة في حال الخوف: ولقد كان هذا الرجل مؤمناً {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} فيتشاورون في أمرك، {لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} لأني أكشف لك مخططاتهم، وأعرِّي لك دسائسهم ونياتهم الخبيثة، فاخرج من هذه المدينة. انظر إلى عجيب أمر هذا الرجل يأتي يسعى، ويختصر الطريق؛ ليحذر ولي الله ونبيه موسى – عليه السلام -، وفي حال الخوف إنما يتقدم الرجال بالنصح لله – عز وجل -، رغم الخوف الذي يكتنفهم، فيقومون بواجب النصيحة.
الصفة السادسة: القِوامـــــــة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء …) بمعنى أنهم القائمون على تدبير شئونهن ورعايتهن وحفظهن وما أشبه ذلك من المعاني، فهي قِوامة تدبير وحفظ ورعاية، أي أنه يقوم على شئونها، تقول: فلان قائم على كذا أو قيّم لكذا، كما تقول: الرجل قيِّم، بمعنى أنه قائم على شئون المرأة، فجعل الله له الولاية على هذه المرأة يتصرف بحسب المصلحة لا بحسب هواه ومزاجه. وليس المقصود من القوامة الظلم والعسف والتحكم في المرأة بأهواء الرجل وإنما المقصود القيام على مصالحها؛ لأن الله تعالى قد استرعاه إياها، وفي الحديث: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالمرأة لا تستقل بالتصرف المطلق من دون الولي، فالولي هو الذي يزوّجها، والولي هو الذي يقوم على شئونها من نفقة إلى غير ذلك.
بعد أن ذكرنا صفات الرجال باختصار نعود إلى سؤال الأخت عن المراهقة ونقول لها بتصرّف وإيجاز ما قاله أحد العلماء جزاه الله خيراً: لقد خدع وضلّل الغرب المسلمين ـ مستغلا انبهار المسلمين بحضارتهم وتقدمهم المادي ـ بإقناعهم بأنّ المراهق هو ذلك الإنسان الذي يمر بمرحلة البلوغ (من عُمْر 14 سنة الى 24 سنة) وفي هذه الفترة يمر المراهق بمرحلة عمرية غير متّزنة ويغلب عليها الاضطراب في تصرفاته، وقام الغرب وسن للمراهق القوانين الخاصة به وسمي المراهق «حدثاً».
واستطاع الغرب بدس وتمرير هذا المصطلح علينا بل وربطه بصفات وضيعة ألبسها الشباب ظلماً واعتداء لنقوم بتهميش وتحطيم الشباب، فمن هذه الصفات صفة «السفاهة» و«الرعونة» و«التمرد» و«سوء التصرف» و«عدم الاتزان» و«عدم الاعتماد عليه» وغيرها من الصفات السيئة للأسف، ونحن قبلناها بل إذا بدر منهم أي تصرّف غير لائق قلنا: دعوه واتركوه: إنّه مراهق.
وأمام هذا الوصف الظالم تبرز لنا تساؤلات عندما نجد نماذج ممن سماهم الغرب بالمراهقين.. ففي عصر الصحابة نجد أمثلة من الشباب الذين ضربوا أروع الأمثلة في الرجولة والبطولة، فهذا الصحابي سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه وكان عمره (17) عاما هو أول من رمى بالسهم في الإسلام.. وأسامة بن زيد بن حارثه رضي الله عنهما قاد جيشا قد سيّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره 18 عاما. وفي الجيش أبو بكر وعمر وغيرهما من كبار الصحابة رضي الله عليهم جميعا.. وهذا الصحابي الأرقم ابن أبي الأرقم يفتح بيته مقرا للدعوة في مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمدة 13 عاما وهي عمر الدعوة في مكة وكان عمره 16 عاما..
وإذا تركنا عصر الصحابة وما فيه من ابطال (وكثير ما هم) ونذهب الى القادة الذين فتحوا الأمصار من أمثال عبدالرحمن الناصر الذي حكم الأندلس ويعتبر حكمه هو العصر الذهبي لبلاد الأندلس وعمره 21 عاما، ومحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية وضرب اروع الأمثلة في البطولة، وقصة فتح القسطنطينية من أعجب القصص وكان عمره 22 عاما، ومحمد القاسم فاتح بلاد السند والهند وكان عمره 17 عاما والتاريخ الإسلامي يعج بأسماء الشباب الأبطال ممن يسميهم الغرب اليوم بالمراهقين فهل كان هؤلاء مراهقين أمْ أنّ الأمر على خلاف ما يدّعيه الغرب؟
بداية تعالوا معي نتبيّن حقيقة المراهق ومن هو المراهق في الشريعة الإسلامية الغراء، لفظ كلمة «مراهق» في اللغة تعني اقترب من الشيء يقولون: راهق الغلام الحلم يعني اقترب الغلام من سن البلوغ وهذا ما أكدته معاجم اللغة العربية كلسان العرب لابن منظور وغيره من المعاجم.. والمراهق في الشريعة هو الطفل الذي عمره من 10 سنوات الى سن البلوغ وهو تقريبا بين الـ 14 أو 15 سنة وهذا ما أكدته كتب الفقه.
أما بعد أن يبلغ الغلام او الجارية (الولد والبنت) فإنهما لا يسميان بالمراهق وانما يدخلان في مسميات أخرى، يقول ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه تحفة المودود في أحكام المولود: فصل.. ثم بعد العشر إلى سن البلوغ يسمى مراهقا ومناهزا للاحتلام، فإذا بلغ خمس عشرة سنة عرض له حال آخر، بهذا الكلام يتبين لنا من هو المراهق في الشريعة.
ولكن هل ما يدّعيه الغرب بأنّ المراهق حسب تعريفهم له: (وهو من سن البلوغ إلى أن يصل عمره 24 عاما) بأن هذه المرحلة من العمر تعتري الشاب تغييرات في جسمه وخلاياه مما تجعله غير متزن في تصرفاته … وعلى ذلك فيجب أن نراعي هذه التغيرات بل اكثر من ذلك فقد قام الغرب بسن قوانين خاصة له مراعاة لمثل هذا الأمر حتى العقوبات جعلها مخففة، ومنها ما يكون عقوبته نصف عقوبة الراشدين من الناس (والراشدون من الناس عند القانون هم ممن بلغت أعمارهم الـ 21 عاماً فأكثر) فلو اقترف أي جريمة فإنه لا يعاقب عليها كما يعاقب الراشد بحسب تعريفهم له ولعلنا نجد القاضي عندهم يعذره ويعفو عنه أو يخفف عنه العقوبة وغير ذلك.
وبالنظر إلى شريعة الله – أرحم الراحمين جلّ في علاه – وهو سبحانه الذي خلق المراهق ويعلم ما يمر به من تغييرات ونمو، نجد أنه سبحانه لم يجعل للمراهق أحكاما منفصلة، بل بمجرد بلوغ الطفل فإن جميع الأحكام تتنزل عليه وجوبا وتحريما من صلاة وصيام وحج وحتى الجهاد في سبيل الله فإنه يطالب بأدائها كما يطالب الكبير بل نجد أن جميع العقوبات تلحقه إذا اقترف أي شيء منها كالجلد عند شرب الخمر والقتل إذا قتل والجلد إذا زنا وهو غير محصن أو الرجم إنْ كان محصنا.
ويأتي تساؤل.. لماذا إذن نجد تصرفات الشباب عندنا غير متزنة وغير سوية؟ الجواب هو أننا في مرحلة المراهقة (في المعنى الشرعي لها وهي من سن 10 الى سن 14 قبل وقت البلوغ) لم نعتن بهم ونهيئهم لسن البلوغ لتحمل التكاليف والمسؤوليات، ولكن تركناهم لتوافه الأمور وأشغلناهم وربطناهم بها كالاهتمام بمتابعة المباريات والأفلام الفاسدة المفسدة للأخلاق والعقول … والمسرحيات الهابطة الفاشلة، والاهتمام بالأجهزة الإلكترونية وما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي من برامج كتويتر وفيسبوك وغيرهما، فنترك مثل هذه الوسائل والأدوات التي تربيهم وتشكل أفكارهم وتبعدهم عن التربية الصحيحة.
وقد أضعنا الهدف الذي من أجله خلقنا الله تعالى وقد بينه الله أوضح بيان بقوله سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
فالله خلقنا للعبادة وليس للعبثية ولتوافه الأمور وعلينا أن نربي أبناءنا من صغرهم على مراقبة الله والعبادات من الحرص على الصلاة والعفة والستر والأخلاق الحسنة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربى الصحابة واخرج منهم جيلا قويا اعتنى بهم صغارا وكبارا فهذا ابن عباس رضي الله عنه وهو ابن تسع سنين يكون رديفا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له «يا غلام أني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك..» فهنا يربط النبي صلى الله عليه وسلم الجيل بالله تعالى ليراقبه ولا يخافون غيره ويعتمدون على الله فيخرج لنا جيل قوي واثق من نفسه لا يخاف إلا الله تعالى وفي حادثة أخرى يكون رديفه ابن مسعود رضي الله عنه فيقول له «أتدري ما حق الله على العباد وحق العباد على الله..» فدائما يكون الربط بالله جلّ وعلا وتقدّس.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: مراهق صلى الله علیه وسلم الله تعالى ون على
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: تقوى الله وحسن الخلق أكثر ما يدخل الجنة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل جعل التقوى هي معيار التفاضل المعتبر عنده، ونفى وجود تفاضل وتمايز بين خلقه إلا وفقا لذلك المعيار ألا وهو معيار التقوى فقال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواص الإجتماعي فيسبوك، أن الله عز وجل أخبرنا أن التقوى هي الوصية التي يوصي بها عباده على مر الزمان، فقال تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِياًّ حَمِيداً ).
وقد أخبر النبي ﷺ بفضل التقوى في كثير من أحاديثه الشريفة، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : «أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق»[أخرجه الترمذي]. وعن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» [أخرجه مسلم] .
وقد خطب سيدنا النبي ﷺ في فتح مكة فقال : «أيها الناس ، إن الله قد وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها، الناس رجلان، فبر تقي كريم على الله ، وكافر شقي هين على الله، أيها الناس ، إن الله يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم}. [المصنف لأبي شيبة].
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : «ما أعجب رسول الله ﷺ بشيء من الدنيا ولا أعجبه أحد قط إلا ذو تقى» [رواه أحمد].
وبين النبي ﷺ أن ملازمة التقوى تصل بالعبد إلى منزله الورع، التي يترك فيها العبد بعض الحلال خشية الوقوع في الحرام، فقال ﷺ أنه قال : «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين، حتى يدع ما لا بأس به، حذرا مما به بأس» [الحاكم في المستدرك]. وأوضح النبي ﷺ أن تقوى الله هي أصل الأمور كلها فقال ﷺ : «أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله» [الجامع الصغير للسيوطي].
فعباد الرحمن أصحاب همة عالية وعزيمة صادقة، فهم لا يسألون الله مجرد التقوى بل إنهم يسألونه أن يكونوا أئمة للمتقين، يقول القرطبي في معنى قوله تعالى : (واجعلنا للمتقين إماما) أي قدوة يقتدى بنا في الخير وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقيا قدوة وهذا هو قصد الداعي. [تفسير القرطبي]. وقال ابن كثير : «قال ابن عباس والحسن والسدي وقتادة والربيع بن أنس : أئمة يقتدى بنا في الخير. وقال غيرهم : هداة مهتدين، دعاة إلى الخير، فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع؛ وذلك أكثر ثوابا، وأحسن مآبا» [تفسير ابن كثير].
فبسؤال الله الإمامة في التقوى يتحصل تمام التقوى وزيادة، ويمن الله على عباده بدرجة الإمامة بالتقوى والإمامة في الدين بعد أن يمن عليهم بالصبر واليقين، قال تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
فكانت هذه هي صفات عباد الرحمن، وكان جزاؤهم بهذه الصفات الجنات الدائمة والسعادة الأبدية في الآخرة، قال تعالى : (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًا وَمُقَامًا). جعلنا الله منهم.