سار رواد فضاء وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) على سطح القمر خلال مهمة أبولو، ومن المتوقع أن يعودوا للسير على سطحه في غضون سنوات قليلة ضمن برنامج أرتميس الذي تنفذه ناسا لاستكشاف القمر. لكن الآن، بدأت تظهر أدلة تشير إلى أن زوار القمر قد يتمكنون يومًا ما من استكشافه من الداخل، بل والعيش والعمل في باطنه.

في دراسة جديدة نشرتها دورية Nature Astronomy العلمية المتخصصة في علوم الفضاء، اكتشف فريق دولي من الباحثين بقيادة أساتذة من جامعة ترينتو الإيطالية أن هناك شبكة من الأنفاق تمتد تحت سطح القمر.

منذ أكثر من خمسين عامًا، طرح رواد فضاء نظريات حول وجود كهوف تحت سطح القمر، لكن هذه الفرضيات ظلت موضوع نقاش وبحث علمي طويل. في عام 2009، اكتشف علماء الفضاء وجود فوهة عميقة في سطح القمر، مما يعزز فرضية أن الأنفاق قد تكون تشكلت عندما انخفضت حرارة الحمم البركانية تحت السطح، وقد تكون هذه الفوهة مدخلًا لشبكة ممتدة وعميقة من الكهوف القمرية.

من الجدير بالذكر أن هذا النوع من الأنفاق الناتجة عن تدفق الحمم يوجد أيضًا على كوكب الأرض، حيث تم رصدها في مناطق بركانية مثل جزيرة جيجو في أيسلندا، وقرب الصدع الأفريقي الشرقي، حيث يصل طولها إلى ميل أو ميلين على الأكثر. في جزيرة هاواي، تم رصد نفق “كازومورا” الذي يصل طوله إلى أربعين ميلا وقطره في بعض الأجزاء يصل إلى 65 قدمًا. كما توجد شبكة أنابيب بركانية في ولاية كوينزلاند بأستراليا يزيد طولها عن 100 ميل. ويشير الخبراء إلى أنه عندما تنشط البراكين على سطح القمر، فإن تأثيرها يكون مختلفًا في ظل البيئة القمرية القاسية. تدفق الحمم في درجات الحرارة شديدة البرودة، خاصة في الليالي الطويلة على سطح القمر، يجعلها تبرد بسرعة فائقة، مما يساعد في تكوّن الكهوف والأنابيب البركانية بشكل أسرع.

وباستخدام أحدث ما توصل إليه العلم في مجال تحليل الصور الرادارية، استعرض الخبراء الصور التي تم التقاطها لتلك الفوهة التي تم رصدها في منطقة “ماري ترانكيليتاتايس”على سطح القمر عام 2010 بواسطة أجهزة متخصصة على متن المسبار المداري لاستكشاف القمر التابع لوكالة ناسا. وبناء على الملاحظات الخاصة بانعكاسات الإشارات الرادارية، تأكد لدى الباحثين أنهم اكتشفوا بالفعل فوهة تصلح لمرور رواد الفضاء من خلالها.

ويقول الباحث ليوناردو كارير من جامعة ترينتو: “بفضل تحليل البيانات، استطعنا بناء نموذج تصوري لشكل المدخل، وبناء على تفسير هذه الملاحظات، فإن هذه الفتحة على الأرجح هي مدخل أنبوب حمم فارغ من الداخل”. وبحسب بيان أصدره ويس باترسون المتخصص في تحليل الصور الرادرية من مختبر جون هوبكنز للفيزياء التطبيقية، فإن هذه الدراسة تظهر كيفية استخدام البيانات الرادرية بأشكال جديدة ومبتكرة فضلا عن أهميتها في “مواصلة جمع المعلومات والبيانات عن سطح القمر عن طريق وسائل التصوير عن بعد”.

ورغم أن الأفكار والخطط المبدئية بشأن استيطان سطح القمر بشكل دائم كانت تعتمد في الأساس على بناء قواعد سطحية يقيم فيها رواد الفضاء أو البشر بشكل عام، فإن الرؤية المستقبلية التي تهدف للحفاظ على صحة الانسان على سطح القمر على امتداد فترات زمنية طويلة ربما تتطلب في حقيقة الأمر الانتقال إلى شبكة الأنفاق تحت السطح مثل تلك التي تم رصدها في منطقة ماري ترانكيليتاتيس. وقد سلط المسبار القمري الياباني “سليم” الضوء مؤخرا على أن بيئة الحياة على سطح القمر قاسية للغاية حتى بالنسبة للآلات والماكينات.

ومن المعروف أن درجات الحرارة على سطح القمر في ساعات النهار قد تصل إلى 260 درجة فهرنهايت، في حين أن الحرارة في ليالي القمر التي يمكن أن تمتد على مدار أسبوعين تتراجع لتصل إلى سالب 280 درجة فهرنهايت، وفي الوقت ذاته، فإن معدلات موجات الأشعة الشمسية والكونية التي تقصف سطح القمر بشكل عام تزيد بواقع 150 ضعفا عن المعدلات التي يتعرض لها الانسان في المعتاد على الأرض.

وبالنظر إلى احتمالات تعرض القمر حتى وقتنا هذا لضربات النيازك، فإن استيطان البشر للأنفاق تحت سطح القمر ربما يكون الخيار الأمثل لمن يريد أن يقضي فترة إقامة مطولة في باطن القمر أو على سطحه. وبحسب الموقع الإلكتروني “بيولار ساينس” المتخصص في الأبحاث العلمية، فإنه بالرغم من أن درجات الحرارة لن تكون مناسبة داخل هذه الانفاق، فإن البقاء في باطن القمر قد يكفل الحماية من التعرض للإشعاع وضربات الاجسام الفضائية.

ويطرح الباحثون أيضا إمكانية استخدام مثل هذه الانفاق يوما في التنقيب عن الموارد القمرية مثل المعادن والمواد النادرة، وكذلك البحث عن مخزونات الثلج التي قد تتواجد تحت سطح القمر، حيث أن التوصل إلى مثل هذه الاكتشافات قد يخفض بشكل كبير من التكلفة والمتطلبات اللوجستية اللازمة لنقل مواد مماثلة بديلة من الأرض.

جريدة عمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: على سطح القمر

إقرأ أيضاً:

رصد القمر البارد في سماء الحدود الشمالية

رصد مساء اليوم، اكتمال البدر الأخير في سنة 2024 في سماء منطقة الحدود الشمالية، الذي يطلق عليه “القمر البارد”، بسبب الليالي الطويلة والباردة التي يشهدها الشهر الأخير من العام، وهي من تسميات وألقاب القمر المتعددة، ويضيء القمر المكتمل السماء ويبقى مرئيًا طوال الليل.

وأوضح عضو جمعية آفاق لعلوم الفلك، عدنان الرمضون أن القمر شوهد أحدبًا متزايدًا مساء الأمس مقترنًا بعملاق المجموعة الشمسية كوكب المشتري واكتمل بدرًا مساء اليوم الأحد الموافق 15 /12 / 2024.

اقرأ أيضاًالمجتمع“طالع” يوقع “العصفور الحافي”

 

وبين أن أصل هذا الاسم يعود إلى الثقافات الأصلية في أمريكا الشمالية، حيث كان سكانها يلاحظون أن القمر في ديسمبر يظهر في السماء في وقت يكون فيه الطقس في أشد برودته, كما يرتبط القمر البارد بفترة انخفاض درجات الحرارة الشديدة، التي تميز هذا الشهر في مناطق كثيرة حول العالم.

مقالات مشابهة

  • اكتشاف آثار أقدم مذبحة لآكلي لحوم البشر في بريطانيا
  • الدين و السلطة
  • دراسة طبية حديثة تكشف عن سائل منوي من فئران فضائية يمهد الطريق لاستعمار البشر للقمر والمريخ
  • سائل منوي من “فئران فضائية” يمهد الطريق لاستعمار البشر للقمر والمريخ!
  • اقتران القمر الأحدب مع كوكب المريخ
  • «خليفة سات» يرصد المملكة من الفضاء
  • أمام مجلس الأمن.. خوري تدعو إلى تشكيل حكومة توافقية تمهد الطريق للانتخابات الليبية
  • مديرية العمل بالإسماعيلية تمهد لبروتوكول تعاون جديد مع قطاع صناعة الملابس
  • دراسة جديدة تكشف عن مذبحة دموية لآكلي لحوم البشر في بريطانيا
  • رصد القمر البارد في سماء الحدود الشمالية