كان يتعين مجابهة إسرائيل دوليًّا وهى تستمر وتمعن فى ارتكاب جرائمها فى غزة. فما يقترفه الكيان الصهيونى من آثام يتطلب عقابه وتفعيل آليات المحاسبة الدولية ضد انتهاكاته التى تعد ضد القانون الإنسانى. لقد خرج "نتنياهو" مؤخرًا يطالب بتصفية زعماء حماس وأصدر أوامره لتنفيذ ذلك. وخاض بالفعل معركة استهدف خلالها فلسطينيي غزة عبر إبادة جماعية شرعتها إسرائيل عمدًا منذ السابع من أكتوبر الماضى، والتى راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 39 ألف فلسطينى، وأكثر من تسعين ألف مصاب، والمخاوف حول إمكانية أن يصل عدد الضحايا فى قطاع غزة إلى 186 ألفًا.
لقد حذر رئيس وزراء إسرائيل السابق "إيهود اولمرت"، "نتنياهو" من أنه لن يجد من يدافع عنه وعن قادة إسرائيل الآخرين أمام الاتهامات التى تلاحقهم بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين. وأن مذكرة الاتهام ستصدر ضدهم فى النهاية، وسيتم إصدار أوامر اعتقال ضد الزعماء السياسيين والقادة العسكريين فى إسرائيل. ونقل أولمرت شهادة رئيس القيادة المركزية المنتهية ولايته "يهودا فوكس" عن ارتكاب عدد كبير من المستوطنين جرائم بحق الفلسطينيين، والتى قال فيها: (إنهم يهاجمون ويدمرون ويخربون ويحرقون ويقتلون الأبرياء حتى أنهم يهاجمون الجنود الإسرائيليين الذين لا يساعدونهم فى ارتكاب هذه الجرائم إمعانا فى إرغامهم على التأسي بهم).
الغريب أن إسرائيل تمضى فى جرائمها دون أى اعتبار للشرعية الدولية، وتستمر فى عمليات القصف التى تطال جميع الفلسطينيين على الرغم من التحذيرات الموجهة لها بمحاسبتها إزاء ارتكابها جرائم حرب يومية ضد الفلسطينيين، ليظل المشهد كارثيًّا حيث تناثرت الجثامين فى الشوارع، وتحت الركام، وبين خيام النازحين، وتعذر الوصول إليها بسبب حجم القصف الإسرائيلى الكبير الذى استهدف أماكن خيام النازحين فى منطقة "مواصي" بـ"خان يونس". ويأتى الخداع عندما تستهدف إسرائيل المناطق التى صنفتها على أنها مناطق آمنة، وطالبت الفلسطينيين بالانتقال إليها. وبذلك مضت تستهدف المدنيين، والطواقم الطبية، وطواقم الدفاع المدني، لتصبح حرب إبادة شاملة تهدف إلى القضاء على الحياة كلية.
الصورة كارثية لا سيما وأن المستشفيات لم تعد لديها القدرة على استقبال المزيد من الجرحى. والنموذج مستشفى "ناصر" الذي بات منهكًا، فمعظم أفراد طاقمه الطبى إما معتقلون، أو قتلوا أو غادروا قطاع غزة. والأمر اليوم يفوق قدرات المستشفى حيث إن الأَسرة ممتلئة بالكامل. ولهذا تقرر التعامل مع الحالات على الأرض، ليصبح المشهد مهينًا، ولا إنسانيًّا. عوضًا عن الأطفال فيه فهناك مقطوع الأرجل والأذرع وهناك الرؤوس المنفصلة، وهناك جثث لنساء محروقة بالكامل.
الجدير بالذكر أن منطقة "مواصي خان يونس" صنفها جيش الاحتلال على أنها مناطق آمنة، ودعا المواطنين إلى الانتقال إليها ويستهدفها بعد ذلك بالقصف بشكل مكثف عبر الطائرات والمدفعية. ويستهدف معها خيام النازحين بمختلف أنواع الأسلحة، ليسقط مئات الشهداء والجرحى من المدنيين الأبرياء العزل. إنه الخداع الصهيوني الخسيس الذى تبنته إسرائيل لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين.
غير أن الانتهاكات الواسعة والجرائم التي شرعتها إسرائيل ضد المدنيين العزل لم تكن لتتواصل لولا الدعم المالى والعسكرى الذى توفره الإدارة الأمريكية لحكومة المتطرفين الصهاينة، وجيشها الإرهابى. وهو ما يجعل الولايات المتحدة الأمريكية شريكًا بشكل كامل فيما ترتكبه إسرائيل من جرائم.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تحرق منازل الفلسطينيين في جنين بالضفة الغربية
أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، على إحراق عدد من منازل المواطنين الفلسطينيين في مخيم جنين في الضفة الغربية.
اقرأ أيضًاً: العدوان على غزة يُحفز سلسلة من جرائم الكراهية ضد المسلمين
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقلاً عن شهود عيان أن جنود الاحتلال أحرقوا عدة منازل في طلعة الغبز في المخيم ومنزلا قرب مسجد الأسير.
وذكرت الوكالة أن قوات الاحتلال أجبرت عائلات أحمد فياض وإبراهيم أبو السلامة على إخلاء منازلهم وحولتها لثكنات عسكرية.
ويواصل الاحتلال عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الثالث على التوالي، وارتقى نتيجة للعدوان 12 شهيداً بعد استشهاد شابين في بلدة برقين غرب المدينة، وتسبب العدوان في دمار هائل في البنية التحتية.
تعاني مدينة جنين في الضفة الغربية من أوضاع معيشية وأمنية صعبة نتيجة الاحتلال الإسرائيلي المستمر، ما يؤثر بشكل كبير على حياة الفلسطينيين هناك. منذ بداية الانتفاضات الفلسطينية، ومن ثم عمليات الاحتلال العسكري المتكررة، أصبحت جنين تمثل نقطة مواجهة ساخنة بين القوات الإسرائيلية والمجموعات الفلسطينية.
يشهد سكان المدينة عمليات دهم ليلية ومداهمات للمنازل، واعتقالات تعسفية، إضافة إلى الحواجز العسكرية التي تعيق حركة الفلسطينيين وتزيد من معاناتهم اليومية. تمثل المدينة نقطة انطلاق للاحتجاجات والمواجهات ضد الاحتلال، مما جعلها محط اهتمام سياسي وأمني مستمر. كما أن الوضع الاقتصادي في جنين يعاني بشكل كبير من الحصار الإسرائيلي المفروض على الضفة الغربية، ما يسبب نقصًا في المواد الأساسية ويؤثر سلبًا على فرص العمل وفرص التعليم. في الوقت نفسه، تُواجه المدينة ضغطًا كبيرًا على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية بسبب نقص الموارد.
على الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون في جنين، إلا أن المدينة تشهد مقاومة شعبية مستمرة ضد الاحتلال. يقاوم الشباب الفلسطيني في جنين الاحتلال من خلال تنظيم مظاهرات واعتصامات، بالإضافة إلى قيام بعض المجموعات المسلحة بتنفيذ عمليات ضد القوات الإسرائيلية.
كما أن المجتمع المحلي في جنين يحاول التكيف مع الأوضاع من خلال بناء شبكات دعم اجتماعي، مثل الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات الغذائية والطبية للمحتاجين. كما أن هناك دعمًا كبيرًا من قبل الفلسطينيين في الشتات والجاليات العربية للمساهمة في التخفيف من معاناة سكان جنين.
ورغم كل الصعوبات، يظل سكان المدينة متمسكين بحقهم في مقاومة الاحتلال وحق تقرير المصير. هذا الصمود يعكس عمق الإرادة الفلسطينية في مواجهة الظروف القاسية والتمسك بالأمل في المستقبل.