"إن لعبد الناصر حسابًا آخر مع الجماهير لا يعتمد على المعارك السياسية أو العسكرية التي خاضها وما كسبه فيها أو ما خسره.. .إنه أكثر من أنصف الفقراء.. .وما لم يستطع تحقيقه أعطاه لهم أملًا، لذلك فالناس لا تنساه أبدًا لأن الأمل لا يموت".. عبارة بليغة لأديب مصر الكبير نجيب محفوظ وردت في كتاب الأستاذ/ محمد سلماوي "في حضرة نجيب محفوظ"، وفيها تجلت موضوعية محفوظ رغم ليبراليته ومعارضته للتجربة الناصرية في أكثر من موضع، وذلك لأن الحقيقة لا تضيع والشمس لايمكن لأحد أن يطفئ وهجها مهما دار الزمن.
في الثالث والعشرين من يوليو الجاري، تحل الذكرى الثانية والسبعين لقيام ثورة يوليو المجيدة 1952م بقيادة الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر ومعه رفاقه من "الضباط الأحرار"، إذ تأتي ذكرى الثورة الأبرز في تاريخ مصر والعرب الحديث في وقت تُستنزف فيه الأمة العربية بصورة مروعة، ويكفي أن نرى المشهد في غزة الجريحة، وفي السودان وليبيا وسوريا، لندرك إلام وصلنا من مأساة.
والحديث عن ثورة يوليو وزعيمها الملهم هذه الأيام ربما يعيد لنا بعض الأمل في زمن تخطفت أمتنا أيادي أعدائها.. أمريكان كانوا، أم صهاينة، أم أصحاب مشاريع إقليمية معادية للعرب.. بما يذكرنا بزمن "الاستعباد الاستعماري" الذي جثم على وطننا العربي من المحيط إلى الخليج لعشرات السنين، وهو الاستعباد الذي أجهز عليه عبد الناصر ليس فقط في وطننا العربي وفي أفريقيا، بل في العالم الثالث برمته.. بالدعم المادي - مالًا وسلاحًا (ثورة الجزائر نموذجًا)- والدعم المعنوي اللا محدود بأسلحة الإعلام والمعارك السياسية في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، فضلًا عن إنشاء حركة عدم الإنحياز، وغيرها.
ولكل ما سبق، يظل الحنين لعبد الناصر وثورة يوليو قائمًا، فالحنين لمن رفع رأس أمته لا يموت، وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال: "الناس صنفان: موتى في حياتهم// وآخرون ببطن الأرض أحياء".
وقد أصاب شاعر العامية الكبير الخال عبد الرحمن الأبنودي كبد الحقيقة حين قال عن عبد الناصر في قصيدته الماتعة "موال لجمال" ما يلي: "وألْف رحمة على اللى لِسَّه (قُلْنا وقال)// اللى مَضَى وذمِّته.. مَثَل جميل.. يتقال// ما هى نادْرة فى مصر حاكم.. يطلع ابن حلال-// حاكم.. يِدادى الجميع.. ويبوسْ رقيق الحال// وده عِشْقِتُه: فلاحين.. طلَبة.. جنود.. عُمّال". رحم الله جمال عبد الناصر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: عبد الناصر
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع في جنوب السودان
حذرت هيئة حقوقية تابعة للأمم المتحدة اليوم السبت من تزايد العنف والخلافات السياسية في جنوب السودان، وذلك بعد أيام من إلقاء القبض على عدد من المسؤولين المتحالفين مع رياك مشار نائب رئيس البلاد.
وحذرت ياسمين سوكا رئيسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، من تراجع مثير للقلق قد يمحو التقدم الذي تحقق بشق الأنفس على مدى السنوات الماضية. ودعت القادة إلى التركيز بشكل عاجل على عملية السلام، ودعم حقوق الإنسان، وضمان انتقال سلس إلى الديمقراطية، بدلا من تأجيج الانقسام والصراع.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، ألقت قوات أمن موالية للرئيس سلفاكير ميارديت القبض على وزيرين وعدد من كبار المسؤولين العسكريين المتحالفين مع رياك مشار.
وأثارت الاعتقالات مخاوف بشأن مستقبل اتفاق السلام المبرم عام 2018 والذي أنهى حربا أهلية استمرت 5 سنوات بين القوات الموالية لكل من كير ومشار وأودت بحياة ما يقرب من 400 ألف شخص.
وتأتي عمليات الاحتجاز الأخيرة بعد اشتباكات عنيفة في بلدة الناصر الإستراتيجية بشمال البلاد بين القوات الوطنية ومليشيا "الجيش الأبيض"، وهي جماعة غير منظمة معظم أفرادها من قبيلة النوير التي ينتمي إليها نائب الرئيس رياك مشار.
إعلانوقال المتحدث باسم الحكومة ميخائيل ماكوي إن عمليات الاحتجاز كانت بسبب "مخالفة المسؤولين الموالين لمشار للقانون"، واتهمهم بالتعاون مع الجيش الأبيض ومهاجمة ثكنة عسكرية قرب الناصر في الرابع من مارس/آذار الجاري. من جانبه، نفى حزب مشار هذه الاتهامات.
وقتل نحو 27 جنديا خلال هجوم على طائرة مروحية تابعة للأمم المتحدة حاولت إجلاء قوات في بلدة الناصر أمس الجمعة.
واتهم حلفاء كير قوات مشار بإثارة الاضطرابات بالتعاون مع ما يسمى "الجيش الأبيض" الذي يضم شبانا مسلحين.
من جهته، دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى إنهاء العنف في دولة جنوب السودان فورا والالتزام بترتيبات وقف إطلاق النار.
وأكد في تصريحات له أنه يتشاور مع قادة دولة جنوب السودان ومنظمة إيغاد بشأن إجراءات مشتركة لتهدئة الوضع في المنطقة.
وجنوب السودان، الذي أصبح أحدث دولة في العالم بعد استقلاله في عام 2011، يعاني من الفقر والصراعات المستمرة على السلطة، ورغم غناه بالموارد النفطية، فإن الفساد والنزاعات الإثنية تهدد استقراره وتنميته.