قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز شرعًا لغير المشترك إشراك غيره معه في مشاهدة (الكورسات التعليمية) ما لم يأذن صاحبها فيها؛ لأنها من قبيل الحقوق الذهنية الثابتة لأصحابها شرعًا وعرفًا، فإن أذن صاحبها جاز وإلا فلا.

حكم التشارك في الطعام والشراب بإناء واحد.. الإفتاء توضح كيفية تحصين النفس من الفتن.

. الإفتاء تجيب حكم مشاركة الكورسات التعليمية
 

وأكدت دار الإفتاء: من المقرر شرعًا أنَّ كل ما له منفعة وقيمة فهو داخل في معنى المالية، كما نص عليه الفقهاء؛ قال الإمام الزَّرْكَشِي في "المنثور في القواعد الفقهية": [المالُ ما كان مُنتفعًا به أي مُستَعدًّا؛ لأن يُنْتَفع به وهو إمَّا أعيانٌ أو منافعُ]؛ فالمالية تشمل ما كان أعيانًا أو منافع أو حقوقًا.

وأضافت الإفتاء: قال العلامة ابن عابدين من الحنفية في حاشيته "رد المحتار": [المراد بالمال ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، والمالية تثبت بتمول الناس كافةً أو بعضهم، والتقوُّم يثبت بها بإباحة الانتفاع به شرعًا].

وقال الإمام السيوطيّ في “الأشباه والنظائر”: [خاتمةٌ في ضبط المال والمتموَّل: أما المال فقال الشافعي رضي الله عنه: لا يقع اسم (مال) إلا على ما له قيمة يباع بها، وتَلزَم مُتلِفَه، وإن قَلَّت، وما لا يَطَّرِحُه النّاسُ مثل الفَلس وما أشبه ذلك].

وتابعت الإفتاء: وحقوق الملكية الفكرية والأدبية والفنية وبراءات الاختراع والأسماء والعلامات والتراخيص التجارية (والتي اصطُلِح على تسميتها بالحقوق الذهنية) هي من الحقوق الثابتة لأصحابها شرعًا وعرفًا، سواء أقلنا إنَّها من قبيل الأموال، أم قلنا إنَّها من قبيل المنافع التي تُعَدُّ أموالًا بورود العقد عليها مراعاةً للمصلحة العامة.

وأوضحت الإفتاء: وكورسات الفوتوشوب -المسؤول عنها- يقصد بها المادة الصوتية أو المرئية التي يتعلم من خلالها الدارس العمل بتقنية الفوتوشوب أو ما يتعلق بها، وتُقدم هذه المادة أو تعرض عن طريق الحضور إلى قاعات التعليم المتخصصة في هذا النوع من الكورسات، أو عن طريق الوسائل الحديثة المختلفة، كالمنصات أو البرامج الإلكترونية، وذلك بعدة طرق مختلفة، منها: الدخول عبر رابط يرسله مُقدم الخدمة، أو السماح بالدخول على المنصة والتسجيل فيها، وغير ذلك.

وأضافت: ولما كانت هذه الكورسات من النتاج الفكري، الذي يُقطَع بمنفعته بحيث يحصل به الاختصاص الحاجز ويجري فيه التقويم والتداول عرفًا ويُتَّخَذُ محلًّا للتعامل والمعاوضة بين الناس، ويثبت فيه حق المطالبة القضائية في العُرف القانوني ولا معارض لذلك في الشرع، فإن هذا يجعل لمثل هذه الكورسات حكم المالية في تملك أصحابها لها واختصاصهم بها اختصاصًا يحجز غيرهم عن الانتفاع بها بدون إذنهم، وكان الحصول عليها مقيدًا بالطريقة التي يأذن فيها مُقدمها ويرضاها.

ولذلك: يجب على طالب الخدمة أن يتقيد بما يحدده مقدموها وأن يلتزم بشروطهم وضوابطهم، ولا يجوز له مشاركة غيره في مشاهدة تلك المادة إلا بإذنهم ورضاهم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء دار الافتاء المصرية

إقرأ أيضاً:

حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال يقول صاحبه ما حكم تأخير الصلاة بسبب العمل؟ مشيرة إلى أن تعيين أول الوقت لأداء الصلاة فيه هو من الفضائل لا من الفرائض التي يأثم تاركها، فإذا مَنَعَ المكلَّفَ مانعٌ عن أداء الصلاة في أول وقتها؛ لانشغاله بأمر متعيَّن عليه في هذا الوقت، فإنه لا يأثم شرعًا بهذا التأخير.

وأشارت دار الإفتاء، عبر فتوى لها على موقعها الإلكتروني، إلى أن الشارع الكريم جعل الصلاة أوقاتًا معينة، وجعل أداءها في غير هذه الأوقات من غير عذرٍ إثمًا، ولرفع الحرج عن المكلَّفين وسَّعَ الشارع الحكيم في أوقات الصلوات، فجعل لها أولًا وآخر، وجعل أداءها في أيّ جزء من هذه الأوقات مُجْزِئًا.

وأضافت الإفتاء، "كان أداء الصلاة في وقتها من باب الواجب الموسَّع الذي يصحّ أداؤه في أي جزء من وقته؛ فالوجوب يتعلق بالأداء في أي جزء من الوقت بحيث لا يجوز إخلاء جميع أجزاء الوقت من العبادة، والسّعَةُ تتعلق بجواز انتقاء أي جزء من أجزاء هذا الوقت لإيقاع الصلاة فيه".

واستشهدت الإفتاء بأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله سلم تقديمه لأَوْلَى المصلحتين على الأخرى حتى ولو كان على حساب تأخير الصلاة عن أول وقتها للمصلحة؛ كالإصلاح بين الناس كما حدث هذا عند إصلاحه بين بني عمرو بن عوف.

هل الذهاب للحج يحتاج لصلاة الاستخارة؟.. علي جمعة يصحح مفهوما خاطئاهل يجوز تعدد صلاة الجمعة بالمسجد الواحد لضيق المكان؟.. الإفتاء تجيبحكم الذكر جماعة وجهرًا عقب صلاة العصر يوم الجمعةحكم نسيان الإمام سجدة التلاوة في الصلاة وما يجب فعله

واستطردت أنه عُرِفَ من الشرع الشريف استحباب تأخير الصلاة عن أول وقتها لبعض المصالح والحاجات الشرعية والعاديِّة؛ كما في استحباب الإسفار بصلاة الفجر، والإبراد بصلاة الظهر، وتأخير العشاء إلى ثلث الليل، وغير ذلك؛ فروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «بلغ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ..» الحديث.

وروى الإمامان أحمد في "مسنده" ومسلم في "صحيحه" عن بُرَيْدَةَ بن الحُصَيْبِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: «صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ، يَعْنِي: الْيَوْمَيْنِ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرَ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ». قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (5/ 114، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفيه احتمال تأخير الصلاة عن أول وقتها، وترك فضيلة أول الوقت لمصلحة راجحة] اهـ.

وذكرت الإفتاء أقوال بعض الفقهاء ومنهم ما جاء في كتب "الأشباه والنظائر" كالإمام السيوطي (ص: 82، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام ابن نجيم (ص: 71، ط. دار الكتب العلمية) من أنواع التخفيفات: تخفيفَ تأخير؛ كالجمع بمزدلفة، وتأخير رمضان للمريض والمسافر، وتأخير الصلاة عن وقتها في حق مشتغل بإنقاذ غريق ونحوه.

وورد في السنة النبوية أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم شغله كفار قريش في يوم الخندق عن صلاة العصر؛ فروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ».

وأخذ الفقهاء من ذلك أن المكلف إذا منعه مانع عن أداء الصلاة حتى خرج وقتها بالكلية؛ لانشغاله بواجب متعين عليه في هذا الوقت، فإنه لا يأثم بهذا التأخير. وممَّا ذُكِر يُعلمُ الجواب عن السؤال.

طباعة شارك حكم تأخير الصلاة الإفتاء حكم تأخير الصلاة بسبب العمل الصلاة دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز للرجل أن يتزوج من مطلقة أخيه؟.. الإفتاء توضح
  • حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم التعويض المالي الناتج عن القتل الخطأ في حوادث السيارات
  • حكم قضاء الصلاة الفائتة .. دار الإفتاء توضح
  • حكم من مات وهو محرم للحج ولم يؤد المناسك؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك .. الإفتاء توضح
  • هل صلاة ركعتين سنة الوضوء مستحبة أم بدعة .. الإفتاء توضح
  • حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح