كيف ستؤدي الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس إلى تآكل ديمقراطيتها؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
رجح موقع "أتلانتك كاونسل" أن الانتخابات الرئاسية القادمة في تونس ستؤدي إلى تآكل ديمقراطيتها، متطرقا إلى تشكيل الرئيس قيس سعيد لجنة انتخابية جديدة مما أثار مخاوف بشأن استقلالية وشفافية العملية الانتخابية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي انتُخب في سنة 2019، قد دعا إلى إجراء انتخابات جديدة في تشرين الأول/ أكتوبر القادم.
وأضاف الموقع أنه من المرجح أن تتيح هذه الانتخابات مزيدًا من توطيد السلطة والتراجع عن أكثر من عقد من التقدم في بناء المؤسسات الديمقراطية. ويبدو أن ما اعتُبر ذات يوم قصة النجاح الوحيدة في انتفاضات الربيع العربي سنة 2011 قد أصبح خيبة أمل أخرى.
وأرجع الموقع ذلك إلى توطيد الرئيس سعيد، الذي انتُخب على أساس برنامج لمكافحة الفساد في سنة 2019، سلطاته منذ سنة 2021 بإقالة رئيس الوزراء آنذاك هشام المشيشي من جانب واحد وتجميد البرلمان بدعم من الجيش. وبعد ذلك أعاد سعيد كتابة الدستور التونسي لتوسيع صلاحياته الرئاسية ومنح نفسه سلطة عزل القضاة من جانب واحد بعد أن حل المجلس الأعلى للقضاء.
وذكر الموقع أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي دعا إليها لم تبلغ سوى 11.2 بالمائة فقط بعد أن قاطعتها أحزاب المعارضة، مما أدى إلى انتخاب سياسيين غير منتمين في الغالب مقربين منه. وفي سنة 2022، وسّع سعيد سيطرته على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من خلال منح نفسه سلطة تعيين أعضائها وعزلهم، مما ألغى استقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن السلطة التنفيذية. ومع خضوع جميع فروع الحكومة تقريبًا الآن لسيطرته المباشرة أو غير المباشرة، أزال الرئيس سعيد العقبات الداخلية واحتكر جميع الضوابط والتوازنات، ممهدًا الطريق أمام ترشحه للانتخابات الرئاسية دون منازع في تشرين الأول/ أكتوبر. ونتيجة لذلك، خفضت منظمة "فريدوم هاوس" درجة تونس من "حر" إلى "حر جزئيًا"، مما يشير إلى وجود إجماع واسع النطاق بين أعضاء المجتمع الدولي على أن تصرفات سعيد غير شرعية.
وبالإضافة إلى سيطرته على جميع فروع الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر، يعمل سعيد على تعزيز استيلائه على السلطة من خلال تضييق الخناق على أعضاء أحزاب المعارضة والمنتقدين ووسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني. وعلى مدار السنة الماضية؛ قام سعيد بسجن وتهديد معظم مرشحي المعارضة. ويقبع حاليًا اثنان من المرشحين العشرة للرئاسة وراء القضبان، بينما يواجه أربعة منهم المحاكمة، بمن فيهم راشد الغنوشي، زعيم حزب المعارضة الرئيسي، الذي سُجن السنة الماضية بتهمة "التآمر على الدولة" وسيبقى في السجن لمدة ثلاث سنوات أخرى على الأقل.
وأوضح الموقع أن المجتمع المدني يواجه أيضًا قمعًا غير مسبوق؛ حيث يقوم البرلمان التونسي حاليًا بمراجعة مشروع قانون للحد من تدفقات التمويل الأجنبي إلى البلاد. ويُسجن المنتقدون والصحفيون يوميًا بسبب آرائهم المعارضة، مما يزيد من تضييق الخناق على حرية التعبير في البلاد ويبث الخوف في نفوس المنتقدين، مما يتيح للرئيس أن يترشح دون منازع.
وبحسب الموقع؛ فإن شرعية سعيد يعوقها أيضًا استمراره في إساءة معاملة الأقليات - بما في ذلك المهاجرين الأفارقة السود- الأمر الذي أثار انتقادات دولية وأدى إلى انتهاك الأعراف الدولية. وقد اكتشفت مؤخرًا مقبرة جماعية تضم جثث خمسة وستين مهاجرًا على الحدود بين تونس وليبيا، مما أثار إدانات لسوء تعامل تونس مع المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى الذين يصلون إلى البلاد. وقد أظهر سعيد علنًا عداءه للمهاجرين الأفارقة السود عندما ادعى في آذار/ مارس 2023 أن المهاجرين يهددون التركيبة الديمغرافية لتونس، مستشهدًا بنظرية "الاستبدال الكبير" المثيرة للجدل. وأعقب ذلك موجة من العنف ضد المهاجرين؛ حيث فقد العديد منهم وظائفهم وخاطروا بحياتهم. وبدأت التقارير عن عمليات الطرد الجماعي غير القانوني نحو الجزائر وليبيا في الظهور، مما أظهر إستراتيجية مدروسة من قبل أجهزة الدولة في انتهاك مباشر للقانون الدولي، مما أعاق الديمقراطية الوليدة وشرعية سعيد بشكل عام.
وأفاد الموقع أن الجالية اليهودية المحلية، التي تضم الآن 1500 شخص فقط، شعرت بالقلق والتهديد بعد أن ادعى سعيد أن الفيضانات المدمرة التي ضربت ليبيا في أيلول/ سبتمبر 2023 كانت نتاج "الحركة الصهيونية". وقد جاءت تعليقاته بعد أشهر فقط من وقوع هجوم إرهابي في مدينة جربة، التي يزورها آلاف الحجاج اليهود كل سنة، والذي يُعتقد أن له دوافع معادية للسامية. وفي الآونة الأخيرة، ومع اندلاع الحرب على غزة، أُضرمت النيران في عدة معابد يهودية في علامات احتجاج، مما زاد من مخاوف الجالية اليهودية بشأن سلامتها. ولا يوجد ما يشير إلى اتخاذ الحكومة أي إجراء لحماية حقوق من تبقى من يهود تونس، مما يثير تساؤلات حول دوافع سعيد بشكل عام واستعداده لحماية الأقليات.
واختتم الموقع تقريره قائلًا إن استمرار سعيد في قمعه للمعارضة، وسوء معاملته للأقليات، وسيطرته الشاملة على السلطات الثلاث في الحكومة سيسمح له بالترشح دون معارضة في الانتخابات القادمة. وفي حين قد تبدو الانتخابات وكأنها ممارسة ديمقراطية مشروعة، إلا أن السياق الذي تُجرى فيه الانتخابات لا يقل عن نظام استبدادي تتضح فيه سيطرة النظام الاستبدادي على أجهزة الدولة أكثر فأكثر. إن هذا التآكل في المعايير الديمقراطية يقوض المكاسب الديمقراطية التي حققتها تونس بشق الأنفس، ويدفع البلاد أكثر فأكثر نحو الاستبداد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تونس قيس سعيد الديمقراطية تونس ديمقراطية قيس سعيد صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموقع أن
إقرأ أيضاً:
باحثون يزعمون اكتشاف معلومات جديدة حول سفينة نوح
زعم فريق دولي من العلماء عثورهم على أدلة قد تشير إلى موقع سفينة نوح عليه السلام، حيث أثار الاكتشاف الجديد، الذي تم في منطقة جبلية بتركيا، اهتمام الباحثين والمشككين على حد سواء، خاصة مع تزايد الأدلة التي قد تربط هذا الموقع بالطوفان العظيم الذي ذُكر في الكتب السماوية.
وفقاً لصحيفة ديلي ميل البريطانية، فإن فريقاً بحثياً مشتركاً بين جامعة إسطنبول التقنية، وجامعة أغري إبراهيم جيجن، وجامعة أندروز في الولايات المتحدة، يدّعي أنه عثر على تكوين جيولوجي ضخم في منطقة "دوروبينار"، يبعد نحو 30 كيلومتراً جنوب جبل أرارات، وهو الجبل الذي ورد في بعض الروايات أنه المكان الذي استقرت عليه سفينة نوح بعد الطوفان.
وتبين أن الموقع عبارة عن تل على شكل قارب يبلغ طوله 163 متراً، وهو ما يتطابق تقريباً مع الأبعاد التي وردت في التوراة عن السفينة، حيث تشير النصوص الدينية إلى أن طولها كان 300 ذراع، أي ما يعادل نحو 157 متراً وفقاً لتقديرات العلماء الحديثة.
ومنذ عام 2021، عمل الفريق البحثي على دراسة الموقع، وأجرى تحليلات للتربة والصخور، حيث أخذوا 30 عينة من المنطقة المحيطة بـ "دوروبينار"، وأرسلوها إلى جامعة إسطنبول التقنية لفحصها.
وأظهرت النتائج احتواء التربة على مواد شبيهة بالطين، ورواسب بحرية، بالإضافة إلى بقايا كائنات بحرية متحجرة مثل الرخويات، مما يشير إلى أن هذه المنطقة كانت مغمورة بالمياه في فترة ما.
وكشفت العينات أن عمرها يتراوح بين 3500 و5000 عام، وهي فترة تتطابق مع الرواية الدينية للطوفان العظيم، حيث تشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن الطوفان وقع بين 3000 و5500 قبل الميلاد.
وقال الباحث الرئيسي في الفريق، البروفيسور فاروق كايا، إن هذه النتائج تدعم فرضية أن المنطقة شهدت فيضاناً هائلاً خلال تلك الحقبة الزمنية، مضيفاً: "وفقاً للنتائج الأولية، يُعتقد أن أنشطة بشرية كانت قائمة في هذه المنطقة منذ العصر النحاسي، وإذا صح هذا، فقد يعزز الادعاء بأن تكوين دوروبينار هو السفينة التي استخدمها النبي نوح عليه السلام".
وشكل التكوين يشبه القارب إلى حد كبير. فعند رؤيته من الجو، يبدو الهيكل البيضاوي وكأنه سفينة ضخمة مطمورة في الأرض، ووفقاً للرواية التوراتية، فإن سفينة نوح أُمرت بأن تُبنى بطول ثلاثمئة ذراع، وعرض خمسين ذراعاً، وارتفاع ثلاثين ذراعاً.
وبتحويل هذه القياسات إلى المقاييس الحديثة، يتراوح طول السفينة بين 150 إلى 160 متراً، مما يجعل الطول المكتشف في تركيا قريباً جداً من هذه الأرقام.
ورغم هذه الأدلة المثيرة، فإن العديد من الجيولوجيين يشككون في صحة هذا الادعاء، ونشر أستاذ الجيولوجيا بجامعة ولاية كاليفورنيا نورثريدج، البروفيسور لورانس كولينز، عدة دراسات تؤكد أن التكوين المعروف بـ "دوروبينار" هو في الواقع نتيجة طبيعية لعملية جيولوجية معقدة، وليس بقايا سفينة خشبية متحجرة.
وأشار كولينز إلى أن هذا التكوين ناتج عن تآكل الصخور بفعل الانهيارات الأرضية، وهو أمر شائع في المناطق الجبلية. كما أن عملية تحجر الخشب تستغرق ملايين السنين، مما يجعل من الصعب تصديق أن السفينة قد تحجرت في غضون 5000 عام فقط.
ورغم الشكوك العلمية، يصر فريق البحث على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات، ويواصلون جمع التمويل اللازم لإنشاء مركز للزوار في الموقع، مما يشير إلى أنهم يرون إمكانية أن يكون هذا الاكتشاف هو مفتاح حل لغز سفينة نوح.