برزت تركيا لاعبا رئيسا في أفريقيا خلال السنوات الماضية، وتعمل بقيادة رجب طيب أردوغان على زيادة نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي بالقارة.

ومع تراجع نفوذ الدول الغربية في القارة تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها وطموحاتها من شرق القارة إلى غربها في وقت تستعد لمباشرة التنقيب عن الغاز والنفط قبالة السواحل الصومالية.

وقالت سيلين غوكوم التي أعدت دراسة بشأن "الأتراك في أفريقيا" لصالح "مرصد تركيا المعاصرة" في باريس إن "تركيا تبرز دائما صدق وجودها في أفريقيا وطابعه الإنساني في مقارنة مع الأوروبيين".

وأكدت غوكوم أن تركيا تتقاسم مناطق في كثير من الأحيان مع الصين وروسيا، لكنها تتميّز بانتمائها إلى دين مشترك مع دول عديدة إسلامية في المنطقة.

واستشهدت بنشاط مديرية الشؤون الدينية التركية الثرية والقوية "ديانات"، التي تقوم بأنشطة إنسانية وتدعم التعليم الديني والمساجد.

وخلصت غوكوم إلى أن "أردوغان يقدم نفسه كبديل عن الغرب"، حيث عززت تركيا في السنوات الـ20 التي تلت وصول أردوغان إلى السلطة حضورها في القارة.

وقال المتخصص في الشؤون التركية ونائب مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (إيريس) في باريس، ديدييه بيون، "إن عدد السفارات التركية في أفريقيا زاد 4 أضعاف خلال الـ20 عاما الماضية" حيث تمثل أنقرة 44 سفارة في أفريقيا.

افتتاح مركز لمنظمة إغاثية تركية في مقديشو عام 2011 (الجزيرة) القوة الناعمة

وفقا لديدييه، تعد تركيا "شريكا موثوقا، خصوصا في قطاعي البناء والبنى التحتية" والمستشفيات والمطارات والمساجد، خاصة أنها تلتزم "بالمواعيد النهائية والميزانيات".

خلال الـ20 عاما الماضية زاد حجم التجارة التركية مع أفريقيا 8 أضعاف ليصل إلى 40.7 مليار دولار في العام 2023، إضافة إلى استثمار "85.5 مليار دولار في مشاريع" تشمل رواد أعمال أتراكا.

وتصل الخطوط الجوية التركية إلى 62 وجهة أفريقية، وكانت أول من عاد إلى مقديشو في العام 2012 قبل أن تقوم أنقرة بإعادة تأهيل المطار.

وقال بيون "عندما كانت الصومال بمثابة حفرة سوداء، كان أردوغان الوحيد الذي ذهب إلى هناك".

وتفتخر قناة "إن تي آر- تي في" التي تقدم نفسها على أنها "التلفزيون التركي الأول في القارة" عبر موقعها، بالوصول إلى "49 دولة أفريقية" حيث تبث العديد من المسلسلات التركية ناشرة في الوقت ذاته اللغة التركية.

فيما تبث قناة "تي آر تي" التلفزيونية العامة التركية على موقع يوتيوب باللغات الفرنسية والإنجليزية والسواحلية والهوسا وتنظّم دورات تدريب للصحفيين الشبان.

واعتبرت سيلين غوكوم أن تركيا تقود "غزوا" للعقول تساهم فيه مؤسسة "معارف" الدينية، من خلال شبكة مكونة من 140 مدرسة ومؤسسة تستقبل 17 ألف طالب، في وقت يدرس 60 ألف طالب أفريقي في تركيا.

وعلى هذه الأسس الصلبة، طورت أنقرة اتفاقات دفاعية مع الصومال في العام 2017 وليبيا في العام 2019، وعززت نفوذها في كينيا ورواندا وإثيوبيا في الشرق، وفي نيجيريا وغانا في الغرب، حسبما أكدت المتخصصة في الشؤون الأفريقية تيريزا نوغيرا بينتو.

إفطار في شهر رمضان بدولة مالي برعاية منظمة تركية (الأناضول) من دون شروط

وأشارت نوغيرا بينتو إلى أن هذه الاتفاقات تفتح مجال إبرام عقود أمام الصناعات الدفاعية التركية وخصوصا في مجال المسيّرات التي تعتبر موثوقة وغير مكلفة، ومرغوبة في الحرب ضد الإرهاب.

وسلمت تركيا مسيرات مؤخرا لتشاد وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وكذلك لتوغو التي عززت التعاون معها منذ العام 2021.

وشددت الخبيرة على أنه "بخلاف الغرب لا تجعل تركيا مساعداتها مشروطة".

كذلك تنشر تركيا خبراتها في مجال الطاقة مع بدئها "في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول" مهمة تنقيب عن مواد هيدروكربونية في الصومال، على غرار تلك التي تقوم بها قبالة سواحل ليبيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی أفریقیا فی العام

إقرأ أيضاً:

ترامب يهدم القوة الناعمة الأميركية.. هل تغتنم الصين الفرصة؟

يبدو أن القيود التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المساعدات الخارجية واستهداف وكالة رئيسية تمول برامج المساعدات في أنحاء العالم ستوفر فرصة ذهبية للصين- والتي تعد المنافس القوي لأميركا.

وابتداء من تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مرورا بالانسحاب من المنظات الدولية، أثارت خطوات ترامب الجذرية التي تتعلق بمبدأ "أميركا أولا" المخاوف بين بعض أعضاء الكونغرس والخبراء حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تتنازل عن نفوذها العالمي لخصومها، خاصة في وقت تشعر فيه واشنطن بالقلق إزاء نفوذ بكين المتزايد على حساب المصالح الأميركية.

لقد وفرت المساعدات الخارجية للولايات المتحدة مصدرا لـ" القوة الناعمة"- مما يتيح لها فرصة غرس النوايا الطيبة، وبناء التحالفات ومواجهة الأعداء في محاولة لتعزيز الأمن القومي دون الحاجة إلى إرسال قوات أو أسلحة أو اتخاذ أي إجراءات قسرية أخرى.

ويقول مسؤولو الإدارة الأميركية إنه حان الوقت لمراجعة كيفية إنفاق أميركا للأموال في الخارج.

وعندما سئل مستشار الأمن القومي مايك والتز عما إذا كانت الولايات المتحدة تمنح الصين وروسيا فرصة لتحقيق المزيد من النفوذ العالمي، نفى ذلك، وقال في برنامج إخباري مؤخرا "هذه المهام وهذه البرامج لا تتوافق في الغالب الأعم مع المصالح الاستراتيجية الأميركية مثل الضغط على الصين"، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

ففي بنما، دفعت إدارة ترامب الحكومة للانسحاب من مبادرة الحزام والطريق، وهو برنامج الصين الإنمائي البارز، مما أدى إلى صدور إدانة من جانب الصين.

بكين تترقب

عموما لا يؤيد الخبراء والمشرعون تراجع الولايات المتحدة بالنسبة للمساعدات الخارجية وهناك قضايا تتحدى تجميد الإدارة الأميركية للمساعدات الخارجية والخطوات ضد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مما أدى إلى توقف مؤقت لبعض تلك الخطوات.

وفي مناقشة جرت مؤخرا في واشنطن قال فينج تسانج وهو باحث زائر في مركز بول تساي الصيني التابع لكلية الحقوق بحامعة ييل الأميركية إن إدارة ترامب الثانية سوف تحقق هدف الصين المتمثل في" كسب المزيد من النفوذ العالمي".

وأعرب السيناتور اندي كيم، وهو ديمقراطي من نيو جيرسي عن قلقه بالنسبة لهذا التطور . وقال في حديث تليفزيوني مؤخرا" إن الصين ليست في حاجة الآن لبذل جهد لتحقيق نفوذها في أنحاء العالم بسبب ما نقوم به نحن".

من ناحية أخرى، قال النائب جون مولينار، الجمهوري من ولاية ميتشغان إنه يمكن أن يكون الوقت قد حان لأن يكون هناك تغيير بالنسبة للمساعدات الخارجية... واعتقد أننا خلال ذلك سوف نتعرف على ما كان يحقق نجاحا وما لم يكن ناجحا... ثم نرى كيف نلجأ إلى أسلوب جديد لتعزيز المصالح الأميركية، والقيم الأميركية ".

وقال دينيس وايلدر، وهو مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية، وزميل بارز في مبادرة الحوار الأميركي الصيني حول القضايا العالمية في جامعة جورج تاون، إن النفوذ العالمي يتجاوز نطاق المساعدات الخارجية، فالولايات المتحدة تقود أقوى جيش في العالم وتهيمن عملتها الدولار على النظام المالي.

وأضاف وايلدر قائلا "دعونا لا نقبل كأمر مسلم به أن الصين على استعداد أو قادرة على أن تحل محل الولايات المتحدة في الفراغ الذي ربما تتركه الولايات المتحدة .فقد ذكرت السفارة الصينية في واشنطن إن بكين "مستعدة للعمل مع جميع الدول والأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتدعيم تبادل الاتصالات والتعاون في مجال التنمية، من أجل تعزيز التنمية والازدهار المشترك بين جميع الدول".

وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة والصين ، وهما الدولتان الرئيسيتان في مجال التنمية العالمية، تنفقان المساعدات الخارجية بشكل مختلف.

فمعظم المساعدات الصينية تقدم في صورة ديون ويتم إنفاقها عموما على مشروعات الطاقة والبنية التحتية.

في المقابل يتم صرف معظم الأموال الأميركية في صورة منح أو قروض بمعدلات فائدة منخفضة أو بدون معدلات فائدة في مجالات مثل الصحة العامة والمساعدات الإنسانية ، حسبما ذكر أيد داتا AidDta ، وهو مختبر لابحاث التنمية الدولية في معهد الأبحاث العالمية بكلية ويليام وماري، وهي من أقدم الكليات في الولايات المتحدة.

ففي بيرو، ساعدت أموال المساعدات الصينية في بناء الميناء الضخم الذي بلغت تكلفته 1.3 مليار دولار في شانكاي، والذي افتتح في نوفمبر خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ. وعلى النقيض من ذلك، استخدمت المساعدات الخارجية الأميركية في بيرو لتمويل القهوة والكاكاو كبدائل لإنتاج الكوكايين.

وفي دول أخرى، ساعدت الدولارات الأميركية في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" في أفريقيا، ومعالجة سوء التغذية لدى الأطفال في جنوب السودان.

ونظرا للاختلاف في أنواع المشروعات التي يتم تمويلها ، من غير المرجح أن تتقدم الصين لتحل محل المكان الذي تنسحب منه الولايات المتحدة، ومع ذلك، ما تزال بكين تفوز لأن المساعدات الخارجية التي تقدمها تتعلق ببناء العلاقات والنوايا الحسنة، حسبما ذكرت سامانثا كستر، مديرة تحليل السياسات في مختبر ايد داتا.

وأضافت سامانثا كستر، مديرة تحليل السياسات في مختبر ايد داتا أن هذه الدول تراقب الولايات المتحدة "وكيف تتعامل مع شركائها وعمالها، وتقوم بتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة تعد شريكًا اقتصاديا وأمنيا موثوقًا به، وهناك مخاوف متزايدة من أننا لسنا كذلك" .

وقال سلفادور سانتينو ريجيلمي، وهو أستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة لايدن في هولندا، إن لدى الصين الآن فرصة استراتيجية لتكون بديلا متاحا للدول التي تسعى إلى الاستثمار دون شروط سياسية. "

وأضاف أن المغزى الأوسع نطاقا لتجميد المساعدات الأميركية" هو العودة إلى الدبلوماسية العسكرية، حيث يتم تهميش القوة الناعمة لصالح الإكراه القسري".

مقالات مشابهة

  • المغرب يحتل الرتبة 50 في مؤشر القوة الناعمة العالمي
  • دولة خليجيه تتربع على المرتبة الـ 10 عالمياً في مؤشرات القوة الناعمة لـ 2025
  • تركيا تلاحق منافس أردوغان المحتمل قضائياً
  • مستشار حكومي: العراق تقدم بـ17 مرتبة في مؤشر القوة الناعمة
  • الرئاسة التركية تصدر كتاب “دبلوماسية أردوغان للسلام: سوريا نموذجا..”
  • العراق في المرتبة 98 عالمياً و12 ‎عربياً بمؤشر القوة الناعمة لعام 2025
  • رئيس بلدية إسطنبول يقرر الترشح لانتخابات الرئاسة التركية المقبلة
  • ترامب يهدم القوة الناعمة الأميركية.. هل تغتنم الصين الفرصة؟
  • أبرز مقوماتها الاقتصاد والثقافة والتعليم.. العراق في المركز الـ 98 عالمياً بمؤشر القوة الناعمة
  • الإمارات.. وطن «القوة الناعمة»