جنوب لبنان- مع استمرار العدوان على غزة للشهر العاشر على التوالي، شهدت جبهة الجنوب اللبناني في الأيام الأخيرة تصعيدا عسكريا بين حزب الله وإسرائيل.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد عدد من المقاتلين والمدنيين، بعد استهداف قادة ميدانيين في الحزب في بلدات صفد البطيخ، ومجدل سلم، وشقرا، وعدلون.

ومنذ بدء التصعيد، تجاوز عدد الشهداء في لبنان نحو 500 شخص، بينهم مدنيون ومقاتلون من حزب الله والجماعة الإسلامية وحركة أمل، إضافة إلى حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين اللتين انخرطتا في المعركة من الجنوب اللبناني للمرة الأولى.

وفي المقابل، أعلنت إسرائيل عن مقتل 18 جنديا و13 شخصا.

تصعيد حزب الله

ورفع حزب الله من مستوى عملياته ضد مواقع وتجمعات جيش الاحتلال، حيث قصف لأول مرة مستوطنات جديدة مثل "أبيريم"، و"نيفيه زيف"، و"منوت"، و"دفنا" شرق مدينة عكا، بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ردا على الاعتداءات التي طالت المدنيين.

ووفقا لتقرير إسرائيلي، استخدم الحزب طائرة مُسيّرة جديدة "شاهد لb1" تعمل بمحرك وشاحن كهربائي، وتتمتع بقدرة على الطيران لفترة طويلة، مع صوت خافت وبصمة حرارية خفيفة مما يسهم في قدرتها على الاختراق.

من جهته، حذر وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، مما سماها عواقب كارثية لأي تصعيد أو اجتياح إسرائيلي للبنان، معتبرا أن مثل هذا التصعيد قد يؤدي إلى توسيع رقعة الحرب لتصبح إقليمية.

وفي الجانب الآخر، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت -خلال كلمة ألقاها في الجبهة الشمالية مع لبنان- باستخدام الخيار العسكري بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

في الأثناء، سيتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس يوم 24 يوليو/تموز الجاري، تلبية لدعوة رسمية من قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وتأتي هذه الزيارة وسط ضغوط دولية وداخلية للتوصل -بسرعة- إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ويرى خبراء أن التصعيد الذي يمارسه حزب الله يهدف إلى الضغط على إسرائيل لمنع استهداف المدنيين في لبنان. ويعتقدون أن استمراره من قبل الجانبين، هو الخيار الأكثر احتمالا في الوضع الحالي مقارنة بإمكانية نشوب حرب شاملة أو التوصل إلى هدنة.

استهدافات جديدة

وعلى وقع زيادة التوترات والتهديدات، يشدد الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة -للجزيرة نت- على أن نصر الله وجه تهديدا لإسرائيل في خطاب  العاشر محرم الموافق 16 يوليو/تموز الجاري، محذرا من استهداف مستوطنات جديدة إذا استمرت تل أبيب في استهداف المدنيين.

ويشير إلى أن إسرائيل خرقت هذا التهديد بما أسفر عن اغتيال أحد قادة المقاومة واستشهاد مدنيين، مما دفع المقاومة للرد باستهداف "مستعمرات" جديدة.

وبرأي شحادة، فإن استهداف المستوطنات الجديدة يهدف إلى زيادة عدد النازحين الإسرائيليين من المنطقة الشمالية، مما يشكل ضغطا على الحكومة الإسرائيلية التي تواجه حاليا 120 ألف نازح، ومن المتوقع أن يزداد العدد إلى 70 ألفا إضافيين إذا استمرت في استهداف المدنيين اللبنانيين.

وبشأن التصعيد الأخير، يشير شحادة إلى أن إسرائيل استهدفت مركزا في عدلون ردا على هجمات المقاومة، مدعية أنه مخزن للذخيرة تابع للمقاومة التي يتوقع أن تستمر في الرد، لكنه يرى أن قواعد الردع ستظل مضبوطة خاصة مع اقتراب زيارة نتنياهو إلى أميركا.

ويعتقد أن نتنياهو سيلتقي "باللوبي الصهيوني" في واشنطن لمحاولة الحصول على دعم لشن حرب على لبنان، لكنه يعتبر أن ذلك غير ممكن بسبب الانتخابات الأميركية واحتمال تدخل دول أخرى، مما يعني أن الحرب ستصبح شاملة في كل المنطقة.

تصعيد مستمر

ويتطرق شحادة إلى قصف ميناء الحديدة، واصفا العملية بأنها "هوليودية"، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو بحاجة إليها لإعادة الاعتبار قبل ذهابه إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد العملية اليمنية بإرسال طائرة مُسيّرة واختراق أجواء يافا، مما أدى إلى كسر توازن الردع لدى إسرائيل بشكل كبير.

ويضيف أن نتنياهو سيذهب إلى واشنطن وهو يحارب على 5 جبهات وهي جبهة غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، واليمن، والعراق، "فهو بحاجة لمساندة من أميركا".

وفي ظل استمرار العدوان على غزة، وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو، التي لا تزال تؤجل اندلاع حرب شاملة، حسب الباحث السياسي هادي قبيسي الذي قال -للجزيرة نت- إن نتيجة موازين القوى الحالية بين إسرائيل وجبهة المقاومة، تدفع في تنامي التصعيد درجة بعد أخرى، بمبادرة من جبهة المقاومة، للوصول إلى الهدف المعلن المتمثل في  وقف الحرب على غزة.

وحسب قبيسي، يعمل الطرفان على استثمار التصعيد للاقتراب من تحقيق الهدف، والطرف الذي سينجح في النهاية هو الذي يمتلك جبهة داخلية أكثر صلابة. ويشير إلى أن السيناريو المرجح هو التصعيد التدريجي المستمر، فيما يبقى سيناريو وقف الحرب أو الحرب الشاملة أقل ترجيحا.

ويؤكد قبيسي أن لبنان يستفيد من استمرار التصعيد في توسيع رقعة النزوح من الجليل، وفي رفع منسوب ضغط مستوطني الشمال "المحبطين نفسيا"، فيما يحافظ سكان القرى الحدودية في جنوب لبنان على تماسك نفسي صلب.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات استهداف المدنیین حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

مسار عملياتي متصاعد للقوات اليمنية ضد الأمريكيين و”إسرائيل”

نوال النونو

مضت الأيام الماضية ثقيلة على الجيش الأمريكي في البحرين الأحمر والعربي، في ظل التصاعد المتواصل للعمليات اليمنية.
ومع وصول حاملة الطائرات الأمريكية “فينسون” إلى البحر الأحمر، فاستقبلتها القوات المسلحة اليمنية بالصواريخ المجنحة والباليستية، بالتوازي مع عمليات مماثلة طالت الحاملة [يو اس إس هاري ترومان].
وفي صعيد المواجهة، كان اللافت خلال الأيام الماضية ما كشف عنه رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء المشير الركن مهدي المشاط عن احتراق أوراق القوة الأمريكية في اليمن.
وتحدث المشاط بلغة حادة في اجتماع خصص لمجلس الدفاع الأعلى، وهو اجتماع استثنائي ضم أبرز القيادات العسكرية والسياسية في الدولة، وكان واضحاً أن الهدف من الاجتماع هو توجيه رسائل هامة للداخل والخارج.
من الرسائل التي أطلقها الرئيس المشاط للداخل اليمني، هو تحذيره للمرتزقة اليمنيين من التحرك عسكرياً للمواجهة البرية مع اليمن تحت المظلة الأمريكية، معتبراً هذا لو تم فسوف يكون جناية لا غفران لها لهم، محذراً ادواتهم في الداخل من العمل تحت أي ظرف كان، وأن ذلك سيعرضهم للاعتقال والمحاسبة.
ومنذ الأسابيع الماضية، كثر الحديث عن قيام أمريكا بعملية برية في اليمن، وأن المرتزقة اليمنيين التابعين لتحالف العدوان السعودي الإماراتي سيكونون رأس الحربة، وخط الهجوم الأول على القوات المسلحة اليمنية التابعة لأنصار الله، لكن هذا التحرك لا يزال يواجه الكثير من التحديات والعراقيل، وفي مقدمتها خشية أمريكا من الهزيمة، وهي بالفعل واردة ومتحققة لوجود عوامل كثيرة تساعد أنصار الله على تحقيق الانتصار الكبير، منها وحدة القيادة، والإعداد الجيد للمواجهة، ودخول أسلحة جديدة إلى ساحة المعركة.
ولهذا، فإن المعركة البرية ضد اليمن أو أنصار الله، هي نوع من الجنون، لكن لا أحد يستبعد حدوث مثل هذا الأمر، لا سيما في ظل غطرسة ترامب وحماقته، واندفاعه نحو تحقيق انتصار يبيض وجهه في اليمن.
الرسالة الأخرى التي أطلقها الرئيس المشاط، تمثلت في الكشف عن القدرات العسكرية اليمنية المتصاعدة، وقدرتها على إحراق أوراق القوة الأمريكية، حيث أوضح الرئيس أن حاملة الطائرات الأمريكية [هاري ترومان] أصبحت خارج الخدمة، ولم تفلح في تحقيق أي انتصار يذكر على اليمن، لافتاً إلى أن هذا السلاح كانت أمريكا تحافظ عليه في مواجهة الدول العظمي، لكن اليمنيين تمكنوا من تحييده تماماً من خلال الضربات النوعية المتواصلة على الحاملات الأمريكية وآخرها [حاملة فينسون] وحاملة [هاري ترومان].
وكشف الرئيس لأول مرة، عن تمكن الصواريخ اليمنية بعد إدخال تعديلات عليها من تجاوز منظومة الدفاع “الكهرومغناطيسية” فخر الدفاعات الجوية الأمريكية، بعد أن تم تثبيتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة للتصدي للصواريخ اليمنية، مؤكداً أنه في غضون 10 أيام تم تجاوز هذه المنظومة، وباتت الصواريخ تصل إلى قلب كيان العدو.
هذا ما حدث بالفعل بعد العمليات اليمنية النوعية التي استهدفت يافا المحتلة التي يطلق عليها كيان العدو تسمية [تل أبيب] بمسيرة يافا اليمنية، وكذلك استهداف موقع حيوي في حيفا المحتلة بصاروخ ذو الفقار الباليستية الأربعاء الماضي.
أما التطور الأبرز، فهو حديث الرئيس المشاط، عن طائرات الشبح الأمريكية أو “قاذفات B2″، فقد لمح الرئيس إلى أن اليمنيين أصبحوا قادرين على اسقاطها وفي القريب العاجل، وهو تطور كبير ونوعي لو حدث سيعجل بكنس الهيمنة الأمريكية من المنطقة.
واستغرب الرئيس المشاط من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإحراق أوراق قوتها العظمى في اليمن، داعياً أعداء أمريكا من الروسيين والصينيين بأن يمددوا ولا يبالوا، وهذا بالفعل يفتح المجال أمام القوى المناوئة للهيمنة الأمريكية بأن تكرر تجربة اليمن في المواجهة مع أمريكا، فالأسلحة الاستراتيجية التي تحتفظ بها واشنطن لم تعد ذي قيمة على الإطلاق.

المدنيون بنك أهداف للأمريكيين

وأمام هذا الإخفاق والفشل الكبير للأمريكيين في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، فضل ترامب وجيشه، اللجوء إلى خيار آخر، يتمثل في استهداف المدنيين اليمنيين، بغية اجبار اليمنيين على التراجع ورفع راية الاستسلام.
وخلال الأيام الماضية ارتكبت أمريكا عدة جرائم في اليمن، منها استهداف ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة غربي اليمن، واستشهاد أكثر من 50 مدنياً، إضافة إلى استهداف سوق شعبي في العاصمة صنعاء، واستشهاد أكثر من 10 مدنيين وإصابة العشرات.
غير أن اليمن الذي لم يعرف الانكسار طيلة 10 سنوات مضت في مواجهة العدوان السعودي الإماراتي، يواجه الصلف الأمريكي بالمزيد من البأس ورباطة الجأش، وهنا تؤكد القيادة الثورية والسياسية اليمنية بأنها لن تسكت كثيراً، وأن لديها الكثير من أوراق القوة والرد على حماقة ترامب وجيشه، ولهذا أعلن الرئيس المشاط أن شركات الأسلحة والنفط الأمريكية ستكون هدفاً مشروعاً لليمن خلال المرحلة المقبلة.
ويأتي تأكيد الرئيس على استهداف شركات النفط، كرد على أي ضغوط أمريكية لفرض حصار خانق على اليمن، ومنع وصول امدادات النفط إلى ميناء الحديدة، والذي بدأت مؤشراته عن طريق استهداف ميناء الصليف بالحديدة، ولذا فإن اليمن سيواجه الحصار بالحصار، وإذا ما تم إغلاق ميناء الحديدة، فإن القوات المسلحة اليمنية لن تتردد في استهداف حاويات النفط المتجهة إلى أوروبا وأمريكا من مضيق باب المندب، وهي لا تقل عن 4 ملايين برميل نفط يومياً.
أما استهداف شركات الأسلحة، فهذا يضاعف من الحرج الأمريكي، فمبيعات أمريكا للعالم من الأسلحة تمر عبر البحار، إضافة إلى أن واشنطن تعتمد على امداداتها من السلاح، عن طريق البحر، وهذا سيعيق من استراتيجيتها في الانتشار السريع كما أكدت ذلك الصحافة الأمريكية.
لقد أدخل ترامب جيش بلاده في مستنقع استراتيجي باليمن كما يقول الرئيس المشاط، والخروج منه لن يكون إلا بتنفيذ شروط صنعاء المتمثلة بوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة ورفع الحصار، أما الحلول العسكرية أو الدبلوماسية أو السياسية فلن تجدي نفعاً، لا سيما وأن القيادة اليمنية واضحة ولا تعرف المهادنة، كما أنها لا تعرف التراجع أو الاستسلام والهزيمة.

مقالات مشابهة

  • مسار عملياتي متصاعد للقوات اليمنية ضد الأمريكيين و”إسرائيل”
  • كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟
  • الآلاف يتظاهرون في تعز تنديدا بجرائم إسرائيل وللمطالبة بكسر الحصار
  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي، وندعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقفها
  • سلاح المقاومة… درع الكرامة وخط النار الأخير في وجه العدوان الصهيوني
  • سلاح حزب الله: الحاجة والضرورة لردع العدو الصهيوني
  • بسبب منشور عن سلاح المقاومة.. لبنان تستدعي السفير الإيراني
  • الخارجية التركية: تهديد إسرائيل لسوريا ولبنان إستراتيجية خاطئة
  • حزب الله في لبنان.. من حرب العصابات إلى احتكار العمل المقاوم
  • نتنياهو يصر على إبادة غزة "ولو وقفت إسرائيل وحدها"