بوابة الوفد:
2024-09-06@11:45:22 GMT

السرقات الأدبية.. مسلسل لا ينتهي

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

قوانين الملكية الفكرية هل تحمى المبدعين؟

شعور قميء جدا، ذلك الذى ينتابنى إذا ما طالعت خبرا أو تحقيقا صحفيا أو حتى منشورا يُكشف فيه عن سطو أحد لصوص الفكر على رواية أو قصيدة أو مقال لأحدهم، فما بين سؤال يلح على عقلى وآخر يسكنني؛ أجدنى حائرة: ترى كيف يجد ذلك «اللص» الجرأة الكافية لسرقة نص كامل ليخط ببساطة متناهية اسمه عليه، ثم كيف يجد من الشجاعة والوقاحة فى آن ما يواجه به العالم إذا ما تم كشف أمره الذى حتما هو مكشوف، فإن كانت السرقات الأدبية تكشف فى عالم ما قبل التكنولوجيا وجوجل والإنترنت، فكيف الحال الآن ونحن بضغطة زر صغيرة يمكننا أن نحصل على التشابه بين ما يقع تحت أيدينا من نصوص، وبتواريخ نشرها أيضا؟ ترى أى جنيٍّ ذلك الذى يتملك لص الفكر حتى يمنحه كل ذلك الاطمئنان والأريحية والقدرة على المواجهة فى عصر السوشيال ميديا والفيس بوك؟

أذكر أننى منذ عام كامل انتابتنى رغبة مفاجئة فى متابعة ما أنشر هنا فى صفحة «أوراق ثقافية»، من تقارير وتحقيقات، على جوجل، لأصدم بسرقة كل تقاريرى نصا دون تغيير حرف واحد من قبل أحد الصحفيين «الهواة» ونشره على موقع «خليجي» مذيلا باسمه فى جرأة لا متناهية، حتى إن أحد التقارير تحدثت فيه عن إصداراتى من مجموعات قصصية ودواوين، وذكرياتى معها ومع أحد النقاد المشهورين وذكرت عناوين كتبي، والغريب أن اللص قام بنقل ما كتبته حرفيا «نسخ ولصق» دون حتى «غربلة» لما يمكن أن يكشف أمره، وهو ما يؤكد أن هذا النوع من السرقة يعتمد فى معظمه على عدم قدرة القارئ على قراءة النص لنهايته، أو أن لدى السارق ثقة عمياء فى حاله، فما الذى يجعله يختار ما يسرقه ويترك غيره؟ إنه عمى وشهوة السرقة المحمومة.

غير أن عالم التكنولوجيا نفسه يعد سلاحا ماضيا بيد السارق، فقد أباح وأتاح المنتج الأدبى والفكرى سهلا ميسرا بين يدى أى سارق، دون جهد يذكر منه.

وربما حِرت وحار غيرى من النقاد والمهتمين بالشأن الثقافى حول وضع مفهوم واضح للسرقة الأدبية، أهى تعنى سرقة نص كامل، أم جزء منه أم السطو على الفكرة وسوقها فى إطار مغاير، أم ماذا؟

وربما أدرج البعض فى مفهوم السرقة كلا من التضمين والاقتباس والمحاكاة والتحوير وعكس النظير والى غير ذلك.

غير أن ابن طباطبا فى كتابه (عيار الشعر) عبّر عن السرقات بـ(المعانى المشتركة) لذا أباح للشاعر المحدث أن يستلهم أشعار المتقدّمين.

وإذا ما تبنينا مقولة الجاحظ «الأفكار مطروحة على قارعة الطريق»،  حينها سنُخرج السطو على الفكرة من حيز السرقة، فتوارد الخواطر وارد ويحدث دوما، غير أن هناك أفكارا مركبة لا تقبل الورود على أكثر من عقل..

وهناك أسماء أخرى أطلقت على السرقة، منها: الانتحال، النقل، المسخ، الإغارة، الاحتذاء، الاجتلاب..

وقد قالها يوما الأخطل الذى اتُهم بالسرقة فى عصره، حتى واتته الجرأة للاعتراف: (نحن معاشر الشعراء أسرق من الصاغة)، ليفتح أمام عينى ملفا حافلا من سرقات الأقدمين والمحدثين للشعر والنثر على حد سواء، فقد تخضبت أيديهم جميعا بدماء ما يسرقون، بدءا من شعراء الجاهلية والعصر الأموى والعباسي، فقد قيل إن زهير بن أبى سلمى- من أصحاب المعلّقات- كان يأخذ شعر قُراد بن حنشِ من شعراء غطفان وكان جيد الشعر، وهذا طرفة بن العبد وأوس بن حَجَر والمسيّب وزيد الخيل وابن أبى سلمى قد أخذوا من شعر امرئ القيس، بل هناك من شعراء الجاهلية كان شأنهم السطو وانتحال اشعار غيرهم لأنفسهم، والأمر ذاته يستوى فى الشعراء الأمويين والعباسيين، حتى قيل إن الفرزدق كان إذا ما استحسن قول الشاعر صرخ به: (أنا أحق بهذا البيت منك...).

وفى عصرنا الحالى صرنا نسمع أصوات الصارخين من الأدباء والمفكرين الذين تم السطو على إبداعاتهم فى وضح النهار، دون رقيب، ليدفعنا الأمر للتساؤل: ألا يستطيع قانون الملكية الفكرية حماية منتجنا الفكرى من السرقة بتشريع حاسم وحازم؟

وقد أرقتنى بشدة واقعة حدثت مؤخرا وأثارت ضجة عارمة على مواقع التواصل الاجتماعى، قامت بها  «ناقدة» وشاعرة، وهى سورية الجنسية، حيث «حسب ما ورد عنها» سطت على  مقالات نقدية لنقاد بارزين منهم الدكتور جابر عصفور، تتناول تلك المقالات نصوصا شهيرة لأدباء معاصرين، ونسبتها لنفسها، بل الغريب أنها أحالت المقال وأسقطته على نصوص أخرى ونسبته ببساطة لنفسها، والأمر مثير لعدة قضايا ليست فقط ضرورة حماية المنتج الفكري، وإنما لتلك الهوة والفجوة التى نكتشف وقوع النقد بها وعزفه بعيدا بعيدا عن القارئ والمبدع على حد سواء، للدرجة التى معها يمكن استخدام مقال نقدى كامل كتب فى أحد النصوص وإسقاطه على نص آخر! ألتلك الدرجة نحن منفصلون عن أصول النقد الحق، ومغيبون؟

ومن أسفٍ أن ذلك ما يفعله بعض نقاد «الندوات» ممن لا يكلفون أنفسهم عناء قراءة النص، فقط هم يحفظون «أكلشيها» محددة وعبارات وجمل بعينها يستخدمونها على أى نص مهما كان دون الخوض فى تفاصيل النص وحيثيات النقد.

وعودة إلى تلك الواقعة التى نحن بصددها، فها هى الشاعرة والمترجمة السورية فاطمة خضر، التى اكتشفت ما فعلته الناقدة رولا حسن، وقولها إنها «سرقت» مقالات نقدية كاملة، بل وأصدرت كتابا كاملا أسقطت خلاله تلك المقالات على نصوص أخرى لشاعرات سوريات وغيرهن.

وقد أعلنت فاطمة عن تلك الواقعة عبر منشور بصفحتها بالفيس بوك، وخلال تصريح منها للوفد، حيث قالت:

إن بداية اكتشافها الأمر كانت عندما أعدت رولا حسن  كتاب «الموجة الجديدة فى الشعر السوري»، الصادر عن دار كنعان، وكانت تنشر الدراسة عن شاعرة ما بصفحة الأيقونات السّورية ( The Syrian Icons )، وذات مرة نشرت دراسة عن آفين حمو مع قصيدتين لآفين، يومها تحدثت مع رولا على الماسنجر مؤكدة لها إن قصيدة آفين مسروقة بشكل شبه حرفى عن قصيدة أُنسى الحاج/أغار.... يومها تحدثت رولا مع آفين، وكتبت آفين على صفحتها تعديلا بنهاية القصيدة إنها كتبت تلك القصيدة متأثرة بالشاعر الكبير أنسى الحاج.

وعندما صدر الكتاب وأهدتنى إياه رولا، فوجئت بوجود  اسم آفين كثيرا بالكتاب، وتساءلت كيف وأن رولا ناقدة ولم تقم بحذف اسم آفين مباشرةً، فليس من المنطقى أن شاعرة تسرق قصيدة كاملة ويتم تكريمها بأنها إحدى الشاعرات اللائى يشكلن موجة شعرية جديدة.

وتتابع فاطمة: ولأن حبل السرقة قصير، فقد بدأت رحلة بحث كانت سهلة بطريقة صادمة، باعتبار  المسروق من قبل رولا أغلبه موجود على جوجل، باستثناء قلّة واردة بكتب نقد ورقية، وهنا اكتشفت الكارثة أن فعلًا أغلب ما ورد (إذا ما كان كله، ولسه ما اكتشفت باقى المصادر!) بكتاب (الموجة الجديدة فى الشعر السوري/نص طازج وحساسية مختلفة) مُجمّع من عدّة مصادر، ومُجمّع من حلقات بحث لطلاب ماجستير فى جامعات فى الجزائر، ومقالات منشورة فى مواقع ومجلات إلكترونية، وكُتب نقد صادرة فى مصر والعراق، بطريقة نسخ لصق.

وأضافت فاطمة خضر، موضحة بالوثائق والصور مواضع السرقة بالكتاب، فيما يلي:

سأكتفى بنشر وثائق بتتعلق بالجزء الأول من مقدمة الكتاب ككل، ثم الدراسة المنشورة والمقرونة باسمي:

1-  فيما يتعلّق بالجزء الأول من مقدمة كتاب رولا، فهى مسروقة حرفيًّا من مقدمة كتاب الكاتب والمفكّر جابر عصفور (وزير الثقافة المصرية الأسبق) عنوان الكتاب (فى محبة الشعر) متوافر الكتاب pdf على غوغل.. (وأدرجت صور مقدمة رولا المسروقة والموثّقة بالكتاب الذى أصدر 2024... وما جاء فى كتاب محبة الشعر لجابر عصفور الصادر عام 2009 عن الدار المصرية اللبنانية).

2- أمّا فيما يتعلق بالدراسة التى تدّعى رولا أنّها أعدتها عن قصائدي، فببالغ الأسى، أنعى إليكم أنّها قامت بسرقتها حرفيًّا من مقال منشور فى مجلة نزوى، وللأسف الشديد إن المقال المنشور فى نزوى عن شعر كلّ من أمجد ناصر ونورى الجراح.

وقارىء الشعر يعرف تمامًا من (أمجد ونوري).... فكيف استطاعت رولا أن تنسب دراسة عن عظيمين بقصيدة النثر، لقصائد شاعرة مازالت تخطو أولى خطواتها بطريق الشعر وهى أنا؟

واختتمت فاطمة خضر، حديثها ومنشورها قائلة: والفكرة حتمًا ليست محاربة ناجح، الفكرة أن تلك سرقة وليست أى سرقة (حدا جوعان بده رغيف خبز ياكل مثلًا)، وإنما سرقة فكرية علنية... تسبّبت لى بإهانة وتنمر،  وستسبب سخرية من جيل كامل من الشاعرات، لأن أى أحد يمكن أن يسخر من وهمهن بأن الدراسة الواردة بالكتاب عن قصائدهن.

والأمر ذاته أثاره الكاتب التونسى كمال الرياحي، قائلا عبر منشور بصفحته الشخصية بالفيس بوك:

عندما هاتفنى صديق كاتب من مونتريال منذ يومين ليخبرنى مشكورا بالسطو لم أهتم، قلت له انى غارق فى مراجعة مخطوط لا أريد أن أفسد تركيزى بأخبار هؤلاء اللصوص وإن حبرى صار مراقا وكل يوم يسطو عليه شخص، لكنى بعد أن راجعت المقال المزعوم والمنتحل من مقالى وقرأت خبرا عن انتحالها كتابا برمته وجب أن نشهر بهذه الكارثة الباقية والتى تتمدد.

مقالى منشور بالجزيرة نت ومنشور فى كتابى «فن الرواية» منذ 2018 فى طبعة جزائرية وطبعة تونسية والطبعة الثالثة قريبا.

ويؤكد كمال قائلا: لذلك أطلب من موقع قناص هذا حذف مقالها المنتحل فورا ووجب مقاضاتها والتشهير بها فأكيد كل ما نشر تحت اسمها مسروق.

ويختتم الكاتب كامل رياحى بقوله، ما يصيبنا بالقهر انها سرقت مقالا عن صديق فجعنا جميعا بموته المفاجئ ومازلنا موجوعين بفراقه، وشاركت المقال المسروق فى ملف حول الفقيد.

ليست تلك الواقعة هى الأولى ولن تكون الأخيرة فى عالم سرقة الفكر والإبداع، فإلى أى مدى يتمكن قانون الملكية الفكرية من معاقبة هؤلاء العقاب الرادع؟

فى الواقع، هناك قانون يحكم عملية الغش الأدبى، وهو القانون 82 لسنة 2002 المعدل، لكنه يشترط تسجيل وإيداع العمل الإبداعى، ليتم مقاضاة المتجنى أو ناسخ العمل كما يطلق عليه قانونًا، والعقوبات حسب كل حالة، وأولها التجريم الأدبى، كما ينشر حكم السرقة والغش فى الصحف أنه سارق، هذا الجزاء الأدبى، ويختلف الجزاء المالى حسب القضية.

غير أن الأمر يقع تحت طائلة البين بين، فسرقة الأفكار لا تعد سرقة فى حكم القانون.

تعريف التعدى على حق المؤلف فى مصر:

ما تعتبره المحاكم المصرية انتهاكًا لحقوق الملكية:

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: إذا ما غیر أن

إقرأ أيضاً:

تفكيك شبكة إجرامية تمتهن عمليات السرقة بإليزي

تمكنت فرقة مكافحة الجريمة الكبرى بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن إليزي من تفكيك شبكة إجرامية تمتهن عمليات السرقة بإقليم الولاية.

وتم خلال العملية فك ملابسات قضايا السرقة التي طالت مساكن عائلية، مع الإطاحة بشبكة إجرامية تمتهن عمليات السرقة.

وقائع القضية جاءت بناءا على شكوى تقدم بها أحد الضحايا مفادها تعرض مسكنه العائلي إلى عملية السرقة، التي طالت مصوغات من المعدن الأصفر، جهاز كومبيوتر، و2 جهاز تلفاز.

وبالإضافة إلى مركبته الخاصة ودراجة نارية ،مبلغ من المال ، مقيدا شكواه ضد مجهولين.

على الفور باشر عناصر الشرطة عمليات البحث والتحري، التي أفضت عن إسترجاع المسروقات سالفة الذكر.

كما مكنت العملية من ضبط  مبلغ من المال قدر بـ 58 مليون سنيتم، وتوقيف باقي المشتبه فيهم في العملية وتحويلهم إلى مقر الشرطة.

وبإستكمال جميع الإجراءات القانونية تم إنجاز ملف قضائي للمشتبه فيهم عن جنحة السرقة بتوافر ظروف الليل والكسر والتسلق. وكذا جنحة  إخفاء أشياء  مسروقة  متحصل عليها من جنحة  السرقة، إضرام النار عمدا في ممتلكات الغير عدم التبليغ عن جريمة بالرغم من وقوعها ، قدموا بموجبه أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة إليزي، الذي بدوره أحالهم على جلسة المثول الفوري، أين صدر في حقهم أمر إيداع بالحبس.

مقالات مشابهة

  • طوفاننا مستمر وخذلانكم لم ينتهي بغزّة
  • بغداد.. إحباط محاولة انتحار بقنبلة يدوية واعتقال عنصر في الحشد بتهمة السرقة
  • صدور رواية شارميست ضمن أعمال الفائزين بالمسابقة الأدبية بقصور الثقافة
  • «سرقة الذهب من أحمد حاتم قبل بيعه».. ملخص مسلسل عمر أفندي الحلقة 13
  • صدور رواية «شارميست» ضمن أعمال الفائزين بالمسابقة الأدبية بقصور الثقافة
  • تفكيك شبكة إجرامية تمتهن عمليات السرقة بإليزي
  • بريطانيا .. ارتفاع حوادث سرقة الهواتف بأكثر من 150%
  • أحداث الحلقة 13 من مسلسل عمر أفندي.. سرقة الذهب من أحمد حاتم قبل تسديد الدين
  • شجار بسبب فتاة ينتهي بجريمة قتل في آسفي
  • سرقة 200 هاتف يومياً في بريطانيا.. لسبب غريب