يحمل الأسبوع القادم ذكرى تتويج الملك فاروق رسميًا على عرش البلاد، وفى هذا اليوم «29 يوليو1937» أصدرت مجلة «آخر ساعة المصورة» عددًا خاصًا بتلك المناسبة، نشرت فيه من القصص والحكايات ما يوضح للقراء كيف كان جلالته المصرى الأول والوطنى الأول، وأن صاحب السمو مخلص صادق الوعد شديد الوفاء، وأن مصر الفتية الناهضة التى تفخر بماضيها وتنظر بعين الثقة إلى مستقبلها تتمثل فى هذا الملك الشاب.
الأزمة ليست فى «المديح» الذى يبدو مألوفًا لدى البعض، الأزمة فى تلك الجرعات الزائدة من النفاق التى لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق لصناعة وعى زائف يهدم ولا يبنى، وخلق شعور كاذب يؤخر ولا يقدم.
فقد روى عن جلالته أنه أثناء مرور القطار الملكى فى محطة «منيا القمح» فى طريقه إلى بورسعيد، تعلق بالصالون الملكى أربعة «غلمان» يهتفون بحياة «فاروق»، وهمَّوا بدخول الصالون، ودخلوه بالفعل، فأسرع رجال البوليس بطردهم، ولكن جلالته تدخل ومنع ذلك، وربت على أكتاف الفلاحين الصغار و«نفح» كلًا منهم بجنيه.. هل رأيتم كيف كانت ديمقراطية «النفح» الملكية!
وروى عن جلالته أنه «يحذق» كافة أنواع الرياضة من التنس والجولف وركوب الخيل والمبارزة بالشيش والسيف والصيد إلى قيادة السيارات بل وقطارات السكك الحديدية، كما حدث يوم سفر جلالته بقطار «السهم الأزرق» من برن إلى زيورخ، وتولى بنفسه القيادة بمهارة أثارت إعجاب رجال السكك الحديدية السويسرية.. تخيل جلالته قاد القطار بنفسه بمهارة أثارت إعجاب رجال السكك الحديدية السويسرية!
ربما ما جاء فى الفقرات السابقة هين رغم فجاجته، وربما حدث بالفعل، فليس لدينا ما ينفيه أو يكذبه، لتأتى قصة مرضعة الملك، لتصنع الحبكة المضحكة المبكية فى هذا السياق، فقد طالبت المجلة من أحد أصدقائها فى «إستانبول» أن يوافيها بحديث مع مرضعة صاحب الجلالة المحبوب، فركب الصديق الباخرة حتى وصل إلى قرية فى ولاية «بورصة»، حيث تقيم السيدة «عائشة محمد جلشان».
تحدثت المرضعة أن اختيارها جاء بعد قيام الدكتور«محمد شاهين باشا» ومعه عدد كبير من الأطباء بالفحص والتحليل، ثم اختاروا «لبن السيدة عائشة» لأنه خالٍ من الأمراض.
وعن رأيها فى «الطفل فاروق»، أجابت بعد أن لمعت عيناها بالسرور والفخر: «لقد كنت أسعد امرأة فى العالم وأنا أحمله بين ذراعى، لقد كان فى غاية الجمال.. وأقسم إنى لم أر طفلًا فى جماله ولا ظرفه ولطفه»، ثم جاء السؤال المفصلى: وهل كان يبكى؟ فأجابت: كل الأطفال يبكون ولكن جلالته كان يضحك كثيرًا وكانت له ابتسامة مشرقة فاتنة، وعن سؤالها عن صحته وهل كان يمرض كثيرًا؟ فغضبت السيدة «عائشة» لهذا السؤال وقالت: إن الملك فاروق كان فى طفولته فى أحسن صحة وينمو بسرعة..!
وعندما سألها من ذهب إليها أو«هبد هذا الحوار من رأسه»، أن تسمح السيدة «عائشة محمد جلشان» بتصويرها، فاعتذرت لأن التصوير «عيب وحرام»!، ولك أن تتخيل أن كل ما ذكرته السيدة «عائشة» حلال، والصورة طلعت عيب وحرام!!
الجزء الأكثر تشويقًا فى قصص «يوم التتويج»، هو أول امتحان فى اللغة العربية لجلالته فى السادسة من عمره، عندما رأى المغفور له الملك فؤاد تكليف الأستاذ «جوهر بك» مدير التعليم بالأوقاف الملكية فى ذلك الحين، بوضع أول امتحان للأمير الصغير، وعقد الامتحان فى «سراى القبة» صباح يوم الاثنين 9 يونيو، وجاء فى أسئلة «الإنشاء» أيهما تفضل الإقامة فى قصر «عابدين» أم فى قصر«القبة» ولماذا؟ وكانت إجابة جلالته أنه يحب سراى «عابدين» لأنها كبيرة ووسط الناس!
ثم جاءت قطعة «الإملاء» أشد طرافة من أسئلة «الإنشاء»، فكانت عن «الفلاح المصري»، وكان نصها: «يسكن الفلاح المصرى دارًا صغيرًا مبنية باللبن، ويأكل الخبز مع الملح أو الجبن، ويشرب الماء الكدر ويعيش عيشة قليلة الكلفة، لا يئن ولا يشكو ولا ييأس مما يصيبه من الفاقة، بل يقاومها صابرًا على بأسائها حتى يهيئ له الخير»، لتأتى الغاية التى من أجلها تم سرد هذه الرواية، بأن عناية جلالته العالية قد توجهت إلى الاهتمام بالفلاح، فوضعت حكومته السنية بأمره مشروعات لتنقية مياه الشرب وإنشاء مستشفيات متنقلة لعلاج المرضى.
فى النهاية: ما ذكرته ليس حكمًا تاريخيًا على ملك، بل خزانة كل الأمراض والأوبئة والأزمات التى يمكن أن يعانى منها مجتمع من المجتمعات فى الماضى والحاضر والمستقبل.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب الاسبوع القادم الملك فاروق عرش البلاد
إقرأ أيضاً:
إمام مسجد السيدة زينب يتحدث عن سورة النحل وأهم مضامينها
تحدث الدكتور أحمد عصام فرحات، إمام مسجد السيدة زينب، عن سورة النحل، موضحًا أنها سورة مكية باستثناء بعض الآيات المدنية، وتأتي بعد سورة الكهف في ترتيب النزول، وتضم 128 آية تتناول العديد من الموضوعات الجوهرية.
وأشار إلى أنها تُعرف أيضًا باسم "سورة النعم"، لما ورد فيها من تعداد نعم الله على عباده، مثل المطر، الشمس، القمر، النجوم، الأولاد، والزوجة.
إعجاز النحل ودوره في الكونسلط الدكتور فرحات الضوء على ذكر النحل في السورة، حيث جعله الله وسيلة لإنتاج العسل، الذي يُعد غذاءً نافعًا يحمل الشفاء للإنسان، وهو ما يعكس إحدى مظاهر قدرة الله في خلقه.
مناقشة المشركين ودلائل التوحيدوأوضح إمام مسجد السيدة زينب أن السورة تناولت مناقشة المشركين في عقائدهم، حيث بيّنت بطلان عبادة الأصنام، وأظهرت دلائل التوحيد من خلال عرض مظاهر قدرة الله في الكون.
كما تطرقت إلى الحديث عن يوم القيامة، متناولة أهواله الشديدة، وحساب البشر، والثواب والعقاب الذي ينتظرهم.
صفات النبي إبراهيم كما وردت في السورةفي سياق الحلقة، استعرض الدكتور فرحات قول الله تعالى: "شاكِرًا لأنعُمه اجتَباه وهداه إلى صراطٍ مستقيم. وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين. ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين".
وأوضح أن الله سبحانه وتعالى وصف نبيه إبراهيم عليه السلام بصفات عظيمة، حيث ذكره في القرآن بأنه كان "أمة"، وهي كلمة تحمل معاني متعددة، منها الجماعة، كما في قوله تعالى: "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون".
كما تُطلق على الدين والملة، كما في قوله تعالى: "إنا وجدنا آباءنا على أمة".
دعوة للتأمل في نعم الله والتفكر في دلائل التوحيدختم الدكتور فرحات حديثه بالتأكيد على أن سورة النحل ليست مجرد سورة تتحدث عن النحل، بل هي دعوة للتأمل في نعم الله، والتدبر في بديع خلقه، والتفكر في دلائل التوحيد وعظمة الخالق.