اتركي آخر الحسرات على الشُّرفة
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
صدرت لي مؤخرا مجموعة شعرية بعنوان «وجهٌ صغيرٌ يتكدَّس في كل ظهيرة» عن دار الانتشار العربي، بيروت. هذه مختارات من تلك المجموعة.
القصيدةٌ التُرْكِيَّة
الأرضُ قطارٌ يقوده سِكيِّر عجوز
ذاكرة ثكلى
الأرض قريبة مثل النَّهار
العالمُ مستطيلٌ أبيض
أرصفةٌ ترتعش كأسماك الانتحار
نزرع ذكريات في البحر ونُلوِّنها
الليل نَسْحبُه مقطورا على عجلات
العُمْرُ غفوةٌ مخمورةٌ على شعر رأسك الأسود الطويل
وإذ تمطر بغزارة
أتعكَّز بمظلَّتي.
القصيدة النيوزيلنديَّة
أخذني بركانٌ يبحث عن ضرير
أُسرِفُ على نفسي في الليل
وتُسرِفُ عيناك على النَّار
تتذكَّرين القطار بين الجبال
وأتذكر الليمون
عيونا ترعش
وأفارقكِ كما الزَّبد
أو مثل شظايا تلتئم في الصَّمت
في سحابة بعيدة
في المَخْدَع
في نيوزيلندا.
قيامة
قطةٌ تموء في مخزن بيت العائلة
كسرة خبز تتحشرج
حَدَقَةٌ فارغةٌ من المِلح والحليب
المشهد الافتتاحي من «القربان»
لا يستطيع الشِّعر أن يبدأ.
عُمْر (1)
لم تكن العشرينيَّات موعد الحب
وليست الخمسينيَّات ميقات الموت
غدا لن يحدث شيء
غير منديل في الرِّيح
ودوران الكاميرا أمام جرحٍ طفيف
في حُلمٍ طفيفٍ
عن حياةٍ أكثرَ خِفَّة من أفلام تاركوفسكي.
نصف سماء
لم يَقُلْهُ البحر هو اللَّدِنُ في الأجراس
مَقعدان مهجوران على الشَّاطئ في الحِلكة
ثمَّة ما بين موجتين قنِّينةُ نبيذ نصف صامتة
وبين كل موجة وحنين نصف سماء.
بريق
قنِّينة محكمة الإغلاق بالتَّعاويذ
لا ماء فيها ولا رسالة
في عرض الملكوت
يتشبَّث بها أنبياء وقواقع
في آخر الاحتضار.
شمال/ جنوب/ شرق/ غرب
الشخص المحفوف بخرائط الدُّنيا كلّها
وصل إلى الموت أخيرا
أغنية في بوصلة.
شمبانيا
قنِّينةٌ فاخرةٌ في أسوأ الأزل
(حوالي الرَّابعة عصرا)
امرأةٌ قديمةٌ تروي لك بعض النُّكت المُضْجِرَة
تَضْحَكُ بطريقةٍ قديمةٍ كذلك
تقول لك إنها تفتقدك كثيرا
تقول لها إنك تفتقدها كثيرا أيضا
على عتبات السُّلّم الذي صمَّمه أسوأ مهندس في العالم
تتدافع الذِّكريات الأكثر حَرَجَا على الأرض
في طريقكما إلى الهواء خارج الحانة وفوقَ البلاد
تعثَّرت خطواتكما
احتضنتما بعضكما البعض من باب الارتباك وقوانين الجاذبيَّة
وخشية الإصابة بِكَسْرٍ آخر
في الفؤاد الاحتياطي
تبتسمان للفراغ
ينبثق من أذرعكما المعطوبة.
ليس في فيلمٍ لِبَارادجانوف
البارحة
مررتُ بشجرة «الشِّريش» التي كانت تبكي كلما رأتنا
نهدا يَرضعه السَّراب
حين في الأوج يعود السَّديم إلى حنجرة الأرض
وترجع الأرض إلى اليوم الأول
يجيء العصفور الضَّال
ويطير الشَّمال
يا مقلة الزُّجاج
إذ أحبُّك
الباقي لن يعرفه أحد
ولا مكان لنا في الموسيقى.
صبيحة
ريح قويَّة كأنها يوم الثلاثاء
يتكاثر الأطفال والأموات والسِّنين في يوم الثلاثاء.
هُبَلْ
فلتجمعوا له الهدايا والهديل
فلتجلبوا له وسائد السُّندس والحرير
فلتحضروا فيلا، وحوتا، وإثما، وطيرا أبابيل
ورمُحا من مخلَّفات روما
فلتضعوا بين يديه المؤمِنتين القتلَ وكتابا يقرأه الحكماء والسَّابلة
فلتطعموه الشَّحم والمراثي
ولتقولوا له:
ها قد وصل عبدالله أخيرا
أو قولوا له:
ها قد مات عبدالله أخيرا.
حشرجة (2)
كل هذا الليل
يتيمان يتعانقان باكيين في الصَّحراء
ثمَّة غبار في القمر
صخرة في الشَّرخ
حين تدوس الهواء السَّنابك
وحانة لا يقهقه فيها أحد.
خوف
لؤلؤة في الصدى
ولا صوت
إذ البخور يتضوّع من أعشابك
الشَّرشفُ من طبائع الوَسَن
والأرق مكابدات الحرائق
تفَّاحة في الحرف.
نيلغون مَرْمَرَة
لا تندمي على جراحٍ ترفرفُ في السَّماء
لا تترددي
اتركي آخر الحسرات على الشُّرفة
وطِيري
(وا أسفاه، أسكنُ في الدور العاشر، وأنت اكتفيت بالخامس).
بعد خمسين سنة
سأجد أشعارك وأطيارك في مكتبةٍ مُهمَلةٍ
حين قرية صغيرة
تناحر عليها الأتراك واليونانيُّون ثمانية قرون .
الفيلم الوداعي لأندريه تاركوفسكي.
»أستيقظُ مع الكلمات الوقحة
أيَّتها الكرة الأرضيَّة التي من خطوتين
لقد رأيت جميع حدائقك الخلفيَّة» (نيلغون مَرْمَرَة، ترجم القصيدة عن الأصل التُّركي ملاك دينيز أوزدمير وأحمد زكريا).
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: "طمعنجى بناله بيت فلسنجى سكن له فيه"
ما نطالعه فى صفحات الحوادث وما نسمعه ونراه فى الشاشات حينما تقع الواقعة ويظهر أحد ( النصابين ) الذى أتم عمله بصوره جيده وإستطاع أن يسلب أموال بعض الناس تحت شعار دينى أو شعار أقتصادى ومايتم من تحقيقات وملاحقات بوليسية وقضائية للسالب لحقوق هؤلاء الناس شيء لايمكن حدوثه في مجتمعات أخرى نطلق عليها مجتمعات متعلمة أو مجتمعات فاهمة وهذا التشبيه ليس مطلق ولكنه قريب جدًا لمثل شعبى قال
( طمعنجى بنى له بيت فلسنجى سكن له فيه ) أى أن الطمع يقل ماجمع !! وهذه حقيقة فمن غير المعقول أن نرى "تحويشة عمر" أسره مصريه وهذه "التحويشة" تصل فى بعض الأحيان إلى عده ملايين أو مئات الآلوف من الجنيهات قد أودعتها تلك الفئة لدى شخص تحت دعوى أنه يقوم بتوظيفها ويعطى عائد أكثر مما يحصل علية فى البنوك العامة أو الخاصة وأكتر مما يعقل أن تصدقه بأن هناك تجاره أو صناعة تكسب فوق العشرين فى المائه إلا ربما تكون هذه التجارة شيء خارج عن القانون وعن العرف !!
وبالتالى فضياع تحويشة العمر قصة طويلة مع المصريين منذ السبعينيات وشركات توظيف الأموال وإشتراك كل العناصر الجاذبة لهذه الظاهرة فى نجاحها بالحصول على أموال المصريين وخاصة العاملين منهم فى الخارج والشيء اللافت للنظر أن اغلب هؤلاء المودعين كانوا من أساتذة الجامعات والموظفون الكبار المعارين فى الخارج هذا بخلاف المواطنين المصرين المدخرين فى الوطن تحويشة العمر !!
ويساعد على ازدهار نشاط توظيف الأموال بعض المسئولين ورؤساء بعض الهيئات والذين إنتشرت صورهم مع أصحاب ( اللحى ) رؤساء شركات التوظيف ولا أعلم ماهى علاقة " اللحية " بسرقة أموال الناس !!
ومازالت حتى اليوم تفعل ( اللحيه ) فعل السحر لدى بعض أفراد شعب مصر..حيث تبث فيهم الطمأنينة حتى تنهب أموالهم وتضيع تحويشة العمر !!
وشعب مصر الطيب ينسى بسرعه فرغم كل مانشر على جميع وسائل الأعلام وما تم تصويره من مأسى المودعين فى تلك الشركات وضياع أموالهم وقيام جهاز المدعى الاشتراكى برد جزء مما تركوه بعد هروبهم أو بعد موتهم
( أصحاب تلك الشركات ) إلي ورثة المودعين !!
الا أن هذة الفئه من شعب مصر لم تتعلم وينسى كثيرين هذة الألاعيب الإجرامية فى النصب ومازالوا يتورطون مع حوادث جديدة هى صوره طبق الأصل مما كان يحدث فى السبعينيات والثمانينات والمهم أن صراخ هؤلاء الناس يوجه إلي الحكومة فالحكومة واجبها حماية الشعب من النصب والإحتيال ولكن ماذا تفعل الحكومه وعمليات التوظيف وعمليات الإيداع تتم سرًا وللآسف الشديد أن الصراخ يأتى بعد ( فوات الأوان ) وهروب
( النصاب بحمله ) أو بأموالهم وتحويشة العمر فى مصر مهدده ما دام أن هناك أمية وجهل وكذلك طمع وجشع !!
أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد
[email protected]