لجريدة عمان:
2024-09-07@03:37:23 GMT

نباتات كريهة ترفضها التربة العُمانية

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

ليس من اليسير علينا تصديق ما حدث، فالنفس السوية ترفضُ قتل العُزل وإيقاع الضرر بهم، لاسيما وهم يُمارسون طقوس عباداتهم المعتادة، فأكثر الصور بشاعة في عالمنا العربي أن يُقتل باسم الله، من يعكفون على ذكر الله في خشوع صلواتهم، إذ يتجلى التناقض في أكثر انعكاساته قتامة، عندما يتملك التطرف أحدهم فيجعله يرى الشر متجسدا في الآخر لدرجة أنّه يرغب في فنائه!

لكن ورغم فداحة حادثة «الوادي الكبير» وقسوتها وما أججته فينا من مخاوف من شيء طارئ على نسيج المجتمع العُماني، ومن إثمٍ غير مفهوم حتى اللحظة، وغير مُدرك على الوجه الأمثل، فإنّ هذه الحادثة ينبغي أن تُرى أيضا في السياق العربي المُلتهب بالأحداث المُتسارعة، أن تُرى ضمن سيناريوهات الغلو المتفاقمة التي تحرض وتدين باسم الدين، الذي يتم استغلاله لتمرير ما يشاؤون من مقاصد أخرى، لا أن تُرى مجتزأة من هذا الكل.

ففي البرهة الراهنة ينبغي أن تستوعب الحادثة كحالة شاذة عن المألوف، لا كنقطة تحول لا رجعة عنها.

فلا أحد يحتكر التطرف كما أنّ أحدهم أيضا لا يمكن أن يحتكر النزعة الإنسانية كما قال أمين معلوف، ولذا علينا أن نتسامح ولو قليلا مع فكرة أننا لسنا مجتمعا أفلاطونيا مثاليا من جهة، ومن جهة أخرى علينا أن نرفض أيضا الصورة المشوهة التي يُراد الزج بنا إليها، فموقف عُمان الجاد والرصين من القضايا العربية يجعلها عرضة لمحاولات تشويه مستمرة من هذا النوع.

من الصعب التحدث الآن قبل أن تظهر ملابسات الموضوع بجلاء، إلا أنّ الناظر في دروس التاريخ يُبصر أنّ العنف وإن تجلى في صور عدّة، فأغلبها تدور في مطاحن الفتن القبلية، وقلّما تجسد الأمر بالمعنى الطائفي المتعنت.

ولعلنا نجد في حكمة نيتشه مخرجا من هذا النفق المظلم الذي نعبر فيه الآن وذلك عندما قال: «من يُنازع وحوشا يجب أن ينتبه جيدا ألا يتحوّل إلى وحش، فحين تطيل النظر إلى الهاوية، تنظر الهاوية أيضا إليك وتنفذ فيك». ولذا وفي ظرف بالغ الحساسية كهذا، ينبغي ألا نسمح لأحد أن يُفتت الجذر الذي يربطنا جميعا في عُمان على اختلاف مذاهبنا، باعتباره الأقوى والأكثر أصالة ورسوخا.

لكن كل هذا الالتفاف والتضامن لا يمنع بالتأكيد وفي مرحلة لاحقة أهمية مراجعة الأسباب التي أودت بثلاثة إخوة لرغبة من هذا النوع، أن نبحث في الثقوب التي تسرب منها الوهم، والمخيلة التي غذته، والأيدي والألسن التي انغمست فيه، إذ إنّ الحادثة لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض والتناقض!

فلتبقى الحرية مُصانة في حيزها الآمن، «فالحرية تجعل الإنسان جديرا بإنسانيّته» كما يقول نجيب محفوظ، ولننظر للشباب وتطلعاتهم ورؤاهم بمنظور منفتح. كل هذا جوار صمامات الأمان الأولى التي يحرسها البيت والمدرسة والمسجد.

وبعين فاحصة ينبغي التأكد من مصدر الأفكار الضالة، كيف نبتت وتبرعمت وتقوت في أرض ترفضها كما قال من قبل السلطان قابوس -طيب الله ثراه-: «نباتات كريهة سامّة ترفضها التربة العُمانية الطيبة التي لا تنبتُ إلا طيبا ولا تقبل أبدا أن تُلقى فيها بذور الفرقة والشقاق».

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من هذا

إقرأ أيضاً:

ما ترميش بلاك علينا!!

«ما ترميش بلاك علينا» وحاول أن تكون شجاعًا واعترف بنقصك وعدم قدرتك على الإدارة، فلا تكون كالناظر إلى السقف وتقول كلامًا لا معنى له، وتبحث باستمرار على تحميل غيرك كل الأخطاء التى وقعت فيها، فتقول حاولنا ولكن الوقت لم يسعفنا، فأنا والمجلس الذى جاء معى كانت مدتنا نصف مدة، لا.. إن حضرتك والذين جاءوا معك تعلمون جيدًا أن المدة فى عضوية مجلس الإدارة سنتان وليس أربع سنوات، يا رجل يكفينا هذه المدة، وكثير من الناس لسان حالها يقول الحمد لله أنكم لم تستمروا بعد كل هذا الفشل والفضائح، إننى يا رجل أشفق عليك، فأنت رجل طيب أحضروك لتقوم بدور «الكَحول» لا أكثر، فلماذا هذا الضجيج؟ امضِ فى هدوء ولا تقل إن الذنب ليس ذنبك أو ذنب مجلسك، وإنك كنت تحارب من أجل إعلاء شأن المنظومة، فهذا لو حقيقى لماذا سكت عنه طوال هذه المدة حتى فشلت المنظومة من حكام ومسابقات وإدارة، بصراحة كلام غير مقبول، كل الناس شاهدت الفشل بعينها، ويقولون «خيبة الأمل راكبة جمل» بعد أن أصبحنا مسخرة العالم، فلا تحاول رمى أخطائك على غيرك، وأنا لا أحملك أى شىء حتى لو كان لديك زملاؤك مرتكبو الخطأ؟؟، لأننى مؤمن أن «من أمن العقاب أساء العمل».

لم نقصد أحدًا!!    

مقالات مشابهة

  • هبوط اضطراري لطائرة أمريكية بسبب رائحة كريهة
  • هبوط اضطراري لطائرة أمريكية بسبب رائحة كريهة.. ماذا حدث؟
  • البدوي: وقعنا أيضاً مذكرات تفاهم في مجال التعدين لاستخلاص المعادن النفيسة عبر شراكات استراتيجية مع مؤسسات صينية
  • ما ترميش بلاك علينا!!
  • الجمعية الفلكية العُمانية: احتراق الكويكب (2024 RW1) قبل اصطدامه بالأرض
  • الفريق كوز كما ينبغي!!
  • الفريق كوز كما ينبغي !!
  • نقابة الصَّحفيين السُّودانيين تنعي المصور التلفزيوني حاتم مأمون الذي مات متأثراً بإصابته في حادث المسيرة التي استهدفت منطقة “جبيت” العسكرية
  • الدرك يوقع بأحد أبطال واقعة إطلاق النار التي هزت إقليم شفشاون
  • تكريم كفاءات عُمانية في مجال الخدمة المدنية والتنمية الإدارية