لجريدة عمان:
2024-11-23@19:33:25 GMT

نباتات كريهة ترفضها التربة العُمانية

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

ليس من اليسير علينا تصديق ما حدث، فالنفس السوية ترفضُ قتل العُزل وإيقاع الضرر بهم، لاسيما وهم يُمارسون طقوس عباداتهم المعتادة، فأكثر الصور بشاعة في عالمنا العربي أن يُقتل باسم الله، من يعكفون على ذكر الله في خشوع صلواتهم، إذ يتجلى التناقض في أكثر انعكاساته قتامة، عندما يتملك التطرف أحدهم فيجعله يرى الشر متجسدا في الآخر لدرجة أنّه يرغب في فنائه!

لكن ورغم فداحة حادثة «الوادي الكبير» وقسوتها وما أججته فينا من مخاوف من شيء طارئ على نسيج المجتمع العُماني، ومن إثمٍ غير مفهوم حتى اللحظة، وغير مُدرك على الوجه الأمثل، فإنّ هذه الحادثة ينبغي أن تُرى أيضا في السياق العربي المُلتهب بالأحداث المُتسارعة، أن تُرى ضمن سيناريوهات الغلو المتفاقمة التي تحرض وتدين باسم الدين، الذي يتم استغلاله لتمرير ما يشاؤون من مقاصد أخرى، لا أن تُرى مجتزأة من هذا الكل.

ففي البرهة الراهنة ينبغي أن تستوعب الحادثة كحالة شاذة عن المألوف، لا كنقطة تحول لا رجعة عنها.

فلا أحد يحتكر التطرف كما أنّ أحدهم أيضا لا يمكن أن يحتكر النزعة الإنسانية كما قال أمين معلوف، ولذا علينا أن نتسامح ولو قليلا مع فكرة أننا لسنا مجتمعا أفلاطونيا مثاليا من جهة، ومن جهة أخرى علينا أن نرفض أيضا الصورة المشوهة التي يُراد الزج بنا إليها، فموقف عُمان الجاد والرصين من القضايا العربية يجعلها عرضة لمحاولات تشويه مستمرة من هذا النوع.

من الصعب التحدث الآن قبل أن تظهر ملابسات الموضوع بجلاء، إلا أنّ الناظر في دروس التاريخ يُبصر أنّ العنف وإن تجلى في صور عدّة، فأغلبها تدور في مطاحن الفتن القبلية، وقلّما تجسد الأمر بالمعنى الطائفي المتعنت.

ولعلنا نجد في حكمة نيتشه مخرجا من هذا النفق المظلم الذي نعبر فيه الآن وذلك عندما قال: «من يُنازع وحوشا يجب أن ينتبه جيدا ألا يتحوّل إلى وحش، فحين تطيل النظر إلى الهاوية، تنظر الهاوية أيضا إليك وتنفذ فيك». ولذا وفي ظرف بالغ الحساسية كهذا، ينبغي ألا نسمح لأحد أن يُفتت الجذر الذي يربطنا جميعا في عُمان على اختلاف مذاهبنا، باعتباره الأقوى والأكثر أصالة ورسوخا.

لكن كل هذا الالتفاف والتضامن لا يمنع بالتأكيد وفي مرحلة لاحقة أهمية مراجعة الأسباب التي أودت بثلاثة إخوة لرغبة من هذا النوع، أن نبحث في الثقوب التي تسرب منها الوهم، والمخيلة التي غذته، والأيدي والألسن التي انغمست فيه، إذ إنّ الحادثة لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض والتناقض!

فلتبقى الحرية مُصانة في حيزها الآمن، «فالحرية تجعل الإنسان جديرا بإنسانيّته» كما يقول نجيب محفوظ، ولننظر للشباب وتطلعاتهم ورؤاهم بمنظور منفتح. كل هذا جوار صمامات الأمان الأولى التي يحرسها البيت والمدرسة والمسجد.

وبعين فاحصة ينبغي التأكد من مصدر الأفكار الضالة، كيف نبتت وتبرعمت وتقوت في أرض ترفضها كما قال من قبل السلطان قابوس -طيب الله ثراه-: «نباتات كريهة سامّة ترفضها التربة العُمانية الطيبة التي لا تنبتُ إلا طيبا ولا تقبل أبدا أن تُلقى فيها بذور الفرقة والشقاق».

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من هذا

إقرأ أيضاً:

هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا

أعلنت هولندا أنها ستلتزم بقرارات المحكمة الجنائية الدولية بشأن مذكرتي اعتقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزيره السابق، يؤاف غالانت.

وقال كاسبر فيلدكامب وزير الخارجية الهولندي، إن بلاده تحترم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، متعهدا باعتقاله إذا وصل للأراضي الهولندية.

من جهتها، أعلنت مدينة ديربورن الأمريكية أنها ستعتقل نتنياهو وغالانت إذا دخلا إلى حدود مدينة ديربورن بولاية ميشيغان.


ودعا عبدالله حمود، عضو مجلس نواب مدينة ميشيغان في تصريح له، "المدن الأخرى أن تعلن نفس الشيء". مضيفا عبر أكس: "قد لا يتخذ رئيسنا أي إجراء، لكن قادة المدن يمكنها ضمان عدم السماح لنتنياهو وغيره من مجرمي الحرب بالسفر بحرية عبر هذه الولايات المتحدة".

Dearborn will arrest Netanyahu & Gallant if they step within Dearborn city limits.

Others cities should declare the same. Our president may not take action, but city leaders can ensure Netanyahu & other war criminals are not welcome to travel freely across these United States. pic.twitter.com/eHS8oSMuqt — Abdullah H. Hammoud (@AHammoudMI) November 21, 2024
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو ووزير الحرب المقال يوآف غالانت بخصوص جرائم حرب مزعومة في غزة.

ونتنياهو وغالانت متهمان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على الأقل حتى 20 آيار/ مايو 2024 على الأقل، وهو اليوم الذي قدمت فيه النيابة العامة طلبات إصدار مذكرات الاعتقال.

وذكر بيان المحكمة الجنائية الدولية أن "هناك أسبابا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم حرب وأشرفا على هجمات على السكان المدنيين".

وأوضح: "جرائم الحرب المزعومة تشمل القتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية"، وأضاف: "قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري. الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصب في مصلحة الضحايا".

مقالات مشابهة

  • كأس السياحة العُمانية
  • كلما كان الشتاءُ دافئًا.. كانت كمية تخزين السهول المرتفعة للكربون أقل
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • لماذا سميت سورة الإخلاص بالمقشقشة؟.. 3 أسباب ينبغي أن تعرفها
  • ترسيم الحدود البريّة هدفٌ للوساطة الأميركية أيضاً: فماذا عن الملفّ؟
  • «التين الإماراتي».. شغف الزراعة المستدامة
  • "شخصية كريهة لكنها جذابة".. محمد عبده يكشف للفجر الفني كواليس مسلسل "رقم سري" (خاص)
  • هولندا تؤكد استعدادها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • خطط الزراعة لدعم مزارعي المحاصيل الشتوية الاستراتيجية
  • هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا