هذا هو خطأ كراود سترايك الذي أوقف العالم عن الدوران
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
تتصاعد المخاوف من الاعتماد المبالغ فيه على الأجهزة التقنية كلما ظهرت تقنية جديدة، وتتناسب نسبة هذه المخاوف مع مدى الاتكال على التقنية الجديدة، إذ يتبادر سؤال أوحد دائما: ماذا يحدث إن تعطلت الأجهزة التقنية التي نعتاد عليها؟ وفي العادة كانت تأتي الإجابة بأن مدى التطور التقني أوصل المعدات الأساسية في حياتنا اليومية إلى درجة من الاعتمادية يصعب أن تتعطل عندها، لكن في ثانية واحدة، تمكنت شركة "كراود سترايك" (CrowdStrike)، ذائعة الصيت في مجال الأمن السيبراني، من تنفيذ كل سيناريوهات النهاية التي تتبنى توقف الأجهزة التقنية مرة واحدة، ومعها تتوقف كافة جوانب الحياة اليومية.
في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، غزت شاشة الموت الزرقاء (BSOD) جميع أجهزة "ويندوز" التي تعتمد على تقنيات "كراود سترايك" لتأمينها، وبفضل الانتشار الواسع لأجهزة "ويندوز" في العديد من الهيئات الحكومية الحيوية في مختلف دول العالم توسعت رقعة الكارثة لتشمل العديد من دول العالم الأول، التي تعتمد على الحواسيب بشكل رئيسي.
الجاني المفاجئمع تصاعد الأزمة توجهت أنظار مجتمع الأمن السيبراني إلى المجرم المعتاد، عصابات القراصنة الرقميين الذين يحاولون استهداف الشركة الأميركية الضخمة، وجاءت المفاجأة أن الجاني هو أحد موظفي "كراود سترايك" الجدد، إذ أرسل هذا الموظف تحديثا معطوبا إلى إحدى الخدمات المدفوعة التي تقدمها الشركة وهي خدمة "فالكون غو" (Falcon GO)، التي تعمل على تثبيت تطبيق صغير الحجم يتصل بقاعدة بيانات الشركة، وبالتالي لم تتأثر الحواسيب غير المشتركة في هذه الخدمة بالأزمة.
وبشكل سريع بعد انتشار الأزمة أصدرت "مايكروسوفت" بيانا تبرئ فيه أنظمتها من العطل، ملقية اللوم بأكمله على "كراود سترايك" التي حاول مهندسوها أن يجدوا حلولا مبتكرة لا تحتاج وقتا كثيرا في التطبيق، لذا عرضوا المساعدة مباشرة على جميع المتضررين عبر حساب الشركة الرسمي في موقع "ريديت".
لحسن الحظ لم تستمر الأزمة لفترة طويلة، إذ خرج المدير التنفيذي للشركة جورج كورتز في بيان رسمي حول سبب الأزمة، ليؤكد أنها لم تتعرض لأي هجوم سيبراني أو تخريبي من أي نوع، وألقى اللوم على عطل في آخر تحديث تم إرساله لأنظمة "ويندوز"، لذا اقتصرت المشكلة فقط على الحواسيب التي تستخدم "ويندوز"، وكانت أجهزة "ماك" و"لينكس" آمنة منه.
من سوء حظ "كراود سترايك" أن خدمة "أزور" للتخزين السحابي التابعة لشركة "مايكروسوفت" كانت تعاني من عطل منفصل غير مرتبط بعطل "كراود سترايك"، ولكن بالطبع أُلقي اللوم بأكمله على "كراود سترايك"، وهو الأمر الذي كان له أثر سلبي على أسهم الشركة وقيمتها.
آثار فورية
وفق تقرير نشرته "سي إن بي سي"، فإن أسهم "كراود سترايك" انخفضت بمعدل 14% بعد انتشار الأزمة، وذلك على الرغم من الانتعاشة التي عاشتها في الشهور الماضية، إذ ارتفعت أسهمها بقيمة 112% مقارنة بالعام الأسبق.
تمتاز أنظمة "كراود سترايك" بمستوى التأمين المرتفع الذي توفره للحواسيب والنقاط النهائية في شبكات الاتصال، وهو ما يضمن حماية الشبكة بأكملها من الاختراق عبر أي نقطة متصلة بها، لذا فإن الشركة كانت تحظى بتقييم مرتفع مقارنة بمثيلاتها.
دور أنظمة "كراود سترايك" هو حماية الحواسيب، أو ما يُعرف باسم نقاط النهاية في الشبكات من الهجمات السيبرانية، وذلك عبر تثبيت برمجية صغيرة تدعى "فالكون غو" لا يزيد حجمها عن 5 ميغابايت، وتقوم هذه البرمجية بفحص الحاسوب ضد الفيروسات والمخاطر السيبرانية الأخرى بشكل دوري، وذلك عبر الاتصال بالأنظمة السحابية للشركة وفحص الملفات ضد جميع أنواع الهجمات السيبرانية، سواء كانت ثغرات أمنية مكتشفة حديثا أو ثغرات اليوم صفر، وتصل تكلفة الخدمة إلى 60 دولارا على الجهاز الواحد لمدة عام كامل.
أزمة "كراود سترايك" مهّدت الطريق أمام منافسيها للانتعاش بشكل كبير، إذ شهدت أسهم شركة "بالو التو" (Palo Alto) المنافسة ارتفاعا بمقدار 1.3% على غرار "فورتينت" (Fortinet)، فضلا عن "كلاود فلير" الشهيرة التي شهدت انتعاشا بمقدار 1%.
ستضطر الشركات المتضررة لتعويض عملائها وستطالب هذه الشركات "كراود سترايك" بتعويضها (شترستوك) شبكة عملاء متنوعةتحظى "كراود سترايك" بعدد كبير من كبار العملاء حول العالم، بدءا من المطارات الدولية في مختلف دول العالم حتى شركات البرمجيات والأنظمة المالية، وبعض المستشفيات والهيئات الحكومية.
كانت المطارات هي أول من تأثر بهذه الأزمة، إذ تعطلت أنظمة مراقبة الطائرات وتنظيمها، وبالتالي تم منع العديد من الرحلات من الإقلاع إلى أي مكان في العالم، كون الأزمة تعوق مراقبة مسارات الطيران الجوية، فضلا عن تعطل أنظمة شركات الطيران التي كانت تتضمن حجز التذاكر وتوزيعها.
ثم انتقلت الأزمة إلى بعض شركات القطارات، ومن ضمنها شركة قطارات بريطانية أنبأت عملاءها بتوقع تأجيلات وتأخر في مواعيد الوصول، وفي ألاسكا تعطلت خدمة 911 للطوارئ، تزامنا مع بداية الأزمة، فضلا عن المستشفيات التي توقفت أنظمتها عن العمل بشكل مفاجئ، مما هدد سلامة المرضى المعتمدين على أنظمة المستشفى لتسجيل الأدوية الخاصة بهم ومتابعة حالاتهم، وكذلك الحال مع شبكة "سكاي نيوز" التي توقفت عن البث لعدة ساعات.
تأثرت أيضا بعض أنظمة المدفوعات والرواتب في مختلف بقاع العالم بهذه الأزمة، إذ فقدت الشركات القدرة على الوصول إلى حساباتها، وذلك وفق تصريح ميلاني بيتزي رئيسة الرابطة العالمية لكشوف الرواتب في حديثها مع "بي بي سي".
بالطبع تعطل هذه الخدمات هو المرحلة الأولى من المشكلة، إذ ستضطر جميع الشركات المتضررة إلى تعويض عملائها بشكل يتناسب مع خسائرهم للحفاظ عليهم، وسوف تتجه هذه الشركات إلى "كراود سترايك" لتعويضها عن هذه الأضرار أيضا.
درس للمستقبل
حدثت الأزمة هذه المرة بسبب خطأ بريء من أحد أعضاء فريق "كراود سترايك"، لكن هذا لا يعني أنها لا يمكن أن تحدث بفعل فاعل لأسباب خاطئة، إذ إن إمكانية حدوث هذا الضرر ستكون مغرية لبعض عصابات القراصنة العالميين لمهاجمة "كراود سترايك".
وتشير هذه الأزمة إلى مقدار الاتكال على التقنيات الحديثة والاعتماد على تقنية واحدة بمفردها، الذي يتسبب فيما يُعرف باسم نقطة الفشل الوحيدة (Single Point Failure)، إذ تسبب خدمة واحدة في تعطل السلسلة التقنية بأكملها، وهو الأمر الذي يجب على الهيئات والشركات العالمية تجنبه على الأقل في الأماكن الحيوية، إذ لا يمكن أن يكون نظام شركات الطيران معتمدا على أجهزة "ويندوز" فقط، ويجب أن يكون هناك نظام بديل يتدخل في حالة حدوث أزمات مماثلة، فضلا عن وجود أنظمة أمنية مساعدة تعمل إلى جوار برمجيات "كراود سترايك"، كما يجب على الأخيرة أن تغير طريقة إرسالها التحديثات المباشرة لخدماتها، خاصة تلك التي تُستخدم في مناطق حساسة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کراود سترایک فضلا عن
إقرأ أيضاً:
287 مليون ريال عُماني استثمارات الشركة العُمانية للنطاق العريض
مسقط - العُمانية
تجاوز إجماليُّ عدد الوحدات المغطّاة بشبكة الألياف البصرية من الشركة العُمانية للنطاق العريض بنهاية أكتوبر 2024م نحو 886.5 ألف وحدة منها 422.1 ألف وحدة في محافظة مسقط و464.4 ألف وحدة في باقي محافظات سلطنة عُمان، وعدد المشتركين بلغ 302.2 ألف مشترك.
ووضّح المهندس سلطان بن أحمد الوهيبي الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للنطاق العريض أنه من المتوقع أن تغطي الشركة خلال السنوات الثلاث المقبلة أكثر من 97 بالمائة في محافظة مسقط، ونحو 50 بالمائة خارج محافظة مسقط من إجمالي الوحدات في سلطنة عُمان، وتعمل الشركة حاليًّا على خطة طموحة تهدف لتغطية مليون وحدة سكنية بشبكة الألياف البصرية خلال تلك السنوات.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن خطة الشركة تتضمن تعزيز الاستثمار في البنية الأساسية وتوسيع الشراكات مع مختلف الجهات المعنية، مشيرًا إلى أن استثمارات الشركة والأصول المنقولة تجاوزت نحو 287 مليون ريال عُماني منذ إنشائها في عام 2014م.
وأضاف أن عدد مشتركي شبكة الألياف البصرية تجاوز حاجز 300 ألف مشترك، ما يمثل خطوة كبيرة لتعزيز البنية الأساسية الرقمية لسلطنة عُمان والإسهام بشكل مباشر في دعم التحول الرقمي ووصول سلطنة عُمان إلى مراكز متقدمة في مؤشر البنية الأساسية للاتصالات ودعم مبادرات وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة تنظيم الاتصالات في البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة عبر الشراكات الاستراتيجية المختلفة.
وأكد على أن الشركة العُمانية للنطاق العريض نجحت في تحقيق نسبة تعمين بلغت 99.5 بالمائة من إجمالي موظفيها، ليبلغ عدد الموظفين العُمانيين فيها 190 موظفًا، وتعمل على تعزيز مشاركة العُمانيين في المشروعات التنموية من خلال التوظيف غير المباشر، حيث بلغ عدد الموظفين العُمانيين العاملين مباشرة في مشروعات الشبكات والوصلة الأخيرة مع المقاولين 281 موظفًا.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للنطاق العريض إن الشركة تواصل جهودها في إتاحة فرص تشغيلية لأكثر من 60 من رواد العمل الحر بالإضافة إلى 694 شركة صغيرة ومتوسطة تعمل لدى النطاق العريض بشكل مباشر أو غير مباشر؛ ما يؤكد على التزام الشركة بتقديم حلول فعالة في مجال التوظيف ورفد سوق العمل المحلي بالكفاءات العُمانية المؤهلة.
وأشار إلى أن الشركة العُمانية للنطاق العريض تخطط طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام لتعزيز قدراتها الاستثمارية وتوسيع بنيتها الأساسية لتلبية الطلب المتزايد على خدمات النطاق العريض في سلطنة عُمان وتأمين سيولة مالية إضافية تدعمها في مشروعات التوسع والتطوير.
ووضح المهندس سلطان الوهيبي أن الشركة تمتلك حاليًّا نحو 50 اتفاقية شراكة وبرامج تعاون مع جهات عدة تشمل القطاعين الحكومي والخاص والمطورين وقطاعي النفط والغاز وشركات خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي.
وعن أبرز المشروعات الحالية التي تنفذها الشركة العُمانية للنطاق العريض، أشار إلى أن الشركة تعمل على مشروع "مدينة السُّلطان هيثم" الذي وصل إلى مراحل متقدمة مع اعتماد التصميم بالكامل لإمداد المدينة بشبكة الألياف البصرية، وتعمل الآن على تنفيذ المرحلة الأولى تستهدف فيها تغطية ما يزيد على 10 آلاف وحدة سكنية بالإضافة إلى مشروع "مدينة صحار الذكية"، الذي لا يزال في مرحلة التصميم، وتخطط الشركة لتطبيق بنية أساسية موحّدة للمرافق إلى جانب العمل على مشروع "الخوير داون تاون".
وأكد على أن هذه المشروعات تمثل جزءًا من التزام الشركة بتوفير شبكة الألياف البصرية إلى مختلف محافظات سلطنة عُمان وتفتح هذه الشراكات آفاقًا جديدة لربط المشروعات بشبكة الألياف البصرية الخاصة بالشركة؛ ما يعزز قدرتها على دعم التطور التكنولوجي والاقتصادي في مختلف المدن والمجتمعات في سلطنة عُمان.
وعن القيمة المحلية المضافة، وضح الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للنطاق العريض أن الشركة تعمل على تعزيز نمو القيمة المحلية المضافة والمبادرات التي تدعمها؛ حيث قامت بتأهيل مجموعة من الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوفير أعمال مباشرة أو غير مباشرة لما يقارب 1194 شركة محلية وتدريب وتأهيل 562 باحثًا عن عمل و115 طالبًا جامعيًّا في شتى مجالات التدريب، كما أسهمت في دعم القيمة المحلية المضافة في مجالات متعددة من خلال توفير شبكات النطاق العريض ليبلغ عدد المستفيدين من خدمة الألياف البصرية أكثر من 300 ألف مواطن و24 ألف شركة، وتغطية ما يقارب 600 قرية ريفية بشبكة النطاق العريض عن طريق الأقمار الصناعية.
/العُمانية/