لجريدة عمان:
2025-04-17@22:02:18 GMT

خواطر من حادثة الوادي الكبير

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

ذكّرتني حادثة الوادي الكبير بنكتة تقول: لماذا لا يحارب تنظيم داعش إسرائيل؟ فكان الجواب: سنحاربهم إذا أسلموا. وفي اعتقادي أنها ليست نكتة عادية بقدر ما حملته عن حقيقة هذا التنظيم، الذي حارب المسلمين في كلّ مكان، وارتكب أبشع الجرائم في حقِّ الإنسانية بجزّ رؤوس الأبرياء، وتفجير دور العبادة بمن فيها، وشوَّه سمعة الدين الإسلامي في العالم، بما ارتكب من فجور وحرق وذبح وقتل واغتصاب باسم الدين.

ولا يحتاج الأمر إلى التأكيد بأنّ داعش وأخواتها كلها صناعة مخابراتية غربية، مع تمويل عربي، كما سبق وأن كتبنا أكثر من مرة. ولكي نقرِّب الصورة أكثر عن ارتباط هذا التنظيم بالمخابرات الأجنبية، لا يمكن أن نغفل تصريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يوم 11 أغسطس 2016، وهو يخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عندما وصف، أمام حشد من أنصاره، الرئيسَ باراك أوباما بأنه «مؤسس» تنظيم داعش. كما هاجم في الخطاب نفسه هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، ووصفها بأنها «شريكة في تأسيس» التنظيم، وأصر في اليوم التالي بأنّ أوباما وكلينتون هما «أكثر اللاعبين قيمة» بالنسبة لداعش؛ ولا بد أن نعود إلى تصريح غير مسبوق لمسؤول حكومي إسرائيلي بشأن التنظيم، تناقلته وسائل إعلام فرنسية ودولية، إذ قال موشيه يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي السابق في لقاء عُقد في تل أبيب في 19 يناير 2016، إنه «لو خيِّر بين داعش وإيران لفضّل داعش»، وكان لهذا التصريح صدى قوي في الأوساط الإعلامية الدولية. فقد يقول قائل إنّ تصريح يعلون لا يوضّح صراحة علاقة الكيان بداعش، ولكن عايدة توما سليمان عضوة الكنيست الإسرائيلي السابقة، كانت صريحة في بيانها الذي ألقته في الكنيست، يوم الثلاثاء 13 فبراير 2018، عندما اتهمت إسرائيل بالتعاون مع التنظيم، وشراء النفط منه، وقالت منتقدة السياسات الإسرائيلية: «أنا ضد أيّ سياسة عنصرية تستهدف دولًا ذات سيادة في المنطقة أو في العالم، وضد التعاون مع الجماعات المتطرفة والإرهابية التي ذبحت الناس مثل داعش»، ولفتت إلى أنّ الروابط بين إسرائيل والجماعات المتطرفة، موثّقة بشكل جيد في الأمم المتحدة. وهناك نقطة لا يجب إغفالها فقد تحدثت الأنباء عن عثور الجيش السوري في 19 أكتوبر 2018، على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة والعبوات الناسفة بعضها إسرائيلي الصنع، خلال تمشيط مدينة الميادين بريف دير الزور، وذلك في مخازن تابعة لتنظيم داعش.

وفي محاولة فك لغز داعش، تردّد كثيرًا سؤال وهو: لماذا لا تصوِّب داعش أسلحتها نحو الكيان الصهيوني؟ وهل هناك فرصة مواتية أكثر من هذه الأيام، وغزةُ تقاوم الهجمة الصهيونية العالمية الشرسة؟

حتى الآن مرت عشرة أشهر ثِقال على الحرب الصهيونية على غزة؛ لكن تنظيم داعش لم ينتبه إلى ذلك، ولا لآلاف الشهداء، ولا للظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها أهل غزة؛ لأنّ هدفه كان قتل مسلمين مسالمين آمنين، جاؤوا من بلدانهم لطلب الرزق في بلد مسالم آمن. وما حدث في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في الوادي الكبير - بقدر ما هو جريمة - إلا أنه لا يقاس بالجرائم الكبيرة التي ارتكبها هذا التنظيم الإرهابي لسنوات طويلة في أكثر من مكان، بعيدًا عن الكيان الإسرائيلي، ممّا يشير بشكل قاطع إلى أنّ وراء التنظيم «الهلامي» أيادي عالمية لتنفيذ أجندات معينة؛ ومن هذه الأجندات مثلًا استخدام داعش أداة لليّ ذراع الأنظمة التي لا تتوافق مع سياسات مؤسسي وممولي التنظيم، وهو ما حدث تمامًا مع حادثة الوادي الكبير، وكانت الرسالة واضحة تشير إلى الانزعاج من المواقف العُمانية المشرِّفة سلطانًا وحكومةً وشعبًا، ضد حرب الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة.

وحقيقة؛ بقدر ما تفاجأتُ بحادثة الوادي الكبير، إلا أني كنتُ متوقِّعًا أنّ المواقف العُمانية المشرفة هذه، ستسبب لنا صداعًا، وأذكر أني تساءلتُ في مقابلة أجراها معي الزميل عبد العزيز السعدون في برنامج «منتدى الأربعاء» في قناة «مجان» الفضائية يوم 17 يناير 2024، عن الثمن الذي قد ندفعه بسبب تلك المواقف.

وحادثة الوادي الكبير طرحت نقاطًا عديدة للنقاش؛ لكني أرى أنّ الوقت ليس مناسبًا لتناولها الآن، والجهاتُ المختصة تُحقِّق في الأمر، لكن المؤكد أنّ المواقف العُمانية المستقلة والمشرِّفة تُزعج الكثيرين، وأنّ على الأجهزة المختصة أن تكون يقظة، ولن يلومها أحدٌ إذا استخدمت «العين الحمراء»، في سبيل الحفاظ على الأمن والسلام في البلد، خوفًا من تكرار الحادثة.

في المجمل نقول ما بات يعرفه الجميع، وهو أنّ تنظيم داعش لا يمت إلى الإسلام بصلة، وليس له علاقة بأيّ دين أو عقيدة دينية؛ فهو ليس أكثر من فزاعة أجهزة أمنية عالمية، تستخدمه لتحقيق مصالحها، وبعبع لتخويف كلِّ من يريد أن يخرج عن الخط المرسوم؛ وربما أكثر ما نجحت فيه هذه الأجهزة أن جعلته معولًا للهدم وإشعال الفتنة الطائفية وإذكاء نيران الكراهية والبغضاء بين المسلمين لتحقيق مصالح من أنشأها وموّلها، لأنّ عصر الاستعمار والسيطرة المباشرة ولى زمانه، فلا بد من وكلاء.

وهناك حقيقة لا تحتاج إلى التذكير بها، وهي أنّ من يتّجه إلى الإرهاب ليقتل الأبرياء ممن يختلفون معه في الدين أو العرق أو الجهة، هم ممن يعانون من اضطرابات وأمراض نفسية؛ فلا يمكن لإنسان سويّ أن يقتل الأبرياء من أيِّ دين كان مع سبق الإصرار والترصد؛ وهذه العلل النفسية شرحها الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي في مصر لصحيفة «اليوم السابع»، بأنّ هناك أشخاصًا ينضمون لداعش والجماعات الإرهابية لشعورهم بالنقصان والدونية، فيلجؤون إلى الانضمام للجماعات المتطرفة ليصبحوا أمراء ولديهم أتباع وهكذا، وأنّ هناك أفرادا ينضمون إلى داعش وإلى الجماعات الإرهابية الأخرى، لأنهم ارتكبوا مجموعة من الفواحش، وأرادوا الرجوع إلى الطريق الصحيح، فتمّ استقطابهم من هذه الجماعات المتطرفة، التي تطالبهم بإجراء عمليات انتحارية (استشهادية حسب زعمهم) تجبّ ما قبلها من أعمال الفواحش، ولذلك يكونون طيرًا سهل الصيد من الجماعات الإرهابية.

وإذا كنتُ قد أشرتُ إلى ضرورة استخدام «العين الحمراء» ضد كلِّ من تسوّل له نفسه العبث بأمن البلد وسلامة المواطنين، فإني أرى أنّ الحادثة تحتاج إلى دراسة معمقة من عدة جهات، لإيجاد الحلول المناسبة للشباب العماني قبل أن تكبر وتستفحل، وعندما يصعب الحل؛ فبعض المناقشات في مواقع التواصل قد لا تبشّر بخير، وهي - في ظني - قد أتاحت فرصة ذهبية لدراسة توجهات الناس، مع تأكيدي أنّ مقالي هذا هو مجرد خواطر سريعة عن حادثة الوادي الكبير؛ فالمسألةُ تحتاج إلى دراسات وبحوث ومقالات كثيرة.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حادثة الوادی الکبیر تنظیم داعش أکثر من

إقرأ أيضاً:

ألف جندي فقط..أمريكا تتجه لتقليص وجودها العسكري في سوريا

قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا، بحسب ما قال مسؤولون ومصدر مطلع، وفق ما ذكرت صحف أمريكية.

في ديسمبر، كشف البنتاجون عن وجود حوالي ألفي جندي أمريكي في سوريا، أي أكثر بنحو 1100 جندي مما كان قد أُعلن عنه سابقًا. 

وفي ذلك الوقت، عزت إدارة بايدن تذبذب عدد القوات جزئيًا إلى سقوط نظام الأسد.

توتر داخل جيش الاحتلال.. قادة وجنود احتياط يطالبون بوقف الحرب وعودة الأسرىمصادر إسرائيلية: حرب غزة مستمرة في إشعال الغضب داخل الجيشرشوة مقنعة من جوجل لشركات المحمول .. وتحرك عاجل من اليابان ضدهاخطيب الأقصى: استباحة آلاف المستوطنين الحرم القدسي رسالة خطيرةجيش الاحتلال الإسرائيلي: اغتيال أبو حصيرة القيادي في حركة حماسحفروا نفقًا عبر جدار خرساني وسرقوا مجوهرات بقيمة 10 ملايين دولار

ومن المتوقع الإعلان عن الخطط الجديدة في الأيام المقبلة، والتي من شأنها تقليص العدد الإجمالي للقوات إلى نحو ألف جندي.

كما سينخفض أيضًا عدد القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا .

وقال مسؤول عسكري أمريكي  إن البنتاجون يعيد توزيع القوات بشكل روتيني بناءً على الاحتياجات العملياتية والطوارئ.

وقال المسؤول "تظهر هذه التحركات الطبيعة المرنة للدفاع  القدرة الأميركية على الانتشار في جميع أنحاء العالم في وقت قصير لمواجهة التهديدات الأمنية".

وكانت شبكة "سي بي إس نيوز" أول من أورد أن الولايات المتحدة تعتزم تقليص وجود قواتها في سوريا.

حافظت الولايات المتحدة على شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية (SDF) لسنوات عديدة، معتبرةً إياها حاسمة في الحرب ضد داعش. 

ولم يتضح بعدُ ما ينطوي عليه هذا الترتيب الجديد من دعم أمريكي لقوات سوريا الديمقراطية. إلا أن مصادر مطلعة على الأمر تُشير إلى أن القوات الكردية ستواصل الإشراف على سجون داعش داخل البلاد، والتي تضم عشرات الآلاف من مقاتلي داعش وأفراد عائلاتهم.

إلى جانب سوريا، تنشر الولايات المتحدة حوالي 2500 جندي في العراق و3500 في الأردن ونحو 2000 في تركيا. 

في اتفاقٍ تم التوصل إليه بين بغداد وإدارة بايدن، ستعزز الولايات المتحدة قواعدها في العراق وتُقلص عدد قواتها المتمركزة هناك.

مقالات مشابهة

  • محافظ الدقهلية: أكثر من 101 ألف رأس ماشية تحصنت ضد الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع
  • التنظيم والإدارة يعلن إتاحة الاستعلام عن مسابقات وزارة النقل
  • عملية نوعية بالأنبار.. الحشد يعلن قطع إمدادات داعش من الوقود
  • مكافأة بـ5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن القيادية في داعش خَضْرة عيسى؟
  • بتكلفة تجاوزت مليار دولار .. العراق يعيد الحياة لمعمل دمره داعش
  • «تريندز» يعقد في مقر «الشيوخ» الفرنسي مؤتمر «محاربة الإرهاب في حقبة الذكاء الاصطناعي»
  • وزير الخارجية: مصر تقف بشكل كامل مع الأردن في مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة
  • ألف جندي فقط..أمريكا تتجه لتقليص وجودها العسكري في سوريا
  • تحرير شاب عراقي مختطف منذ 11 عاماً
  • الضصارة…جبهة المتطرفين الدينيين وبقايا اليسار تدعو لإقتحام مينائي طنجة والدارالبيضاء