وسيم منصوري.. محام ومستشار قانوني يحكم مصرف لبنان بالوكالة
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
وسيم منصوري، سياسي لبناني تولى منصب القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان في الأول من أغسطس/آب 2023 بعد انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة، وذلك وفقا لقانون النقد والتسليف الذي ينص على تولي النائب الأول للحاكم المركزي صلاحياته إلى حين تعيين حاكم آخر.
تولى وسيم منصوري منصبه في فترة يشهد فيها لبنان واحدة من أسوأ الأزمات المالية والمصرفية والاقتصادية التي عاشتها البلاد، وحمل شعار "وقف التمويل المركزي للدولة ممثلة بالحكومة"، وذلك في نهج يخالف جذريا ما اتبعه سلامة على مدار 30 عاما.
ومنصوري هو سادس شخصية تتعاقب على رئاسة مصرف لبنان، وهو المنصب الحساس الذي استحدث عام 1963 بعد إقرار قانون النقد والتسليف، وهي المرة الأولى التي يتولى فيها "شيعي لبناني" منصب حاكم مصرف لبنان، ذلك أن المنصب مخصص "للمسيحيين المارونيين" في ظل نظام تقاسم السلطة بين الطوائف في البلاد.
المولد والنشأةولد وسيم أحمد منصوري سنة 1971، وينحدر من أسرة من الطبقة الوسطى من بلدة عيترون جنوبي لبنان، لكنه نشأ وترعرع في مدينة طرابلس شمالي البلاد بحكم عمل والده هناك، فعاش فيها طوال سنوات دراسته الابتدائية والثانوية إلى أن بدأ سنواته الجامعية الأولى في كلية الحقوق بالجامعة اللبنانية الوطنية.
الدراسة والتكوين
سنة 1995 سافر منصوري إلى مدينة مونبيليه جنوبي فرنسا وتخصص هناك في القانون العام بجامعة "مونبيليه 1" ونال منها شهادة الدكتوراه، كما تخصص في القانون الدستوري، وحصل من الجامعة نفسها على دبلوم دراسات عليا في القانون الشامل.
وعندما عاد إلى لبنان نال إجازة ودكتوراه في الحقوق من الجامعة اللبنانية، فصار أستاذا جامعيا ومحاميا وخبيرا قانونيا.
الوظائف والمسؤولياتفي نهاية التسعينيات من القرن العشرين بدأ منصوري عمله أستاذا بكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، وفيها ساهم بتأسيس الفرع الفرنسي للكلية، وكان مديرا مؤقتا لها لفترة غير طويلة عام 2019، وسبق أن عمل على أبحاث قانونية بالمجال المالي.
سنة 1998 أسس مكتبه "منصوري وشركاؤه" للمحاماة، وصار واحدا من أهم مكاتب المحاماة في لبنان والمنطقة ووكيلا لمجموعة كبيرة من الشركات والمؤسسات والشخصيات العامة، وأصبح لاحقا المحامي الشخصي لنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني زعيم حركة أمل الذي تجمعه به صلة قرابة وعلاقة ثقة كبيرة.
عمل منصوري عضوا في مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة بطرابلس عام 2015 إلى جانب عمله في الجامعة اللبنانية، كما كان أستاذا زائرا في كليات الحقوق بجامعات فرنسية، منها السوربون ورين وغرونوبل وإكس مرسيليا، وقد حاز على الوسام الأعلى لجمهورية غينيا الاستوائية من قبل رئيسها عام 2018.
حرص منصوري على البقاء بعيدا عن الأضواء، لكنه انخرط بالعمل في الشأن العام على طريقته القانونية التي أوصلته إلى هذا المنصب الوظيفي العالي في الدولة.
في عام 2014 وفي عهد رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام عُيّن وسيم منصوري محاميا لوزارة المالية، وواصل مهمته في عهدي وزيري المالية السابقين علي حسن خليل وغازي وزني حتى عام 2020.
وخلال تلك السنوات كان يمثل لبنان في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات مالية دولية أخرى، مع التركيز على الشأن الخارجي في هذا الإطار.
وخلال السنوات عينها استمر بوظيفة التعليم الجامعي حتى تم تعيينه في مصرف لبنان عام 2020، وواصل التعليم مجانا بالجامعة اللبنانية، وترك وظيفته على رأس مكتب المحاماة انسجاما مع القانون الذي يمنع أن يجمع أي وظيفة أخرى مع عمله في المصرف المركزي.
وفي 11 يونيو/حزيران 2020 تم تعيين وسيم منصوري نائبا أول لحاكم مصرف لبنان إلى جانب النواب الثلاثة الآخرين من الطوائف الدرزية والسنية والأرمن الكاثوليك استنادا إلى نظام المحاصصة الطائفية، وشغل هؤلاء مقاعد في اللجنة المركزية للمصرف.
ولأن منصب النائب الأول للحاكم من حصة الطائفة الشيعية جرت العادة أن يطرح اسم المرشح له حزب الله أو حركة أمل، وبما أن منصوري كان محاميا لرئيس حزب حركة أمل نبيه بري فقد طرح الأخير اسمه وتم تعيينه.
الخلاف مع رياض سلامة
جاء تعيين نواب الحاكم بعد نحو 8 أشهر من اندلاع الانتفاضة الشعبية في لبنان بخريف 2019، وتزامن مع تفاقم دراماتيكي للأزمة النقدية، حيث كانت الليرة تواصل انهيارها المدوي بموازاة اتخاذ المصارف التجارية إجراءات غير قانونية قيدت السحوبات بالدولار وما زالت مستمرة بحق المودعين اللبنانيين.
وقد قدرت حكومة نجيب ميقاتي بعد نحو عامين خسائر الجهاز المصرفي بنحو 70 مليار دولار، ولم يحصل توافق رسمي بشأن كيفية توزيع الخسائر بين الدولة والمركزي والمصارف التجارية.
وقالت أوساط مقربة من وسيم منصوري للجزيرة نت إنه منذ تعيين نواب الحاكم اصطدم للمرة الأولى مع رياض سلامة وحكومة حسان دياب.
وكان سبب الاصطدام هو اعتراض منصوري على الطرح المقدم من قبل سلامة وحكومة دياب بشأن التصرف باحتياطي مصرف لبنان في سبيل توفير الدعم للاستيراد ولتسديد رواتب الموظفين.
وكان منصوري يخالف رياض سلامة بقراءاته القانونية، وكان يعتبر أن الأخير يرتكب تجاوزات كبيرة عبر دعم الحكومة استنادا إلى المبادئ التالية: مخالفة قانون النقد والتسليف، والمس بالأموال التي هي توظيفات إلزامية للمصارف التجارية لدى المركزي.
ورغم أن سلامة لم يستجب لاعتراض نوابه أرسل منصوري أول كتاب اعتراض إلى الحكومة في العاشر من أغسطس/آب 2020 باسم المجلس المركزي، ويتضمن الحث على ضرورة وقف الدعم فورا باعتبار أن سياسة الدعم تكلف اقتصاديا وماليا نحو 800 مليون دولار شهريا.
لكن هذا المطلب لم يدخل حيز التنفيذ لأن سلامة لم يوافق عليه، وكان يريد مواصلة دعم الحكومة والاستجابة لمطالبها.
وتتحدث أوساط مقربة من منصوري أيضا عن أن الخلاف كان جذريا بينه وبين سلامة بشأن السياسة النقدية لمصرف لبنان على مدار 3 سنوات، لذا فإن أول قرار اتخذه منذ توليه حاكمية مصرف لبنان بالوكالة هو وقف الدعم كليا للحكومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجامعة اللبنانیة مصرف لبنان ریاض سلامة
إقرأ أيضاً:
مختصون: إسرائيل ترتكب جرائم إبادة متعمدة و10 آلاف محام يقاضونها
قال مدير منظمة "هند رجب "الحقوقية دياب أبو جهجة إن المؤسسة أسهمت في تقديم ملفات تتعلق بأكثر من 1000 جندي إسرائيلي، وأكثر من 8000 وثيقة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وكلها تثبت جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني.
وفي ندوة نظمتها مبادرة فلسطينيي أوروبا للعمل الوطني بعنوان "الإبادة الجماعية.. البعد القانوني ومحورية الدور الأوروبي"، أضاف أبو جهجة أنهم يعملون على أكثر من 13 ملفا حاليا في بلجيكا وحدها، إضافة إلى ملفات أخرى في فرنسا وهولندا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة.
و"هند رجب" منظمة حقوقية غير حكومية، مقرها بروكسل، تركز على محاكمة وملاحقة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وتأسست تكريما للطفلة هند رجب التي استشهدت مع عائلتها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمر 15 شهرا.
وأجمع المتحدثون في الندوة على أن جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تعد الأكثر عنفا وترتكب عن قصد، وتستند إلى ركن النية المسبقة التي تهدف إلى التدمير الجزئي أو الكلي لجماعة قومية أو عرقية أو دينية، وتم توثيقها بعدة أدلة، وهناك أكثر من 10 آلاف محام حول العالم يقاضون إسرائيل على جرائمها.
وفي ما يتعلق بتوفر الأركان الجنائية في جرائم الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل، قال أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان محمود الحنفي إن القصد الجنائي الخاص يعد من العناصر الأساسية التي ميّزت هذه الجريمة، وذلك عبر التصريحات الرسمية وغير الرسمية التي جاءت على ألسنة قادة الاحتلال الإسرائيلي، وأبرزها ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنهم سيمنعون كل أسباب الحياة عن سكان قطاع غزة.
إعلانوخلال مداخلته في ندوة مبادرة فلسطينيي أوروبا للعمل الوطني، أكد الحنفي أن قبول محكمة العدل الدولية الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل يعني أن هناك أركانا متوفرة لتصنيف هذه الجرائم على أنها إبادة جماعية.
مسارات قانونيةوفي مداخلة ثانية بالندوة، قدّم عضو الفريق القانوني أمام المحكمة الجنائية الدولية عبد المجيد المراري شرحا للمسارات التي سلكتها القضايا التي رُفعت على الأفراد والكيانات الإسرائيلية، ويلخصها في التالي:
محكمة العدل الدولية قررت النظر في قضية الإبادة الجماعية بناء على الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا وهذا يعد تطورا تاريخيا. جنوب أفريقيا لم تتوجه إلى المحكمة من فراغ، بل لديها مشروعية تاريخية نتيجة معاناتها من نظام الفصل العنصري. المحكمة أصدرت قرارات وقتية ملزمة، لكن إسرائيل لم تلتزم بها.في المقابل، أوضح المراري أن هناك مسارا موازيا أمام المحكمة الجنائية الدولية، بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وتقدمنا بلائحة تضم 15 اسما من أجل توقيفهم.
وأشار المراري أيضا إلى أن الفريق القانوني ضم في البداية ما يزيد على 360 محاميا، لكن العدد سرعان ما تجاوز 10 آلاف محاميا يقفون وراء هذه الدعوى، بالإضافة إلى أن هناك دولا بأكملها تقف خلف هذه الجهود.
أما مدير منظمة "هند رجب"، فأشار في مداخلته إلى أبرز القضايا التي لاحقت بها المنظمة الجنود الإسرائيليين، ومنها:
أولا- قضية الجنود مزدوجي الجنسية: إذ إنهم لا يتمتعون بأي حصانة دبلوماسية، مما يجعل ملاحقتهم أكثر سهولة من ملاحقة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين. ثانيا- قضية قبرص: قدمنا دعوى ضد أحد الجنود الإسرائيليين خلال زيارته لقبرص، مما دفع السلطات هناك إلى فتح تحقيق، وأُجبر الجانب الإسرائيلي على تهريبه، وأشارت التقارير إلى أنه غادر من دون المرور بالجمارك خوفا من توقيفه. ثالثا- قضية البرازيل: قدمت دعوى ضد الجندي الإسرائيلي يورون فيتاني، وأصدر القاضي البرازيلي أمرا بتوقيفه والتحقيق معه بناء على ميثاق روما ومن دون الحاجة إلى أوامر من المحكمة الجنائية الدولية. لكن إسرائيل استطاعت تهريب الجندي إلى الأرجنتين، فقمنا برفع دعوى ضده هناك، لكن إسرائيل قامت بتهريبه مرة ثانية إلى الولايات المتحدة. إعلانواجمع المتحدثون في الندوة على أنه يجب تعزيز التوثيق القانوني للجرائم وفق المعايير الدولية، وزيادة التعاون بين المنظمات الحقوقية لضمان متابعة القضايا في المحاكم الدولية، وتصعيد الضغوط الدبلوماسية على الدول الأوروبية والعربية لتنفيذ القرارات القانونية الصادرة.
ومبادرة فلسطينيي أوروبا تعد إطارا عاما يجمع مختلف ألوان الطيف الفلسطيني من الشخصيات الثقافية والاجتماعية والمهنية والأهلية، وبدأت فكرتها عام 2020، بحضور نحو 150 شخصية فلسطينية. وهدفها توحيد كافة الجهود الوطنية في القارة الأوروبية لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وبما ينسجم مع الأنظمة والقوانين المعمول بها في الاتحاد الأوروبي.