لجريدة عمان:
2024-11-26@03:25:25 GMT

هل ما زال الخليج العربي مهما؟

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

منذ أن عانت الولايات المتحدة من الأثر الاقتصادي لحظر النفط في عام 1973 وهي تعد حرية تدفق النفط من الخليج العربي أمرا ذا أهمية قصوى لأمنها الاقتصادي والقومي. لقد مضى أكثر من خمسين سنة على أحداث عام 1973، وتدرس الولايات المتحدة الآن إبرام اتفاقية أمنية مع المملكة العربية السعودية، وذلك مقترح دافعه ـ الجزئي على الأقل ـ هو الأهمية المفترضة لوصول الولايات المتحدة إلى نفط الخليج العربي.

تؤكد واشنطن أن الخليج العربي مركزيٌّ لمصالح الأمن الأمريكي نظرا لأسباب عديدة. أولا، أن الولايات المتحدة ترى النقل الآمن للنفط من الخليج شأنا اقتصاديا وأمنيا حيويا. ثانيا، السيطرة في الخليج العربي تعني السيطرة على ثلاثة ممرات حساسة في التجارة البحرية هي مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب. ثالثا، استثمار فائض النفط السعودي في التزامات الحكومة الأمريكية يحافظ على تسعير سوق النفط العالمي بالدولارات الأمريكية وهذا بدوره عنصر جوهري في الحفاظ على مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية ويضمن التفوق المالي للولايات المتحدة.

ثم إن هذه الأسباب الجوهرية الثلاثة تأتي مصحوبة بسبب رابع هو أنه لو لم تؤكد الولايات المتحدة هيمنتها المستمرة على المنطقة، فسوف تسعى قوة عظمى منافسة (هي الاتحاد السوفييتي من قبل والصين الآن) إلى وضع المنطقة في فلك نفوذها. غير أن الاقتصاد العالمي تغير تغيرا كبيرا منذ سبعينيات القرن الماضي، وكذلك تغيرت ديناميات الأمن الجيوسياسي. فهل لا يزال الخليج العربي حيويا لأمن الولايات المتحدة؟ وهل يستحق المزيد من الالتزامات الأمنية؟

هناك، بادئ ذي بدء، السؤال دائم الأهمية المتعلق بالحاجة الغربية إلى نفط الخليج العربي والخوف الذي زرعه حظر النفط في عام 1973. في حين أن الولايات المتحدة كانت على الدوام من كبار منتجي النفط، فقد كانت في الوقت نفسه وفي الفترة الزمنية نفسها من أكبر مستهلكي النفط. لذلك، وعلى الرغم من إنتاجها الخاص، كان اقتصادها دائما بحاجة إلى واردات نفطية إضافية. وبوصفها قوة نفطية صاعدة في السبعينيات، فقد منحت هذه الدينامية للملكة العربية السعودية ومنظمة أوبك سلطة على الاقتصاد الأمريكي. غير أن الولايات المتحدة منذ السبعينيات من القرن الماضي بذلت جهودا كبيرة لتقليل اعتمادها على النفط الأجنبي، محققة في ذلك نجاحا كبيرا. فضلا عن أن السوق النفطية الحديثة أشد مرونة بكثير مما كانت عليه في السبعينيات، بمعنى أنه قد بات أسهل كثيرا الآن على السوق أن تتكيف مع التغيرات وأن تستوعبها.

ثانيا، اثنان من الممرات البحرية الثلاثة ـ هما قناة السويس ومضيق باب المندب في كلٍّ من طرفي البحر الأحمر، ليسا مطلقين. فبوسع التجارة أن تتحرك حول الطرف الجنوبي لقارة أفريقيا. وهذا وإن يكن طريقا أطول كثيرا ومن شأنه أن يعطل التجارة، لكن لا يرجح أن يكون أثر ذلك مدمرا. ففي حالة واقعة إيفرجرين سنة 2021، حينما عطلت سفينة حاويات قناة السويس، كان الأثر المباشر لإغلاق قناة السويس مشهودا.

وفي حين أن ذلك لم يكن الوضع الأمثل، فإنه كان بعيدا تماما عن الكارثة. وفي الصراع الراهن في الشرق الأوسط، استغل الحوثيون ميزة مضيق باب المندب، ومرة أخرى، شهدنا ولا نزال نشهد مضايقات لا كوارث. أما مضيق هرمز الذي لا بد أن يمر عبره ما بين 20% إلى 30% من الاستهلاك اليومي النفطي في العالم وما من مسار بحري بديل له، فهذا هو المسار الحقيقي الوحيد في المنطقة. وبرغم تهديدات إيران فإن كثيرا من الخبراء يشككون في قدرتها على إغلاق المضيق. فضلا عن ذلك، نجحت الولايات المتحدة في إدارة التهديدات الإيرانية للوصول إلى النفط من قبل، فلماذا تحتاج إلى زيادة التزاماتها تجاه المنطقة لكي تفعل ذلك تارة أخرى؟

وهناك من بعد الزعم بأن التزام الولايات المتحدة تجاه الخليج ضرورة لحماية تفوق الدولار من خلال إعادة تدوير الدولارات النفطية. برغم التكهنات المستمرة بشأن تراجع سيطرة لدولارات النفطية على نظام العملات العالمي، لم نشهد فعليا أي تناقص حاد للقوة المالية للولايات المتحدة. ومن أسباب هذا سبب كبير يتمثل في أن النظام المالي العالمي يفتقر إلى بديل مقنع للدولار. فاليورو يفتقر إلى الأصول «الآمنة» المدعومة من الحكومة على مستوى منطقة اليورو وهي ضرورة لأي عملة احتياطية، ومصير اليوان يصعب كثيرا التنبؤ به، فضلا عن أنه يخضع لسيطرة حكومية وللاضطراب الداخلي المحتمل. فضلا عن ذلك، فإن التحولات الوشيكة في أسواق الطاقة الناجمة عن استحداث طاقة خضراء في السنوات العشرين إلى الخمسين التالية تعني أن الولايات المتحدة يجب أن تدرس ما يعنيه ذلك لمصير الدولار النفطي، بدلا من مضاعفة التزاماتها تجاه نظام الدولار النفطي مع ضمانات أمنية للدول الأساسية المستثمرة.

وأخيرا، هناك الافتراض الأخير بأن الولايات المتحدة لو لم تحافظ باستمرار على قبضتها وإظهار صورتها القوية في المنطقة، فإن قوة منافسة سوف تبدأ ببطء في التسلل لفرض نفوذها، مهددة المصالح الأمريكية «الحيوية» سالفة الذكر. لقد أتاح هذا التخوف للمملكة العربية السعودية أن تبالغ في تضخيم قوتها في العلاقة لتحصل على ما تريد دونما تقديم تنازلات، وظلت الولايات المتحدة ثابتة في التزامها تجاه المملكة العربية السعودية، على الرغم من قيام المملكة بتخفيض إنتاجها النفطي بقرار أحادي الجانب، وخوض حرب في اليمن.

إن المبالغة في تقدير أهمية الخليج العربي تسهم في زيادة الالتزامات الأمريكية وتمثل استنزافا لموارد الولايات المتحدة. وإذا كانت واشنطن تشعر بالقلق من النفوذ الصيني في المنطقة، فإن الوضع الراهن يتيح للصين الاستفادة مجانا من تكاليف الأمن الأمريكي، فالصين تعتمد على واردات نفط الخليج العربي بدرجة أكبر كثيرا من الولايات المتحدة، ولكن الصين تحصل على الوصول الآمن إلى نفط الخليج هدية من جيش الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المؤكد أن هناك مبررات كافية لإعادة النظر في هذه الاستراتيجيات.

سابرينا كروتو زميلة أبحاث في أولويات الدفاع ومرشحة لدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة شيكاجو.

ذي ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الولایات المتحدة العربیة السعودیة الخلیج العربی نفط الخلیج فضلا عن

إقرأ أيضاً:

«القاهرة الإخبارية»: القضية الفلسطينية محور رئيسي في العلاقات العربية الأمريكية

على مدار العقود الماضية، مثلت القضية الفلسطينية محورا رئيسيا في إطار العلاقات العربية - الأمريكية، وتخلل تلك العلاقات فترات من الفتور والتوتر، نظرا للموقف الأمريكي المنحاز دائما لصالح إسرائيل، لا سيما بعد احتلالها أراضي فلسطينية خلال حرب عام 1967، حسبما جاء في تقرير تليفزيوني، عرضه برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية».

حرب 1967، ساهمت في تعزيز العلاقات بين واشنطن وتل أبيب؛ إذ صرح الرئيس الأمريكي ليندن جونسون آنذاك، بأن إسرائيل غير ملزمة بإعادة الأراضي التي احتلتها عام 1967، وخلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973، زاد الخلاف العربي الأمريكي، فأنشأت واشنطن جسرا جويا لمساندة إسرائيل أثناء الحرب.

الدول العربية استخدمت سلاح النفط خلال الحرب

في المقابل، استخدمت الدول العربية لأول مرة، سلاح النفط خلال هذه الحرب، وجرى الربط بشكل أساسي بين المصالح الأمريكية والغربية في النفط العربي، وبين الصراع الإسرائيلي العربي.

وحين هدد هينري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، بأنه لن يسمح باستخدام سلاح النفط في هذه الحرب، رد وزراء النفط العرب بأنهم على استعداد لتفجير منابع النفط، إذا كانت هناك محاولات أمريكية للسيطرة عليها.

مقالات مشابهة

  • أمير منطقة حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة
  • سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة: الاستثمار في النساء ومساعدتهن أولوية قصوى للحكومة الأمريكية
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «4»
  • وزارة الخارجية والمغتربين: تواصل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الجماعي انتهاج سياسات تقوض الأمن والاستقرار حول العالم وذلك من خلال استمرار دعمها اللامحدود لكل من نظام زيلنيسكي في أوروبا والكيان الصهيوني في منطقتنا
  • أستاذ علاقات دولية: الولايات المتحدة الأمريكية راضية عن مسار نتنياهو
  • تقرير أمريكي: اليمن يتحول إلى قوة استراتيجية تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة
  • عبدالمنعم سعيد: المرحلة الأولى من حكم ترامب ستتركز على الولايات المتحدة
  • القضية الفلسطينية محور رئيسي في محطات العلاقات العربية الأمريكية
  • «القاهرة الإخبارية»: القضية الفلسطينية محور رئيسي في العلاقات العربية الأمريكية
  • «الخليج العربي للنفط» تعلن استئناف تصنيع وشحن قطع الغيار في «موقع قنفودة»