لجريدة عمان:
2025-01-31@00:07:58 GMT

هل ما زال الخليج العربي مهما؟

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

منذ أن عانت الولايات المتحدة من الأثر الاقتصادي لحظر النفط في عام 1973 وهي تعد حرية تدفق النفط من الخليج العربي أمرا ذا أهمية قصوى لأمنها الاقتصادي والقومي. لقد مضى أكثر من خمسين سنة على أحداث عام 1973، وتدرس الولايات المتحدة الآن إبرام اتفاقية أمنية مع المملكة العربية السعودية، وذلك مقترح دافعه ـ الجزئي على الأقل ـ هو الأهمية المفترضة لوصول الولايات المتحدة إلى نفط الخليج العربي.

تؤكد واشنطن أن الخليج العربي مركزيٌّ لمصالح الأمن الأمريكي نظرا لأسباب عديدة. أولا، أن الولايات المتحدة ترى النقل الآمن للنفط من الخليج شأنا اقتصاديا وأمنيا حيويا. ثانيا، السيطرة في الخليج العربي تعني السيطرة على ثلاثة ممرات حساسة في التجارة البحرية هي مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب. ثالثا، استثمار فائض النفط السعودي في التزامات الحكومة الأمريكية يحافظ على تسعير سوق النفط العالمي بالدولارات الأمريكية وهذا بدوره عنصر جوهري في الحفاظ على مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية ويضمن التفوق المالي للولايات المتحدة.

ثم إن هذه الأسباب الجوهرية الثلاثة تأتي مصحوبة بسبب رابع هو أنه لو لم تؤكد الولايات المتحدة هيمنتها المستمرة على المنطقة، فسوف تسعى قوة عظمى منافسة (هي الاتحاد السوفييتي من قبل والصين الآن) إلى وضع المنطقة في فلك نفوذها. غير أن الاقتصاد العالمي تغير تغيرا كبيرا منذ سبعينيات القرن الماضي، وكذلك تغيرت ديناميات الأمن الجيوسياسي. فهل لا يزال الخليج العربي حيويا لأمن الولايات المتحدة؟ وهل يستحق المزيد من الالتزامات الأمنية؟

هناك، بادئ ذي بدء، السؤال دائم الأهمية المتعلق بالحاجة الغربية إلى نفط الخليج العربي والخوف الذي زرعه حظر النفط في عام 1973. في حين أن الولايات المتحدة كانت على الدوام من كبار منتجي النفط، فقد كانت في الوقت نفسه وفي الفترة الزمنية نفسها من أكبر مستهلكي النفط. لذلك، وعلى الرغم من إنتاجها الخاص، كان اقتصادها دائما بحاجة إلى واردات نفطية إضافية. وبوصفها قوة نفطية صاعدة في السبعينيات، فقد منحت هذه الدينامية للملكة العربية السعودية ومنظمة أوبك سلطة على الاقتصاد الأمريكي. غير أن الولايات المتحدة منذ السبعينيات من القرن الماضي بذلت جهودا كبيرة لتقليل اعتمادها على النفط الأجنبي، محققة في ذلك نجاحا كبيرا. فضلا عن أن السوق النفطية الحديثة أشد مرونة بكثير مما كانت عليه في السبعينيات، بمعنى أنه قد بات أسهل كثيرا الآن على السوق أن تتكيف مع التغيرات وأن تستوعبها.

ثانيا، اثنان من الممرات البحرية الثلاثة ـ هما قناة السويس ومضيق باب المندب في كلٍّ من طرفي البحر الأحمر، ليسا مطلقين. فبوسع التجارة أن تتحرك حول الطرف الجنوبي لقارة أفريقيا. وهذا وإن يكن طريقا أطول كثيرا ومن شأنه أن يعطل التجارة، لكن لا يرجح أن يكون أثر ذلك مدمرا. ففي حالة واقعة إيفرجرين سنة 2021، حينما عطلت سفينة حاويات قناة السويس، كان الأثر المباشر لإغلاق قناة السويس مشهودا.

وفي حين أن ذلك لم يكن الوضع الأمثل، فإنه كان بعيدا تماما عن الكارثة. وفي الصراع الراهن في الشرق الأوسط، استغل الحوثيون ميزة مضيق باب المندب، ومرة أخرى، شهدنا ولا نزال نشهد مضايقات لا كوارث. أما مضيق هرمز الذي لا بد أن يمر عبره ما بين 20% إلى 30% من الاستهلاك اليومي النفطي في العالم وما من مسار بحري بديل له، فهذا هو المسار الحقيقي الوحيد في المنطقة. وبرغم تهديدات إيران فإن كثيرا من الخبراء يشككون في قدرتها على إغلاق المضيق. فضلا عن ذلك، نجحت الولايات المتحدة في إدارة التهديدات الإيرانية للوصول إلى النفط من قبل، فلماذا تحتاج إلى زيادة التزاماتها تجاه المنطقة لكي تفعل ذلك تارة أخرى؟

وهناك من بعد الزعم بأن التزام الولايات المتحدة تجاه الخليج ضرورة لحماية تفوق الدولار من خلال إعادة تدوير الدولارات النفطية. برغم التكهنات المستمرة بشأن تراجع سيطرة لدولارات النفطية على نظام العملات العالمي، لم نشهد فعليا أي تناقص حاد للقوة المالية للولايات المتحدة. ومن أسباب هذا سبب كبير يتمثل في أن النظام المالي العالمي يفتقر إلى بديل مقنع للدولار. فاليورو يفتقر إلى الأصول «الآمنة» المدعومة من الحكومة على مستوى منطقة اليورو وهي ضرورة لأي عملة احتياطية، ومصير اليوان يصعب كثيرا التنبؤ به، فضلا عن أنه يخضع لسيطرة حكومية وللاضطراب الداخلي المحتمل. فضلا عن ذلك، فإن التحولات الوشيكة في أسواق الطاقة الناجمة عن استحداث طاقة خضراء في السنوات العشرين إلى الخمسين التالية تعني أن الولايات المتحدة يجب أن تدرس ما يعنيه ذلك لمصير الدولار النفطي، بدلا من مضاعفة التزاماتها تجاه نظام الدولار النفطي مع ضمانات أمنية للدول الأساسية المستثمرة.

وأخيرا، هناك الافتراض الأخير بأن الولايات المتحدة لو لم تحافظ باستمرار على قبضتها وإظهار صورتها القوية في المنطقة، فإن قوة منافسة سوف تبدأ ببطء في التسلل لفرض نفوذها، مهددة المصالح الأمريكية «الحيوية» سالفة الذكر. لقد أتاح هذا التخوف للمملكة العربية السعودية أن تبالغ في تضخيم قوتها في العلاقة لتحصل على ما تريد دونما تقديم تنازلات، وظلت الولايات المتحدة ثابتة في التزامها تجاه المملكة العربية السعودية، على الرغم من قيام المملكة بتخفيض إنتاجها النفطي بقرار أحادي الجانب، وخوض حرب في اليمن.

إن المبالغة في تقدير أهمية الخليج العربي تسهم في زيادة الالتزامات الأمريكية وتمثل استنزافا لموارد الولايات المتحدة. وإذا كانت واشنطن تشعر بالقلق من النفوذ الصيني في المنطقة، فإن الوضع الراهن يتيح للصين الاستفادة مجانا من تكاليف الأمن الأمريكي، فالصين تعتمد على واردات نفط الخليج العربي بدرجة أكبر كثيرا من الولايات المتحدة، ولكن الصين تحصل على الوصول الآمن إلى نفط الخليج هدية من جيش الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المؤكد أن هناك مبررات كافية لإعادة النظر في هذه الاستراتيجيات.

سابرينا كروتو زميلة أبحاث في أولويات الدفاع ومرشحة لدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة شيكاجو.

ذي ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الولایات المتحدة العربیة السعودیة الخلیج العربی نفط الخلیج فضلا عن

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تنقل 90 صاروخ باتريوت من إسرائيل إلى أوكرانيا

نقل الجيش الأمريكي نحو 90 صاروخًا اعتراضيًا من طراز «باتريوت» للدفاع الجوي من مخازن في إسرائيل إلى بولندا هذا الأسبوع من أجل تسليمها إلى أوكرانيا، بحسب ما أفاد 3 مصادر مطلعة على العملية لموقع «أكسيوس» الأمريكي.

وبحسب «أكسيوس»، كان نشر المزيد من صواريخ باتريوت في أوكرانيا على رأس أولويات «البنتاجون» لمساعدة كييف في الدفاع ضد الهجمات الروسية على بنيتها التحتية الحيوية، وتعد هذه أكبر عملية نقل أسلحة من تل أبيب إلى كييف منذ بدء الحرب الروسية.

إسرائيل تتوقف عن استخدام «باتريوت»

وفي أبريل الماضي، أوقفت القوات الجوية الإسرائيلية رسميًا تشغيل نظام الدفاع الجوي باتريوت، بعد أكثر من ثلاثين عامًا من إعطائه لإسرائيل للمرة الأولى خلال حرب الخليج الأولى، وأصبح النظام أقل أهمية مع قيام إسرائيل بتطوير أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها، واستخدام معظم بطاريات الباتريوت للتدريب أو تركها في المخازن.

كييف تريد «باتريوت»

ونقلًا عن مصادر مطلعة، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي التوقف عن استخدام صواريخ باتريوت، اتصل المسؤولون الأوكران بالولايات المتحدة وإسرائيل وأخبروهم بضرورة عودة تلك الصواريخ إلى الولايات المتحدة لتجديدها وإرسالها إلى أوكرانيا.

ولعدة أشهر، ظلت إسرائيل تتلكأ في اتخاذ هذه الخطوة خوفًا من رد روسيا، ربما من خلال تزويد إيران بأسلحة متطورة، وقال مسؤول أوكراني، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض الرد على مكالماته بشأن هذه القضية لأسابيع.

ولكن في أواخر سبتمبر الماضي، وافق «نتنياهو» أخيرًا على الفكرة، بحسب مسؤول إسرائيلي.

وأكد متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أنه تم إعادة نظام باتريوت إلى الولايات المتحدة، مضيفًا أنه ليس من المعروف ما إذا كان قد تم تسليمه إلى أوكرانيا أم لا.

طائرات تغادر تل أبيب لنقل الأسلحة

وأكد «أكسيوس»، أنه في الأيام الأخيرة، وصلت طائرات C-17 تابعة للقوات الجوية الأمريكية إلى قاعدة جوية في جنوب إسرائيل وغادرت إلى رزيسزو في شرق بولندا، وهي مركز لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا.

وحملت الرحلات الجوية نحو 90 صاروخًا اعتراضيًا يمكن لأوكرانيا استخدامها ببطارياتها الحالية، كما سيتم نقل المعدات الإضافية مثل الرادارات وغيرها من المعدات أولا إلى الولايات المتحدة لتجديدها.

مقالات مشابهة

  • العراق يعزي الولايات المتحدة في ضحايا حادث تحطم طائرتين
  • القيادة تعزي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في ضحايا حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية في واشنطن
  • خبير: الولايات المتحدة تريد الهدوء والاستقرار في المنطقة
  • الخليج” وOMV يناقشان خطة التعاقد لعام 2025 لتعزيز الإنتاج النفطي
  • سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية تزور العريش ومعبر رفح
  • مستر ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • كيف ستكون طبيعة علاقات ترامب رجل الصفقات مع السعودية ودول الخليج؟
  • الولايات المتحدة تنقل 90 صاروخ باتريوت من إسرائيل إلى أوكرانيا
  • إطلاق الهوية المؤسسية الجديدة للصندوق العربي للطاقة
  • توقعات برفع السعودية سعر الخام العربي الخفيف لآسيا في مارس